أثناء استقباله المقرر الخاص للأمم المتحدة بحالات الاعدام والوفد المرافق لها، في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، اعتبر حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، ان انتهاكات حقوق الانسان، بالعراق، «قليلة»، واستنكر «عملية تضخيم بعض المؤسسات لانتهاكات حقوق الانسان» في ظل حكومته.
تصريح كهذا يقودنا إلى تساؤلات عدة. لعل أهمها: كيف يتجرأ العبادي على اطلاق تصريح ينافي الحقيقة، بشكل مفضوح، في عصر بات فيه من السهل جدا تدقيق الحقائق؟ وهل انتهاكات حقوق الانسان بالعراق «قليلة» فعلا؟
ان لجوء الرؤساء والمسؤولين إلى الكذب والتلفيق ليس جديدا، ويعيده بعض الباحثين إلى عصور تاريخية سحيقة. حينها كان الساسة يلجأون إلى المواربة والحذلقة اللغوية والدبلوماسية لتزويق الاكاذيب تفاديا لوسمهم بالكذب. الجديد في الموضوع، الآن، هو عدم اهتمام المسؤول بكل هذا التعليب بل ينطق بما ينافي الحقائق، مباشرة، باسلوب أطلق عليه مصطلح «ما بعد الحقيقة»، حيث الحقائق الموضوعية أقل أهمية من جذب الناس شعبويا، أو تقديم الحقائق بشكل مجزأ مما يجعلها صالحة للتقديم كحقيقة متغيرة وفق منظور السياسي لـ«الحقيقة». يتم ذلك، خلافا للاساليب القديمة، بشكل صريح، يستفيد فيه المخاطب من اجهزة الاعلام، الناشطة على مدى 24 ساعة، وشبكات التواصل الاجتماعي القادرة على نشر كل ما يراد من أخبار أو تصريحات، والوصول إلى الملايين، خلال دقائق، بدون تدقيق في صحة الخبر أو مدى موضوعيته. أفضل الأمثلة في هذا المجال، هي تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اثناء حملته الانتخابية. سبقه إلى ذلك رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، في حملته المسعورة لاقناع الرأي العام البريطاني والعالمي بضرورة غزو العراق، لأنه قادر على تهديد العالم بـ«أسلحة الدمار الشامل خلال 45 دقيقة». ركل توني بلير الحقائق الموثقة حول عدم قدرة العراق على إنجاز اي شيء من هذا القبيل، ليخاطب الجماهير عبر استغلال مخاوفها.
هل يمكن تفسير تصريحات العبادي حول قلة انتهاكات حقوق الانسان بل وتضخيمها أمام وفد حضر للقائه بعد لم يعد هناك مجال للصمت ازاء الانتهاكات، وفق نظرية «ما بعد الحقيقة»؟ لا يبدو ذلك. هناك أمر لا يقتصر على العبادي وحده، بل يشمل ساسة «العراق الجديد»، يجعلهم بعيدين عن المصطلحات المفاهيمية التي تنطبق على ساسة الغرب. فبالاضافة إلى الاكاذيب المتناقضة والتلفيقات الفجة، هناك جانب المساهمة، بشكل مباشر وغير مباشر، في سفك دماء ابناء شعبهم وتأجير ولائهم في مناقصات السوق. مما يجعل المصطلح الأصلح لوصفهم هو «أبناء الاحتلال الصغار» المقتبس من مفهوم «الرجل الصغير»، للمحلل النفسي الألماني فيلهلم رايش. يخاطب رايش «الرجل الصغير» الذي بنى بيته على الرمال، متسائلا: «الا يكفيك هذا العدد من الضحايا لتبدأ التفكير بطريقة صحيحة؟».
أعداد الضحايا الكبير هو الذي دفع مقرر الأمم المتحدة إلى زيارة العبادي، بعد ان استهلكت دول التحالف الداعمة للنظام والمتغاضية عن جرائمه ذريعة «الحرب على الإرهاب» إلى حين. فالعراق واحد من بين خمس دول تسجل أعلى نسب تنفيذ حكم الاعدام في العالم.
من بين انتهاكاته «القليلة» الموثقة: في 3 حزيران/يونيو، قامت ميليشيات «الحشد الشعبي» باختطاف ما يُقدّر بنحو 1300 رجل وصبي أثناء فرارهم من الصقلاوية الواقعة شمالي الفلوجة. وبعد ثلاثة أيام، ظهر 605 رجال وبهم علامات تعذيب، بينما لا يزال مصير 643 آخرين في طي المجهول. وتوصلت لجنة تحقيق شكلها محافظ الأنبار إلى أن 49 رجلاً قُتلوا رمياً بالرصاص أو حرقاً أو فارقوا الحياة نتيجة للتعذيب، حسب منظمة العفو الدولية. في آب / أغسطس، أعدم 36 رجلا وكانوا قد أُدينُوا بعد محاكمة، استمرت بضع ساعات، فقط، بعد استخلاص الاعترافات تحت وطأة التعذيب. وخلال يوم واحد في أيلول/ سبتمبر 2017، تم اعدام 42 شخصا بتهم «الإرهاب». هذه الحقائق، دفعت المنظمة إلى اصدار بيان عن الاعدام الجماعي، واصفة اياه بانه «استعراض مروع للجوء السلطات إلى عقوبة الإعدام في محاولة منها لإظهار أنها تتصدى للتهديدات الأمنية». وأن «تنفيذ عمليات الإعدام ليس هو الحل، ولن يجعل البلد أو شعبه أكثر أماناً».
فندت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في تموز/ يوليو 2017، اكذوبة العبادي بـ «تضخيم بعض المؤسسات للانتهاكات». حيث حثته على التحقيق في مزاعم انتهاكات حقوقية وقعت خلال العمليات العسكرية لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم «الدولة» منبهة إلى انه «ينبغي منع حدوث مثل هذه الانتهاكات في المستقبل».
اضطر العبادي إلى تشكيل لجنة للتحقيق في الانتهاكات «لكن السلطات لم تكشف عن أي نتائج للتحقيق، أو تعلن عن أي إجراءات جنائية ضد الجناة». وقد شهد العام الحالي استمرار «تفشي التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في السجون، ومراكز الاحتجاز التي تسيطر عليها وزارتا الداخلية والدفاع، والمنشآت التي تسيطر عليها الميليشيات»، وفي الوقت الذي ادانت فيه المنظمات الدولية جرائم تنظيم «الدولة الإسلامية» باعتبارها جرائم حرب، فانها وثقت، في الوقت نفسه ما ارتكبته «الميليشيات شبه العسكرية والقوات الحكومية من جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتركّز أغلبها ضد العرب السُنّة». ومن يتابع ما بدأت تتكشف عنه ممارسات المليشيات والقوات الحكومية، في الصحافة الاستقصائية، بالاضافة إلى المنظمات العراقية والدولية، في المدن المحررة من تنظيم «الدولة» سيدرك مدى وبشاعة التمييز الطائفي والعرقي الذي أسسه الاحتلال ويواصل ساسة النظام تغذيته، بمساعدة جلاديهم، خوفا من الحرية والكرامة. ان تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية حول الانتهاكات، بالعراق، ليست مضخمة بل انها تساعد على اسقاط قناع الكذب الذي يرتديه العبادي وساسة النظام، ممهدة لإبراز الحقيقة كاملة أمام العالم، والاهم من ذلك كله أمام الشعب العراقي، كله، بلا استثناء، لئلا تذهب دماء الضحايا، ثمنا، لبناء بيت على الرمال.
٭ كاتبة من العراق
هيفاء زنكنة
التستر على الفساد, فساد
والتستر على الإجرام, إجرام
ولا حول ولا قوة الا بالله
سيدة زنكنه المحترمه
لا اعرف لماذا لك نظرة سلبيه على العراق ؟
بالنسبه الى حقوق الانسان ، اولا:ففي المعارك لابد ان يحدث انتهاكات لهذه الحقوق ، و يحدث هذا في جميع الحروب في كل الدول وعلى مدى التاريخ ، فلماذا تشخصين العراق بهذه الانتهاكات؟
ثانيا : في الحياه المدنيه العراقيه ، توجد حقوق للانسان ، مثل ، حريه المظاهرات ، حريه السفر ،حريه ابداء الراي و الصحافه ، حريه تشكيل الاحزاب ، الانترنت و الفضائيات ، ولا يوجد اي اعتقال لاي عراقي بسبب ارائه و معتقادته
ارجو ان تنظري بمنظار اكثر ايجابه للعراق
شكرا و تحياتي لك