لمياء الخميري: استكمال مسار العدالة الانتقالية يجنّبنا سيناريو الفوضى والانتقام في تونس

حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي»: قالت لمياء الخميري الناطقة باسم حزب «حراك تونس الإرادة» إن تونس تعيش مرحلة مفصلية تتضمن إعادة فرز حقيقي ما بين قوى الثورة والثورة المضادة، مشيرة إلى تهديد حقيقي لمسار العدالة الانتقالية من قبل أحزاب السلطة، لكنها استبعدت نجاح المعارضين لهذا المسار من «الانقلاب» على المسار الديمقراطي في ظل وجود مؤسسات شرعية قوية في البلاد على غرار البرلمان والقضاء، مشيرة إلى ضرورة استكمال مسار العدالة الانتقالية بالكشف عن الحقيقة وتعويض الضحايا والمصالحة ، أو انتظار الفوضى والثأر والعمليات الانتقامية ضد الجُناة.
وكان الرئيس السابق ورئيس حزب «حراك تونس الإرادة» الدكتور منصف المرزوقي، اتهم في مؤتمر صحافي عقده الأربعاء، رافضي التمديد لعمل هيئة «الحقيقة والكرامة» بمحاولة تعطيل مسار «العدالة الانتقالية»، وعبّر عن دعم حزبه لاستمرار الهيئة في عملها في إطار القانون، وضد قرار البرلمان الأخير رفض التمديد لها والذي اعتبر أنه «خرق» لقانون العدالة الانتقالية الذي يمكن الهيئة من التمديد لنفسها مدة عامل كامل في حال لم تستكمل أعمالها.
وقالت لمياء الخميري الناطقة باسم الحزب في حوار خاص مع «القدس العربي»: «تونس تعيش مرحلة مفصلية تتضمن إعادة فرز حقيقي ما بين قوى الثورة والثورة المضادة، واليوم نجد أن هناك تهديدا مباشرا لمسار العدالة الانتقالية والمسار الديمقراطي برمته في تونس، ورئيس الحزب أراد التأكيد مجدداً أننا متمسكون بمسار العدالة الانتقالية والدولة الحديثة التي تقوم على احترام المؤسسات والقانون ومتمسكون بالمسار الديمقراطي وفق الدستور الذي جاء بهيئة الحقيقة والكرامة، ولا سبيل إلى عدالة انتقالية «موازية» (تم اقتراحها من الحزب الحاكم)، فهناك عدالة انتقالية انطلقت وفق الدستور وتتمثل بهيئة الحقيقة والكرامة والتي على رأسها سهام بن سدرين والأعضاء المنتخبون من قبل البرلمان، وهذه الهيئة مُلزمة حسب القانون باستكمال عملها إلى آخر يوم في مدتها القانونية».
وكان حزب «نداء تونس» الحاكم عبّر (قبل التصويت في البرلمان) عن قبوله بتمديد عمل هيئة الحقيقة والكرامة في حال استقالة رئيستها سهام بن سدرين، لكنه أكد لاحقا أنه يعتزم، بالاتفاق مع حزب «مشروع تونس»، تقديم مشروع قانون جديد «لمواصلة مسار العدالة الإنتقالية بعد أن زالت عنها الانحرافات وذلك احتراماً لمبادئ الدستور والعدل والإنصاف وحقوق الإنسان، بهدف تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة في اقرب الأوقات».
وقالت الخميري إن محاولة «شخصنة» الخلاف وحصره في رئيسة الهيئة هي عبارة عن عملية «احتيال» ضرب مسار العدالة الانتقالية، مشيرة إلى أن هذا الأسلوب اتبعه نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي مع منصف المرزوقي حين كان رئيسا للرابطة التونسية لحقوق الإنسان «حيث قال إنه ليس ضد استمرار هذه المنظمة في عملها ولكنه يعارض استمرار المرزوقي على رأسها، وهذا الأسلوب ذاته يتكرر مع هيئة الحقيقة والكرامة، فهم يرغبون بضرب مسار العدالة الانتقالية تحت مسمى الشخصنة».
وأضافت: «نحن لا نتمسك بشخص سهام بن سدرين بل بالهيئة التي انتخبت من قبل أعضاء البرلمان، حيث انتخب أعضاء الهيئة بن سدرين رئيسة لها، وهم يرغبون باللعب على وعلي الشعب، عبر القول إنه ليست لنا مشكلة مع العدالة الانتقالية بل مع سهام بن سدرين، هذه شخصنة مقيتة لا تليق بدولة لديها مسار ديمقراطي ومستمرة ببناء دولة المؤسسات». وقال سالم الأبيض النائب عن الكتلة «الديمقراطية» إن «الدولة في حالة الضعف التي تعانيها، لا يمكنها إيقاف أعمال هيئة الحقيقة والكرامة وتنفيذ قرار مجلس نواب الشعب في حال عدم تصويته لصالح قرار التمديد لعمل الهيئة»، محذراً من محاولة الدولة اللجوء إلى «القوة» لإغلاق مقر الهيئة، فيما دعا مصطفى بن أحمد رئيس «الكتلة الوطنية» سهام بن سدرين إلى الاستقالة من منصبها «تفادياً للتصعيد الذي قد يتحول إلى صدامات في الشوارع».
وعلّقت الخميري على ذلك بقولها: «نحن موجودون في دولة مؤسسات وفي حال أرادوا الاعتراض أو اغلاق مقر الهيئة لا بد أن يمروا عبر المؤسسات الشرعية وخاصة مجلس النواب والقضاء، وهم بالفعل ذهبوا إلى مجلس النواب إلا أنهم لم يحصلوا على الغالبية التي تخولهم لذلك، رغم أنهم خالفوا – أصلا- قانون العدالة الانتقالي لأنه ليس من صلاحية المجلس النظر في تمديد عمل الهيئة، كما أن المحكمة الإدارية أكدت أن التمديد هو من صلاحيات الهيئة فقط، إلا إذا أرادوا استخدام وسائل غير شرعية أي تحريك السلطة التنفيذية أو القوة العامة (لإغلاق الهيئة) من دون أن يكون لديهم حكم قضائي أو قرار شرعي من مجلس النواب، فإذا تم هذا فهو انقلاب على الديمقراطية التونسية، ولكن هذا الأمر مستبعد على كل حال».
واستدركت بقولها: «قد يكون هناك هزات في المسار الديمقراطي ومحاولات انقلابية على شرعية مؤسسات الدولة، لكن هذا الأمر سنعالجه بالرجوع إلى المؤسسات الديمقراطية، هم يحاولون أن يطوّعوا القانون عبر العمل على تحويل الأمر إلى جدل قانوني عقيم وإخفاء الموضوع الأساسي هو «الانقلاب على المؤسسات»، ويعرفون أنهم سيفشلون في جميع الحالات في محاولة تطويع القانون، فما يحدث حاليا هي مجرد إلهاء الناس ومغالطتهم، لا أكثر ولا أقل».
وتابعت الخميري: «المعارضة مازالت متمسكة بالمسار الديمقراطي والعدالة الانتقالية ومؤسسات الدولة (البرلمان والمحكمة الإدارية) والتي قالت كلمتها في الجانب القانوني لعمل هيئة الحقيقة والكرامة، لكن مجرد التلميح بمحاولة إيقاف مسار العدالة الانتقالية هو أمر خطير جداً، لأن لا بد من استكمال هذا المسار عبر كشف الحقيقة وتعويض الضحايا والمصالحة، وإلا فالبديل هو الفوضى والثأر والعمليات الانتقامية، وهذا مستبعد حالياً في ظل مؤسسات ديمقراطية قوية في تونس، كما أسلفت».
وكانت سهام بن سدرين رئيسة هيئة «الحقيقة والكرامة» أكدت أن الهيئة ستواصل عملها لاستكمال مسار العدالة الانتقالية، مشيرة إلى أنها غير معنية بتصويت البرلمان الأخير ضدها، مضيفة: «نحن منتخبون من المجلس التأسيسي. ولدينا رئيس الهيئة منتخب، وأعضاء الهيئة هم الطرف الوحيد المُخوّل له بتنحيته وتعويضه».

لمياء الخميري: استكمال مسار العدالة الانتقالية يجنّبنا سيناريو الفوضى والانتقام في تونس
قال إن البلاد تعيش مرحلة مفصلية تتضمن إعادة فرز حقيقي ما بين قوى الثورة والثورة المضادة
حسن سلمان:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية