بيروت – «القدس العربي» : على مسافة أيام من مؤتمر «سيدر» الذي يعقد في باريس في 6 نيسان/أبريل المقبل لدعم لبنان بقروض ميسّرة تصل إلى 17 مليار دولار، استعجل البرلمان اللبناني مناقشة وإقرار موازنة 2018 لأن اقرارها مرفقة بإصلاحات وتخفيضات بالارقام هي أحد الشروط الدولية للوقوف إلى جانب لبنان.
واللافت أن انطلاق المناقشات ترافق مع دعوة إلى اعلان حالة طوارئ اقتصادية ومع حديث عن «رشى انتخابية» من خلال إدراج تعديلات قانونية ضمن مشروع الموازنة تعفي الكثير من الشركات من الضرائب ما دفع بنائب حزب الله نواف الموسوي إلى انتقاد هذه التسوية الضريبية داعياً رئيس الحكومة سعد الحريري إلى سحب هذه المادة من الموازنة والاتفاق على سحبها سياسياً من دون اللجوء إلى التصويت عليها. فيما قدّر زميله النائب علي فياض خسائر الخزينة من التهرب الضريبي بـ6300 مليار ليرة.
واستهلت الجلسة بتنويه رئيس مجلس النواب نبيه بري بعمل لجنة المال والموازنة ورئيسها ابراهيم كنعان معتبراً أنه يستحق الدخول في كتاب غينيس على سرعة مناقشة واقرار المشروع.
أول المتكلمين بعد تلاوة تقرير لجنة المال والموازنة من قبل النائب كنعان كان الرئيس فؤاد السنيورة الذي ألقى كلمته الأخيرة تحت قبّة البرلمان كونه لم يترشح مجدداً إلى النيابة. وقد أثار السنيورة مسألة الكهرباء والاتصالات منتقداً بشكل ضمني فريق التيار الوطني الحر ومشيراً إلى «أن عجز الكهرباء مسؤول عن 42% من الدين العام». ورأى أن «الحديث عن ان لبنان افلس غير صحيح وهناك فرص كبيرة من صنع أيدينا». وأكد « أن حجم الاعباء على الدولة بات أكبر من قدرة الدولة وأنه لم يعد بامكان تلك السيارة ان تجر تلك المقطورة فليس هناك من بديل غير المسارعة بالتقدم على المسارات الاصلاحية الموازنة».واعتبر أنه «علينا أن نعيد الاعتبار للوظيفة العامة والمطلوب رفع يد الأحزاب والميليشيات عنها».ودعا إلى «العمل على ترشيق الدولة وتأمين مقتضيات التعاون ليقوم القطاع الخاص بدوره في تطوير الاقتصاد «.
ثم تحدث عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، الذي اشار إلى أنّ «الموازنة تُبحث تحت ضغط الوقت وهي «سلق بسلق» وهناك خلل فاضح في الحسابات والقيود»، قائلاً: «موازنة 2018 هي موازنة مستعجلة بسبب مؤتمر باريس والحكومة «نيّمت» الموازنة شهرين ونصف الشهر». ودعا إلى «إتمام المناقصات عبر إدارة المناقصات وأيّ مناقصة في الدولة تتم خارجها تكون مشبوهة حتى لو ادّعى من يفعلها أنه يدفع من جيبه». وغمز فضل الله من قناة السنيورة قائلاً «طيلة الحقبة الماضية مُنعت الإدارة من إنجاز حسابات الدولة المالية إلى أن وُجد القرار في الوزارة الحالية وتمّ إنجاز الحسابات»، وتابع: «نريد أن نعرف كيف تمّ صرف الأموال وهذا يتطلّب أن نقوم كنواب بدورنا»، لافتاً إلى أنّ «التعطيل لم يكن بسبب الأوضاع السياسيّة وملفّ الحسابات كبير جداً ونتمنى ألا يضيع بالدهاليز والحسابات والمحسوبيات السياسية».
وأضاف إلى أنّ «أهمّ دور بعد التشريع هو الرقابة على الحكومة وهذه الأخيرة لا تخاف من الرقابة و»ما بتعمل حساب لأحد»، وتابع: «التفتيش المركزي يقول إنّه يُمنع من قبل الوزارات من الدخول إلى بعض الإدارات فكيف تكون الرّقابة إذاً؟».وتابع «لم يتمكّن أحد من أخذ فاسدٍ إلى السجن لأنّ الدولة من خلال مؤسساتها غير منتظمة والتربية في البلد لطالما كانت على أساس أنّ المحسوبيّة تبرّئ أكبر فاسد في الدولة»، متسائلاً: «أين جماعة الانترنت غير الشرعي؟ يعملون ويقولون إنّهم أقوى من الدولة لأنّهم مدعومون من القوى السياسيّة».
وأكد نائب القوات اللبنانية أنطوان زهرا «أننا فعلياً دولة مفلسة، وما توجّسنا منه من النزوح السورية تحوّل إلى نعمة لنا بالتمسك بإستقرار لبنان ومساعدته من قبل المجتمع الدولي خوفاً من تداعيات هذا النزوح عليه». وقال «هناك ناس بتكهرب بس نجيب سيرة الكهربا، فردّ عليه بري بالقول «كهربن!». وأضاف «تحديداً القانون الصادر في 2011 الذي أقر 4 بنود والذي كان من المفترض إعادة إعمار معمل دير عمار واستجرار الطاقة من الجية والذوق والبواخر للدعم على 4 سنوات، بأي شروط يمدد لهذه البواخر وعلى مسؤولية من؟».
وقال: «8 سنوات وانتهت المناقصة وما زال معمل دير عمار لم يبن، هل هذا هو الحل للكهرباء الذي وعدنا به؟ هل هذه هي خطة 2010 خطة المن والسلوى بالكهرباء؟. لم نر الشفافية ولا خطة إصلاحية ولا كهرباء».
وأمل عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور أن «تكون الموازنة رغم الملاحظات عليها فجراً جديداً دستورياً ومالياً للجمهورية اللبنانية بعد سنوات طويلة من الإنقطاع عن إقرار الموازنات». وواصل ابو فاعور انتقاد التيار الوطني الحر معتبراً «أنّ تجربة وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد هي تجربة فاشلة وبائسة بكلّ المعايير ومآلها مآل حزين جداً». ولفت إلى أنّ «المطلوب إلغاء تكليف وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد أو تفويضه إلى جهة سياسيّة أخرى لا تكون لديها نفس الإحراجات التي لدى الجهة السياسية التي فوّضت هذا الملف وربما يصبح بالامكان الذهاب إلى وزارة الطاقة».
وكانت جلسة مناقشة الموازنة انعقدت على وقع احتجاجات من قدامى القوات المسلحة واعتكاف من قبل القضاة احتجاجاً على تخفيض مساهمة الدولة في صندوق التعاضد اضافة إلى تلويح معلمي القطاع الخاص بالإضرارب وتعطيل العام الدراسي اعتراضاً على صيغة قدمها وزير التربية مروان حمادة لتقسيط الدرجات الاستثنائية الست على 3 سنوات اعتباراً من 1102018 في وقت تربط ادارات المدارس تسديد الدرجات بزيادة الاقساط المدرسية أو بأن تتولى الدولة دعم المدارس.
سعد الياس