لا يمكن لنظام حكم قائم على العصبيات الضيقة، طائفية كانت أو مذهبية أو عشائرية أو قبلية أو قومية أو مناطقية أو عسكرية أو أمنية أن يبني دولاً مهما حاول. لا مكان لدولة العشيرة أو الطائفة أو القبيلة أو القوم أو الجيش في الفكر السياسي الحديث. هذه نماذج ليس لدول، بل لعصابات. ومهما امتلكت العصابة من قوة، فلا بد أن تنهار في يوم من الأيام. لكن الكارثة الكبرى أن العصابة لا تنهار بمفردها، بل ينهار معها الكيان الذي صنعته، وحكمته بعقلية العصابة. انظروا إلى الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن والعراق لتروا بأنفسكم بأن حكم العصابات ما هو إلا وصفة كارثية لتدمير الأوطان وتشريد الشعوب.
بلادنا تحصد الآن ما زرعه نظام الطوائف والمذاهب والأقليات والعصابات والعشائر والقبائل والأحزاب العنصرية والميليشياوية. وبالتالي، فلا يمكن لبلادنا المنكوبة أن تنهض ثانية إلا بأنظمة حكم حديثة، وبعقلية الدولة حصراً. ولا ننسى أن أهم اختراع إنساني على مدى القرون الماضية هو «الدولة»، فهو أفضل اختراع لإدارة شؤون البشر، وخاصة المختلفين طائفياً وعرقياً ومذهبياً وعنصرياً وقبائلياً.
البعض يرى أن الحل في سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال وغيره يكمن في تقسيم البلاد، أو الطلاق بين مكوناتها الطائفية والمذهبية والقومية. وهذا ليس حلاً، بل إمعان في التشظي والتشرذم والتقوقع، بل يخدم استراتيجية من حكمنا بعقلية العصابات. فالكيانات الحديثة ليست كيانات قزمية ضيقة، بل تكتلات ضخمة. فلا محل من الإعراب للكيانات الصغيرة في عالم العملاقة والاتحادات الكبرى. حتى الدول الحقيقية لم تعد قادرة على الصمود في هذا العالم العملاقي، فكيف بدول الطوائف والقبائل والعشائر والعصابات. لاحظوا أنه حتى الدول الغربية الحقيقية انضوت تحت لواء الاتحاد الأوروبي، مع العلم أنها تمتلك كل مقومات الدول الحقيقية، مع ذلك آثرت التكتل تحت لواء تجمعات أضخم وأكبر. فكيف إذاً يطالب البعض في بلادنا المتشظية بتشكيل دول قزمية على أسس طائفية ومذهبية وقومية ضيقة، أو على أساس استئصال الطرف المعارض طائفة كانت أو قبيلة أو مذهباً دينياً؟
الحل في كل البلدان المنكوبة بالصراعات الداخلية لا يكمن في استئصال طرف لآخر، ولا في الطلاق بين الطوائف والمذاهب والأعراق، بل في تحقيق المواطنة الحقيقية، بحيث يصبح الجميع مواطنين متساوين، وليس طائفيين أو مذهبيين أو عشائريين أو قبليين أو عنصريين متناحرين. فإذا تحققت المواطنة لن يعود أحد يتمترس وراء طائفته أو مذهبه أو عرقه، بل تذوب الفروق المذهبية والعشائرية والقبلية والطائفية والمناطقية في مبدأ المواطنة. وهذه عملية قد تبدو صعبة وغير سريعة، لكن إذا توفر العزم والإرادة لدى النخب الحاكمة ستتحقق المواطنة بسرعة بعد الثورات. لكن طالما الأنظمة تتصرف بالبلاد كمزارع خاصة، وتفضل عشيرتها أو طائفتها أو قبيلتها أو جماعتها على بقية الطوائف والمذاهب والجماعات، فاعلم أن الشعب سيتصرف بنفس الطريقة. سيتقوقع على نفسه، وسيتمترس وراء انتماءاته الضيقة تماماً كما يفعل الحاكم الطائفي أو القبلي أو العشائري أو العنصري أو الأمني. بعبارة أخرى، فإن سبب المصيبة في بلادنا هم الحكام، لأنهم القدوة. فعندما يتصرف الحاكم على أساس وطني عام، سيحذو الجميع حذوه. وعندما يهتم بطائفته ويعطيها أعلى المناصب، ويرمي بالفتات لبقية الشعب، فيصبح الجميع يعمل بمبدأ: «كل مين إيدو إلو». إذاً المشكلة في النظام.
أمريكا مثلاً عبارة عن شركة مساهمة وليست أمة، لأنها مزيج غريب عجيب من الملل والنحل والطوائف والأعراق والقوميات والأعراق المختلفة، لكن لا أحد يتمترس وراء عرقه أو طائفته في أمريكا، لأن انتماءه الضيق ذاب في المواطنة. فالجميع ينظر إلى نفسه في أمريكا والغرب المتطور كمواطن، وليس كمسيحي بروتستانتي أو كاثوليكي أو انجليكاني أو كمسلم أو يهودي أو بوذي أو شيعي أو سني أو درزي. لماذا؟ لأنه يحصل على حقوقه كباقي مكونات المجتمع.
إن أول شيء يجب فعله في بلادنا المنقسمة على نفسها البدء فوراً في تحقيق مبدأ المواطنة. نعلم أن ذلك ضرب من الأحلام في الوقت الحالي. لكن صدقوني، فقد مرت الأمم المتقدمة بمرحلة التناحر الداخلي قبلنا، وخسرت الملايين من شعوبها جراء التطاحن والاقتتال والحروب الأهلية، لكنها عادت، وبنت دولة المواطنة لتصبح في المقدمة سياسياً وصناعياً وثقافياً واجتماعياً. عندما يصبح لدينا حكام وطنيون يفكرون بالوطن، لا بالطائفة أو العصابة أو الجهاز الأمني، عندئذ ستختفي صراعاتنا وثوراتنا. لاحظوا أن البلدان التي بنت دولة المواطنة لم تشهد ثورات ولا صراعات داخلية منذ زمن بعيد. وقد زاد تماسكها الداخلي بعد الحرب العالمية الثانية.
لا مكان لدولة العصابة أو الطائفة أو القبيلة أو القوم أو الدين أو العراق أو الجيش أو الأمن بعد اليوم. وكل من يحاول إعادة تأهيلها فهو يؤسس لحروب وصراعات أهلية جديدة. صحيح أن يوغسلافيا حلت صراعاتها الداخلية بالتقسيم والانفصال. لكن ما محل الدويلات الجديدة التي حلت محل الاتحاد اليوغسلافي من الإعراب على الخارطة الدولية؟ من منكم سمع بجمهورية «الجبل الأسود» أو «مونتينيغرو»؟ لا شك أنكم الآن سارعتم إلى فتح موقع «ويكيبيديا» للتعرف على هذه الدويلة المتشظية من يوغسلافيا السابقة.
تصبحون على دولة!
٭ كاتب وإعلامي سوري
[email protected]
د. فيصل القاسم
عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم
(تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها إذا ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت)..
ثم تكون ملكا” ، والمعنى : ثم تنقلب النبوة خلافة أو تكون الحكومة أو الإمارة خلافة أي بنيابة حقيقية على منهاج نبوة أي طريقتها الصورية والمعنوية ما شاء الله أن تكون أي الخلافة وهي ثلاثون سنة على ما ورد، ثم يرفعها الله تعالى ثم تكون ملكا عاضا، أي: يعض بعض أهله بعضا كعض الكلاب فيكون ـ أي الملك / أي الأمر ـ على هذا المنوال ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله تعالى أي تلك الحالة ، ثم تكون( أي الحكومة) ملكا جبرية أي: جبروتية وسلطنة عظموتية فيكون ـ أي الأمرـ على ذلك ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله تعالى( أي الجبرية) ثم تكون أي تنقلب وتصير خلافة ، وفي نسخة بالرفع أي تقع وتحدث خلافة كاملة على منهاج نبوة أي من كمال عدالة ، والمراد بها زمن عيسى عليه الصلاة والسلام والمهدي رحمه الله
بعد سبع ( ثماني ) سنوات تصبح مائه سنه على الجحيم ( الربيع ) العربي الاول..والاتي اعظم.. وسلم على كل الطغاه كان من كان وان كانوا يتسترون خلف الدين..ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمه انك انت الوهاب الرحيم ..والسلام على من اتبع الهدى
لا وجود لمصطلح الوطن في الاسلام …. فالاسلام لا يصنع الحدود بين المسلمين انما هنالك امة اسلامية تعيش على مساحة ملايين الكيلومترات … من اندونيسيا مرورا بباكستان وانتهاء بالمغرب … كلها امة اسلامية ….
لاننا قبائل غير جديرة في الحياة
لابد من دوله مدنيه كافله لحقوق الجميع كما اكد سماحة المرجع العربي العراقي الحسني الصرخي ؟ دوله يسود فيها القانون وسلطة الدوله هي الحاكمه بعيدا عن المحاصصه والطائفيه المقيته ؟؟ مقال رائع تحياتي للكاتب
لاننسى انه يوجد من يضخ الطائفية ويؤججها فمثلا ايران الان نراها اسست ودعمت وغذت الطائفية المقيته
كما قلت سيدي ان الدول الاوربية رغم امتلاكها مقومات الدولة الا انها انضوت تحت كيان اكبر _الاتحاد الاوربي_ونطمح ان دولنا العربية تكون تحت دولةالوطن العربي الكبير وهذه الفكرة قدحها السيد الصرخي الحسني عندما سمى نفسه(العراقي العربي)التي اغاضت الاعاجم واذنابهم