لماذا تتقارب السعودية مع إيران؟

حجم الخط
23

تتزايد الإشارات على وجود أخذ وردّ دبلوماسيّ بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكذلك بين الأذرع السياسية والعسكرية للطرفين، وهو ما انعكس تغيّرات ملحوظة في أكثر من بلد يتجابه فيه الطرفان.
يمكن قراءة بعض هذه الإشارات في تقرير ينشر اليوم في «القدس العربي» يظهر تأكيد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن الدبلوماسيين الإيرانيين والسعوديين سيزورون الرياض وطهران بعد انتهاء موسم الحج، وهو أمر كانت قد سبقته أنباء على لسان وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي الذي صرّح أن السعودية طلبت من بلاده التوسط بين الرياض وطهران حيث تلقت إيران الطلب بشكل إيجابي ووعدت السعودية بالتجاوب مع شروط إيرانية.
ورغم أن جهات مسؤولة في البلدين نفت الأمر لكن الحراك الدبلوماسي استمرّ، فبعد استقبال الرياض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ووزير داخليته المذكور، عادت فاستقبلت الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، كما أن وزيري الخارجية السعودي عادل الجبير والإيراني محمد جواد ظريف تصافحا على هامش اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول وقال التلفزيون الإيراني إن الجبير هو الذي بادر بالتحية وأنه اقترب من ظريف واحتضنه.
تلعب روسيا، في هذه الأثناء، دور الدولة الراعية للتقارب بين البلدين، فحسبما أعلنت وسائل إعلام روسية أن وزارة الخارجية الروسية وجهت دعوة للسعودية وإيران لعقد اجتماع مشترك برعاية ووساطة موسكو.
لاحتمالات التقارب أسباب عديدة داخليّة وخارجية. على الصعيد الداخلي فإن أكثر ما يهمّ القيادة السعودية الحاليّة هو تمرير خطة توريث وليّ العهد محمد بن سلمان، وهذا يقتضي تخفيض بؤر التوتّر داخل السعودية وعلى حدودها، وفي هذين الملفّين هناك تأثير كبير لإيران، التي تعلّمت هي أيضاً، على ما يبدو، من تصعيدها الكبير إثر إعدام الزعيم الشيعي نمر النمر، الذي أدّى لاقتحام سفارة السعودية في طهران، أن تتعامل بحذر شديد مع الشؤون الداخلية السعودية، والملاحظ أن حدثاً غير بسيط، كهدم الحي القديم في بلدة العوّامية الشيعية لمطاردة المسلحين وهروب آلاف السكان منها، مرّ من دون ردود فعل إيرانية تذكر.
أما على حدودها اليمنية فالملاحظ إن الحوثيين، الذين صعّدوا كثيراً في الأسابيع الأخيرة ضد السعودية، أصبحوا حاليّاً شديدي القلق والانشغال من انقلاب حليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح ضدّهم، وإذا حصل هذا الأمر فعلاً فلا يمكن أن يتمّ من دون علم السعودية أو موافقتها الضمنية عليه.
إشارات الأخذ والردّ السعودية ـ الإيرانية امتدّت إلى الساحة السورية حيث رأينا تغيّراً مشهوداً في الموقف السعودي من «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة التي طُلب منها فتح أبوابها لما يسمى منصتي موسكو والقاهرة اللتين تضمّان سوريين أكثر قرباً من النظام السوريّ وأكثر استعداداً لقبول استمرار بشار الأسد في السلطة.
لا يمكن فصل إشارات التقارب هذه عن الموقف الأمريكيّ الرماديّ في هذه المنطقة، فالضجيج الكبير الذي رافق زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى السعودية في أيار/مايو الماضي حول مواجهة إيران انحسر بسرعة لتستفيق المنطقة بأكملها على… مواجهة كبرى مع قطر!
تمخّض جبل الصراع مع إيران لتبقى في شبكة ما سمّي بـ»دول الحصار»، خطط غير قابلة للتطبيق في الموضوع الفلسطيني، وأحاديث الصفقات الخلّبية مع الشركات الأمريكية، وظهور خطوط جديدة للصراع في اليمن وسوريا وليبيا، مع تشدد أكبر مع الحركات الإسلامية السنّية.
خلف الخطوط أيضاً بدأ يتّضح الدور الإماراتيّ في كل ما يحصل، فوراء خطابات البلاغة الشديدة ضد إيران هناك خطوط التجارة الهائلة المفتوحة معها، ووراء القتال ضد الحوثيين هناك تفتيت لجبهة الرئيس اليمني منصور عبد ربه هادي وتعويم هادئ للرئيس المخلوع علي صالح، ووراء الصراع مع النظام السوري بدأت تتضح خطوط تسوية تقبل ببقاء بشار الأسد… أي باختصار إعادة النظام العربي القديم برموزه السابقة وإنهاء تامّ لأي اعتراض عليه.
وهذا كلّه يفسّر (أو لا يفسّر) هذا التقارب السعودي مع إيران!

لماذا تتقارب السعودية مع إيران؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    قطر سبقت السعودية حيث قررت إرجاع سفيرها لطهران بالأمس !
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول Usa:

      وما الغلط في ذالك؟

  2. يقول الكروي داود:

    نعم هناك حرب غير مباشرة بين إيران والخليجيين العرب من خلال تسليح عصابات (من طرف إيران) لزعزعة الوضع هناك
    والذي يجري باليمن دليل واضح على هذه الحرب من خلال الإمدادات العسكرية الإيرانية للحوثيين !
    ولكن
    لا أحد منهما يريد الحرب المباشرة بسبب الدمار الهائل الذي سيدفعه الطرفان كما جرى في حرب الثمان سنين بين إيران والعراق
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول Usa:

      الجميع يعرف ذالك

  3. يقول المنياوي:

    ايران دوله ذات نظام سياسي قوي وحققت انجازات سياسيه واقتصاديه وعسكريه ضخمه وكل ذلك شكَل منظومة نفوذ ضخمه و مُتشابكه بينما المملكه العربيه السعوديه ما زالت تراوح مكانها منذ ايام الملك عبد الله بن عبد العزيز ولا نكاد نرى في يدها اوراق قوه ذات قيمه . ايران ليست في عجله من امرها ولا يهمها ولا ضمن اهتماماتها استقرار محمد بن سلمان في وظيفته .

  4. يقول سالم ربيع:

    في علاقات الدول ليس هناك عدو دائم او صديق دائن بل مصالح دائمة فليكن هذا الحال بين السعودية وايران وامكانيات التبادل التجارى بين دولتين كبيرتين ولا غناء لإيران عن أسواق السعودية وبالتالي دول الخليج والحال نفسه بالنسبة للسعودية ودول الخليج فأين ستبيع السعودية منتجاتها ونحن نعلم السياسات الحمائية الخفية في دول اوربا وأمريكا.
    ونقول وبكل صراحة لا فائدة من قيام السعودية ودول الخليج بمعاداة ايران مجاملة منها لأمريكا ولأمريكا نفسها اتصالاتها السرية بايران ومما هو معلوم ان شركة بوينج تمارس ضغوطا كبيرة لصالح ايران حرصا منها على صفقة طائرات ز
    هذا وهناك في العلاقات الوطيدة بين السعودية ودول الخليج وايران مصلحة لجميع المسلمين ولعلها تضع حدا للصراع بين الشيعة والستة وعمليات التقتيل التي سهدنا من قبل

  5. يقول جواد ظريف:

    لقد قلت في تعليق سابق أن السعودية ستركز علي قطر في المرحلة المقبلة و من مبدأ حارب أعدائك واحدا واحدا جعلها تخفف الاحتقان مع الآخرين وتعطي أولوية لقطر التي زاد التعاطف معها وقاومت و اتبثث انها ليست لقمة سائغة كما كانوا يعتقدون وعدم سقوط قطر بسرعة جعل السعودية تتخلي عن مشروعها في سوريا وقبولها بالأسد والتقرب الي طهران وتركيا مؤقتا املة أن تفكك حلفهم مع قطر . قطر التي يجب أن تنتبه جيدا للمعركة القادمة لأنها ستكون معركة حاسمة.

  6. يقول محمد محمد سالم (موريتانيا ):

    للقوم (حكام السعودية وإيران )عدو مشترك ، يهدد أنظمتهم ، هذا العدو هو : ” الديمقراطية ” وإشراك الناس فى تسيير شأنهم ! وبما أن الأحزاب ذوى المرجعية الإسلامية ، هي الأكثر تنظيما وبروزا فى مواجهة الإستبداد والفساد ، فإن القضاء عليها يمثل هدفا مشتركا لحكام طهران وأبو ظبي ، والآن تلتحق سعودية ابن سلمان بالقوم بعد تردد لعوامل داخلية وتاريخية ومذهبية! و ” القوم لا يعادون” الإسلام ولا الحركة الإسلامية ، إنما يستهدفون الإصلاح و إيقاظ الناس من غفلتهم ، تحت أي راية كانت تلك الدعوة! فعالم يكفر نصف الأمة ويبدع النصف الآخر ، لكنه يجعل طاعة ” ولي الأمر ” شرط صحة الإعتقاد! يعتبر عند هؤلاء رمز ديني يجسد ماكان عليه السلف ، عند إخوتنا فى نجد! وأشعري ، ماتريدي عند ” أصحابنا ” جماعة أغروزنى! باختصار ” القوم ” يستهدفون الأمة !

  7. يقول Usa:

    قطر هى الدولة الوحيدة في الوطن العربي التي تطورت وسياستها تعمل لمصلحه االامه ولذلك هي تحت الحصار ولا حول ولا قوه الا بالله

  8. يقول سعيد الدوسري:

    السعودية تلهث لاستعادة العلاقات مع إيران حفاظا على مستقبل الشاب الأمير محمد بن سلمان

  9. يقول محمد السوري:

    باختصار شديد لقد تبين لحكام السعودية انه ليس لديهم ورقة ضغط يمارسونها علو الآخرين سوى ورقة النفط ولكنهم وبعد ان أصبحت امريكا مكتفية من النفط ذاتيا وبعد ان تم إغراق السوق بكميات كبيرة من النفط وانخفاض أسعاره الى النصف الى درجة انه لم يعد يكفي لتغطية مصاريف أبناء العاىءلة الحاكمة في السعودية اكتشفوا ان ورقة ضغطهم الوحيدة قد احترقت وان رقصهم وحنجلتهم لترامب لم تأتي بنتيجة ولهذا وحرصا على بقاء ابن سلمان (ولياً) لمنابع النفط فقد قرر حكام السعودية الركوع لطهران قبل ان تركعهم والسلام عليكم ورحمة الله

  10. يقول عبدالله:

    ما هذا الا الاعتراف بمن هو الفائز !!!

    والعرب سيعودون الى ما يتقنوه : المحافظه غلى الحكم ويا دار ما دخلك شر !!

    انا شخصيا لا ارى الا هدنه قصيره وستعود العداوه اشد من قبل .

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية