هي ليست بالتأكيد ليبيا وهي ليست بالقطع ايضا السودان أو إثيوبيا. لكن من باستطاعته الآن أن ينكر أو ينفي أن لا يكون للأحداث التي تحصل فيها أثر يعادل أو يوازي أثر الأحداث التي تحصل في تلك الدول، على مصر إن لم يكن يفوقه ويتخطاه بدرجات؟
ألم تعد تونس الصغيرة منذ سنوات مصدر قلق خفي وغير معلن لجنرالات بلد المئة مليون نسمة؟ لنتأمل فقط مشهدا بسيطا حصل العام الماضي وتكرر هذا العام، في نسخة تكاد تكون طبق الأصل. فبشكل مفاجئ وغير مألوف قطع رئيس النظام المصري في يناير الماضي خطابه في الاحتفال بذكرى عيد الشرطة ليتحدث عن تونس التي كانت تمر حينها بما كان يطلق عليه الإعلام موجة احتجاجات اجتماعية. وفي مشهد سينمائي كان على غاية من الدقة والاحترافية، ونقل على التلفزيون الرسمي، وقف ليردد بنبرة درامية حزينة: «حافظوا على بلدكم فالأوضاع الاقتصادية صعبة في جميع دول العالم»، قبل أن يضيف أنه «على جميع التونسيين العمل من أجل الحفاظ على وطنهم، حتى لا تصل الامور إلى أسوأ مما سبق».
ولأجل أن لا يحمل أحد دعوته أكثر مما قد تحتمل، فلم يفوت عبد الفتاح السيسي الفرصة ليقول بعدها إن «حديثي عن الشعب التونسي لا يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية، وانما رسالة لشعب كان فضله كبيرا على ما حدث في مصر».
لكن الدعوة المصرية التي أثارت حينها نقاشا محليا واسعا، ألقت شكوكا حول نجاح زيارة رسمية كانت الأولى التي قام بها قائد السبسي في وقت سابق للقاهرة، في كسر جمود علاقة عرفت ركودا واضحا منذ الانقلاب على الرئيس محمد مرسي وفي مدى توفق الرئيس التونسي، الذي كان حريصا على التأكيد خلالها في مؤتمر صحافي بقصر الاتحادية على «أننا نؤمن في تونس بمبدأ أن أهل مكة أدرى بشعابها، وأن لا تدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة من الدول»، في إقناع مضيفه بصدق وسلامة نوايا بلده في فتح صفحة جديدة، وإدارة الظهر للخلافات التي برزت بين الجانبين، خصوصا إبان حكم الرئيس المرزوقي. وعلى العكس من ذلك فقد كانت مؤشرا على أن سياسة النأي بالنفس، التي اتفق عليها الجانبان خلال تلك الزيارة، سقطت فعليا عند الاختبار الأول، وتبين أن المصريين لم يقتنعوا بالوقوف عند حد تصريح قائد السبسي، بل باتوا يفضلون التعامل وفق القاعدة التي تقول إن «خير وسيلة للدفاع هي الهجوم»، وإنهم ليسوا على استعداد، كما فهم من بين سطور حديث السيسي في عيد الشرطة، لأن يتساهلوا ويخاطروا بانتظار انتقال العدوى التونسية لبلدهم، حتى يتحركوا بعدها، بل إن ما يفضلونه هو الانتقال فورا إلى مهاجمة الخطر وضربه قبل أن يشتد عوده ويصبح خارج حدود السيطرة.
لكن ما الذي جعلهم لا يطمئنون تماما لتطمينات وتأكيدات الرئيس التونسي؟ وما الذي يخيفهم تحديدا من تونس التي تبعد عنهم مئات الكيلومترات؟ وهل أن هذا البلد الصغير يمكن أن يثير بالفعل كل قلقهم وانشغالهم؟
لا تملك تونس بالطبع حشودا عسكرية ضخمة تعادل أو تقارب قواتهم، وليست لها موارد أو قدرات تجعلها منافسا مفترضا لاي بلد، فضلا عن أن المشاكل والأزمات المستمرة التي تتخبط فيها لا تجعلها تطمح أو تفكر لا في تصدير ثورتها، ولا في الحصول على زعامة، أو دور يفوق حجمها أو وزنها الاقليمي. غير أن نقطة قوتها الوحيدة تقريبا هي انها بقيت، رغم كل الاضطرابات والهزات حالة فريدة واستثناء ديمقراطيا عربيا نادرا. والإشكال هو أن الأمر بدا منذ سبع سنوات أشبه بصراع مرير بين أن يذوب ويتلاشى ذلك الاستثناء تماما في القاعدة، وبين أن يحافظ على فرادته ووجوده، ويغير القليل إن لم يكن الكثير منها.
لقد ظل الجميع تقريبا بانتظار لحظة الانكسار والسقوط، رغم أن الرئيس التونسي الحالي كان كثيرا ما يفخر بأنه ردد ذات مرة امام قمة السبع الكبار، أنه لا وجود على الاطلاق لربيع عربي، وان كل التطورات التي حصلت قبل سنوات لم تكن سوى بوادر لربيع تونسي فحسب، لكن هل كان النجاح النسبي والمحدود لذلك الربيع يشكل بالفعل خطرا وتهديدا على دول أجهض ربيعها وسحق تحت أقدام العسكر؟ إن سألنا اي تونسي عما كسبه في السنوات السبع الاخيرة فسيقول من دون تردد انه كسب صوته وصار قادرا على التعبير الحر عن كل ما يشغله وكل ما يريده ولا يريده. وهذا المكسب الذي يهون منه معظم جيران تونس، هو ما يجعلهم يفعلون المستحيلات من أجل ألا ينتشر ويتوسع ويصير ربما القشة التي ستعصف يوما بأنظمتهم وتطيح بها. لكنهم لا يستطيعون الكشف أبدا عن مثل تلك المخاوف. فمن السهل على النظام المصري مثلا أن يقول لشعبه إنه يواجه خطرا ارهابيا في سيناء، أو على الحدود الليبية، أو انه بصدد التصدي لمؤامرة إثيوبية أو صهيونية للسيطرة على حصته من مياه النيل، ولكن ليس بمقدوره أبدا أن يلمح أو أن يكشف بأي شكل من الأشكال عن قلقه وتوجسه من التمدد السريع لفيروس الحريات الذي ضرب تونس ومن احتمال وصوله القريب إلى عقر داره.
والطريقة الوحيدة التي يستطيع فعلها لدرء تلك المخاوف والتصدي المبكر لها، هي إما التباكي على الاستقرار الذي فقدته تونس في ظل الحريات، مثلما فعل السيسي العام الماضي، أو الخروج باستنتاجات قطعية بأن الأحداث الظرفية التي تمر بها تدل بشكل جازم لا يقبل الطعن والتشكيك على الاطلاق على فشل التجربة وسقوطها، مثلما فعل عمرو اديب وهو واحد من رموز الاعلام المصري الموجه قبل ايام، حين قال في برنامجه التلفزيوني «كل يوم» «لقد كانوا يقولون لنا دائما إن الثورة أو الربيع العربي الذي نجح هو الربيع التونسي، وإن تونس هي نموذج الثورة التي نجحت، وهي تضم حكومة فيها الاخوان والليبراليين، وهو أمر فشلنا نحن فيه. ولكن ومنذ أربعة ايام هناك اضطرابات كبيرة جدا في تونس في اكثر من عشر مدن تونسية لاسباب اقتصادية وسياسية، لكنها في الغالب لاسباب سياسية»، قبل أن يتحدث عن حالة النهب والفوضى في شوارع تونس في أعقاب الأحداث الأخيرة، وعن أن الحكومة تعتبر كل المتظاهرين مخربين، وانها تلقى باللائمة في كل ما يحصل على المؤامرات الخارجية.
لكن التساؤل الذي يبقى قائما بعدها هو هل أن ذرف دموع التماسيح على الاستقرار التونسي المهدد والمغالطة والتشويه الإعلامي المقصود سيقنع التونسيين بالتنازل عن حرياتهم، والبحث عن جنرال مخلص يحقق لهم استقرارا ورفاها ونموا اقتصاديا عجز السيسي عن تحقيقه؟ وهل أنه سيجعل المصريين بالمقابل قانعين وراضين بحالهم ومسلمين مصيرهم ومستقبلهم لحكم العسكر؟
حتى الجنرالات الذين يصدرون ازماتهم إلى ليبيا والسودان وإثيوبيا لا يتوقعون ذلك رغم كل ما يفعلونه لحجب قلقهم وانشغالهم مما يحصل في تونس.
كاتب وصحافي من تونس
نزار بولحية
تونس تمر بفترة مخاض عسير وستجني حتما ثماره في شكل حريات فردية وجماعية تكون إطارا يحميها من مصادر الاضطراب الداخلية والخارجية. مصر لم تبدأ السير بعد على هذا الطريق. أرجو لهما التوفيق.
قبل ان نعطى الدروس للمصريين الذين هم أحرار فى بلادهم ….انقلاب …ثورة …انا كتنونسي احترامى الاصدقاء المصريين لا يهمنى الوضع المصرى فى شئ لأنهم الأقدر على تقييم و ادارة وضعهم وفق مصالحهم الوطنية…
نحن كتونسين كيف نقيم وضعنا بعد 7 سنوات من العويل و الصياح و العنتريات الفارغة و الشعبوية البائسة التى ابتلينا بها ….؟
لقد اكتسبنا و هذا ليس انجاز لأحد و خاصة من حكموا بعد حادثة البرويطة… حرية التعبير بكل اشكالها و ما ادراك ما حرية التعبير ……
فأصبحت هناك حرية الثلب و حرية التكفير و حرية الدعوة للقتل و حرية رفض الدولة التونسية ككل بدستورها و علمها و تاريخها و حاضرها و مستقبلها ….حرية ضرب و منع العمل و ليس حرية العمل ….حرية السلب و النهب فى وضح النهار و بوجوه مكشوفة ….حرية السفر إلى بؤر الإرهاب…حرية الخطب الدينية التى دعت إلى تفسير هؤلاء الشباب و تحويلهم إلى مجرمين قتلة…حرية الدفاع عن هؤلاء…. حرية تكوين جمعيات تمول و تغطى على الارهابيين و تدافع عنهم و عن انجازاتهم ……حرية التهريب و الدفاع عنها…. حرية التخريب و الدفاع عنه حرية جلب دعاة الخراب و الفتنة و الارهاب….و…..و….و فى النهاية حرية تدمير الدولة الوطنية التى بنيناها يعرف الجبين و نحت الحجر بالأظافر….
هذه الإنجازات و الباقى ….صفر على اليمين و صفر على اليسار و صفر فى الوسط ….. و هنا لا استثنى أحد خصوصا من انتخبناهم على اساس إرجاع هيبة الدولة و محاسبة الذين عملوا و ساهموا فى انحدار الدولة و تهديد كينها و فى الأخير وجدناهم يتبادلون القبل معهم…….
النظام السياسي البرلمانى التعيس فى تونس يجب ان يتغير انتهى باسطا …يجب التحول إلى نظام رئاسي قوى و عادل ينتخب رئيسه التونسيين بكل ديمقراطية وفق برامج واضحة…واول هذه البرامج هو ارجاع قيمة العمل و هيبة الدولة و محاسبة كل الذين اجرموا فى حق الدولة و الجمهورية قولا و فعلا و من هنا يمكن ان نبدأ بأعطاء الدروس للآخرين….اما اليوم رجاءا علينا أن نهتم بشؤوننا أفضل و نترك المصريين يهتمون بشؤونهم …..تحيا تونس تحيا الجمهورية و لا ولاء إلا لها
الشعب المصرى ينظر باحترام على ما حدث ويحدث فى تونس
تونس بلد عدد سكانه قليل
ولكن نسبة التعليم والثقافة مرتفعه عن معظم الدول العربية
ونظرًا لقرب تونس من أوربا
ووجود جالية تونسية ناشطة فى أوربا وخاصة فرنسا
وموقع سياحى نموذجى
جعل من تونس بلد مستقبله باهر وواعد
لماذا يهتم المصريين بما يحدث فى تونس ?
السبب هو هناك كثير من التشابه بين البلدين
اولا قام الشعبين بثورة على انظمه فاسده
ثانيا ركب الاخوان المسلمين فى البلدين الموجة
وحاولوا يستولوا على الأوضاع فى البلدين
فى مصر بعد عام واحد تخلص المصريين من كابوس الاخوان
فى تونس أخذا اخوان تونس درس من ما حدث لإخوان مصر وتراجعوا مؤقتا انتظارا لفرصة جديدة تتيح لهم
السيطرة على
مفاصل الدولة التونسية
٣ الاقتصاد التونسى مثله مثل الاقتصاد المصرى يعتمد بشكل كبير على السياحة
ونظرًا للأعمال الإرهابية فى البلدين وهذا ضرب قطاع السياحة وأصبحت الأحوال الاقتصادية صعبة على الشعبين
واصبح أحسن الحلول للتغلب على العجز المالى هو تطبيق روشتة صندوق البنك الدولى
نجحت مصر فى تمرير الروشتة فى مصر بدون قلاقل
اما تونس فحدث بعد القلاقل
بواسطة الجماعات الثورية اليسارية والعمالية
وهذا طبيعى فى كل العالم
وبواسطة البعض من جماعة الاخوان من وراء الستار
والغرض استغلال الفرصة للوصول للهدف المبتغى
وهو السيطرة على تونس من جديد
ولهذا يهتم المصريين بما يحدث حاليا فى تونس
وإذا نجح الشعب والحكومة التونسية فى اخماد وإطفاء نار المظاهرات
ونجح الإصلاح الاقتصادى
سوف يكون ذالك نجاح عظيم لتونس الخضراء ارض الياسمين وبداية النهاية لجماعة الاخوان فى تونس
كل ديكتاتورية تخاف من عدوى الديمقراطية كما هو الحال بين مصر وتونس التي ترفض حكم العسكر والتضييقات الاعلامية فالشعب المصري يتمنى أن يكون له نفس حيز الحريات كما هو الشأن في تونس في حين ترتعب الحكومة المصرية من مجرد التفكير في هذه الفرضية فرغم تعثر الخطوات في تونس الا انها تبقى ضمن مسار ثوري لابد ان يكتمل يوما ما مادام هناك مجال للنشاط والفكر وحرية التعبير
التّونسيّون لا يعطون دروسا لأحد ، ولكنّهم بالمقابل يرفوضون تلقّي الدروس من أحد خصوصا إذا كان هؤلاء من الفاشلين وليسوا أهلا لتعليم غيرهم مثل السّيسي وأضرابه . النّظر العقلي في الوضع التّونسي الحالي يقتضي تجنّب نوعين من الخطاب أحدهما التّمجيد الذي يجعل السّماء زرقاء والعصافير تزقزق تحت عنوان التّمتّع بالحريّة التي تجاوزت أحيانا حدّها لتتحوّل إلى فوضى واستهتار بالقانون ، والثاني خطاب جلد الذّات والنظرة السّوداوية لكلّ ما حصل بعد ثورة 17 ديسمبر/ 14 جانفي 2011 المجيدة فالبلاد في فترة تحوّل ومخاض ولادة جمهوريّة ثانية ديموقراطيّة تطمح إلى اللّحاق بركب الأمم المتقدّمة وكلّ مخاض يرافقه عسر وألم ، ولكنّ الصّبر وتجنّب استعجال النّتيجة في مثل هذه الأحوال مطلوب خصوصا وأنّّ هذه الجمهوريّة الثّانيّة مازالت في سنّ الطّفولة وهو سنّ يحتاج إلى حماية ورعاية وأخذ باللّين ، والله في كتابه الحكيم يوصينا بالصّبر وتجنّب العجلة قال ذلك في أسلوب عتاب لأهل الإيمان ” ولكِنّكُمْ تسْتَعجِلُونَ ” ،والرّسول صلّى الله عليه وسلّم أوصى بالتّفاؤل في قوله ” تفاءلوا خيرا تجدوه” ، وشاعرنا الفذّ أبو القاسم الشّابّي تغنّى كثيرا في أشعاره بالتّفاؤل حيث يقول في قصيدة ” الصّباح الجديد : ” وأطلّ الصّباح من وراء الغيوم … سوف يأتي ربيع إن تقضّى ربيع ” ، فلنكن في أدنى الأحوال على رأي الرّوائي الفلسطينيّ الرّاحل إميل حبيبي ” متشائلين ” ، تحيا الجمهوريّة الثّانية الوليدة من رحم الجمهوريّة الأولى وتحيا قابلتها الثّورة التّونسيّة المجيدة .
الدولة التونسية هي الدولة الوحيدة في العالم العربي المصنفة كدولة حرة في اهم مؤشرات الحرية في العالم و هو مؤشر الحريات الصادر عن فريدوم هاوس. (مع ملاحظة وجود 5 دول شبه حرة في تقرير عام 2017 هي المغرب و لبنان و الكويت و ارض الصومال و الاردن) و للاسف فان السعودية و السودان و سوريا تصنف من ضمن اسوأ 10 دول في العالم في مجال الحريات. وكما تصنف مصر في ذيل القائمة.
بالطبع لن تجني اي دولة الثمار بمجرد تحولها الى دولة حرة و لكنها تبدأ البذار لصالح شعبها و ليس لصالح فئة قليلة. و هنا يكمن الفرق. و هذا هو القاسم المشترك بين كل الدول المتقدمة حديثها و قديمها.