لو دققتم النظر وأصغيتم جيدا لرأيتم وسمعتم أن شريحة واسعة من أبناء أمتنا مصابة بأعراض مرض اسمه «لا للبسطار الإسرائيلي نعم للبسطار العروبي»، في هذه المقالة تستطيع أخي القارئ أن تعرف إذا كنت مصابا، وإليك أعراض هذا المرض.
هل تشتم الاحتلال الإسرائيلي في الليل والنهار وتطالب بحرية الأسرى في فلسطين وتقف دقيقة حداد لذكرى شهدائها، وتنشد بخشوع موطني موطني في افتتاح أي مناسبة، وتدعو لوحدة إسلامية مسيحية ضد الاحتلال، وضد قرار ترامب بالنسبة للقدس، وتدعو لتظاهرات وتشترك فيها، وتطالب أردوغان بتنفيذ تهديده بقطع العلاقة مع إسرائيل؟ ولكن أنت نفسك لم ترفع ولا مرة شعارا مطالبا بحرية الأسرى في سجون سوريا، ولا تظاهرات ضد دوس حقوق الإنسان في الوطن العربي، ولا ضد أحكام الإعدام بالجملة في مصر، ولا اشتركت في مظاهرة ضد استمرار العلاقات بين إسرائيل والأردن ومصر وإسرائيل، وكأن الأمر لا علاقة له بكل ما يجري في المنطقة، مع أنك ذكي وتعرف، ولكنك تنوي أن تسافر إلى عمّان وتعبر الحدود بلا عقبات كي تلتقي هناك بقوميين عرب، ومن هناك لتحيوا صمود النظام السوري في وجه المؤامرة الكونية، وتريد أن تزور القاهرة أو أن تصيّف مع العائلة في شرم الشيخ من دون أن تستجوب أو أن تتبهدل في المعبر، أو لأنك ارتحت لاستضافتك على فضائية أسهل ما فيها شتم الاحتلال الإسرائيلي بإنشاء رائع، ثم تمتدح محور المقاومة من دون التطرق لما يعانيه الشعب السوري، مثلا، بسبب سياسة النظام، ثم تقول نحن مع سوريا شعبا ونظاما، ولا تلتفت إلى ما يعانيه شعب إيران حيث تُسجّل في هذا البلد المسلم واحدة من أعلى نسب تنفيذ الإعدام في العالم، ثم تصمت على ما يتعرض له الفلسطينيون في لبنان، الذين يعيشون في ظروف لا يمكن قبولها لأعتى الأعداء، وتقول للاجئين السوريين إنهم «مستاهلين اللي بيصير فيهم». إذا كنت واحدا من هؤلاء فهذه أعراض قوية للمرض المذكور أعلاه!
تغيّر صورة بروفايلك في الفيسبوك إلى صورة الفتاة البطلة عهد التميمي، أو الشهيد إبراهيم أبو ثريا المقعد في كرسيه، وتطالب بإطلاق سراح الطفلة البريئة التي صفعت جندي الاحتلال، ولكنك تمتدح نظاما يحتجز مئات الفتيات والفتية، وتغض الطرف عن آلاف السجينات السوريات خصوصا، والعربيات عموما، أسألك بالله، ألا تعرف في نُص خاطرك ماذا كان سيكون مصير ابنتك أو زوجتك أو اختك إذا صفعت جنديا من جنود النظام في مواجهة ما، في حلب أو في أي مدينة عربية من المحيط إلى الخليج، حلّفتك بشرف ابنتك وأمك ألا تعرف ما هو مصير فتاة كهذه وأسرتها لو صفعت جنديا من جنود فيلق القدس الإيراني أو من ناشطي الحشد الشعبي.
هل أنت ممن يتحدثون كثيرا عن سوء معاملة الأسرى في سجون الاحتلال، وعدم تقديم العلاج لهم، ولكنك لم تكلف خاطرك في البحث عن وضع السجينات والسجناء السياسيين في الوطن العربي، وعن أسباب سجنهم وما رأي المنظمات الدولية في ظروف سجنهم. إذا كنت من هؤلاء فهذه من أعراض المرض، أما إذا كنت فلسطينيا فهذا يعني أنك تطالب العرب بأن يشعروا بآلام شعبك ولكنك تدير ظهرك لآلامهم وهذه وقاحة من حضرتك.
هل تشتم أمريكا وإسرائيل وتصفها بأنها قوى التكبر العالمي وتمتدح آيات الله وبرامجهم الصاروخية وتحيي بيونغ يانغ، ولا تتذكر أنه في كل عام يعدم المئات من البشر في إيران على رافعات وبنسبة هي الأعلى في العالم، ومعظمهم لأسباب سياسية، كذلك تنسى أن من يتثاءب أمام كيم جونغ لي قد يلقى حتفه من حيث لا يحتسب! إذا كنت من هؤلاء فأنت تقول نعم للبسطار الإيراني ولو من تصنيع كوري وبحب كبير.
هل تطالب بحرية صحافي فلسطيني وتتناقل في الفيسبوك صورة اعتداء عليه أو استشهاده في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ثم تكتب محيّيا صمود أنظمة تحتل منذ عقود ذيل قائمة العالم في حرية الصحافة، والأولى في الاعتداءات على الصحافيين واختفائهم القسري، ولا تكلف خاطرك ولو بنظرة واحدة لفحص وضع الصحافة هناك! إذا كنت من هؤلاء فحالتك خطيرة.
هل أنت معجب بفضيلة شيخ أو سيادة مطران وتتغنى بموافقه الوطنية ضد ترامب، وهو نفسه تستضيفه فضائية ما فيمتدح نظام الأسد، ويصمت على نظام مصر الانقلابي، وبعد أيام تستضيفه فضائية إماراتية أو سعودية فيحيي المكرمات الملكية والأميرية ووقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية أبا عن جد، إذا كنت من هؤلاء فوضعك مقلق جدا.
هل أنت معجب بمن يقف في الكنيست الإسرائيلي من القائمة العربية المشتركة أو بمسؤول كبير في لجنة المتابعة لشؤون عرب 48 ويصرخ بأعلى صوته ضد النائب الليكودي العنصري حازان الذي اعترض حافلة لذوي الأسرى وتوجه إليهم بكلام بذيء عن أبنائهم، ويسرع ليكون الأول لالتقاط صورة مع أسير محرر، ولكن هذا المسؤول نفسه يبلع لسانه ويغدو كفيفا وأبكم أمام قتل الأبناء وسحلهم أمام ذويهم في نظام عربي سفاح وقاتل، ولا يفك عقدة لسانه إلا لمدح النظام المعادي للاستعمار والامبريالية. هل تعتمد في مواقفك على التقسيم الثنائي الذي يعود للألفية الرابعة قبل الميلاد، إما معنا أو مع «داعش»، إما مع إسرائيل أو مع إيران وحزب الله وكوريا الشمالية! إما مع السيسي أو مع الإرهاب، إما مع تحطيم وحرق التراث الإنساني وتخريبه أو مع الحشد الشعبي! إما مع الحوثي أو مع محمد بن سلمان! إما مع يزيد بن معاوية أو مع حسن نصر الله! إذا كنت تتنبى هذه المواقف فأنت يا عزيزي مصاب بهذا المرض الخبيث، وعليك أن تراجع ضميرك ومواقفك، لعن الله غسيل الأدمغة. وأخيرا وكي لا يستغل أحدٌ من أولئك الذين يشددون على إبراز قذارات الأنظمة العربية كي يقولوا في النهاية نار إسرائيل ولا جنة العرب، أقول لهم، هذا المقال ليس موجها لمن يقولون نعم لكل أنواع البساطير.
كاتب فلسطيني
سهيل كيوان
مقالك الرائع هذا يا أستاذ سهيل لا ينطبق إلا على :
المنافقين المطبلين من الإعلاميين المهرجين والسياسيين المأجورين والعسكر المجرمين والمثقفين الذين لا ضمير لهم
(( لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه )) مقولة لسيدنا علي رضي الله عنه
ولا حول ولا قوة الا بالله
لا … لا … الأمور ليس كما وصفها الكاتب أما أبيض أو أسود ، أنها أعقد بكثير خصوصا فما يدور بالعالم العربي الذي صار من الصعوبه بمكان معرفه ما هو الصح وما هو الخطأ . أما من ناحيه اسرائيل فالتاريخ الأنساني لم يسطر بعد ما هو أحقر واسفل مما تقوم به من بطش واجرام وقتل وتدمير . نعم البستار العربي أرحم وأهون وألطف .
صدقت يا استاذ كيوان لقد بات هذا المرض الخطير آفة في بلاد العرب وخاصة في انظمتها البسطارية
كاتبنا العزيز :- بوركت وبورك بمحبرتك الشريفة ودمت ..
جميع هذه البساطير صناعة اجنبية بأموال عربية تدوس اوطاننا وتطحن عظام ابنائها وتطمس في دمائها تعددت انواعها وكثرت عباداتها والركوع تحت كعابها وتقبيلها .. كل بسطار يأتي الينا محملاً بمآربه لكن يوما ما سيزولون تجار الوطن وسيرحلون الغرباء وحدها ستبقى بساطير الاحرار التي سيغرزها شرفاء الوطن بأياديهم ستكون الاقوى والاشرف والاصدق سيداس بها كل من تجبر على الوطن الحبيب وعلى ابناء الوطن وتجرأ على حدوده سيكون ذالك حتما ولو رأيناه ببعيد لكن يوماً ما سيكون ..(نعم للبسطار العربي ذو الصناعة الوطنية )
*كان الله في عون الشعوب(العربية )
المنكوبة المطحونة من المحيط الى الخليج.
حسبنا الله ونعم الوكيل.
سلام
شكراً جزيلاً يا أخي سهيل والحمد لله أنا لست من الصنف الذي يدع النفاق يدخل إلى وعيه. الشفافية تعني المصداقية والتي هي من أهم العوامل في مقاومة الظلم والاستبداد. ولهذا الاسم المفضل عندي لبشار الاسد هو بشارون أسدوف, لأن الظلم والاستبداد من طينة واحدة كما أن الانسانية هي مبدأ إنساني عام ينطيق على جميع بني البشر بلا استثناء. والحقيقة الصهيونية هي من أكبر دعاة العنصرية والنفاق والاجرام الاخلاقي الذي يتفق تماما مع الشعار المذكور في المقال (لا للبسطار …..). نعم أنا أتفق معك تماما أخي الكاتب وشارون وبشارون والسيسون وإيرانون وسعودون والصهيونية والفاشية القديمة والجديدة في عهد ترامب وبوتين والنازبون والفاشيون …. جميعاً هم البسطار نفسه لكن بأوجه مختلفة, وعلينا أن نكون صادقين مع أنفسنا إذا أردنا محاربة هذا البسطار.
*كان الله في عون الشعوب العربية
المنكوبة من(المحيط إلى الخليج).
سلام
خي سهيل، لقد وضعت اصبعك على مشكل هيكلي في بناء الشخصية العربية الاسلامية عموما. اصفه بالهيكلي، لانه ياثر في كثير من مجالات الحياة، من ثقافة، صحافة، فن، علاقات اجتماعية، تعامل مع
التاريخ، تربية الاطفال الدين هم نحن و اباؤنا … كما ترى، كثير من المجالات، قد يلاحظ فيها الفطن، نوع من انفصامية التقدير للشيئ الواحد، حسب الوضع، كما فطنت انت يا اخي سهيل … و وصفت الظاهرة احسن وصف. لك مني برافو ..
.
حسب اهتمامي و تجربتي الشخصية مع التحليل النفسي العلمي، حيث وضعت شخصيتي فوق مشرحة التحليل، و انطلاقا من انني مثل معضم العرب من حيث التربية، و الثقافة، و و … دعني الخص لك هذه الظاهرة و اسبابها من منظوري الشخصي طبعا وفقا لمعطيات لا يستهان بها. و طبعا لانني علمي التكوين، ساحاول التجريد للغوص الى اساس الاث، اي الفرديات التي هي المهمم، و الا سنبقى نناقش الظاهرة فقط.
.
باختصار شديد، ارى ان الشخصية العربية ترتكز على تالوث مقدس، “و لا تقل لهما اف”، “القيم و الجنة و النار”، “القضاء و القدر”. نعم يا سهيل، اظن ان هذا التالوث هو قاعدة الفرديات لنظرية تكوين الشخصية العربية. و بما انها فرديات، اي مكانها اللاشعور، ينتج عنها تاثيرا في تعاملنا و تفاعلنا في جميع مناحي الحياة. طب كيف …؟ يمكنني ان اناقشك هنا بصفحات … لكن باختصار شديد …
.
نحن نتعلم، و هذه هي الحقيقة، قيما جليلة من خلال الدين الاسلامي مثلا، و من الوعض الابوي، و نتشبع بها، لذلك لنا احساس مناهظ للظلم. لكن “و لا تقل لهما اف” تجعلنا نرتبك حين يتعلق الامر بالاب مثلا، و نجعل الامر في ميزان “الجنة و النار”، نستعين هنا ب “القضاء و القدر” كي نجد مخرجا للازمة و الصراع الحاصلين في الدماغ، على ان قوانا محدودة امام “القضاء و القدر” و ان هناك تفسيرا ميتافيزيقي للامر، و في الاخير … الاخير يا سهيل، نبقي على قيمنا الجليلة، و نبقي على تقبل اباءنا كما هم، و ندخل الجنة، و هذا قدرنا. و هيك يا سهيل، “السح اندح انبوه” في انفصامنا …
.
و لا احد يمكنه ان يفعل شيئا، و هذا ليس شتيمة، بل هو غير ممكن اصلا، دون اعادة فهم التالوث اعلاه فهما جديدا، صحيا، ليس في تركيبته التي تعلمانها و حفرت في لا شعورنا. التالوث هو اصلا قاعدة رائعة لحياة رائعة … المشكل يكمن في تركيبته التي علمونها لنا. في رأيي، هنا يكمن السبب.
.
(يتبع اطال الله في عمركم و عمركن)
(تتمة)
.
ساعطي بعض الامثلة هنا من الحياة كي يتجلى التالوث كما نعيشه في الواقع، ربما الامثلة تشرح نفسها بنفسها.
.
لمذا ننتقد الآخر و لا ننتقد اولو الأمر؟ لان لهم هالة ابوية (و لا تقل لهما اف) نحن مثلا في المغرب نعد رعايا لجلالة الملك … و ان رأيت كيف يخاطب السيسي المصرين “كعياله” سوف يتجلى الامر .. اما خطاب حكام الخليج فهي قمة “الابوية”. و المسالة مرتبطة ب (الجنة و النار) بقراءة خاصة لآيات قرآنية، لنجد نفسنا في الوضع اعلاه، الصراع الداخلي ..، و نكتفي بانتقاد حكام الآخرين (حفظا على القيم) و لا ننتقد حكامنا (قضاء و قدر).
.
لماذا لا نتحمل المسولية؟ لان امي كانت تقول، “الكأس تكسر” و لم اسمعها ابدا و هي تقول “كسرت الكأس”. (قضاء و قدر)
.
لمذا انتقد احدهم عهد التميمي؟ لانه في صراعه الداخلي بين “قيم” نبيلة كالمقاومة و “الجنة و النار” … بدون تعليق هنا … للاشارة بس، نفس الصراع اعلاه يتكرر هنا.
.
دعني يا سهيل و انا الآن في حالة flow ساعطيك امثلة حتى من عالم السياسة لنرى كيف تاثر الفرديات اعلاه على مقف شعب بكامله.
.
“الموقف من بشار الأسد” هنا يعيش العرب صراع قيم مع نكهة دينية “فتاوى” لينتهي الامر الى “قضاء و قدر”. سوريا لها في التاريخ “المكتوب” صورة جيدة في قضية فلسطين “اليسار” و العروبة و و .. و لها صراع مع حيثان الخليج ب “فتاويهم” لكن هناك قتل و دماء … هنا الصراع الفكري ينتهي الى “قضاء و قدر” … للاسف و شبه لا مبلات … لا احد يندد ببشاروف اسادوف على حد قول اخي اسامة.
.
“الموقف من “الصحراء المغربية” هنا كذلك صراع قيم ينتهي الى لا مبالات. الجزائر، لها مواقف مشرفة في يخص قضية فلسطين، و من بعض ثورات العالم، و لها جرح “المليون شهيد” يجعلنا نتعاطف انسانيا معها … من ناحية اخرى نجد المغرب له حق تاريخي لا غبار عليه (قيم) لكن صورة فيها بعض المشاكل … هنا الصراع ينتهي الى “لا مبالات” عربية (قضاء و قدر) و لا احد يمكنه ان يحدد موقفه الصريح.
.
لماذا يجد العربي صعوبة في تقبل اليهود انسانيا ؟ هنا احيلك على بعض مقالاتك، فهي تصف الصراع الفكري الدي يعيشه العقل العربي في تقبله لليهود انسانيا و التنديد بالوحشية و لو كانت من يهود …
.
اخي سهيل، اجدك فعلا تكتب مقالات رائعة، شكرا لك و مزيدا من التألق!
.
بالمناسبة، وين وصلت قصتك مع النمل؟
تصحيح، اساس الأسس و ليس “الاث”
.
معذرة عن القناطير من الأخطاء الاملائية، الله غالب على أمره :)
.
انتم تعرفون رأيي … المهم، الحمولة السميائية وصلت 100%