تأسست «احتفالية فلسطين للأدب»، PalFest، عام 2008، بمبادرة خلاقة من الروائية المصرية أهداف سويف؛ وأعلنت أنها تستهدف «زيادة إطلاع العالم على الحياة الثقافية الفلسطينية، ودعم هذه الحياة في فلسطين، والتعاون مع الفلسطينيين على كسر الحصار الثقافي الذي فرضه الاحتلال العسكري الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وتعزيز العلاقات الثقافية بين فلسطين وباقي العالم».
وبذلك فإنّ روح الاحتفالية تنهض على دعوة شخصيات ثقافية أجنبية، وبعض الفلسطينيين والعرب، للمشاركة في سلسلة أنشطة أدبية وثقافية تُقام، في أواخر شهر أيار (مايو) من كلّ عام، في مدن وبلدات فلسطين التاريخية؛ بالتعاون مع، وبدعم مختلف الأوجه من، مؤسسات وهيئات المجتمع المدني. وأمّا الشعار الأبرز فهو «المفهوم الذي صاغته كلمات المفكر الفلسطيني الكبير إدوارد سعيد: نواجه ثقافة القوّة بقوّة الثقافة». وفي عداد الرعاة المعنويين للاحتفالية، ثمة جون برجر، فيليب بولمان، إمّا طومسون؛ ومن الراحلين الكبار: شينوا أشيبي، شيموس هيني، هارولد بنتر، ومحمود درويش.
وفي دورة هذه السنة، وهي التاسعة، شارك الروائي الجنوب ـ أفريقي ج. م. كويتزي، حامل نوبل الآداب للعام 2003، وجال مع الاحتفالية في القدس وبيت لحم والخليل وحيفا ونابلس؛ ثمّ رام الله، حيث أقيمت أمسية الختام في مركز خليل السكاكيني.
كلمة كويتزي جاء فيها: «ولدت وكبرت في جنوب أفريقيا، ولهذا فإن من الطبيعي أن يسألني الناس ما الذي أراه من جنوب أفريقيا في وضع فلسطين الراهن. لم أجد يوماً أنّ استخدام مفردة أبارتيد، في وصف حال الأمور هنا، خطوة مجدية. ومثل استخدام مفردة إبادة جماعية في وصف ما حدث في تركيا خلال عشرينيات القرن الماضي، أرى أنّ استخدام كلمة أبارتيد يحرف المرء إلى مماحكة دلالية ملتهبة، تتسبب في اختزال فرص التحليل. كان الأبارتيد نظاماً للفصل القسري، مرتكزاً على العرق أو الإثنية، أرسته مجموعة استئثارية ذاتية التعريف، تهدف إلى تعزيز غزو استعماري، خاصة من أجل تمتين سيطرتها على الأرض والموارد الطبيعية. وفي القدس كما في الضفة الغربية ـ لكي أتحدث فقط عن القدس والضفة الغربية ـ رأينا نظاماً للفصل القسري، مرتكزاً على الدين والإثنية، أرسته مجموعة استئثارية ذاتية التعريف، تهدف إلى تعزيز غزو استعماري، خاصة من أجل توسيع سيطرتها على الأرض ومواردها الطبيعية. ولكم أن تستخلصوا النتائج».
شريط الفيديو يشير إلى تصفيق حارّ من الحضور (وهذا جمهور رفيع تشرّفتُ، شخصياً، بالتعرّف على حساسيته المعرفية والإنسانية العالية، حين ألقيتُ كلمة في المكان ذاته، خلال احتفالية السنة الماضية)؛ الذي أدرك المغزى الواضح في كلمات كويتزي، وأنّ أبارتيد جنوب أفريقيا صورة طبق الأصل، وفق تعريف الرجل، عن أبارتيد إسرائيل في القدس والضفة الغربية. وأن يكون صاحب «بلاد الغسق» و»خزي» و»حياة مايكل ك. وأزمنته» و»في انتظار البرابرة»، قد تفادى الانزلاق إلى مماحكة لفظية حول الأبارتيد، فذلك لأنه نأى، في أعماله كافة، عن هذا الطراز من سجال رأى أنه يذهب بالتحليل المعمق نحو مسارب شكلانية، لا خلاف عليها أصلاً.
وهكذا فإنّ أدب كويتزي ليس من النوع الذي يخضع للتصنيفات السهلة، فكيف بتلك المسبقة الجاهزة؛ سواء في موضوعاته وأشكاله وخصائصه الفنية، أو من حيث موقعه في الأدب الجنوب ـ أفريقي من جهة ثانية، وكتلة الآداب الواسعة المتنوعة التي تتصدّى لموضوعة الأبارتيد من جهة ثالثة. وبصدد هذا السياق الأخير تحديداً، تجدر الإشارة إلى ذلك الاستسهال الذي شاع، بعيد إعلان فوز كويتزي بجائزة نوبل، من حيث أنّ أدبه لا يتناول موضوعة الأبارتيد مباشرة، أو لا يتناولها بالطرائق التي تتوفر في روايات نادين غورديمر مثلاً.
صحيح تماماً، في المقابل، أنّ روايات كويتزي، والمبكرة منها بصفة خاصة، تذهب أبعد في انشغالها بظاهرة الأبارتيد، وتتوغل أعمق في سيرورة الاستعمار بصفة أعمّ؛ ولا تقتصر على الإطارات التاريخية الخاصة بجنوب أفريقيا وحدها، بل تغاير الأزمنة والأمكنة على نحو أكثر حرّية وأعرض نطاقاً. غير أنّ من الصحيح، بالقدر ذاته، أنّ أعماله جزء لا يتجزأ من الأدب المناهض للأبارتيد، منذ الرواية العظيمة «تأخرتَ كثيراً يا طائر الشطآن»، والتي أصدرها ألان باتون سنة 1953، وصولاً إلى كتابات برايتن برايتنباخ وأندريه برينك ونادين غورديمر وموتوزيلي ماتشوبا ومونغانا سيروتي ومريام تلالي، وسواهم.
وفي رام الله (على مبعدة أمتار قليلة من مكتب محمود درويش، الذي استقبل حَمَلة نوبل آخرين من أمثال وولي سوينكا وخوسيه ساراماغو)، قال كويتزي إنه جاء إلى فلسطين لكي «يرى ويصغي ويتعلم»؛ وأنه، على امتداد أسبوع، «رأى وسمع وتعلّم الكثير»، ويعود «بانطباع راسخ حول شجاعة الشعب الفلسطيني ومرونته في هذا الزمن الصعب من تاريخه. كذلك الأمر بخصوص الألق والفكاهة اللذين يردّ بهما على إحباط الاحتلال ومهاناته». وهذه أيضاً، في متابعة مقولة إدوارد سعيد، ثقافة حياة في مواجهة ثقافة القوّة.
صبحي حديدي
من الثقافة عدم تكرار كلمة ” إسرائيل ” سواء كتابة أو نطقا لأن ذلك يضفي شرعية للوجود الصهيوني على أرض فلسطين. لا بد من العمل على حذف تلك الكلمة من القواميس والمعاجم وجميع محركات البحث في الويب. .
تحليل جميل لموقف شجاع من روائي جنوب افريقيا الكبير وربط بارع كعادة الحديدي بين الثقافة والمقاومة. يهزنا حضور شخصيات محمود درويش وادوارد سعيد وساراماغو وسوينكا وكويتزي في فلسطين الحبيبة. قوة الثقافة والحياة فعلا بمواجهة ثقافة القوة والاحتلال
/وهكذا فإنّ أدب كويتزي ليس من النوع الذي يخضع للتصنيفات السهلة/ اه
مهمة الناقد هي أن يصنف الأدب ليس غير.. كما هي مهمة عامل المكتبة الذي يصنف الكتب حسب مواضيعها في الأخير..
ولكن الأدب.. سواء خضع لتصنيف الناقد أم لم يخضع.. يبقى “بتصنيفه الخاص” كما هو في قلوب قرائه.. شاء هذا الناقد أم أبى..
وهنا نسألك بالله وبالضمير يا سيد صبحي حديدي..
هل قرأت فعلا كل أعمال هؤلاء الكتاب /برايتن برايتنباخ وأندريه برينك ونادين غورديمر وموتوزيلي ماتشوبا ومونغانا سيروتي ومريام تلالي، وسواهم/ حتى تصل إلى هذه الدرجة من التعميم الجارف؟!
بإختياره ليبرمان كوزير يكون نتياهو قد فرش البساط أمام العنصري ترامب وربما يعول نتياهو علي فوز ترامب حتي يكون هناك إنسجام ولا يكون هناك تصادم مع أمريكا
سستسر تماسيح الامازون بإبتسامة عريضة لترامب وليبرمان لأن إثناني من جمعتها وصلت الحكم