مع كل عملية اغتيال لأحد قيادات «حزب الله» الموضوعين على قائمة الاغتيال الاسرائيلية، تطفو إلى السطح مجموعة من الاستنتاجات المتعلقة بضلوع جهاز الحزب الأمني أو النظام السوري باغتيال هذه القيادات.
ويتم تداول هذه الطروحات على نطاق واسع في المقالات والتعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي، فحين اغتيل عماد مغنية راجت اتهامات للنظام السوري باغتياله للتخلص منه، واليوم وبعد اغتيال القيادي، الذي شغل موقع مغنية بحسب الأنباء، وهو مصطفى بدر الدين، انتشرت تعليقات من جمهور بلدان المشرق العربي المعادي تحديدا لـ»حزب الله» والمحور الايراني، ترجح ضلوع حلفائه باغتياله، ولو تجاوزنا نقاش مسألة التحليل المؤامراتي المبتذل والمستخدم بكثرة في منطق التفكير العربي، في ما يخص ضلوع كيان ما بقتل اعضائه وقياداته، فإن دافعا آخر يقف وراء تشكيل هذه القوالب المسرفة في استنباط كل الاسباب التي تحرف بوصلة التفكير عن المنطق التحليلي السليم، وهذا الدافع هو على الاغلب يتعلق بانكار وجود عداء بين ايران وحلفها وبين اسرائيل، وهذا الانكار مرتبط برغبة جامحة باحتكار شرف المواجهة مع إسرائيل لدى جمهور التيارات المناوئة لايران، وإصرار على ربط العدو باتجاه شمولي واحد، فاسرائيل عدو، اذن كل اعدائنا مرتبطين باسرائيل، اذن ايران و»حزب الله» اعداؤنا لا بد أن يكونوا متحالفين مع اسرائيل! حتى إن عرف قائل هذه المقاربة الشائعة أن «حزب الله» خاض حروبا طاحنة مع اسرائيل، وإن العديد من قيادات «حزب الله» قتلتهم اسرائيل، ولعل أبرزهم الامين العام السابق لنصرالله، وإن «حزب الله» وبدعم إيراني نفذ تفجيرا دمويا في قاعدة المارينز الامريكية في بيروت بداية الثمانينيات قتل فيه نحو 200 جندي مارينز امريكي، ليخلص تحقيق صحافي موثق من «واشنطن بوست» يعتمد على تصريحات من المخابرات الامريكية يؤكد أن الـ»سي آي أيه» وبعملية مشتركة مع الموساد هما من اغتالا مغنية انتقاما لمقتل الجنود الامريكيين ولضحايا الجنود الاسرائيليين في عمليات طرد اسرائيل من جنوب لبنان في الثمانينيات، فمغنية ومصطفى بدر الدين والعديد غيرهما من قيادات الفصائل المعادية لاسرائيل هم على قائمة اغتيال معلنة لاسرائيل، وبضمنهم الضيف قائد حماس العسكري.. فكل هذه الوقائع لن تغير التفكير الهوائي لدى اصحاب هذا المقاربة، الذين ترسخت في عقولهم قوالب تفكير تجعلهم لا يبصرون حقيقة الواقع، ما يؤدي بالنتيجة لإنتاجهم حلولا خاطئة لان تحليلهم المفترض الأولي للواقع كان وهميا منذ البداية، أو لعلهم ايضا يدمجون بين فهم لحالة معينة ويقيسون عليها بشكل خاطئ حالة اخرى، فمثلا من يعرف أن النظام السوري يتخلص من بعض مسؤوليه، وهو امر قد حصل بالفعل، يقوم بتعميم هذا المنطق على كل الحالات التي قد لا تنسجم معها، من دون الاخذ بالاعتبار ضرورة فصل المسارات وأدوات القياس بين حالة واخرى، فعداء جمهور المشرق العربي للنظام السوري والايراني، هو لاسباب محددة موضوعية تتصل بالخلاف الطائفي المذهبي، اما العداء مع اسرائيل فهو يدخل في دائرة نزاع مختلفة بين العرب والمسلمين عموما لا علاقة لها بالنزاع الطائفي الداخلي البيني الاسلامي ـ الاسلامي، ولكن ما يحصل أن بوصلة النزاع الطائفي المسيطرة توجه بوصلة التفكير في كل شأن اخر، ومن ضمنه النزاع الاسرائيلي، فيخرج كثير من الناس بتحليلات مضطربة.
للقضية ابعاد مسيسة اعلاميا ايضا، فالجمهور العربي المعادي لايران يحاول انكار ضلوع اسرائيل باغتيال مغنية ومصطفى بدر الدين، لان تفكيره تتم تغذيته من اعلام النظام العربي الرسمي (وإن لم يشعر) والذي لم يطلق رصاصة على اسرائيل منذ عقود ويشعر بحرج موقفه امام جمهوره. وهو يرى تحالفا معاديا كايران و»حزب الله» يتصدى خطابيا لاسرائيل والولايات المتحدة ويدخل «حزب الله» بعدة حروب معها، ولهذا يلجأ الإعلام الحكومي لخداع جمهوره والترويج بعشرات التأويلات والتلميحات بتحالف سري عقد في كوكب ما في هذه المجرة الكونية بين ايران و»حزب الله» واسرائيل، وانهم يمثلون لا أكثر، وحتى عندما تخرج خلافات اسرائيل والولايات المتحدة إلى العلن حول التسوية الامريكية مع ايران، فان الجمهور العربي لا يجد تفسيرا لما اعتاد ايضا على تصديقه وهو أن امريكا لا تفعل شيئا يخالف رغبة اسرائيل التي تسيطر كليا على الولايات المتحدة وهي فكرة شمولية غير صحيحة ايضا.
أما المفارقة التي أجدها لافتة في التعليقات التي صدرت بعد اغتيال مصطفى بدر الدين، فهي واضافة لما ذكرناه، تحدثت عن أن «حزب الله» يريد التخلص من المتهمين باغتيال الحريري! وكان المتهمون باغتيال الحريري هم ليسوا انفسهم قادة «حزب الله» العسكريين والامنيين الذين وضعتهم اسرائيل على قائمة اغتيالها، وكان «حزب الله» يعيش في رعب المحاكمة الدولية وهو قام بعد اغتيال الحريري باغتيال العشرات من القادة البارزين في تحالف 14 آذار، ثم تمادى اكثر وقام باحتلال بيروت واهان مجددا مواقع السيادة الرمزية لعائلة الحريري والقيادات السنية السياسية، وبعدها قام بعمليات عسكرية خارج حدود لبنان حتى، بغزو بلدات سنية سورية كالقصير ويبرود ودمرها وقتل المئات من ابنائها المدافعين عنها، واضافة للاعتبارات الدولية لوضع «حزب الله» الاقليمي والدولي المريح، بل والمتناغم معه، ويأتيك يتخيل أن «حزب الله» يعيش تأنيب الضمير ورعبا مستداما من خطيئة اغتيال الحريري! وأنه لا يعرف كيف يتخلص من قفازاته التي ارتكب بها الجريمة كمصطفى بدر الدين فلذلك ارسلها لسوريا لتقتل المزيد من اعدائه الطائفيين. ولعل هذا الالتباس في ربط الاعداء ببعضهم بعضا يحدث للمفارقة من الطرفين، فكما ينكر الجمهور المعادي لايران وجود عداء بين «حزب الله» واسرائيل، فايضا الجمهور الموالي لايران يعيش نفس حالة الانكار والتوهم، فتجد مسؤولين وزعماء كبار كنصر الله والمالكي والاسد يطلقون تصريحات عن عمالة تنظيم الدولة لاسرائيل وامريكا تارة، وللسعودية وتركيا تارة اخرى، في اطار منطق قوالب ربط العداء شموليا نفسه، فتجد إعلام الجمهور الموالي لايران محتقنا طائفيا ولا يكاد يفرق بين الاخوان المسلمين والسعودية وتنظيم الدولة واردوغان والجيش الحر، فكلهم دواعش ارهابيون!
٭ كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
وائل عصام
سيدي الكربم
كلامك فيه وجهة نظر واتهام الاخرون لدمشق له وجهة نظر السبب ان للنظام سوابق وله مبررات فيها
الم يغتال النظام رفاقا له؟ صلاح جديد محمد عمران صلاح البيطار الم يغتال النظام كمال جنبلاط؟ الم يشارك في ذبح الفلسطينين في لبنان؟؟
اليست هناك اشارات ودلاءل على اغتيال النظام لاقرب الناس له وهي خلية الازمة ؟ الم تشر دلائل عديدة لارتكاب النظام اغتيالات الشخصيات اللبنانية والسورية ؟؟؟ لا نعرف الاتفاقيات السرية بين الدول المتحالفة والمتناحرة لا تؤاخذني ان قلت لك انشعوب العالم حجارة شطرنج
سيدي الكريم في هذا الزمان ضاعت الاخلاق وضاع الامان والائتمان فتوقع كل شيء في هذا الزمان الرديء
صاحبك صابر
صاحبك صابر
يقال ﻻ يلدغ المؤمن من جحر مرتين لكن يلاحظ ان حزب الله يلدغ من جحر سوريا اكثر من مرة. لماذا!!
اسرائيل مخلب. وهي بالضرورة معادية للمنطقة لان الهدف من وجودها اصلا هو ابقاء المنطقة تحت السيطرة.
حتى و ان بدا ان البعض يتزلف لاسرائيل او ان مصلحته تتقاطع مع اسرائيل فلا يمكن ان تكون علاقتهما تحالفية و لكن تبعية لاسرائيل او سادة اسرائيل.
اسرائيل مخلب. وهي بالضرورة معادية للمنطقة لان الهدف من وجودها اصلا هو ابقاء المنطقة تحت السيطرة.
حتى و ان بدا ان البعض يتزلف لاسرائيل او ان مصلحته تتقاطع مع اسرائيل فلا يمكن ان تكون علاقتهما تحالفية و لكن تبعية لاسرائيل او لاسياد اسرائيل.
لا حول ولا قوة الا بالله
تحية للكاتب المحترم
براءة إسرائيل من دم مصطفى بدر الدين جاءت هذه المرة من حزب الله عبر قناة المنار
حزب الله غرق في المستنقع السوري حتى أذنيه وليس من مصلحته فتح جبهة جديدة مع إسرائيل لذا نجد إستراتجيته الجديدة هي التهديد لإسرائيل والرصاص للشعب السوري .
المهم هذه هي حال اسرائيل مع العرب والمسلمين وشخصيا يهمنا الجزائر وشعبنا انا شخصيا لست متحزبا ولا متسيسا وكل افكاري عن السياسة استمدها من التلفزيون ومن القنوات الاخبارية وكل افكاري موجودة في الانترنت وكل ما قلته ورد في النترنت ويكيبيديا او في القنوات التلفزيونية والنشرات الاخبارية سيقول احدهم لما هذا الحقد علي النضام نحن لانحقد وانما لايوجدد دخان بدون نار لا يمكن ان يتقدم احدهم ويتكلم بدون وقائع لانه سيتعرض للمحاكمة سيقولون اناس يحسنون الكذب وسنقول نحن اناس نحسن التحليل فقط لنسلم انه كذب وانا ذكي واقتنعت بانه كذب فمن يقنع من تفكيره محدود نحن لا نحقد علي احد ولانكره احد وانما نحلل لدرجةاننا نبنى الافكار سيقولون سيقولون يجب ان تتاكد هذا ليس عملي بل عمل من تضره الافكار المهم اسرائيل عدوتي لانه تحتل فلسطين فرنسا عدوتي وصديقة عدوتي اي اسرائيل والجزائر بلدي وخصمي لا ن تسير الامور كما يريدها خصومها بحسب حجتهم سيقولون لما تعادي بلدك كنتوساكون لجانب بلدي اذا ماضلمت ولكن حقائق تثبت ان المسؤولين ضالمين واقف لجانبها مستحيل بل علي الجزائر ان تحصن نفسها كيف ان تواجه الحجة بالحجة والفكر بالفكر والبرهان بالبرهان سيقولون لا يوجد ةمن يحاجج لهم لا الحجة تاتي من المنطق وحسن التنفكير وكما يعلم ان المنطق وحسن التفكير وطرق التفكير العلمي والرياضي وحتي المنطق الفلسفس والرياضي تدرس في الجامعات كالعلوم يعني 50سنة استقلال مع 40مليون نسمة ولا يوجد من يجادل عن النضام ويقنع وينضر هذا يعني الفشل وعدم الكفاءة والقدرة وسوء التسيير وهذه حجة من حججي علي النضام .
لماذا لايسال حزب الله نفسه سؤال:كيف تتمكن إسرائيل من اصطياد أهم قادته في سوريا وفي أشد الأماكن تحصينا وسرية!!!
* حتى لا يزعل احد .. كل الاحتمالات قائمة؟؟
* لو قلت ( اسرائيل ) وراء عملية الاغتيال صح.
* لو قلت ( النظام السوري ) .. ممكن .
* لو قلت ( الثوار ) برض ممكن.
سلام
عنوان وتحليل رائع، وضع الأصبع على الجرح، لإشكالية المثقف والسياسي وحتى الراهب، في دولة الحداثة للنظام البيروقراطي، والذي يُبين لماذا مناهج التعليم الحالية، لا تلاءم احتياجات مواصفات الموظف في أجواء العولمة وأدواتها التقنية لأي دولة ترغب في الهروب من شبح الإفلاس أو انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991.
وهنا تتساوى الدول الأوربية والأمريكية مع دولنا في هذه العاهة، وأظن أفضل دليل على ذلك تحليلات مرشح الرئاسة الأمريكية في عام 2016 دونالد ترامب أو ماري لوبان في فرنسا والتي تختصرها عبارة (الإسلام يكرهنا؟)، فيما أطلقت عليه ثقافة الـ أنا دون الرغبة في الاعتراف بوجود الـ آخر، فهو يكرهه، والتي يعمل على انتاجها النظام التعليمي الحالي، الذي يلخصه ما تعلمك إياه اتحادات الطلبة في الجامعات من شعار النضال/أو استخدام العقل في الفهم حتى التخرج، ومن بعدها يبدأ مفهوم التطنيش كي لا يتم اللعب في الراتب والعلاوات ويتم استلامها في مواعيدها، من خلال استخدام أسلوب أربط الحمار في المحل الذي يحلم به صاحبه، أو يكون ملكي أكثر من الملك، لأن مفهوم الوطنية الذي تقبل به السلطة هو ما لخصه المثل الذي يقول معاهم…معاهم، عليهم…عليهم بلا فهم ولا استيعاب ولا بطيخ فالكل يجب أن يكون لونه واحد.
ما رأيكم دام فضلكم؟