القاهرة ـ «القدس العربي»: أبرزت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 20 فبراير/شباط استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي وفدا يمثل المنظمات اليهودية الأمريكية، بحضور اللواء خالد فوزي رئيس جهاز المخابرات العامة، وتركيزه على ضرورة التعاون ضد الإرهاب، ولم يحضر اللقاء وزير الخارجية سامح شكري لوجوده في الخارج.
كما زادت الصحف اهتمامها بوفاة الشيخ عمر عبد الرحمن في أمريكا، دون أن تحمل أي توضيحات عن موقف الحكومة المصرية من قضية دفنه في مصر، رغم تصريحات ابنه عمار أنهم على استعداد لنقله من أمريكا إلى مصر على نفقتهم الخاصة. واهتمت الغالبية، التي لا تزال في دهشة شديدة من استمرار انخفاض الدولار أمام الجنيه في الوقت نفسه الذي تواصل فيه الأسعار ارتفاعاتها شبه اليومية وتأثيرات ذلك على مستوى المعيشة. وقد أخبرنا أمس الرسام الموهوب في «المصري اليوم» عمرو سليم أنه ذهب لزيارة قريب له من الطبقة الوسطى فوجده هو وزوجته ممزقي الثياب ويتحدث في الهاتف مع إحدى الصحف قائلا: لو سمحت عاوز أنزل الإعلان ده في باب «مفقودون» اختفت الطبقة المتوسطة من يجدها له مكافأة مجزية.
طبعا قريب عمرو المفلس متأكد أن أحدا لن يعثر على هذه الطبقة، وفي الحقيقة فإن الأسعار انفلت عيارها، بما في ذلك أسعار الملابس التي ارتفعت بشكل جنوني، وإن كانت الأمانة تقتضي الاعتراف بأن أزمة السكر وجدت طريقها إلى الاستقرار النسبي.
واهتمت الغالبية أيضا بمباريات كرة القدم وبعد ذلك كالعادة كل فئة تهتم بما يخصها، فالصحافيون واصلوا الاهتمام بانتخابات النقيب ونصف أعضاء المجلس في الثالث من الشهر المقبل، واحتفلت جريدة «الأسبوع» بمرور عشرين سنة على إصدارها، تهانينا لرئيس تحريرها عضو مجلس النواب مصطفى بكري وعقبال مئة عام. وواصلت الصحف كذلك تغطياتها الواسعة لمرور أسبوع على حملات الشرطة التي تستهدف إعادة الانضباط إلى الشوارع وإزالة المخالفات وضبط المرور. والقبض على المطلوبين الذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن وسط ترحيب واسع، بينما طالب البعض بضرورة إيجاد حل للذين أزيلت أكشاكهم أو محلاتهم المخالفة، حتى لا تتشرد أسر أصحابها والعاملون فيها. كما أهتم السياسيون بالتصرف الذي قام به رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال عندما أرسل برقية تهنئة إلى جبهة عصام خليل رئيس حزب المصريين الأحرار بمناسبة افتتاح مقر الحزب في القاهرة، وأكد أنه لولا ظروف خاصة لحضر الاحتفال، نكاية برجل الأعمال ومؤسس الحزب نجيب ساويرس، الذي يعمل ومجموعته للعودة لرئاسة الحزب، ومن الواضح أن هناك تخوفا من بعض الجهات من عودة ساويرس خاصة قبل انتخابات المجالس المحلية، التي ستجري نهاية هذا العام، لاسيما وأن جريدة «الدستور» اليومية المقربة من النظام شنت حملة ضده، ولكن هذه لها تخمينات وتوقعات. وإلى ما عندنا…
سنة وشيعة
ونبدأ بالإسلاميين ومعاركهم وقيام «الأهرام» بنشر حديث في صفحتها الخامسة مع الدكتور سامح محمد إسماعيل الباحث في العلوم السياسية وفلسفة التاريخ ومدير الأبحاث في مركز «دال» للأبحاث أجراه معه زميلنا محمد حربي قال فيه ردا على سؤال نصه: «هل يمكن أن نكرر تجربة التقريب بين المذاهب الإسلامية كما فعلت لجنة الأزهر برئاسة الشيخ شلتوت في ستينيات القرن الماضي، وتقدم مشروعا للتقريب بين الخطابات الدينية المنطلقة من أسس مذهبية؟ في عام 1958 صدرت فتوى عن شيخ الأزهر الإمام محمود شلتوت بجواز التعبد على مذهب الشيعة الإمامية، حيث أكد في فتواه: «أن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الإمامية الاثني عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك وأن يتخلصوا من العصبية بغير حقّ لمذاهب معينة». سبق الفتوى جهد كبير من مفكرين سنة وشيعة حيث كانت دار التقريب هي البداية لجهد اتسم وقتها بنوع من التسامح والرقي. ولكن أرى أن دعوات التقريب والفتاوى بعدم كفر فئة أو أتباع مذهب من المذاهب هي فكرة تجاوزها الزمن. ففكرة توحيد المذاهب نفسها باتت فكرة تاريخية تنتمي للماضي. المشترك الإسلامي هنا ينبغي أن يكون إنسانيا في المقام الأول، الطريق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، والعلاقة الذاتية بين الله والإنسان لابد أن تبقى ذاتية. لن ينتهي الصراع الطائفي بمحاولات التقريب، فالفتوى سالفة الذكر واجهت منذ اليوم الأول معارضة أصولية شرسة من داخل الأزهر نفسه، من الشيخ السبكي ومحب الدين الخطيب والشيخ محمد عرفة وغيرهم، إلى أن أصدر الشيخ عبد الرحمن بيصار شيخ الأزهر فتوى تُبطل فتوى الشيخ شلتوت في أواخر السبعينيات، عقب قطع العلاقات المصرية الإيرانية. لابد من الحوار المتجاوز للمذهبية والمرتكز على قبول الآخر والاعتراف بوجوده وحقه في التعبد كيفما شاء».
علاقات الأشقاء
وفي «الشروق» تناول فهمي هويدي قضية الشيعة وشن هجوما ضد السياسة الإيرانية واتهمها بارتكاب أخطاء كثيرة بحق الدول العربية وقال: «أكرر الدعوة إلى ضرورة التفرقة بين السياسة الإيرانية والمذهب الشيعي، إذ لنا أن نختلف مع الأولى ونخاصمها، إلا أننا نرتكب خطأ جسيما إذا استسلمنا لدعوات الغلاة الذين يريدون تحويلها إلى حرب مقدسة ضد الشيعة، تعيدنا إلى الصراعات التاريخية بين الصفويين والعثمانيين. إن ثمة أخطاء متبادلة بين بعض الدول العربية وإيران، إلا أنني أزعم أن أخطاء طهران أكبر وهو ما تمثل في أمرين، أولهما السعي إلى التمدد في العالم العربي على نحو هدد بعض دوله (العراق وسوريا والسعودية مثلا). وثانيهما التخلي عن مبادئ الثورة الإسلامية لصالح التطلعات الإقليمية. وقد ذكرت في مقام سابق ــ في طهران وفي بعض الكتابات ــ أن الثورة الإسلامية أسقطت الشاه في إيران، ولكنها بعد ربع قرن ذهبت إلى سوريا لكي تقتل السوريين، وهي تدافع عن شاه آخر. إن التمدد الإيراني في العالم العربي يتحمل قدرا من المسؤولية عن تيسير الاختراق الإسرائيلي لبعض الأنظمة العربية. ولعب التدخل في اليمن دورا حاسما في ذلك لأنه بمثابة تهديد مباشر للسعودية. وكان ذلك التهديد هدية قدمتها إيران لإسرائيل. أخيرا فإن ذلك الملف ينبغي ألا يظل مغلقا أو محظورا. لأنه لا توجد في التاريخ معارك سياسية أبدية، وعند العقلاء والراشدين فإن الصراع مع الأشقاء والجيران هو نوع من الانتحار، الكل فيه مهزوم في نهاية المطاف. إن لم يكن عسكريا فتاريخيا. الأمر الذي يطرح السؤال التالي: أين هؤلاء العقلاء والراشدون على الجانبين ولماذا لا يسمع لهم صوت يصلح ما فسد في علاقات الأشقاء؟».
وبهذه المناسبة أتذكر أول زيارة لي للعراق كانت عام 1974 وكنت وقتها أعمل في مجلة «الإذاعة والتلفزيون» ونشرت سلسلة تحقيقات عن الشيعة والمزارات المقدسة، وفوجئت المجلة بأن أعدادها تنفذ ويخطفونها ويبيعون النسخة بجنيه بدلا من خمسة وعشرين قرشا، لرغبة الناس في معرفة كل ما يتعلق بالشيعة. وتكرر الأمر نفسه عندما أجريت حديثا مع المرحوم الإمام موسى الصدر عام 1975 إذا لم تخني الذاكرة، وكان في زيارة للقاهرة ونزل في فندق شيبرد وأهداني صورة له كارت بوستال مع عبارة مع محبتي.
الطلاق الشفهي
ونترك الشيعة إلى أهل السنة ومعاركهم بسبب ما أثاره الدكتور حامد أبو طالبي عضو مجمع البحوث الإسلامية واللجنة الشرعية التي شكلتها المشيخة لبحث أزمة الطلاق الشفهي قبل دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتوثيقه، وانتهت اللجنة إلى أن كل طلاق لم يوثق لا يعتد به، بينما أصدرت هيئة كبار العلماء فتوى بأنه شرعي. ونشرت «الوطن» أمس في صفحتها السادسة تحقيقا عن هذا التبدل في الموقف لأحمد الخطيب جاء فيه: «قال حسين القاضي الباحث في الشؤون الدينية لـ«الوطن» إن الاتجاه العام داخل الأزهر ولجانه الشرعية والفقهية كان مع توثيق الطلاق الشفهي، وعملوا في هذا الاتجاه قبل دعوة الرئيس السيسي للتوثيق، إلا أن اللوم الذي وجهه الرئيس السيسي للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر خلال احتفال عيد الشرطة بقوله «تعبتني يا فضيلة الإمام» أثار غضب الشيخ، ما جعل هيئة كبار العلماء تخرج ببيانها الذي أقرت فيه بالطلاق الشفهي وألقت فيه باللوم على الدولة في انتشار الطلاق. واعتبر القاضي أن القيادات الحالية تسيء لاسم ومكانة الأزهر، مشيرا إلى أن سيطرة محمد عبدالسلام المستشار القانوني على المشيخة انتقلت من السر إلى العلن، ولأول مرة يحدث في تاريخ الأزهر إبعاد جماعة كبار العلماء من المشهد بهذه الصورة، ليتولاه شاب يعمل مستشارا قانونيا لمشيخة الأزهر، حيث أن كلمة وقرار شيخ الأزهر ومؤتمراته تمر الآن عبر عبدالسلام، وتعيينات المسؤولين في يد عبدالسلام وأيضا تطوير المناهج في يد عبدالسلام».
الصحافة متهمة
وانتقلت المعركة أمس الاثنين أيضا إلى «المصري اليوم» حيث شن حمدي رزق هجوما عنيفا على مشيخة الأزهر وشيخها وقال في عموده اليومي «فصل الخطاب»: «لم يحدث في تاريخ المشيخة الأزهرية أن ناصبت الصحافة أو بعض الصحافيين العداء، ولطالما حظيت المشيخة وشيخ الأزهر بكامل التوقير والاحترام حقا وصدقا. ما يحدث من بعض المنتسبين للمشيخة من هجوم ضارٍ على الصحافة (فقط) لانتقادها، الذي لا يخلو من احترام وتوقير للمشيخة، والإمام والله لجديد على الأسماع، ويفتح الباب لهجومات معاكسة، المشيخة والشيخ الكبير في غنى عنها تماما. قسوة النقد الذي نال هيئة كبار العلماء بعد بيان «الطلاق الشفهي» وراءها نبرة الهجوم التي لوَّنت عبارات البيان على الآراء المخالفة فقهيا ونزوع محرر البيان إلى الغمز في قناة الرئاسة، وتحويل القضية من فقهية إلى اقتصادية/ سياسية، وكان يكفي بيان الرأي الشرعي دونما التعريض السياسي بمَن أحال إليهم شأنا حياتيا طارئا مستنجدا بأهل الفتوى، فردوه إليه ملفوفا في أسباب ليست لهم ولا هم أهل لها، وإلا اختلط الأمر على العامة.
التحول الحادث في لهجة المشيخة واضطلاع شخص أو شخوص بتأليب المشيخة على الصحافة، في بيانات أو عبارات ليست أبدا من قاموس الإمام الأكبر، وتجييش أقلام ضد أقلام وقسمة الساحة على الإمام لا تصب أبدا في صالح المشيخة، واتهام كتّاب وصحافيين بـ«الأمنية» فقط لأنهم رأوا في البيان ما يتناقض مع صيغ الإمام الأكبر المعروفة عنه وفيها تبرز سماحته وترَفُّعه ومكانته- قد يستوجب ردودا ليست مُستحَبة ولا تُستحَب في حق المشيخة والإمامة».
الحوار البناء
وأمس الاثنين أيضا قام مكرم محمد أحمد في «الأهرام» في عموده اليومي «نقطة نور» بالدفاع الحار عن الأزهر وشيخه قال: «لا أحد يطلب تقديس مؤسسة الأزهر أو تحصين هيئة كبار العلماء من حق النقد الموضوعي الذي ينهض على الحوار البناء، لا يفتئت على الحقائق ولا يهين رموزا دينية ينبغي احترامها. وعندما يكون على رأس الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بفكره المتطور، الذي ينبذ الغلو والتطرف والتنطع، ويرفض فكر البداوة ويؤمن بفقه الاختلاف الذي يسمح بالاجتهاد وقبول الآخر، وتعزيز وسطية الإسلام، وينتصر لقيم السلام والتسامح والعدل والمساواة، يصبح من واجب الصحافة والمثقفين أن يحافظا على هذا الرمز الكبير ويستخدما لغة أكثر احتراما وأقل خشونة حتى إن اختلفا مع الشيخ. ولا أظن أن مصر يمكن أن تستفيد شيئا من حرص بعض المثقفين على معاداة مؤسسة الأزهر، يحمّلون الشيخ الجليل مسؤولية كل ما يصدر عن أي عمامة أزهرية، ويعتبرونه مسؤولا عن كل الآراء التي تصدر عن بعض علماء الأزهر دون إدراك، بأن الأزهر وعاء إسلامي كبير يضم تيارات ومذاهب ورؤى متعددة في إطار حق الاختلاف والاجتهاد الذي يقره الشرع، وأظن أيضا أن هؤلاء المثقفين يتجاهلون غفلة أو عمدا حجم الجهود التي يبذلها الإمام الأكبر من أجل صهر هذه الخلافات في بوتقة واحدة، تضع مصالح الناس ضمن أول مقاصد الشريعة، وتسعى إلى تجميع كل هذه الروافد المتبنية الاجتهاد في تيار واحد للاعتدال، ربما تتنوع بعض أطيافه. وفي فترة سابقة تنامت علاقات الأزهر بالمثقفين إلى حد التوافق على عدد من الوثائق التاريخية المهمة، في مقدمتها أولوية حقوق المواطنة لكل المصريين دون تمييز، اعترافا بالآخر، ودور الأزهر في الحفاظ على الوحدة الوطنية الذي أثمر بيت العائلة المصرية، الذي يمارس أنشطة عديدة تستهدف تعزيز الوحدة الوطنية، وتأكيد ضرورة إسهام الأزهر بالفكر الرشيد في الحرب على الإرهاب. ولا بأس من انتقاد مؤسسة الأزهر، إلا أن إهانة رموزه بمن فيهم الأمام الاكبر يمثل شططا مرفوضا في النقد، خاصة عندما يتهم البعض الأزهر بالفساد دون دليل واضح».
المطلوب تحقيق
المواطنة الكاملة
وإلى أبرز ردود الأفعال المستمرة على التغيير الوزاري وتعيين أول امرأة في مصر منصب المحافظ، وهي نادية عبدة محافظ البحيرة، وقال الدكتور خالد منتصر في بابه اليومي «خارج النص» في «الوطن: «كانت سعادتي غامرة بتولي المهندسة نادية عبده منصب محافظ البحيرة، ها قد كسرنا أخيرا عقدة المرأة، واقتنعنا بأنها كائن طبيعي مثلها مثل الرجل، تستطيع أن تقود محافظة، بل وطنا بأكمله، بالطبع لا بد أن تكون الكفاءة هي معيار الاختيار. لكن للأسف كانت هناك بنود سرية مسكوت عنها غير معلنة، والجميع يتعامل معها على أنها عرف مقدس سرمدي، على رأسها التمييز ضد المرأة والمسيحي. كسرنا التمييز بالنسبة للمرأة في منصب المحافظ في ما بعد 30 يونيو/حزيران، وأعرف أنه ما زالت هناك تمييزات واضطهادات ومساحات قهر أخرى تعاني منها المرأة حتى الآن وتحتاج الحل والقرار الحاسم، وعموما هي خطوة جيدة إلى الأمام، لكن ما زال هناك التمييز ضد المسيحي في منصب المحافظ، والمدهش أن اختيار مسيحي محافظا لقنا في زمن مبارك، الذي قامت ضده الثورة لم يمثل مشكلة. يعنى قمنا بثورتين واقتحمنا مناطق شائكة كثيرة وتخلصنا من مواريث ثقيلة ومعوقة، ولكن ركبتنا عقدة عماد ميخائيل وجرى طرده من محافظة قنا بعد ثورة يناير/كانون الثاني. تخيلوا المحافظ الذي كان يسبق عماد ميخائيل كان مسيحيا وهو مجدي أيوب، وأكيد كانت فيه مشاكل في قنا ولم تتحول في عهده إلى ستوكهولم.
لكن لم يجرؤ أحد وقتها على أن يقطع طريقا أو يعطل سكة حديد أو يتظاهر مع عشرات الآلاف رافعا لافتات تشتم النصارى، حسبما يطلقون عليهم.. إلى آخر تلك المظاهر التي حدثت ضد عماد ميخائيل، لكن في أبريل/نيسان 2011 ومع تراجع عصام شرف والمجلس العسكري عن دعم المحافظ الجديد والتمسك بقرار تعيينه، ذبح أبناء قنا القطة وظل الجرح مفتوحا وغلت يد الدولة عن تعيين أو مجرد التفكير في محافظ مسيحي في الصعيد أو الدلتا، خوفا من الانتفاضة السلفية التي وصلت ذروتها في نداء القيادة السلفية عبدالمنعم الشحات لعلماء الدين بحسم الموضوع المحسوم سلفا، وهو عدم ولاية النصراني على المسلم، و»ابعد عن الشر وغنيله» لا تصنع وطنا متحضرا ولا تشكل عقل أو وجدان شعب يريد النهوض، المسألة ليست عنادا ولا حربا مع طواحين الهواء ولا استفزازا للمشاعر ولا جريا وراء شعار «يا شر اشتر»! لكنها صراحة مع النفس ومواجهة للحقيقة نحتاجها الآن فمشروعنا القومي قبل قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة وجبل الجلالة ونووي الضبعة هو تحقيق المواطنة الكاملة ومنع الكلام عن المواطن المصري بماركة أو ختم الدين، هذا مسلم وهذا مسيحي وهذا شيعي وهذا بهائي».
وهذا كلام معقول وضروري أن يتم فلا يمكن تخيل أنه لا يوجد مسيحي صالح لمنصب المحافظ، والخوف من مقولة عدم تولية نصراني أو مسيحي على مسلم، مثلها مثل مقولة عدم تولية المرأة على الرجل، وقد انكسرت هذه المقولة من عشرات السنين بتولية النساء مناصب الوزراء، وامتدت لتشمل المحافظين فلماذا تعود ظاهرة عدم تولي مسيحي بعد أن كان نظام مبارك قد كسرها.
ماذا بعد التعديل الوزاري
ونترك المرأة والتغيير الوزاري لننتقل إلى التغيير الوزاري عموما الذي قال عنه ولاء الشيخ في «الدستور»: «بعد مداولات استمرت لأكثر من شهر خرج التعديل الوزاري إلى النور، ومثلما كان مثيرا للجدل والنقاش في فترة المداولات، حدث الأمر نفسه بعد موافقة مجلس النواب على التعديل في شبه إجماع، فعلى سبيل المثال انتقد كثيرون طريقة اختيار الوزراء الجدد من قبل البرلمان، وهي الطريقة التي تجبر الأعضاء على اختيار المرشحين للوزارة كـ«كتلة واحدة» دون إبداء الرأي في كل مرشح على حدة، وهي طريقة مثيرة للجدل والشقاق. وبسببها ظهرت أصوات من داخل وخارج البرلمان تتحدث عن أن وزير الزراعة الجديد الدكتور عبدالمنعم البنا طالته اتهامات بالفساد في نحو 18 قضية، وهي اتهامات يجب التعامل معها بصورة فورية، حتى لا يقع الرأي العام فريسة للشائعات.. كما يجب على البرلمان أن يسعى لتعديل طريقة اختيار الوزراء الجدد بصورة تحقق الشفافية وتمنح النواب فرصة أكبر لدراسة ملفات المرشحين للوزارة، لأن قائمة المرشحين في التعديل الوزاري وصلت للبرلمان قبل يوم واحد فقط من التصويت عليها، واطلع عليها النواب قبل ربع ساعة فقط من جلسة التصويت، وهي مدة ليست كافية لدراسة ملفات كل الأسماء المرشحة. وبما أن التعديل الوزاري قد تم وأصبحنا أمام «حكومة شبه جديدة»، فعلى الحكومة أن تضع نصب عينيها الاهتمام بالطبقات الكادحة، التي أنهكتها القرارات الاقتصادية الأخيرة، التي نجم عنها ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع بجميع أنواعها، كما أن وزير الصحة عليه التحرك السريع للقضاء على الاختلال في «منظومة العلاج» في المستشفيات الحكومية والخاصة، على حد سواء، وكذلك الدخول في مفاوضات جادة وحقيقية مع «شركات الأدوية» للتوصل إلى اتفاق جديد حول أسعار الأدوية، بدلا من الاتفاق الحالي الذي يثقل كاهل المواطنين بأعباء إضافية. كما أن عبء وزير التعليم الجديد كبير، فعليه أن يعمل على وضع أسس جديدة لتحسين جودة التعليم والقضاء على ظاهرة «تسريب الامتحانات».. والتعامل بجدية وبأسلوب غير تقليدي مع مشكلات المعلمين. ومع أهمية «البعد الإفريقي» في السياسة الخارجية المصرية، هناك ضرورة لأن تكون «الشؤون الإفريقية» على رأس أولويات وزير الخارجية، والعمل على العودة الحقيقية لمصر في عمقها الإفريقي. وعلى وزير الزراعة الجديد أن يعمل على إعادة هيكلة «قطاع الزراعة»، الذي تعرض للدمار خلال العقود الثلاثة الماضية، ما أدى إلى تراجع زراعة «المحاصيل الاستراتيجية»، مثل القمح، واتجاه الفلاحين لزراعة «الكنتالوب» و«المحاصيل الترفيهية» لضمان الحصول على عائد سريع ومجزٍ. الخلاصة أننا نحتاج إلى وزراء يعملون وفق «استراتيجية» حقيقية وفاعلة وعلى أرض الواقع وعدم الاكتفاء بإعداد خطط وتقارير لا تغادر أدراج مكاتبهم».
انتحار مهندس
أما في «الوطن» فاختار أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة ومستشار الجريدة الدكتور محمود خليل أن يركز في عموده اليومي «وطنطن» انتحار مهندس بسبب الضائقة المادية التي يعاني منها اغلب الشعب المصري يقول: «صرحت نيابة العجوزة بدفن جثة مهندس انتحر من أعلى كوبري أكتوبر في النيل، بسبب أزمة مادية يعاني منها، وكثرة الديون التي لم يتمكن من سدادها». أتصور أنه لا حاجة لديك لمزيد من المعلومات عن واقعة انتحار هذا المهندس، خصوصا إذا كنت تنتمي إلى الطبقة الوسطى، التي يشعر أفرادها بأنهم يتعرضون لعملية ذبح ممنهج خلال السنوات الماضية، فكل الإجراءات الاقتصادية التي وصفتها الحكومة بالإصلاحية، صبت مصاعبها بصورة أساسية عندهم، فجوهر اتهام الحكومة لهذا الشعب بـ«الغنى والاستعباط» يتوجه إلى هذه الطبقة، بحكم طبائعها الاستهلاكية. والواقع يقول إن أغلب أفرادها لا يعتمدون على الحكومة وخدماتها بنسبة كبيرة، مثلما هو الحال بالنسبة للطبقة الفقيرة، فأغلبهم يلحقون أبناءهم بالمدارس الخاصة، ويعتمدون على الطب الخاص في العلاج وشراء الأدوية، وفي ما يتعلق بالمعطيات الأخرى للحياة، مثل المسكن والسيارة، فإنهم يعتمدون على لعبة القسط، وتنفيع تجار العقارات وأجنسات السيارات، مرتكنين في ذلك إلى مرتباتهم المعقولة التي يحصلون عليها من العمل في شركات خاصة، أو وجودهم في مواقع وجهات عمل حكومية تمنح مرتبات مميزة بعض الشيء. مع صعود موجة الغلاء، وانخفاض قيمة الجنيه، خلال الأشهر الماضية، تعرضت الطبقة الوسطى لامتحان عسير، إذ لم يعد دخلها قادرا على الوفاء بالاحتياجات الأساسية للأسرة من مأكل ومشرب وعلاج وتعليم، وأصبح «المقسّطون» منهم عاجزين تماما عن سداد ما عليهم، فاضطر بعضهم إلى الاستدانة، أو التباطؤ في سداد ما عليه من أقساط، وليت الأمور توقفت عند هذا الحد، بل إن العديد من أفراد هذه الطبقة استغنت عنهم الجهات التي يعملون فيها، بسبب توقف مشروعات وغلق مصانع، وارتفاع تكلفة الإنتاج، والرغبة فى تقليل المصروفات، داخل بعض المؤسسات، ليدخل من تعرضوا لذلك في «محنة» حقيقية، ورغم تناقض فعل الانتحار مع معنى الإيمان بالله تعالى، وحقيقة أن أحوال الحياة متغيرة: «كل يوم هو في شأن»، إلا أنك لا تملك سوى الرثاء لهذا المهندس الذي انتحر من فوق كوبري أكتوبر، وأن تتساءل: كم من مهندس وطبيب ومدرس يمكن أن يلقى المصير نفسه؟ منذ شهور طويلة كتبت سلسلة مقالات عن محنة الطبقة الوسطى، ذكرت فيها أن هذه الطبقة مثّلت العصب الرئيسي لثورتي يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران، وأن ثمة توجسا قائما منها، من التحرك للتغيير في أي لحظة، وأنها لهذا السبب تتعرض لنوع من العقاب على انطلاقها في الثورة من ناحية، ولنوع من الإجهاد الذي يعطلها عن التحرك من جديد. وحقيقة الأمر أن الأزمة التي تعيشها هذه الطبقة حاليا تؤكد – إلى حد ما- واقعية ما ذهبت إليه، فالعقاب يكاد يُحكم حلقته حول رقبتها، أما الإجهاد فواضح باد لا تخطئه عين، وقد وصل لدى نموذج المهندس الذي نتحدث عنه إلى حد اتخاذ قرار بالانتحار. ظني أن السلطة لا بد أن تتدخل بإجراءات تؤدي إلى ترميم أوضاع هذه الطبقة، لأن من الخطورة بمكان تركها على تلك الحال، التي قد تدفع أفرادها فى لحظة لاستبدال الانتحار بالانفجار في وجه الجميع.. الحق أقول لكم».
«حاجة في نفس يعقوب»
وإلى «المصري اليوم» ومقال الكاتبة وفاء بكري الذي عنونته بـ«هل نسيت الرئاسة لجنة عفو الشباب»: « منذ شهور قليلة، اختارني الأستاذ محمد السيد صالح، رئيس التحرير، ومعي الزميلتان شيماء القرنشاوي، وفتحية الدخاخني، لتولي مبادرة لجريدتنا «المصري اليوم»، تكون مهمتها تلقي طلبات من أهالي الشباب المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، أو تظاهرات، وتقديمها إلى لجنة العفو عن الشباب المحبوسين، التي شكلتها رئاسة الجمهورية، وترأسها الدكتور أسامة الغزالي حرب، ووفقنا الله في جمع المئات من طلبات العفو، وأرسلناها للجنة، سواء للدكتور حرب شخصيا، أو عن طريق الزميلة نشوى الحوفي، وهي من أعضاء اللجنة.. وطوال فترة جمع الأسماء وطلبات ومناشدات الأهالي عايشت شخصيا مآسي الأهالي الذين تشبثوا بأمل اللجنة، تعاطفت مع بعضهم، بعدما أقسموا أن أبناءهم «ليس لهم في السياسة»، أو «كانوا بيصلوا بس»، بعضهم اشترك في تظاهرات بالفعل، ولكن ليس لدرجة الحبس وعدم معرفة المصير، وخرجت القائمة الأولى لتحمل بعض الأسماء الشهيرة، التي قيل إنها كانت معدة قبل تشكيل اللجنة، وانتظرت ومعي الأهالي خروج قوائم جديدة بعد القائمة الأولى للإفراج، ولكن لم يحدث، لم يعلن أعضاء لجنة الرئاسة شيئا، وكأنهم اكتفوا بالأسماء المشهورة في القائمة الأولى، ولا أعرف سبب تأخر الإعلان عن قوائم أخرى حتى اليوم، لا أعرف لماذا تعلن رئاسة الجمهورية عن أشياء لا تكملها، وتقف وسط الطريق، لا تستطيع الاستكمال أو العودة، وتترك الأمور حتى تتلاشى تدريجيا، وتتناساها العقول وسط هموم الحياة، ولكن هل سينساها الأهالي؟ أقابل بعضهم الآن، ينظرون إليّ نظرات تحمل تساؤلا وعتابا ولوما، وكأنني المسؤولة عن منحهم الأمل، أحاول أن «أتوارى من سوء وعد اللجنة»، ولكن لقد كنت اشتركت بالفعل في صناعة الأمل لهم، سألت نفسى بخجل: هل ساهمت في سراب؟، يقابلني بعض الزملاء ويسألونني عن مصير زميلنا المهندس فتحي جاد الذي تم حبسه منذ عامين دون تهمة واضحة حتى الآن، وما زاد شجوني هو تساؤل إحدى زميلاتنا عن سبب عدم الإفراج عن أخيها، في الوقت الذى تم فيه الإفراج عن زميل له في القضية نفسها والاتهام والحكم نفسه في القائمة الأولى، لقد كانت مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال العام الماضي الذي أطلق عليه «عام الشباب»، هل انتهى العام وتلاشت معه المبادرة؟ أشعر الآن وكأن هذه اللجنة كانت لحاجة في نفس يعقوب قضاها».
مصر وفلسطين
وإلى مصر والقضية الفلسطينية حيث ذكرنا بها أستاذ القانون في كلية الحقوق في جامعة المنصورة الدكتور الشافعي بشير الذي أدلى برأيه عن اتفاقية كامب ديفيد وما قدمه للرئيس عبد الفتاح السيسي من اقتراحات بعدم تقديم تنازلات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما يقابله وقال في «الوفد»: «يا خوفي من أن تتكرر مأساة السادات وجيمى كارتر الذي أوصى السادات بأن يتخذ مبادرة شجاعة لتسوية قضية الشرق الأوسط، وقد استجاب السادات وأعلن مبادرته بالذهاب إلى القدس في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1977 ضاربا عرض الحائط باعتراض وزير خارجيته إسماعيل فهمي، الذي رفض انفراد السادات بمحاولة تسوية قضية الشرق الأوسط بعيدا عن مؤتمر جنيف الذي ترعاه الأمم المتحدة وتحضره دول عربية بمشاركة وفد منظمة تحرير فلسطين أصحاب القضية الأصليين، واضطر وزير خارجيته لتقديم استقالته يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني قبل سفره بيوم واحد وشاركه في الموقف المعارض، محمد رياض وزير الدولة للشؤون الخارجية، وقدم استقالته أيضا. وذهب السادات إلى القدس وأتبع ذلك بالذهاب إلى كامب ديفيد مشاركا لمناحم بيغن وجيمي كارتر اللذين شاركا في المفاوضات مسلما ومؤيدا لكل مطالب إسرائيل، بعدم إقرار حق شعب فلسطين في تقرير مصيره، ولم توافق إسرائيل أو جيمي كارتر على أن ترد في الاتفاق عبارة شعب فلسطين، الذي يعني حق الدولة في تقرير المصير واستبدل بها تعبير Inhabitants سكان الأرض الإسرائيلية في الضفة الغربية وغزة والقدس، وهو ما جعل نتنياهو يتحدى الشرعية الدولية ويقيم المستوطنات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية، ويسير على خطى مناحيم بيغن بأن القدس عاصمة إسرائيل، وهو ما وافق عليه ضمنيا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وقتها، وما أعلنه دونالد ترامب الرئيس الحالي بأنه سينقل سفارة أمريكا من تل أبيب إلى القدس عاصمة إسرائيل. وربما ينظر إنصاف مشروع نتنياهو الذي يريد تكوين المحور الإسرائيلي السعودي المصري! وأخشى ما أخشاه أن تتكرر مأساة الضغط الأمريكي على الرئيس السادات في كامب ديفيد ليمارسه ترامب على الرئيس عبدالفتاح السيسي في زيارته لواشنطن الشهر المقبل ويستغل الرئيس الأمريكي العنصري المتعصب لإسرائيل، ويمرر مشروعه بنقل سفارة أمريكا للقدس في أجواء زيارة رئيس جمهورية مصر وتتكرر مأساة سفر السادات للقدس عام 1977 ثم كامب ديفيد بتوقيع الرئيس».
حسنين كروم