بيروت- «القدس العربي» : بعد اتصال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ايام برئيس مجلس النواب نبيه بري غداة الازمة السياسية التي نشأت نتيجة مرسوم أقدمية الضباط وتسريب فيديو لرئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل يصف فيه بري بـ «البلطجي»، عُقد في قصر بعبدا امس لقاء ثلاثي هو الاول منذ ازمة استقالة الحريري في 4 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت وقد جمع كلاً من الرئيسين عون وبري ورئيس الحكومة سعد الحريري وخصّص بحسب مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية « للبحث في الاوضاع العامة في البلاد والتطورات الاخيرة، ولاسيما منها التهديدات الإسرائيلية ضد سيادة لبنان واستقلاله وسلامة اراضيه، والتي تمثلت بعزم إسرائيل على بناء جدار اسمنتي قبالة الحدود الجنوبية وفي نقاط على « الخط الازرق» يتحفظ عليها لبنان، اضافة إلى الادعاءات التي اطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي حول ملكية المربع الرقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة، وذلك بالتزامن مع اطلاق لبنان مناقصة تلزيم والتنقيب عن النفط والغاز فيها.
التهديدات الإسرائيلية
وقد تدارس المجتمعون المعطيات المتوافرة حول ابعاد التهديدات الإسرائيلية، ورأوا فيها انتهاكاً واضحاً لقرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 وتهديداً مباشراً للاستقرار الذي يسود المنطقة الحدوديـــة منذ بدء تطبيق المرحلة الاولى من القرار الدولي في شهر آب من العام 2006، وذلك نتيجة الجهود التي يبذلها الجيش اللبناني بالتعاون مع القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل). واتفق المجتمعون على الاستمرار في التحرك على مختلف المستويات الاقليمية والدولية، لمنع إسرائيل من بناء الجدار الاسمنتي داخل الحدود اللبنانية، ومن احتمال تعديها على الثروة النفطية والغازية في المياه الاقليمية اللبنانية، وذلك من خلال سلسلة إجراءات سوف تعرض على المجلس الاعلى للدفاع في اجتماع استثنائي يعقد اليوم الاربعاء 7 شباط الجاري برئاسة فخامة رئيس الجمهورية وحضور دولة رئيس مجلس الوزراء والوزراء المعنيين، اضافة إلى قادة الاجهزة الامنية ، وذلك بهدف اتخاذ ما يناسب من قرارات تمنع التعديات الإسرائيلية وتحول دون حصول اي تدهور امني في المنطقة الحدودية».
واذا كان لقاء الرؤساء الثلاثة عُقد تحت عنوان التصدي للتعديات الإسرائيلية إلآ أنه شكّل غسيلاً للقلوب بحيث تطرق المجتمعون إلى الاوضاع الداخلية وما شهدته الساحة اللبنانية من احداث خلال الايام العشرة الماضية واسبابها، وتم الاتفاق على معالجة ما حصل من خلال المؤسسات الدستورية وفقاً للدستور والانظمة والقوانين المرعية الاجراء، مؤكدين على وجوب التزام وثيقة الوفاق الوطني التي ارتضاها اللبنانيون بهدف المحافظة على وحدتهم الوطنية وصيغة العيش الفريدة التي تميّزهم وعدم السماح لاي خلاف سياسي بأن يهدد السلم الاهلي والاستقرار الذي تنعم به البلاد، لاسيما وان لبنان مقبل على المشاركة في مؤتمرات دولية نظمت خصيصاً من اجل مساعدته على تعزيز قواه العسكرية والامنية، والنهوض باقتصاده، وتمكينه من مواجهة التداعيات السلبية التي نتجت عن تدفق النازحين السوريين إلى اراضيه على الصعد الامنية والاقتصادية والصحية والتربوية والاجتماعية.وافادت أجواء قصر بعبدا أن كل الامور الخلافية إلى حل بما فيها مراسيم الاقدمية والترقيات على ان تكون ترجمة ذلك عبر المؤسسات الدستورية.
تفعيل المؤسسات
واضاف بيان الرئاسة « اتفق المجتمعون على ضرورة تفعيل عمل المؤسسات الدستورية كافة ولاسيما منها مجلس النواب ومجلس الوزراء، وتوفير المناخات السياسية والامنية المناسبة لاجراء الانتخابات النيابية في 6 ايار المقبل في اجواء من الديمقراطية كي يتمكن اللبنانيون من خلالها، من التعبير بحرية عن خياراتهم التي تجسّد صحة التمثيل النيابي، لاسيما وان القانون الانتخابي الجديد الذي ستجري الانتخابات على اساسه يطبق للمرة الاولى منذ قيام دولة لبنان الكبير. كما تم الاتفاق على العمل لاقرار موازنة العام 2018 في اسرع وقت ممكن. واهاب المجتمعون بالقيادات اللبنانية كافة تجاوز الخلافات والارتقاء في الاداء السياسي إلى مستوى عال من المسؤولية الوطنية التي تفرضها دقة المرحلة في ظل التحديات التي تواجه لبنان وتتطلب وقفة تضامنية واحدة تحمي وحدة اللبنانيين وسلامة الوطن».
اجتماع الناقورة
وجاء لقاء الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا غداة ترؤس القائد العام لقوات اليونيفيل في جنوب لبنان الجنرال مايكل بيري الإجتماع الثلاثي الأول لعام 2018 بين ضباط الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية في موقع للأمم المتحدة على معبر رأس الناقورة، حيث كان البند الأوّل على جدول اعمال اللقاء الجدار الفاصل الذي ستُقيمه إسرائيل على الحدود مع لبنان، من نقطة الناقورة إلى المطلّة وصولاً إلى مزارع شبعا، والذي يُعارض لبنان إقامته بقوة لأنّ إسرائيل ستقيمه على النقاط الـ13 المتنازَع عليها منذ ترسيم الخط الازرق في ايار العام 2000 ولأنها ليست خط الانسحاب الحقيقي.
رفض الجدار
وأوضحت قيادة الجيش اللبناني في بيان « أنّ الاجتماع عقد في حضور وفد من ضباط الجيش اللبناني برئاسة منسّق الحكومة لدى هذه القوات العميد الركن مالك شمص، وتمّت خلاله مناقشة الموضوعات المتعلّقة بتطبيق القرار 1701، والحوادث الحاصلة في الفترة الأخيرة في منطقة جنوب الليطاني.وقد عرض الجانب اللبناني مسألة الجدار الذي ينوي العدوُّ الإسرائيلي إقامته على الحدود اللبنانية الفلسطينية، مؤكّداً موقف الحكومة اللبنانية الرافض لإنشاء هذا الجدار كونه يمسّ السيادة اللبنانية خصوصاً أنّ هناك أراضي على الخط الأزرق يتحفّظ عليها لبنان، كما عبّر عن شجب الحكومة لتهديدات بعض قادة العدوّ ومزاعمهم حول عدم أحقّية لبنان بإستغلال البلوك البحري النفطي الرقم 9، مشدّداً على أنّ هذا البلوك يقع بكامله ضمن المياه الإقليمية والإقتصادية اللبنانية، كذلك عرض لخروق العدوّ الجوّية والبحرية والبرّية لأراضي لبنان وطالب بوقفها فوراً «.ولفت البيان إلى « أن الجنرال بيري ركّز على ضرورة الإلتزام الدقيق بمندرجات القرار1701 وبترتيبات التنسيق والارتباط»، مؤكداً « أنّ المحافظة على الاستقرار هي مسؤولية الجانبين، وأنّ القوات الدولية جاهزة لمساعدتهما على ذلك».
اما اليونيفيل فلفتت في بيانها إلى « أنّ المناقشات تركّزت على ترتيبات الارتباط والتنسيق التي تضطلع بها «اليونيفيل» والآيلة إلى تفادي حدوث أيّ سوء فهم أو سوء تقدير على طول الخط الأزرق، وذلك من أجل ضمان استمرار مناخ الهدوء والاستقرار. وقد تمّ إيلاءُ هذا الاجتماع الثلاثي اهتماماً كبيراً بسبب الأعمال الهندسية الجارية جنوب الخط الأزرق والتي أعلن عنها سابقاً الجانب الإسرائيلي ».
وأفاد أنّ موقف «اليونيفيل» من أعمال البناء التي اقترحها الجيش الإسرائيلي هو أنّ أيّ نشاط قرب الخط الأزرق ينبغي ألّا يكون مفاجئاً، بحيث يتمّ الإخطار عنه بشكل مسبَق وكافٍ لإتاحة المجال للتنسيق من جانب الأطراف، وذلك لتجنّب أيّ سوء فهم ومنع وقوع الحوادث. وكانت المناقشات مفيدة وسمحت للطرفين بتأكيد مواقفهما. وتمّ الاتّفاق على مواصلة استخدام المنتدى الثلاثي لمعالجة هذه المسألة.
هدوء نسبي
وأكّد الجانبان أيضاً التزامهما مواصلة استخدام الآليات التي تضطلع بها «اليونيفيل» من اجتماع ثلاثي وارتباط لمعالجة أيّ مسائل يمكن أن تؤدّي إلى إمكان حدوث توترات، إلى جانب تقليل نطاق أيِّ سوء فهم بين الأطراف. كما أكّدوا مجدّداً دعمَهم لتنفيذ ولاية «اليونيفيل» بموجب القرار 1701 والفقرات العملياتية لقرار مجلس الأمن الدولي 2373».
وقال بيري: «لقد شهدنا مرة أخرى فترةً من الهدوء النسبي في منطقة العمليات منذ اجتماعنا الأخير. ولكن، كان هناك قدرٌ كبير من النشاط على طول الخط الأزرق. وأودّ أن أنوّه بضبط النفس الذي يمارسه الطرفان لناحية تخفيف التوتر والحفاظ على الاستقرار. لا أحد يريد العودة إلى فترة تصعيد التوتر وخرق وقف الأعمال العدائية».
وتجدر الاشارة إلى أن لبنان يعتبر أن الهدف من إقامة الجدار الفاصل على الخط الأزرق بدءاً من النقطة b-23، يهدف إلى تحقيق أطماع إسرائيل في الثروة اللبنانية المائية والغازية والنفطية الموجودة ضمن مياهه الإقليمية اللبنانية الممتدة ابتداءً من رأس الناقورة.
ويوجد نزاع بين لبنان وإسرائيل على الحدود البحرية في ما يخص منطقة على شكل مثلث تصل مساحتها إلى 860 كيلومتراً مربعاً وتمتد بمحاذاة ثلاثة من خمسة بلوكات طرحها لبنان في مناقصة عامة أوائل العام الماضي.
ووافق لبنان في كانون الأول على عرض من كونسرتيوم يضم توتال الفرنسية وإيني الإيطالية ونوفاتك الروسية لمنطقتين من مناطق الامتياز الخمس التي طرحها. وأحد البلوكات التي يشملها العرض وهو البلوك رقم تسعة يقع بمحاذاة المياه الإقليمية لإسرائيل.