كيري والموبايل أبوكاميرا وقناة دبي زمان وعن الدراما التركية

كان مشهدا وثقته الكاميرات صوتا وصورة، مشهد يكشف حجم منسوب الوعي الأمني الأعمى الممتزج بغباء اللحظة، وهو مشهد دخول جون كيري إلى قاعة اجتماعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقبل دخوله بلحظة يوقفه رجل أمن رئاسة مصري ويهمس لكيري متسائلا إن كان وزير خارجية الولايات المتحدة يحمل جهاز موبايل بكاميرا؟
كيري، سأله ماذا يقصد، ثم حين تأكد أن ما سمعه صحيح، تجاهل رجل الأمن الرئاسي المصري بكل بساطة و أكمل «ولوجه» في مكتب الرئيس ببرود وهدوء.
نحن أمام حالة غبية وضعت ما تبقى من هيبة الرئاسة المصرية على ذمة الحرج. وأتساءل هل تصرف رجل الأمن من تلقاء نفسه أم كان تصرفه مبرمجا من مؤسسة الأمن المصرية؟
الضوء على تلك الحالة يتسع حين أقرأ للمهندس المصري أحمد سلام، وهو خبير تقنيات عالمي، منتقدا المشهد في ضوء خبرته التي يتحدث فيها عن أن مسؤولين مثل كيري يحملون أجهزة هاتف معدة مسبقا بشكل تقني تعمل على تدمير ذاتها فورا إذا لامسها شخص غير صاحبها أو المخول لهم بلمسها. وهذا طبيعي حين نتحدث عن هاتف وزير خارجية الولايات المتحدة، فالقصة هنا قصة أمن استخباري له حساسيته، ولا تزال قضية إيميلات هيلاري كلنتون دليلا على حرب الفضاء الإلكتروني وخطورتها، ولا أفهم كيف يمكن لرجل أمن مدرب جيدا أن يتخيل أن يترك جون كيري هاتفه «بكاميرا أو بدونها» في يد مجهولين على باب السيسي؟
هل يتخيل الأمني المصري أن كيري مثلا سيطلب التقاط صورة سيلفي مع رئيسه؟ أو أنه سيغافل السيسي ويلتقط صورا لقاعة الاجتماع تكشف أسرار أمن دولة خطيرة فيها؟
من أهم ما طرحه المهندس سلام من أسئلة سؤال يتعلق بأن أمن الرئاسة المصري بسؤال رجل الأمن هذا، كشفت عن جهلها بوجود نوعية هذه الهواتف من أساسه، وإلا لما سألوا مثل هذا السؤال السخيف.

تأميم جمهورية

وعطفا، على مصر التي «كانت» في خاطري، أتابع برامج التوك شو على القنوات المصرية وهذا الدفاع المستميت عن احتكار القوات المسلحة المصرية لحليب الأطفال بعد اختفائه فجأة من السوق، وفي عجالة أتذكر قرارات مهمة في تاريخ مصر، مثل قرار التأميم لقناة السويس مثلا، وصوت عبدالناصر في خطابه الشهير معلنا التأميم.
الإعلام المصري الفضائي حشد طاقاته وأغلب إعلامييه لإظهار قرار الجيش باحتكار وبيع الحليب ودخوله السوق كتاجر ينافس قرارا وطنيا جعلني أتخيل الرئيس السيسي يلقي خطابا صوتيا عبر الإذاعة المصرية ويقول فيه بتهدج صوتي ناصري : (تؤمم جمهورية مصر العربية شركة عسكرية خاصة محدودة).

الأغنية والسائق

أنا دقة قديمة، كما يراني بعض الأصدقاء، وربما هذا من المشتركات بيني وبين نصفي الآخر التي تفضل السينما المصرية أيام الأبيض والأسود أكثر من كل الأفلام الملونة. وعليه فإن القنوات المتخصصة ببث الماضي وإحيائه على الشاشة من جديد هي مفضلة المفضلات لدينا.
وقناة «دبي زمان» مفضلة من مفضلاتي لا لأنها تبث أعمالا درامية قديمة وحسب، بل لبثها أغاني مصورة بالألوان لكن ضمن تقنيات ستوديو كان له مدير وفني إضاءة وفني صوت، يضبطون المطرب فيه بما لا يتجاوز في حركاته مساحة الأشبار القليلة.
المهم، تستفز هذه القناة الذاكرة فتستحضر منها ما يجعل المرء يتأمل في التاريخ القريب، وحجم التغيرات فيه.
قبل أيام شاهدت على «دبي زمان»، المطرب اليمني أبوبكر سالم…فراحت الذكريات إلى أغنية كتبها ولحنها في التسعينات للكويتي عبدالله الرويشد، وهي أغنية «يا ناسين الحبايب».
الأغنية على ما يبدو سمعها شوفير باص عمومي أردني وشغلها وانتشرت العدوى على كل خطوط الباصات في التسعينات في الأردن.
تلك الخاطرة جعلتني أفكر في أهمية سائقي الباصات والحافلات العمومية في العالم العربي، في عملية توزيع الأغاني، وحجم مساهمتهم في دورة العملية الفنية برمتها.
أعتقد أن شركات التوزيع مدينة لمجتمع سائقي الباصات العمومية في انتشار الكثير من الأعمال الفنية قبل ظهور الانترنت والتكنولوجيا الرقمية.

محاولات يائسة

مقابل الأعمال الدرامية القديمة والتي أصبحت، حسب أعراف التقادم، كلاسيكية، أتابع الدراما الحديثة على إم بي سي، بداعي الضجر أحيانا، فأتعثر في مسلسل اسمه «نيللي وشريهان» ولا أنكر أن اسمه لفت انتباهي وأعاد إلى الذاكرة صورة النجمتين وفوازيرهما الاستعراضية.
المسلسل دراما مسخرة لا ترتقي للسخرية. وبعد حلقات قليلة لعل وعسى تشدني القصة، فإنني لم أجد فيها إلا عملا تم إنتاجه لإرضاء ابنتي سمير غانم ودلال عبدالعزيز. حتى أنني صرت أتخيل السيدة دلال عبدالعزيز وقد كانت تدلع ابنتيها وهما أطفال باسمي نيللي وشريهان دلالة على شغبهما مثلا، لتكبر الفكرة عند الفتاتين وتصبح مسلسلا مفروضا علينا على شاشة العرب. المسلسل ليس أكثر من حشوة أفيهات ساذجة، ومحاولات يائسة لرفع سويته عبر استضافة نجوم وأسماء متفاوتة الشهرة، و حركات عبيطة ضمن قصة أقل من عادية.

أتحفظ على الدوبلاج

لكن ورغم أنني لست من مغرمي الدراما التركية، وهي دراما فيها الجميل والرائع بالمناسبة، إلا أنني كنت دوما من مغرمي مسلسل «على مر الزمان» الذي بثته قناة إم بي سي قبل سنوات، وها هي قناة «حنيبعل» التونسية تعيد بثه مدبلجا باللهجة السورية.
بعيدا عن قصة الدوبلاج التي أتحفظ عليها مقابل فكرة الترجمة أسفل الشاشة التي أراها أكثر فائدة، فإن مسلسل على مر الزمان أيضا يرضي حالة الحنين النوستالجية عندي، لأنه في أحداثه يعالج مرحلة زمنية مهمة في السبعينيات والثمانينيات، عاشتها تركيا، ونراها في خلفية الأحداث الدرامية لعائلة أكارسو.
لكن، أجمل ما في المسلسل، هو هذا الحضور الطاغي للفنانة الأسطورية التركية عايشة بن غل.. بهذا الأداء والحضور والجمال وكل حزن العالم المتفجر في لحظة ألق درامي.
الدراما التركية فيها ما ينافس العالمية، وأعرف عنها ما لا تبثه الفضائيات العربية لأنها حاضرة في المحطات العالمية بالمناسبة وبترجمة لا دبلجة تلوك اللسان الشامي فتشوه اللهجة الأصيلة.
ومشكلة محطاتنا العربية هي في الاختيار المتكرر لدراما تركية تكرر نفسها في الحبكة والقصة ومكتظة بالحسناوات وقصص العشق الممنوع والأسود والفوشي والمرغوب..
انا أؤمن بأن الدراما الجيدة، هي حكاية جيدة، تعكس واقعا حقيقيا وهي مفاتيح فهم لهذا الواقع، وليست دراما أمنيات مراهقة تشبه قصص الجنيات وحالات غيبوبة وردية لا معنى لها.

إعلامي أردني يقيم في بروكسل

كيري والموبايل أبوكاميرا وقناة دبي زمان وعن الدراما التركية

مالك العثامنة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح // الاردن:

    * ما قام به الأمن المصري مجرد خطوة
    غبية وأعتقد أنه تصرف شخصي.
    * المسلسلات ( التركية) وهذا رأي شخصي
    مكررة ومملة وتصلح للمراهقين فقط.
    سلام

  2. يقول نبيل:

    الظاهر انه رجل الامن المصري من عشاق افلام توم كروز وجمس بوند الاستخبارية واعتقد ان هذا ماجاء في خاطره لحظتها ليتصرف بهذا الغباء مع وزير خارجية بهذا الحجم

إشترك في قائمتنا البريدية