لقاء أردوغان ترامب… القمة الأولى من 3 قمم سترسم خريطة علاقات تركيا المستقبلية مع الغرب

حجم الخط
0

إسطنبول – «القدس العربي»: أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان أن واشنطن تدعم أنقرة في محاربة المنظمات الإرهابية لا سيما تنظيم الدولة وحزب العمال الكردستاني.
وأكد الرئيس الأمريكي في المؤتمر الصحافي الذي جمعه مع أردوغان عقب لقائهما في واشنطن، أن الولايات المتحدة تدعم أي جهود لخفض مستوى العنف في سوريا.
وفي ما يخص العلاقات الاقتصادية بين البلدين، أكد ترامب أنه يتطلع لإنعاش العلاقات التجارية بين واشنطن وأنقرة. من جانبه، قال الرئيس التركي إن العلاقات مع واشنطن تقوم على أسس الشراكة الاستراتيجية، مؤكدا أن زيارته إلى الولايات المتحدة ستشكل انعطافه تاريخية.
وقال أردوغان إنه اتفق مع الرئيس الأمريكي على الخطوات المشتركة التي يمكن اتخاذها في سوريا والعراق.
ولفت أردوغان إلى أن أنقرة طالبت واشنطن رسمياً بإعادة فتح الله غولن زعيم منظمة غولن الإرهابية، مشيراً إلى أنه شيناقش الأمر مرة أخرى خلال مباحثاتهما عقب المؤتمر الصحافي.
وتعتبر القمة التي جرت أمس الثلاثاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب الأولى من أصل 3 قمم تركية مع أمريكا والناتو والاتحاد الأوروبي خلال الأيام المقبلة سوف تحدد مستقبل العلاقات بين أنقرة والغرب بشكل عام خلال المرحلة المقبلة.
ومنذ محاولة الانقلاب الأخيرة شهدت علاقات تركية مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تراجعاً كبيراً، تزايد مع تصاعد الخلافات حول إدارة الأزمة في سوريا والعراق ودعم الغرب للوحدات الكردية، وتفجرت مع أوروبا بسبب الاستفتاء الأخير في تركيا حول التعديلات الدستورية والنظام الرئاسي.
ويتوقع أن تؤدي نتائج لقاء أردوغان ترامب، وما سوف تتمخض عنه اجتماعات حلف شمال الأطلسي «الناتو» ولقاءات أردوغان مع القادة الأوروبيين وما سيعقبها من قمة أوروبية تركية لم يحدد موعدها بعد سوف تؤدي إلى رسم خريطة علاقات جميع هذه الأطراف مع تركيا في ظل عدم وجود ما يدعوا للتفاؤل بحصول اختراق قد يؤدي إلى تحسين العلاقات بين هذه الأطراف.

الحلول الوسط في واشنطن

تنقسم آراء المحللين حول آفاق العلاقة المستقبلية بين تركيا والإدارة الأمريكية الجديدة، ففي حين لا يبدو هناك أي أمل بإمكانية تحقيق واشنطن لمطالب أنقرة لا سيما فيما يتعلق بوقف دعم الوحدات الكردية في سوريا وتسليم فتح الله غولن، يرى آخرون أنه من المستحيل أيضاً أن تلجأ إدارة ترامب إلى إغضاب أنقرة بشكل كامل وتركها تبتعد أكثر نحو روسيا والصين التي قدم منها أردوغان إلى واشنطن.
وفي هذا الإطار يبدو أن الحلول الوسط سوف تكون الخيار الأبرز للجانبين، فالإدارة الأمريكية لن تتوقف عن دعم الوحدات الكردية وسوف تعتمد عليها بشكل كبير في عملية الرقة المقبلة، ولكنها سوف تلجأ إلى تقديم ضمانات إلى أنقرة بضبط طريق الأسلحة الثقيلة المقدمة لها وبسحب الوحدات الكردية من الرقة وإبقاء العناصر العربية هناك.
كما يتوقع الساسة الأتراك أنهم سوف يحصلون على وعود من واشنطن تتعلق بتعزيز التعاون الاستخباري في الحرب على تنظيم الدولة الذي يحاول توسيع عملياته في تركيا، حيث عززت السلطات التركية إجراءاتها الأمنية بشكل كبير، الثلاثاء، على ضفتي مضيق البوسفور عقب «معلومات استخباراتية» بنية تنظيم الدولة شن هجوم صاروخي على السفن الحربية الروسية التي تمر من هناك.
كما ستعزز واشنطن تعاونها الاستخباري فيما يتعلق بتنظيم العمال الكردستاني داخل وخارج الأراضي التركية وربما تعطي الجيش التركي مساحة أوسع في تنفيذ عمليات عسكرية جوية وربما برية ضد التنظيم خارج الأراضي التركية، لا سيما وأن أردوغان يسعى للحصول على ضوء أخضر أمريكي للقيام بعملية ضد العمال الكردستاني في سنجار شمالي العراق.
وفيما يتعلق بتسلم فتح الله غولن الذي يتهمه أردوغان بقيادة محاولة الانقلاب، فليس هناك بالأفق أي مؤشر على احتمال تسليمه لأنقرة، والمطروح فقط مزيد من الوعود التي تتعلق بتسليم إثباتات جديدة وربما اتخاذ قرار بمنعه من السفر أو الإقامة الجبرية في حل ربما يرضي قليلاً من طموح أردوغان بمحاكمته داخل تركيا.

هل اقترب الحسم مع أوروبا؟

وبينا يبرز خيار الحلول الوسط مع واشنطن، لا ينطبق ذلك على السيناريوهات المتوقع مع أوروبا خلال المرحلة المقبلة، فبحسب الأحداث المتسارعة والتصريحات المتبادلة فإن اللقاءات المقبلة بين المسؤولين الأتراك والأوروبيين خلال الأيام المقبلة سوف تحسم بعض الملفات في العلاقة بين الجانبين.
فعلى هامش قمة الناتو في بروكسل بعد أيام، سوف يلتقي أردوغان كبار المسؤولين من الاتحاد الأوروبي لبحث الملفات العالقة بين البلدين، التي يتصدرها ملف انضمام بلاده إلى الاتحاد واتفاق اللاجئين ومنح حق اللجوء للمتهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب.
وفي الملف الأخير، وبعد اليونان حسمت ألمانيا أمرها ومنحت اللجوء لعشرات من الضباط الأتراك الأمر الذي أثار غضب أنقرة التي منعت نواباً ألمان، الاثنين من زيارة جنود بلادهم في قاعدة إنجيرليك الجوية على أراضها، ما دفع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى التأكيد على أن بلادها سوف تنقل جنودها إلى بلد آخر سيكون الأردن على الأغلب، وهي أول خطوة تشير إلى توجه الحسم في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
في المقابل أبدت تركيا موقفاً جديداً يشير إلى نية الحسم عبر رئيس الوزراء بن علي يلدريم، الذي طالب، الثلاثاء، ألمانيا بالاختيار بين تركيا و»الانقلابيين»، ولوح قبلها بيوم بالقول: «أمن أوروبا وشعوبها يبدأ من تركيا، وإن لم تتخذ التدابير الأمنية اللازمة في تركيا، فإن أوروبا لن تكون في أمان».
لكن الأبرز من اللقاءات التي سيجري على هامش الناتو، إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قبل أيام عن أن قمة موسعة سوف تُعقد قريباً بين أنقرة والاتحاد لبحث الملفات العالقة، ومن المتوقع أن يقدم فيها الاتحاد جواباً نهائياً حول نيته فتح فصول جديدة في ملف انضمام تركيا أم دفع أنقرة إلى إجراء استفتاء حول سحب ملف انضمامها كما هدد أردوغان في أكثر من مناسبة مؤخراً.
كما من المتوقع أن تحسم هذه القمة مصير اتفاقية اللاجئين الموقعة بين الجانبين، فتركيا تطالب من الاتحاد الإلتزام بتعهده برفع تأشيرة الدخول عن مواطنيها مقابل مواصلة التزامها بمنع تدفق اللاجئين، حيث من المتوقع أن تستثمر أنقرة حلول الصيف وانتظار عشرات آلاف اللاجئين لعبور البحر كورقة ضغط لاتخاذ قرارات سريعة من الاتحاد في هذا الإطار.

استمرار الجمود مع الناتو

أردوغان وفي تصريحات له قبيل سفره من الصين إلى واشنطن، قال إنه سيتحدث بصراحة إلى قادة الناتو في قمتهم بعد أيام، وسوف يسألهم إن كانوا ما زالوا حلفاء لتركيا أن لا، مضيفاً: «إذا كانوا حلفاء لنا يجب أن يتم تفعيل التعاون بشكل أكبر».
وتتهم تركيا حلف شمال الأطلسي بالتقصير في التعاون الاستخباري والأمني والعسكري معها على الرغم من الأزمات والتهديدات المحيطة فيها وخاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية، كما تتهم «الناتو» بالمماطلة في تقديم عروض له من أجل بناء نظام دفاع صاروخي «باتريوت» لها، وهو ما دفع أنقرة للبحث عن خيارات أخرى كان آخرها روسيا التي تنتظر منها أنقرة رداً نهائياً يتعلق بطلب شرائها منظومة إس 400 للدفاع الصاروخي.
وفي هذا الإطار، سيحاول الرئيس التركي كسر الجمود عبر التلويح بأن مماطلة الناتو في تحقيق مطالب تركيا سوف يدفعها أكثر نحو روسيا والصين وهو ما عمل عليه فعلياً أردوغان في روسيا والصين والهند قبل أيام، لكن دون تصور عن رد فعل الناتو الذي يبدو أنه سوف يواصل سياسة «الجمود» مع أردوغان الذي فضل سياسة «المناورة».

لقاء أردوغان ترامب… القمة الأولى من 3 قمم سترسم خريطة علاقات تركيا المستقبلية مع الغرب
اتفقا على محاربة تنظيمي «الدولة» و«العمال الكردستاني»
إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية