بيروت ـ «القدس العربي» على وقع الشغور المستمر في سدّة رئاسة الجمهورية، تُراوح الحركة السياسية الداخلية مكانها، وسط خوف من انسحاب سياسة التعطيل التشريعي على العمل الحكومي، في ضوء عدم التمكّن الآن من إقرار ملف تعيين عمداء الكلّيات وتفريغ الأساتذة في الجامعة اللبنانية، ما يهدّد التضامن الوزاري.وأفيد أنّ رئيس الحكومة تمام سلام منفتح على إمكان الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء إذا تبلّغ من الاطراف المعنيين موقفاً يؤكّد تصميمهم على عدم تعطيل العمل الحكومي، ولكن أن يكون موقفاً حقيقياً لا موقفاً إعلامياً فحسب.
وأوضح الرئيس سلام أنه «لن يدعو الى جلسة جديدة لمجلس الوزراء ما لم يحصل تفاهم مسبق بين مكوناته على العودة الى الإنتاجية والتوقف عن التعطيل الذي جعل الجلسات الأخيرة للحكومة تصبح من دون معنى ولا جدوى».
وحذّر من «أن الإصرار على شل الحكومة سيقود الى التحلل التدريجي الذي سيؤدي بدوره الى الانهيار»، منبهاً من «أن الانعكاسات السلبية لتعطيل الحكومة لن تتوقف عند حدود الملفات المطروحة، بل ستطال الأمن في الداخل والخطط الأمنية، لأن تلاشي هيبة الدولة والشرعية سيتيح للعابثين بالاستقرار ان يُمعنوا في عبثهم «.وأبدى أسفه لكون «البعض استخدم معادلة «التوافق الإلزامي» التي أصر عليها داخل الحكومة للتعطيل وممارسة السلبية، في حين كان المقصود منها أن نتشارك جميعاً في الإنتاجية ومواجهة المرحلة الاستثنائية، لبنانياً وإقليمياً».
وقد سألت «القدس العربي» وزير البيئة محمد المشنوق المقرّب من رئيس الحكومة عن موقف الرئيس سلام من مسألة انعقاد جلسات مجلس الوزراء ومما يجري من تعطيل فقال «بخصوص الدعوة الى مجلس وزراء هذا الاسبوع فمن يُسأل عن الامر هو دولة الرئيس تمام سلام، وكان واضحاً عندما رفعت الجلسة السابقة أنه يترك فيها فسحة للتفاهم، اما اذا كانت الجلسة فقط لابداء الآراء في المواضيع من دون الوصول الى قرارات، فمع الوقت لا تعود هناك من حاجة الى الجلسات. وهناك أمور حيوية يجب البت بها، وكان هناك توافق حول مثل هذه المواضيع لجهة أنه إذا وجد مكوّن اساسي في بعض الامور ولاسباب واضحة ومحددة لا يريد بحثها اليوم فيستطيع طلب التأجيل ولكن يجب ألا نعتبر هذا الامر مقياساً، بحيث كل وزير يطلب ازالة هذا البند أو تأجيله لا نريد أن نخرّب الصيغة التي توصلنا اليها في موضوع التوافق في جو المادة 62 من الدستور التي أعطت مجلس الوزراء وكالة صلاحيات رئيس الجمهورية في زمن الشغور، وأحببنا أن يكون مجلس الوزراء بصدد اتخاذ قراراته بالتوافق».
ـ ولكن أليس بحجة هذا التوافق تتحوّل الحكومة اسيرة مواقف الوزراء بحيث يكفي لأي وزير تحت عنوان التوافق أن يعطّل مجلس الوزراء؟
ـ هذا الكلام فيه وجهة نظر، ولكن لنكن واقعيين نحن اليوم نعمل في اطار التوافق، وهذه الحكومة هي حكومة المصلحة الوطنية، وهناك ظروف ضاغطة واستثنائية في البلد وهناك شغور في موقع الرئاسة الاولى، ولذلك من واجبات هذه الحكومة أن يكون هناك أقصى درجات التضامن بمعنى أن يكون توافق على كل الامور الحيوية والملحة للبنان. ولا أعتقد أن هناك مشكلة عندما يحصل خلاف على قضية صغيرة غير ميثاقية أو كيانية.
ـ ولكن المشكلة الصغيرة تتحوّل الى كبيرة؟
ـ لم تكن قضية مهمة بقدر ما تحوّلت الى كباش كان يمكن أن تنتظر لتعالج في مجلس الوزراء.
ـ ولكن من قصد الرئيس سلام بقوله إذهبوا وإتفقوا ومن ثم نأتي الى مجلس الوزراء؟
ـ يقصد أنه بدل المجيء بهذا الموضوع الى مجلس الوزراء ونتناقش فيه ومن ثم نقول لسنا جاهزين لاقراره فلنجهزه ونأتي به…
ـ هل ستعقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع أم لا؟
ـ انا آمل أن تعقد جلسة ولكنني لست أكيداً من ظروف إنضاج هذا التفاهم بين القوى السياسية. لقد تركنا في الجلسة الاخيرة على اساس أنه يمكن متابعة هذا الموضوع خارج مجلس الوزراء أي في الكواليس على أمل معاودة طرحه في الجلسة المقبلة وحصل تقدم، وكان هناك في الجلسة السابقة اعتراض كتائبي ثم أعلن الوزير سجعان قزي أنه لم تعد لديهم مشكلة، وأعتقد أن هذه الامور وضعت في اطار من « قلّة الصبر» من الاطراف التي تعمل، ونأمل معالجتها، وأتصوّر أن دولة الرئيس سلام لن يأخذ قراراً قبل نضوج الامور.
ـ لقد أبدى معظم الوزراء بإستثناء وزراء التيار الوطني الحر اصرارهم على عدم تعطيل عمل الحكومة.
ـ وحتى وزراء التيار الوطني الحر أبدوا هذا الاصرار، والاشكال ليس على الاصرار على عقد الجلسات بل على بعض الملفات وكيفية طرحها واذا كان عليها معارضة أو لا …
ـ من يريد تعطيل عمل الحكومة وهل مصير جلسات مجلس الوزراء بات مرتبطاً بمصير عقد جلسة تشريعية؟
ـ لا أحد لديه مصلحة بالتعطيل، وجلسات مجلس الوزراء كانت مستمرة رغم عدم انعقاد جلسات لمجلس النواب. الآن المجلس النيابي يمر ايضاً بمرحلة حرجة وهناك التزامات للبنان مالياً مع الخارج بحاجة الى جلسات وهناك سلسلة الرتب والرواتب بحاجة ايضاً الى معالجة والغياب ليس مبرراً.
ـ هل بات ملف التفرغ في الجامعة اللبنانية حجة لتعطيل عمل الحكومة؟
ـ لا أريد أن أظلم ملف الجامعة أو الاساتذة ليسوا حجة بل هم أصحاب مطالب محقة، ولكن أثير هذا الملف وإذا إعتبره أحد حجة يكون هو قال ذلك. وكلمة التعطيل لم ترد في مجلس الوزراء ولا يمكن لأحد أن يقول أنا أعطّل مجلس الوزراء فهذا يشلّ الدولة.
ـ نقل عن الرئيس سلام ما فهم منه أنه غمز من قناة التيار الوطني الحر لجهة التعطيل أليس كذلك؟
ـ أعتقد أنه في ملف الجامعة كانوا مهتمين لأن يصدر في هذا الاسبوع، لا أريد القول أكثر من هذا.
ـ في حال عدم حصول توافق ماذا سيفعل الرئيس سلام؟
ـ آمل التوافق ولكن اذا لم يتم التوافق لماذا سيعقد الرئيس سلام جلسة لمجلس الوزراء؟
ـ هل يمكن أن يفضح الامور ؟
ـ أكيد، لا مشكلة لديه ومن يحمل مسؤولية من هذا النوع في هذه الظروف الاستثنائية يتحمّل كثيراً، والصبر الموجود عنده بدأ يصل الى مكان نشعر معه أنه آن الاوان للبت بهذه الامور ومواصلة العمل، ونحن نفتش عن انتخاب رئيس للجمهورية ولا يحاول أحد أن يضع المشكلة في مكان آخر.
وكان الرئيس سلام استقبل وزير التربية الياس بو صعب الذي طرح ملف التفــــرغ في الـجــــامعة اللبنانية واعتبر «أن الرئيس سلام بحكمته ومواقفه ينقذ كل الامور وليس لدينا أي نية بالتعطيل وكل ما حصل في آخر جلسة هو صرخة من الرئيس سلام لكي تسير الامور كما يجب».
سعد الياس