«كايروكي»: من صوت الثورة المصرية إلى التكلس وجمود الأداء

حجم الخط
0

القاهرة – أحمد ليثي: لم أستطع رفض طلب أخي، حين ألحّ عليّ بالذهاب لحضور حفل لفرقة «كايروكي»، التي تعد من فرق الأندرغراوند المصرية. دائماً ما تحرص هذه الفرقة على إقامة حفلاتها في أماكن مفتوحة، ولعب الأغاني التي تلهب حماس جمهورها، الذي يقع في عداد المراهقين في أغلبه، ويتحدر من الطبقة المتوسطة.
ظهر مصطلح «الأندرغراوند» لأول مرة منذ أكثر من أربعة عقود في بريطانيا، حين أطلقه فنانون، يلعبون أغانيهم في محطات المترو، على أنفسهم. انتشر المصطلح بعد ذلك في جميع أنحاء أوروبا. في مصر ظهرت الكلمة للتدليل على المشاريع الفنية التي لا ترعاها الدولة، أو تلك التي لا تنتمي إلى التيار الرئيسي الذي تعود الناس الاستماع إليه.
ثورة يناير لعبت دورًا بارزًا في الدفع بفرق الأندرغرواند إلى الساحة الرئيسية، فعادة ما تأتي كل ثورة بأشكالها الفنية. لم يعرف كثيرون أن هناك فرقًا تنتمي إلى ذلك التيار، كذلك اتساع المجال العام نتيجة ثورة يناير، كان له أثر كبير، في ظهور تلك الفرق.
كان من أبرز المشاكل التي تعيق هذه الفرق عن تحقيق أهدافها هي عدم وجود أماكن لأداء أغانيها، لذلك ظهر مثلًا «الفن ميدان» الذي تكون من مجموعة من الفنانين المستقلين، والذي يقام كل أول يوم سبت شهرياً.
أتاح هذا الاحتفال الشهري للعديد من الفرق والأشكال الفنية المختلفة كـ «مسار إجباري» و«مشروع كورال» أن تعرض ما عندها على الجمهور، وغالباً ما كان يلاقي استحسانهم. على أن وزارة الداخلية المصرية، التي تكن عداء شديدًا لثورة يناير لم تلبث أن الغت هذه الفعالية دون إبداء أسباب، ما أدى إلى اضطرار العديد من هذه الفرق إلى وقف أنشطتها.
لم ينحصر دور الأمن المصري على إلغاء التصاريح اللازمة لحفلات الفن ميدان فقط، بل أدى تعسفه مع منظمات المجتمع المدني، ومنظمات حقوق الإنسان، إلى إعلان منظمة المورد الثقافي، والتي كانت تعمل في مصر منذ عام 2003، وقف نشاطاتها في مصر.
والمورد، منظمة ثقافية تعمل في الكثير من الدول العربية كلبنان والأردن، وكانت تفتح مسرح الجنينة في حديقة الأزهر لمعظم الفرق الغنائية، وتتيح لهم الدعم المادي والمعنوي اللازم.
في لقاء تلفزيوني له، يقر أمير عيد، مؤسس ومغني فرقة «كايروكي» أن «صوته ليس جيدًا»، وأن «هناك الكثير من الانتقادات التي وجهت له نتيجة أداؤه»، لكنه يستدرك أن «هناك أنواعا كثيرة من الغناء، وأدائي يعد واحدًا من هذه الأنواع، وأن كل نوع غنائي له جمهوره».
الملاحظ في أداء فرقة كايروكي ليس فقط صوت أمير عيد، فقليل من التأمل للفرقة الأشهر بين فرق الأندرغراوند، يمكن أن ينبهنا لماذا الأوسع جمهورًا بين مثيلاتها. فقد استغلت الفرقة التي تأسست عام 2003، الثورة المصرية، فبعد إسقاط نظام مبارك، وخلال احتفالات الناس في ميدان التحرير، أصدرت أغنية «صوت الحرية»، وبعدها بقليل، كانت أغنية «مطلوب زعيم».
لعبت «كايروكي» من خلال هاتين الأغنيتين على جذب أكبر قاعدة شعبية لهم، فمنذ تلك اللحظة، استمر جمهورهم في التشكل، ليس فقط قطاعًا عريضًا من جمهور الثورة، بل استع ليشمل أبناء الطبقة المتوسطة أيضًا، الذي تفننت كايروكي في المحافظة عليه وإرضاؤه، واللعب على أوتار حماسهم.
أدى هذا إلى حصرهم في نوع واحد فقط من الموسيقى، وعدم تجديد أغانيهم، أو تجديد أمير عيد لأدائه، وبالتالي، عدم زيادة شعبيتهم.
وهكذا، تحولت «كايروكي» الفرقة الأبرز، من فرقة خرجت من الأندرغراوند، اكتسبت شعبية كبيرة، إلى أن تكون تيارًا رئيسيًا (مينستريم) متكلسة وغير متجددة.

«كايروكي»: من صوت الثورة المصرية إلى التكلس وجمود الأداء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية