سانتياغو ـ «القدس العربي» : رفع الستار يوم الخميس الماضي عن نسخة جديدة من عروض الفن الكروي المبهرة والمثيرة عندما انطلقت فعاليات النسخة الرابعة والأربعين من بطولة كأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا) لكرة القدم والتي تستضيفها تشيلي حتى الرابع من تموز/ يوليو المقبل.
وينتظر عشاق الساحرة المستديرة في كل أنحاء العالم مباريات هذه البطولة المتخمة بنجوم بارزين ومنهم الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار والكولومبي خيميس رودريغز. وويتطلع كل من المنتخبين البرازيلي والأرجنتيني إلى استغلال البطولة لتضميد جروحه ومحو خيبة أمله بعد الخروج صفر اليدين من فعاليات بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل.
ويسعى كل من ميسي ونيمار إلى تتويج موسمه الرائع من خلال قيادة منتخب بلاده للفوز بلقب كوبا أمريكا 2015 بعدما شارك الاثنان سويا في قيادة برشلونة الأسباني للثلاثية (دوري وكأس أسبانيا ودوري أبطال أوروبا) في الموسم المنقضي 2014/2015. وبعدما تألقا وتعاونا سويا على مدار الموسم في صفوف برشلونة، سيصبح كل منهما منافسا وخصما للآخر في هذه البطولة القارية المثيرة.
ويحلم ميسي بقيادة المنتخب الأرجنتيني للفوز باللقب القاري للمرة الأولى منذ 22 عاما ومعادلة الرقم القياسي لعدد مرات الفوز باللقب والمسجل باسم أوروغواي برصيد 15 لقبا مقابل 14 لقبا للتانغو الأرجنتيني وثمانية ألقاب للسامبا البرازيلية. كما يسعى ميسي والمنتخب الأرجنتيني لمحو آثار الهزيمة أمام نظيره الألماني في نهائي المونديال البرازيلي.
وفي المقابل، سيكون اللقب الشيء الوحيد الذي يستطيع به نيمار محو آثار الهزيمة المهينة والثقيلة 1/7 التي مني بها المنتخب البرازيلي في غيابه أمام المنتخب الألماني في المربع الذهبي للمونديال. وتفتقد البطولة الحالية الضلع الثالث في خط الهجوم الناري لبرشلونة حيث يغيب سواريز عن هجوم منتخب أوروغواي حامل اللقب تتفيذا للعقوبة المفروضة عليه من الفيفا بعد واقعة عضه المدافع الإيطالي جورجيو كيليني خلال مباراة المنتخبين بالدور الأول للمونديال البرازيلي.
ورغم غياب سواريز، لا تخلو هذه النسخة من النجوم العالميين بخلاف ميسي ونيمار. ويعود كارلوس تيفيز إلى المنتخب الأرجنتيني في البطولات الكبيرة بعدما استبعد من منذ النسخة الماضية لكوبا أمريكا عام 2011 بالأرجنتين. وغاب تيفيز عن راقصي التانغو في المونديال البرازيلي، لكنه عاد في الشهور الماضية إلى الفريق تحت قيادة المدرب الجديد خيراردو مارتينو. وقدم تيفيز هو الآخر موسما رائعا مع يوفنتوس وفاز معه بثنائية الدوري والكأس في إيطاليا، لكنه خسر أمام برشلونة في نهائي دوري الأبطال الأوروبي.
ويخوض تيفيز منافسة شرسة على مكان في التشكيلة الأساسية لراقصي التانغو أمام مهاجمين آخرين بارزين بالفريق مثل سيرخيو أغويرو وغونزالو هيغوين. وقال مارتينو: «معظم اللاعبين قدموا موسما رائعا على المستوى الفردي وتحسن وضعهم ومستواهم عما كان عليه بعد كأس العالم. كانوا رائعين في الكثير من الأمور… إنها فترة رائعة للمنتخب… نخوض كوبا أمريكا ولدينا الرغبة في الفوز باللقب ونحظى بتوقعات هائلة».
ويخوض المنتخب البرازيلي فعاليات البطولة بفريق مجدد تحت قيادة المدرب كارلوس دونغا العائد لتدريب الفريق. لكن النجوم البارزين مثل نيمار وديفيد لويز نجم باريس سان جيرمان وبمساعدة صانع اللعب المخضرم روبينيو وآخرين سيدعمون العمود الفقري للفريق الذي يسعى جاهدا للتخلص من كابوس المونديال البرازيلي. وقال تياغو سيلفا قائد المنتخب البرازيلي في مونديال 2014: «حتى إذا فزنا بلقب كوبا أمريكا، فلن يمحو هذا كأس العالم التي قدمناها لكننا نركز في تقديم أداء أفضل». وغاب سيلفا عن الفريق في المربع الذهبي للمونديال عندما خسر 1/7 أمام ألمانيا بسبب الإيقاف، كما أصبح حاليا ضمن العناصر الاحتياطية بالفريق حيث يغيب عن التشكيلة الأساسية في البطولة.
كما ينتظر أن يمنح منتخبا كولومبيا وتشيلي مزيدا من الإثارة والقوة لهذه البطولة حيث يستعيد المنتخب الكولومبي مهاجمه راداميل فالكاو رغم أنه لم يستعد مستواه ولياقته العالية حتى الآن، لكنه يمثل إلى جوار زميله خيميس رودريغز نجم ريال مدريد أمل الفريق الكولومبي في كوبا أمريكا. كما يخوض منتخب تشيلي البطولة على أرضه ويضم بين صفوفه العديد من النجوم البارزين والموهوبين مثل أليكسيس سانشيز وأرتورو فيدال.
وتقام البطولة بعد نحو أسبوعين من فضائح الفساد التي ضربت الاتحاد الدولي لكرة القدم وأدت إلى قرار السويسري جوزيف بلاتر رئيس الفيفا بتقديم استقالته بعد أربعة أيام من انتخابه لفترة خامسة في رئاسة الفيفا، علما أن اتحاد كرة القدم في أمريكا الجنوبية (كونميبول) الذي ينظم كوبا أمريكا كان واحدا من اتحادين قاريين تأثرا بشدة بفضيحة الفساد.
ويشارك في البطولة 12 منتخبا، بينها منتخبات البلدان العشرة الأعضاء في الكونميبول إضافة لمنتخبي جاميكا والمكسيك اللذين يشاركان بدعوة من الكونميبول. وقسمت المنتخبات الـ12 على ثلاث مجموعات تضم كل منها أربعة منتخبات على أن تختتم فعاليات البطولة بالمباراة النهائية على الاستاد الوطني في سانتياغو عاصمة تشيلي في الرابع من يوليو المقبل. وتضم المجموعة الأولى تشيلي والإكوادور وبوليفيا والمكسيك وتضم المجموعة الثانية الأرجنتين وأوروغواي وباراغواي وجاميكا في حين تتنافس البرازيل وبيرو وكولومبيا وفنزويلا في المجموعة الثالثة.
وتخوض المكسيك فعاليات البطولة بفريق يضم بعض النجوم الأساسيين لمنتخبها مع عناصر أخرى احتياطية نظرا لتضارب موعد البطولة مع الكأس الذهبية لأمم اتحاد منطقة كونكاكاف (أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي) والتي تقام بالولايات المتحدة وكندا في تموز/ يوليو المقبل. ويتأهل صاحبا المركزين الأول والثاني في كل مجموعة مباشرة إلى الدور الثاني (دور الثمانية) كما يرافقهما أفضل اثنين من المنتخبات التي تحتل المركز الثالث في المجموعات الثلاث.
وانفرد منتخب أوروغواي بالرقم القياسي لعدد مرات الفوز بلقب كوبا أمريكا التي تقام منذ 1916 حيث أحرز اللقب الخامس عشر له في النسخة الماضية فيما كان آخر الألقاب الـ14 للمنتخب الأرجنتيني في 1993 بينما أحرز المنتخب البرازيلي اللقب ثماني مرات سابقة منها أربعة ألقاب في آخر ست نسخ. ولم يسبق لأسطورتي الكرة البرازيلي بيليه والأرجنتيني دييغو مارادونا، اللذين يعتبران الأفضل في تاريخ اللعبة، أن توجا بلقب كوبا أمريكا رغم مشاركتهما في هذه البطولة من قبل. كما فشل ميسي (27 عاما)، الذي يعتبر الأسطورة الجديدة للعبة، في الفوز باللقب خلال مشاركته في النسختين الماضيتين، وكان هذا أحد أسباب شكوى مشجعي الأرجنتين من أن مستواه مع منتخب بلاده أقل منه مع برشلونة الأسباني. وقد تكون هذه النسخة من البطولة فرصة مثالية أمام ميسي لتصحيح هذه الرؤية. ورغم تألق ميسي مع راقصي التانغو في مباريات مجموعته بالدور الأول للمونديال البرازيلي، بدا مستوى ميسي أقل في مباريات الأدوار الفاصلة قبل أن يخسر الفريق النهائي أمام ألمانيا. والآن تبدو الفرصة سانحة أمامه لإحراز أول لقب له مع المنتخب الأرجنتيني في البطولات الكبيرة.
«عضة» تغيب سواريز… والإصابات تضرب بقوة
قبل نحو عام كامل، تأكد غياب النجم الأوروغواني لويس سواريز مهاجم برشلونة عن صفوف منتخب بلاده في رحلة الدفاع عن اللقب ببطولة كأس أمم أمريكا الجنوبية.
ويغيب اللاعب عن هذه النسخة تنفيذا لعقوبة الإيقاف المفروضة عليه من الاتحاد الدولي للعبة بسبب واقعة «عضه» المدافع الإيطالي جورجيو كيليني خلال مباراة المنتخبين في الدور الأول لبطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل. وتضمنت العقوبات القاسية التي فرضها الفيفا على اللاعب إيقافه أربعة شهور عن المشاركة في أي مباراة إضافة لإيقافه ثماني مباريات رسمية مع منتخب بلاده مما أكد غيابه عن كوبا أمريكا 2015. وفيما كانت إصابته للمنافس وعضه لكيليني هي السبب في غيابه عن كوبا أمريكا، ستكون الإصابة سببا في غياب أكثر من 20 لاعبا عن هذه البطولة.
وتمثل الإصابات كثيرا نقطة تحول في مسيرة الفرق المختلفة لأنها تحرم هذه الفرق أحيانا من أبرز عناصرها وتقلل من فرصها في المنافسة. وقد يكون المثال الأفضل على هذا هو ما تعرض له المنتخب البرازيلي من هزيمة ثقيلة 1/7 أمام نظيره الألماني في المربع الذهبي للمونديال في غياب لاعبيه نيمار نجم هجوم الفريق وتياغو سيلفا قائد الفريق بسبب إصابة الأول وإيقاف الثاني. وتؤثر الإصابات والإيقافات بشكل هائل على مصير بعض الفرق خاصة إذا كان الغائبون من اللاعبين أصحاب الخبرة ومن النجوم الأساسيين في هذه الفرق.
ولا يختلف الحال للمنتخبات المشاركة في كوبا أمريكا حيث تعاني البرازيل وكولومبيا وأوروغواي والإكوادور من غيابات مؤثرة للغاية في صفوفها. ومن المؤكد أن هذه الغيابات تصب في مصلحة المنتخبين الأرجنتيني والتشيلي حيث لا يعاني الأول من غياب أي من نجومه البارزين الأساسيين، فيما لا تبدو غيابات منتخب تشيلي مؤثرة بشكل كبير في ظل وجود معظم العناصر الأساسية مع الفريق.
ويأمل المنتخب البرازيلي، الذي خرج من دور الثمانية في كوبا أمريكا 2011 ومن المربع الذهبي للمونديال، في التغلب على غياب ثلاثة من نجومه الأساسيين وهم مارسيلو نجم ريال مدريد وأوسكار لاعب تشلسي ولويز غوستافو نجم فولفسبورغ الألماني. وأصيب غوستافو في غضروف الركبة اليمنى بعد أيام من فوزه مع فريقه بلقب كأس ألمانيا وأصبح بحاجة لإجراء جراحة حرمته من المشاركة في كوبا أمريكا. كما أصيب أوسكار في الفخذ خلال آخر تدريب له مع تشلسي فيما يغيب مارسيلو بسبب آلام أسفل الظهر. ويفتقد المنتخب البرازيلي أيضا جهود حارس مرماه دييغو ألفيش نجم بلنسية الأسباني والذي أصيب خلال مباراة فريقه أمام ألميريا في المرحلة الأخيرة من الدوري الأسباني، علما أنه عرف طريقه إلى التشكيلة الأساسية للمنتخب البرازيلي في مباراتيه الوديتين أمام النمسا وتركيا.
ويحتاج المنتخب الإكوادوري إلى التغلب على غياب اثنين من أبرز عناصره المؤثرين وهما لويس أنتونيو فالنسيا نجم مانشستر يونايتد والذي أجرى جراحة في كاحل القدم، وفيليبي كايسيدو مهاجم اسبانيول والذي تعرض لإصابتين عضليتين. كما يفتقد جهود لاعبيه مايكل أرويو وآنخل مينا في هذه البطولة القارية بسبب الإصابات.
وتفاقمت أزمة الإصابات بشكل هائل في المنتخب الكولومبي حيث يفتقد كلا من أدريان راموس مهاجم بوروسيا دورتموند الألماني للإصابة في كاحل القدم ودانيال بوكانيغرا (الركبة اليمنى) وآبيل أغيلار (الكاحل) وخوان فيرناندو كوينتيرو (الركبة اليمنى) وفريدي غوارين (أربطة الركبة) .
ويفتقد منتخب تشيلي إستيبان باريديس وإديسون بوش وكارلوس كارمونا، كما يغيب مارتين كاسيريس وغاستون راميريز عن منتخب أوروغواي، وكذلك ريناتو تابيا عن المنتخب البيروفي، وميغيل هيريرا إكويوا عن المنتخب المكسيكي وألكسندر غونزاليز عن المنتخب الفنزويلي. وكانت أزمة الإصـابات رحـيـمة بالمنتخب الأرجنتيني حيث لم تحرمه من أي نجم أساسي أو مؤثر واقتصرت قائمة الإصابات بالفريق على ماتيو موساتشيو لاعب فياريال الأسباني.