بيروت- «القدس العربي» : حسم رئيس الحكومة تمام سلام قراره بدعوة مجلس الوزراء إلى جلسة بعد غد الخميس في خطوة تأتي بعد انقطاع جلسات الحكومة لثلاثة أسابيع على التوالي، بسبب الخلاف الحاصل داخلها على خلفية ملف التعيينات الأمنية، وإصرار «التيار الوطني الحر» على البت بهذا الملف قبل الانتقال لبحث أي بند آخر في جدول الأعمال.
وبعدما سعى الرئيس سلام إلى تبريد الأجواء من خلال عدم تحديد موعد لجلسة في الاسابيع القليلة الماضية كي لا تفسر على أنها تحد أو استفزاز لفريق التيار الوطني الحر، غير أنه بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وإزاء الضغوط التي تمارس عليه من فريق المستقبل والكتائب ولوزير بطرس حرب بادر إلى الدعوة إلى جلسة الخميس كاسرا الصيام الرمضاني عن الجلسات، ولكن من دون أن يتضح إن كانت الدعوة سبقها انفراج على خط التيار الوطني الحر وحزب الله في موضوع التعيينات الأمنية أم سيعقبها انفجار.
وحتى ليل الأحد الاثنين كانت الأجواء تشير إلى اتجاه الرئيس سلام لدعوة مجلس الوزراء إلى جلسة قبل عيد الفطر، لكن يبدو أن الاتصالات جعلته يقرب الموعد بعد حصوله على تطمينات من رئيس مجلس النواب بأن وزيريه علي حسن خليل وغازي زعيتر سيكونان حاضرين رغم غياب حزب الله، وكذلك سيشارك وزراء الكتائب والرئيس السابق ميشال سليمان ما يجعل ميثاقية الحضور واتخاذ القرارات مؤمنة، علما أن وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله أكدوا في أكثر من مناسبة مشاركتهم كذلك في أي جلسة من أجل بت مسألة التعيينات الأمنية أولا.
وبحسب أوساط قريبة من رئيس الحكومة تمام سلام فإن هناك مسعى لصدور مرسوم بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب من اجل تفعيل العمل التشريعي المعطل بامتناع الكتل المسيحية عن المشاركة في غياب رئيس الجمهورية، وباشتراط القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر إدراج قانوني الانتخاب واستعادة الجنسية اللبنانية على جدول الأعمال من أجل المشاركة. لكن مثل هذا المرسوم لا يبدو أنه سيحظى بتوقيع وزراء مسيحيين بل سيقتصر على وزراء مسلمين وعلى وزراء مستقلين لدى المسيحيين، ما يجعله ينال بحدود 13 وزيرا ليس أكثر.
وعشية جلسة مجلس الوزراء وإمكان اعتراض وزيري التيار العوني على جدول الأعمال قال الوزير محمد المشنوق المقرب من رئيس الحكومة لـ « القدس العربي» «إن الدعوة إلى جلسة هي من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء ولدينا جدول أعمال من بنود لم نصل اليها وكلها ملحة وضرورية، ويمكن للوزراء الموجودين إذا أحبوا التكلم في أي موضوع آخر، أتصور أن دولة رئيس الحكومة سيعطيهم الكلام، ولكن علينا بعد الانتهاء من النقاش العودة للبحث في بنود جدول الأعمال الملحة. وإذا كان هناك وزراء يطالبون فقط بالتركيز على التعيينات ولكن هناك 18 أو 19 وزيرا لديهم رأي آخر، فالتعيينات اليوم قد لا تؤدي الغاية المرجوة منها، والإقدام عليها الآن كأنك تعاقب قائد الجيش قبل انتهاء مدة ولايته». وعن اعتبار البعض أن كل وزير بات بمثابة رئيس ويحق له التدخل في جدول الأعمال قال «جدول الأعمال يضعه رئيس مجلس الوزراء ويتم إبلاغ الوزراء قبل 72 ساعة حول هذا الموضوع ويتم النقاش إذا كان لدى أحد الوزراء أي شيء يرغب في إضافته فيضيفه رئيس مجلس الوزراء على جدول الجلسة المقبلة، ومن لديه اعتراض أمامه حل من اثنين: إما يأتي إلى الجلسة ويسجل اعتراضه وبعدها يتابع مجلس الوزراء جلسته إذا كانت الاكثرية فوق الثلثين، أو يمكنه عدم الحضور، وعندئذ يحتسب بين الغائبين. أما اذا تعطل النصاب لن تكون هناك جلسة ولكن بحسب المعلومات فإن أكثر من 18 وزيرا يرغبون بعقد جلسات لها علاقة ببنود جدول الاعمال لأن هناك قضايا ملحة في البلد».
وأوضح الوزير المشنوق أنه «في الجلستين اللتين انعقدتا حول موضوع التعيينات الأمنية لم يتم التوصل إلى اتفاق على تعيين مدير عام لقوى الأمن الداخلي فاضطروا إلى تأخير تسريح العميد إبراهيم بصبوص، وتم هذا الشيء أيضا بالنسبة إلى قائد الجيش من دون أن يتم الاتفاق، فحاولوا أول مرة وثاني مرة وحصل نقاش جيد وقانوني، إنما لم يتم التوصل إلى تفاهم، وهذا التأجيل معناه بت، فالبت ليس معناه أن توافقوا معنا، ولسنا اليوم بصدد فتح مجال لنظام جديد لمجلس الوزراء، ونحن لسنا مختلفين على تعيين قائد جديد للجيش إنما عندما نصل إلى الأمر، اليوم ليس أوانه وربما يكون ذلك فرصة حتى أيلول من اجل التفاهم». تزامنا، لفت الرئيس بري أمام زواره انه أبلغ رئيس الحكومة تمام سلام خلال لقائهما في عين التينة السبت «انه اذا دعا إلى جلسة لمجلس الوزراء غدا أو قبل نهاية شهر رمضان أو بعد عيد الفطر، فإن وزيري كتلة التنمية والتحرير سيحضران هذه الجلسة وهذا هو موقفي».
وعندما قيل لبري «إن هناك اقتراحا بِعقدِ ثلاث جلسات لمجلس الوزراء، واحدة لجدول الأعمال وثانية للموازنة وثالثة للتعيينات، أجاب «هناك من يتعامل مع الدستور كأنه وجبةٌ رمضانية تبدأ بالشوربة ثم بالفتوش وتنتهي بالتحلية، فلْنعد إلى الكتاب والدستور».
سعد الياس