بيروت – «القدس العربي» : يستمر الجمود الداخلي قائما تحت سقف الاستقرار الذي يشدد عليه أكثر من مسؤول وآخرهم السفير الأمريكية في لبنان دايفيد هيل الذي أكد تمسك واشنطن بضرورة بقاء الحكومة، معتبرا إسقاطها خطا أحمر.
وتشخص الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء الأربعاء المقبل التي ترتدي طابعا مفصليا نظرا إلى تزامنها مع موعد إحالة رئيس الأركان في الجيش اللواء وليد سلمان إلى التقاعد في 6 آب/أغسطس الجاري. وفي وقت تتقاطع المعطيات المتوافرة عند التأكيد ان تعيين الخلف أمر شبه مستحيل بفعل غياب التوافق المنشود، من المتوقع ان يؤجل تسريح سلمان بقرار يصدر عن وزير الدفاع، وسط ترقب لرد «التيار الوطني الحر» الذي يلوح في الشارع ولاسيما بعد تهديد عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب حكمت ديب بخطوات في السياسة والميدان والشارع إذا مدد لرئيس الأركان.
وفي وقت توقع البعض تأجيل جلسة مجلس الوزراء، أتت دعوة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام إلى جلسة الأربعاء بدلا من الخميس بسبب مشاركته في حفل إعادة افتتاح قناة السويس بعد تأهيلها في مصر. وبحسب أوساط وزارية فإن دعوة سلام إلى الجلسة لا تعكس بروز تطور معين في ملف آلية العمل الحكومي أو أي من الملفات الأخرى العالقة.
وكان لبنان احتفل في عطلة الأسبوع بالعيد السبعين للجيش اللبناني، وأعلن رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون أن «الجيش اللبناني صانع مجد لبنان، ويجب ان يحافظ على هذه الفكرة فكرا وعملا» آسفا «لأن الجيش لا يأخذ العناية اللازمة من قبل الحكومة لجهة تسليحه، ونحن نعيش عصر القوة التخريبية التي تعمل في الداخل أكثر من الحدود».
واعتبر عون ردا على سؤاال عن المسؤول عن تعطيل انتخابات الرئاسة أن المسؤول هو من عطل رئاسة الجمهورية لأنه لا يملك الاقرار اللازم بأن الرئيس يمثل الشعب وليس الكتل البرلمانية التي تملك هذا القرار، ويمكن ان تكون مرتهنة لارتباطات خارجية». وأوضح «ان رئاسة الجمهورية ليست مربوطة بمكان الا في عقل فكر معين»، مضيفا: «انا طرحت قانون انتخاب الرئيس من الشعب، حتى يتحرر الرئيس من الإرادات الخارجية، لأن طريقة انتخاب الرئيس كممثل للشعب اللبناني تحرره من الارتهان»، وأضاف «الأكثرية الحاكمة هي من تعطل التعيينات العسكرية، وقد عطلوا التعيينات عبر التمديد لبعض الضباط، وهناك شغور في المجلس العسكري الذي يدير الجيش مع قائده، وهذا ما يخلق خللا أساسيا في ذهنية العسكر وفي هيكلية التراتبية في الجيش، ومعارضتي تأخذ طريقا قاسيا لهذه المواضيع لأن لدي غيرة على الجيش». وأوضح ان «ترقيات الضباط وقعت بخلاف الترقيات التي تخرج بمراسم لم يتم إمضاؤها، وهذا الموضوع حدث مرتين من قبل، ولا أحد تذهب حقوقه مع تأخير هذه الترقيات، ونحن لا نعمل بشكل غير قانوني والحكومة يجب ان ترضخ للآلية المتفق عليها في ظل غياب رئيس الجمهورية».
وقال عون «إننا لم نتراجع عن مطلبنا ولكن هناك قضايا ملحة تمس حقوقا أساسية مستحقة، حقي مقاطعة مجلس النواب وهذا جزء من المعارضة». وأشار إلى ان «مجلس النواب أعطى لنفسه ولاية غير مستحقة، ومن حقنا معارضة هذا الموضوع، ونحن لا نلين أمام الدستور، حتى النفايات في عهدهم لم تخرج من الشارع». وأكد أن «الأكثرية تمثل خطا سياسيا يجب ان ينتهي والأنظمة الدكتاتورية لا تسمح بانتقال السلطة، والأزمات تزيح الطبقة السياسية، واليوم هناك عدة خضات، اليوم نفايات وغدا فضائح المال التي ما زالت في القضاء»، لافتا إلى ان «الحكومة تخالف القانون ومعها الأكثرية النيابية، ومن يؤيد الحكومة جماعة فاشلة وحلفاء في الدكتاتورية».
وأضاف: “انا أمثل التيار الصحيح وانا مستعد لمناظرة تلفزيونية مع أي رئيس حزب يريد». ودعا زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري إلى مناظرة تلفزيونية، قائلا «لا أحد يستطيع ابتزازي ولا مصلحة في الدولة أخاف منها، وما حصل عام 1990 شرف لي، وهناك من جاء إلى الحكم وزوره». وتابع «لو دامت لغيرك ما آلت اليك»، وهناك من يلعب سياسة في مجلس الوزراء وهناك من يخالف ويلعب كما يريد». وأكد «نحن نقبل بأي تعيين ولكن الفريق الآخر لا يقبل، وهم يدجنون أصحاب الطائف ويعينوهم». وقال «لا أسمح لأحد بالتعاطي معي في موضوع الانسحاب من رئاسة الجمهورية مقابل تعيين شامل ركز قائدا للجيش». وأوضح «هناك شبه قطيعة مع تيار «المستقبل» ولماذا نريد الحوار طالما هناك إخلال بالوعود»، ذاكرا “لست منصهرا بـ»حزب الله» أنا مع المقاومة ضد إسرائيل وضد التكفيريين».
وسرعان ما جاء الرد على دعوة عون إلى مناظرة تلفزيونية من قناة «المستقبل» التابعة للرئيس الحريري التي قالت في مقدمة نشرتها الإخبارية «مرتا مرتا تنهمكين بأمور كثيرة والمطلوب واحد». انها المقولة (للمسيح) التي تنطبق على رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب عون، الذي دعا الرئيس سعد الحريري إلى مناظرة تلفزيونية. والسؤال الأساس: هل الوقت هو للتلهي بالقشور وبالمناظرات، أم ان الوقت هو لنزول النائب عون وفريقه السياسي إلى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية، لإنهاء الفراغ وتفعيل عمل المؤسسات، وبعدها سيكون هناك متسع من الوقت لتحقيق أحلام عون في ترف المناظرات والمناكفات السياسية؟ «.
وفي الانتظار، فإن التمديد للواء سلمان سيشكل محكا للتيار الوطني الحر، بحيث يتظهر في موجبه حجم ردة الفعل التي يلوح بها على مستوى الشارع والمدى الممكن ان يبلغه في تحركه، في ضوء قرار استراتيجي لقوى 8 آذار بعدم اسقاط الحكومة بحسب ما أعلن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
تجدر الإشارة إلى أن وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر عادوا ووقعوا مراسم ترقية الضباط قبيل ساعات من عيد الجيش في الأول من آب/أغسطس بفعل الضغط الشعبي. وأصدر حزب الله بيانا متأخرا ليل الأول من آب تقدم فيه بالتهنئة من ضباط وأفراد الجيش اللبناني بمناسبة عيده السبعين، معربا «عن تقديره لهذه المؤسسة التي حمت لبنان وحدوده وشعبه في وجه الأطماع والتهديدات على الحدود وفي الداخل، من خلال التضحيات الكبرى التي بذلها أبناؤها في كل ميادين المواجهة مع الأعداء»، معتبرا «أن هذه المناسبة فرصة لترسيخ المعادلة الذهبية، معادلة الجيش والشعب والمقاومة، التي قدمت وتقدم للبنان الاستقرار والأمن، وتحميه من كل الأخطار التي تستهدفه».
وأوضح الحزب أن «هذه المناسبة تأتي في ظل وجود العديد من رجال المؤسسة العسكرية رهائن في أيدي عصابات إرهابية تكفيرية تستخدمهم لابتزاز لبنان وجيشه وشعبه، ما جعل الاحتفال بعيد الجيش ناقصا سواء على مستوى الوطن، أو لدى أهالي هؤلاء الرجال، الذين نرجو لهم سرعة العودة إلى وطنهم وأهلهم، كي يصبح للعيد المعنى الذي يستحقه».
سعد الياس