نعلم علم اليقين أن طيب رجب أردوغان يبقى في آخر النهار زعيماً تركياً خالصاً يعمل منذ وصوله إلى السلطة من أجل مصلحة شعبه التركي ووطنه تركيا، وليس من أجل أحد آخر.
وهذا لا يعيبه أبداً، فليت حكامنا يعملون من أجل الوطن كما يعمل أردوغان من أجل تركيا. فمن سوء حظنا أن غالبية حكامنا ليسوا سوى وكلاء للخارج، تماماً كوكلاء السيارات والساعات. أي أن دوائرهم الانتخابية ليست داخل بلدانهم، بل خارجها. لهذا لا يستطيع الكثير منهم منافسة أردوغان لا من قريب ولا من بعيد في العمل الوطني.
دلوني على رئيس جمهورية عربي وصل إلى السلطة كما وصل أردوغان. ثم قارنوا بين سجل الرئيس التركي وسجل رؤساء جمهورياتنا. لم يصل أردوغان إلى القصر الجمهوري لا على ظهور الدبابات ولا عبر المجازر البشعة بحق شعبه، بل جاء عبر صناديق الاقتراع، وانتخبه السواد الأعظم من الشعب التركي.
لا أدري لماذا يستعدي بعض العرب الأغبياء أكثر من نصف الشعب التركي الذي يقف صفاً واحداً إلى جانب حزب العدالة والتنمية؟ أين الحنكة السياسية؟ أين الحكمة؟
وعندما نتحدث عن الشعب التركي الذي يناصر أردوغان بقوة، فنحن لا نتحدث عن شعب متخلف يسوقونه إلى الاستفتاءات كالقطعان كما هو الوضع في الديكتاتوريات العربية المجاورة كي يصوت بالروح والدم للقائد المفدى المفروض بقوة كلاب الصيد والمخابرات، بل هو شعب واع ومتقدم على كل الصعد، وتعلم من تجاربه المريرة في ظل الانقلابات العسكرية الحقيرة، وأصبح ناضجاً ويعرف مصلحته، ويعرف من يختار، على عكس الكثير من شعوبنا التي يمكن للحملات الإعلامية الرخيصة أن تلعب بها كما يلعب اللاعبون بكرة القدم.
ما أسخف أولئك الليبرالجيين والعلمانجيين والقومجيين واليسارجيين والشبيحة والنبيحة العرب لاعقي أحذية العسكر والمخابرات وهم يشنون هجوماً لاذعاً على أي عربي يقول كلمة طيبة عن الرئيس التركي. ما أتفه الذين يتهمون أي عربي يتوق لأن يحكمه رئيس كأردوغان بأنه «إخونجي» أو إسلاموي. لقد أصبح أردوغان كابوساً لهؤلاء الأوباش، لأنه يذكرهم بفشل أنظمتهم وطغيانها وسفالتها. هل حزب العدالة والتنمية التركي بقيادة أردوغان حزب إسلامي متطرف أيها الشبيحة والنبيحة والبلطجية؟ هل هو حزب إرهابي؟
هل فاز في الانتخابات بالبلطجة والتشبيح؟ هل وصل إلى السلطة عبر انقلاب عسكري أو بطرق ملتوية؟ أم إنه حزب إسلامي عصري، حضاري، نموذجي فريد من نوعه أثبت للعالم أجمع أن الإسلام لا يعادي الديمقراطية، ولا المفاهيم السياسية الحديثة، بل هو قادر على تطويعها لخدمة المفاهيم الإسلامية، لا بل إنه قادر أيضاً على تحقيق إنجازات اقتصادية عظيمة لا تحلم بها الأحزاب الديمقراطية التاريخية في الغرب؟
ألا يقيسون نجاح الأحزاب وقادتها في العالم المتقدم من خلال أدائها الاقتصادي بالدرجة الأولى؟ ألم يتفوق حزب أردوغان ذو الطبيعة الإسلامية الحضارية المعتدلة الحديثة على كل الأحزاب التركية العلمانية؟ ألم ينتقل بتركيا إلى مصاف العظام اقتصادياً؟ هل كان ليفوز في الانتخابات في مواجهة أحزاب علمانية شرسة المرة تلو الأخرى لولا أنه أصبح ذا قاعدة شعبية عريضة جداً تترسخ مفاهيمها السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية يوماً بعد يوم؟
لننظر سريعاً إلى إنجازات أردوغان وحزبه منذ توليه الحكم حتى الآن. لقد ارتفعت قيمة الصادرات التركية إلى 152 مليار دولار خلال العام الماضي، أي عشرة أضعاف قيمة الصادرات التركية قبل تولي أردوغان السلطة. ألم ينقل تركيا من المرتبة الـ 111 إلى المرتبة الـ 17 على قائمة أقوى الاقتصادات في العالم، بحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن صندوق النقد الدولي؟
ألم تظهر الأرقام وصول الناتج المحلي الإجمالي في تركيا إلى نحو ثلاثة أرباع تريليون دولار في هذه الفترة، أي أنه ثلاثة أضعاف ما كان عليه؟ وقد حدد أردوغان العام 2023 الذي يوافق الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية لتصبح تركيا من بين أعظم الاقتصادات في العالم. لاحظوا أنه عندما تسلم حزب العدالة والتنمية الحكم كان متوسط دخل الفرد السنوي في تركيا 3.5 ألف دولار، بينما أصبح في عهده 10.5 ألف دولار. وهي نقلة نوعية عظيمة.
باختصار شديد، لقد التزم أردوغان التزاماً حرفياً بالاسم الذي أطلقه على حزبه، واستخدمه لاحقاً كشعار سياسي. كان شعاره من كلمتين: «العدالة و التنمية»، فحقق العدالة، وأنجز تنمية فريدة من نوعها، بحيث أصبح مضرباً للمثل في الارتقاء الاقتصادي. لقد غدا مثل مهاتير محمد في ماليزيا رمزاً إسلامياً عظيماً ينافس عالمياً بكل ثقة. لقد أنعم الله على تركيا بزعيم وطني حقيقي ذي يد نظيفة، فنهض نهضة لم تنهضها العرب والعجم في وقت قياسي، فأخلص، وصدق، فتوفق ليصبح عملاق النهضة الإسلامية الحديثة.
لماذا لا نتعلم من حزب العدالة والتنمية التركي كيف ننتقل باقتصادياتنا الهزيلة إلى مصاف الاقتصاديات الصاعدة؟ لماذا لا نتقرب منه، ونستفيد من خبراته العظيمة في المجال الاقتصادي والتنمية البشرية، خاصة وأن تركيا دولة جارة لنا، ونشترك معها في إرث حضاري وإسلامي كبير؟ ولمن يبني تحالفاته عادة على أسس مذهبية، فحزب أردوغان حزب إسلامي سُني بامتياز، وهو يشترك بذلك مع أكثر من مليار مسلم في العالم.
باختصار، فإن حزب أردوغان حزب مثالي للعرب كي يتحالفوا معه على الصعيد المذهبي والاقتصادي والديمقراطي. أليس من السخف أن يشتكي البعض من الخطر الإيراني المحدق بالمنطقة، ثم يعادي في الوقت نفسه الأحزاب الإسلامية السُنية التي يمكن أن تكون سنداً له في مواجهة ما يسمونه بالخطر الشيعي «الرافضي»؟
وإذا لا تريدون أن تتعلموا من الرئيس التركي بصفته من أبناء جلدتكم عقدياً، تعلموا منه كرمز ومثال ناجح، ولا تلوموا الشعوب العربية التي احتفلت بفوز حزبه، وصفقت له طويلاً، فكثيرون ممن صفقوا لأردوغان من العرب لم يفعلوا ذلك لأن الرئيس التركي ينتمي إلى حزب إسلامي، بل لأن غالبية الشعوب العربية تجد فيه بطلاً ونموذجاً عملاقاً، حتى لو لم يكن عربياً، بينما لا ترى في معظم بلدانها العربية سوى الأقزام والطواغيت. إنه العطش العربي المزمن لقائد حقيقي يحكم بأصوات الشعب الحقيقية، ويحقق طموحاته، وينتشله من قاع الطغيان والفقر والتخلف.
٭ كاتب وإعلامي سوري
[email protected]
د. فيصل القاسم
نعم والف نعم نحن العرب بحاجة إلى قائد ملهم يخاف الله ويملىء الأرض عدلا كما هي مليئة جورا ظلما واستبدادا وطغيانا قل نظيره . نعم نحن أمة رساله وأمة وسط جعلها الله خليفة لحمل رسالة سامية لإصلاح البشريه من الطاغوت. نتمنى أن يكون لنا زعيم مثل أردوغان هذا الزعيم المسلم السني التركي.
نعم انها الحقيقة،وانى كيساري اوءيد السيد اردوغان واحتفلت بفوزه،وانا أعيش في دول الغرب،والآن عندما يسألونني من اي بلد ،لا أقول أني عربي،بل أقول انني من أصل تركي،لأنني أصبحت اخجل من اصلي امام الأجانب ،
يا دكتور ما يهم حكام العرب الفساد واستعباد الشعوب
لا فض الله فاك يا ابن القاسم.
كلامك حقيقة ماثلة رقم محاولات هؤلاء الطواقيت دفن رؤسهم في الرمال.
ولكن سوف يأتي يومهم حتماً !!
شكرا دكتور فيصل … مقالك اثلج الصدر وكل كلماته مختبية داخله ولا اجد لها مخرجا للتنفيس لضيق امكانات النشر.
لو اخذنا حقيقة ان حكومة اردوغان في عشر سنوات تبنت معالجة القمامة لاستخراج الطاقة الكهربائية فامدت اكثر من تسعين بالمئة من منازل الاتراك في المدن والارياف بحاجتها الاستهلاكية من الكهرباء وفي عشرة سنوات زرعت تركيا اكثر من مليارين ونصف من الاشجار وبنت 125 جامعة جديدة و 159 مدرسة و510 مستشفي و169 الف فصل دراسي وتجاوزت ميزانية التعليم والصحة ميزانية الدفاع . تصورت ان يحدث هذا عندنا في السودان او حتي عشره فماذا كان يكون الحال؟ ولعل من المفارقات ان نظامنا يدعي الانتماء للتيار الاسلامي وهو نفس توجه حكومة اردوغان …..
حياك أيها المخضرم لقد كفيت ووفيت وانا ممن يريدون عودة الحكم العثماني للبلاد العربية لأننا على مدار 70 سنة الماضية لم نجد استراتيجية عربية واضحة بل كلهم أدوات استعمارية بيد الغرب وامريكا التي تحكم العرب بالحذاء
وكلهم يصلون للغرب وامريكا وتركوا الله وعبدوهم بالادوات القمعية لجر شعوبهم معهم نبتهل الى الله العلي القدير ان يكون لتركيا العظمى دور كبير في
دعم الاخوان المسلمين في كافة البلاد العربية وعودتهم الى حكمنا بطريقة
تعيد مجد الامة العربية ونتخلص من أمريكا واوربا الذين اوصلونا الى نفق مظلم
يصعب الخروج منه.
صدقت يا دكتور فيصل
مقال رائع لكاتب جرئء
بسم الله الرحمنأن الرحيم
لقد قلت ماقلت ,فأحسنت القول إذقلت . نعم الرئيس أردوغان ونعم البلد تركيا ونعم الحزب حزب العدالة في تركيا إذ حقق العز والمجد لتركيا بعد أن أساء إليه حكم العسكر زمنا طويلا , ولابد للميزان ان يعتدل في النهاية وسيعتدل الميزان في الوطن العربي كما اعتدل في تركيا .
مأجمل ماقلت ” أيت للعالم الأجمع أن الإسلام لايعادي الديمقراطية ولا المفاهيم السياسية الحديثة بل هو قادر على تطويعها لخدمة المفاهيم الإسلامية , بل إنه قادر أيضا على تحقيق انجازات اقتصادية عظيمة لاتحكم بها الأحزاب الديمقراطية التاريخية في الغرب ”
هذا هو الإسلام الذي نريده , الإسلام الحنيف العادل المتزن والمشامح ,الإسلام الوسطي ,الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-
أستاذ فيصل لا اريد الحديث عنك كثيرا فالكلام لا يمكن ان يفيك حقك كرجل شجاع وكلامك يأتي فيصلا بين الحق والباطل وانت رجل لست كباقي الرجال لقد تميزت منذ زمن طويل عن الكثير من ادعياء الرجولة والشجاعة والوطنية انك بحق تمثل الصوت والراي العربي الحقيقي فعاش قلمك وعشت دائما مثالا للعطاء وللإبداع. وحين اقرأ لك اجد في كل مرة ما يدعوني للفخر والزهو بان هذه الأمة ما زال فيها رجال شجعان اوفياء لا يخافون في الحق لومة لائم واليوم وانت تتحدث لحكامنا النيام عن العملاق التركي رجب طيب اردوغان الذي نهض ببلاده نهضة مذهلة في غضون سنوات معدودة تستغرق عقودا طويلة من الزمن بالنسبة للامم والدول الاخرى وحديثك هذا يأتي كمحاولة لإيقاظ أولئك النيام من حكامنا الاغبياء الذين لم يتقنوا اكثر من الفساد والقمع لشعوبهم والتنكيل بها بشتى الأساليب الحديثة والقديمة لكن يا فيصل اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة ولا ضمير ولا شعور ولا وطنية لمن تنادي. اما أولئك الفاشلين من يساريين وقوميين وليبراليين ومن لف لفهم فإنني أقول لهم المقالة تسير ولا يضيرها نبح نابح او كلام قاصر وفاشل