قالت المذيعة المطرودة من مصر ليليان داوود، في مقابلة تلفزيونية إنها لم تهاجم قط «الرئيس عبد الفتاح السيسي»، وهي تبدي دهشتها من قيام أهل الحكم في مصر بطردها، بطريقة مهينة!
وعندما نقلت هذا القول في هذه الزاوية في الأسبوع الماضي، أمسك أحدهم في كلمة «الرئيس»، وقال كيف تقول عنه إنه الرئيس؟ مع أن القول منسوب للقائلة، ولا يجوز مثلاً أن أبدل فيه بأن أقول إن «ليليان داوود» قالت إنها لم تهاجم قائد الإنقلاب قط، لكن لدينا من «دراويش الشرعية» من أظن أن وجودهم بيننا هو ليكفر الله بهم سيئاتنا، كم تمنيت أن يكونوا من مؤيدي السيسي، لكن ليس كل من يتمناه المرء يدركه.
ما علينا، فالمثير حقاً ليس في قرار طرد ليليان داوود من القاهرة، ولكن في أن تعلن مذيعة بوزن المذكورة أنها لم تهاجم السيسي قط، فلماذا لم تقم بمهاجمته، مع أنه ارتكب من الموبقات ما يجعل الصمت عليه، مما يسقط الثقة والاعتبار، لا سيما وأن داوود كانت من مقدمي البرامج التلفزيونية، الذين كانوا يتطاولون على الرئيس الشرعي، المنتخب، قبل الأكل وبعده، ومع هذا لم يقترب منها النظام بشطر كلمة!
ما هي الإتهامات الباطلة، التي وجهت لمرسي، ولم تلتصق فعلاً بعبد الفتاح السيسي؟ فحتى الإدعاء الكاذب بأنه يؤسس لدولة دينية، بدا مصاحباً للانقلاب العسكري منذ اليوم الأول، فالشاهد أن مشهد الإنقلاب وقد ظهر فيه البابا وشيخ الأزهر كاشف عن حضور كهنوتي لا تنكره عين، وبعد ذلك انطلق مؤيدوه من القساوسة والشيوخ يجتهدون ليرتفعوا بقائده إلى مرتبة أنبياء الله، وعندما لا تسعفهم الآيات من الكتب المقدسة، يهرعون إلى أداء عامي يخرجهم عن الوقار، عندما ينتصب أحد القساوسة خطيباً فيعلن أنه عاشق للسيسي، في مشهد بائس!
الهجوم الكاسح على الرئيس محمد مرسي بهذا الشكل، والصمت المريب لأمثال ليليان داوود على السيسي، وهو ما دفع بالبعض ممن ينحازون لشرعية مرسي للتطرف وإعلان أن الحرب عليه كانت حرباً ضد الإسلام، ولا يريدون أبداً أن يصدقوا أنها الثورة والثورة المضادة، ولا يريدون أبداً أن يصدقوا أن ليليان داوود كان من «المغرر بهم»، وربما كانت في هجومها على مرسي، كانت تجامل صاحب قناة «أون تي في»، فكانت نائحة مستأجرة تعمل لدى نائحة ثكلى، لا سيما وأنه لا يوجد في سوابقها ما يفيد أنها كانت مناضلة، أو كانت زعيمة سياسية، فلما حكم العسكر، التزمت بقواعد العمل تحت «خط النار»، فتعترف الآن أنها لم تهاجم السيسي أبداً، ومع ذلك تم طردها من الديار شر طردة، لتكون درساً من «لحم ودم» على الفارق بين الحكم العسكري والحكم المدني!
المقارنة بين مرسي والسيسي
يحلو للبعض من إعلاميي الغبراء، بدلاً من أن يعترفوا بجريمتهم وأنهم مهدوا للانقلاب العسكري، الذي أوقع بهم ضرراً فادحاً، أن يرجعوا الحاصل الآن للرئيس مرسي، ومنهم من يهاجم مرسي في مقال كامل ليمرر عبارة ضد السيسي، ولا بأس من المقارنة بين نموذجين للحكم، أحدهما منتخب والثاني مغتصب!
كان الهجوم الإعلامي كاسحاً ضد الرئيس محمد مرسي، وصل إلى حد أن صار أقرب إلى «ردح الحواري» جمع جارة، وفي هذه الأجواء أعرب ضابط بمباحث أمن الدولة عن استعداده لأن يقدم للقوم «خدمة جليلة» تتمثل في تسجيلات بالصوت والصورة لبعض الإعلاميين في علاقات خاصة، ورفض الرئيس محمد مرسي أن يستخدم حكمه «العمليات القذرة» لإسكات مقدمي البرامج، فهناك وسائل أخرى قانونية لم يستخدمها ولم يستنفذها. وانخفض سقف من يحاول إقناعه بضرورة فضح هؤلاء الإعلاميين، إلى حد الاكتفاء بإرسال هذه التسجيلات لأسرهم، لكن الرئيس رفض بشدة!
أزمة الرئيس محمد مرسي أنه كان يتعامل على أن مقدمي البرامج الذين يتطاولون عليه، ينطلقون من قاعدة الخصومة السياسية والفكرية، فعمل على شرح وجهة نظره لهم، والتقى بهم مرات عدة، ثم لجأ للاحتكام إلى مشاعرهم عندما عاتب مذيعة تهينه وهو في سن والداها، ولم يكن يدري أنه الإعلام الممول من قبل خصوم الثورة إقليمياً، ومن دول بعينها، أخذت على عاتقها عودة نظام مبارك، لأن نجاح أي ثورة في العالم، يمكن أن يؤثر على أنظمة حكم تتعامل على أن وجودها في الحكم قضاء وقدر!
لقد رفض مرسي استخدام سلاح التشويه ضد الإعلاميين، لكن حكم العسكر اسخدمه، مع اثنين من أذرعه الإعلامية، الأول هو يوسف الحسيني، الذي جعل من خده «مداساً» للعسكر، ومن قفاه «سبيل» في خدمة حكمهم. والنموذج الثاني هو ليليان داوود، التي اقتحم مجموعة من الضباط حرمة منزلها، فأفزعوها كما أفزعوا ابنتها، وكان التهديد أنها إن لم تنته بسرعة فسوف يحملونها بملابس النوم إلى المطار!
قناة الجهة السيادية
وعندما طلبت أن تجري اتصالاً تليفونيا أخبروها أنهم على اتصال الآن بوزير الداخلية، الذي يتابع الأمر خطوة، خطوة، ويشرف عليها بنفسه، وأن صاحب القرار هو أعلى رأس في الدولة، فبمن يمكن أن تتصل؟ بضابط؟ أم بنجيب ساويرس، الذي باع «أون تي في» لتحصل هذه النتيجة، ويتم تصفية القناة بالكامل، وإذ تبقى فيها «جابر القرموطي»، وليليان داودد، فقد تم الاستغناء عن خدماتهما، ليذكرنا هذا بواقعة حصلت عندما كان المجلس العسكري يحكم البلاد، وهبط رجل أعمال على المشهد الإعلامي المصري بدون إنذار واشترى شبكة تلفزيونية من بابها، لهدف واحد هو إغلاقها، لسبب بسيط وهو أن قناة في هذه الشبكة، كان معتز مطر يقدم بها برنامجه «محطة مصر»، وكان لا يتوقف عن الهجوم على أداء حكم المجلس العسكري!
المطروح الآن، ليس وقف «أون تي في»، ولكن تحويل جميع القنوات التلفزيونية الخاصة إلى قنوات منوعات، لا شأن لها بالسياسة، والمطروح قناة تلفزيونية تابعة للجهات السيادية، وعندما تعرف أن «دعاء جاد الحق»، مذيعة النيل للأخبار، و»المحور» هي من تم التعاقد معها مؤخراً لصالح تلفزيون الجهات السيادية، ستقف على «النوعية المطلوبة» في المرحلة السيساوية، فليس شرطاً أن تكون مؤيداً للسيسي لتحوز الرضا، ولكن المطلوب أن يكون «إعلامي المرحلة» ليس له توجه سياسي، أو مرجعية فكرية، ولم يضبط متلبساً بموقف، ولم يكن من مؤيدي «ثورة يناير»، ولم يكن محسوباً على معارضي مبارك!
ملف الإعلام يديره سكرتير عبد الفتاح السيسي، ولأن سيطرته على جميع القنوات ضد طبائع الأشياء، لذا فقد كان الرأي هو إبعاد هذه القنوات عن المجال السياسي والاكتفاء بقناة تلفزيونية واحدة، يمكن لعباس كامل أن يديرها، وبإعلاميين لا يجتهدون مع النص الذي يكتبه لهم.
وليليان داوود، وإن كانت من مؤيدي النظام الحاكم في مصر، ولم تقترب من رحاب السيسي ولو بشطر كلمة، فإنها في النهاية إعلامية محترفة، لديها مرجعيتها السياسية وإن ذهبت بها لتأييد حكم العسكر، فإن المطلوب في المرحلة المقبلة أن يكون الإعلامي المختار هو وفق المواصفات السيساوية التي سبق الإشارة إليها، وهي في النهاية ليس ابنة المرحلة، وإن تقربت لها بالنوافل، فكان قرار طردها بهذا الشكل العنيف، وكان يمكن أن يكون بشكل أكثر دبلوماسية، ثم لماذا طردها بأي طريقة وكان يمكن الاكتفاء بتصدر بالمالك الجديد لـ «أون تي في» وعدم تجديد التعاقد معها كما فعل يومها، وانتهى الأمر عند حد كتابتها لبوست بذلك وينتهي أمرها تماماً وإن منحت الجنسية المصرية؟!
إنه حكم العسكر، الذي لم يتوقف فقد عند حد طردها بقرار من أعلى سلطة في البلاد، ولكن في تجريسها، فبينما كانت في طريقها إلى مطار القاهرة، مع العصبة أولى القوة من ضباط الجهة السيادية، كان موقع جريدة «الوفد» التي من المفترض أنها تنتمي للمعارضة، ينشر خبراً منسوباً لمصدر مجهل، بأن قرار الطرد والترحيل لخارج البلاد، يرجع إلى إصابتها بمرض نقص المناعة «الإيدز»، وعندما نددت انا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهذا السلوك المشين، تم تغيير الخبر إلى أنه تم عرضها على «الحجر الصحي» في مطار القاهرة، قبل أن يرفع تماماً، وقد أدى المهمة في التشهير بالمذيعة اللبنانية!
العصا الحبلى
فالهدف لم يكن طردها بهذا الشكل المهين والمؤلم، وإنما تحطيمها تماماً، مما جعل ليليان في دهشة وهي تقول «لم أهاجم الرئيس السيسي أبداً»، فدولة العسكر، «تحبل العصا»، وتدعي أن حملها هو نتاج علاقة غير شرعية، ألم تر كيف أنهم جعلوا من «العجل»، الذي ورد في لسان العرب أنه «ولد البقرة» وجمعه «عجول»، أنه يلد، فوزيرة التضامن في سلطة الانقلاب أعلنت بشرى بأنها ستوزع «مئة ألف عجل «عشار» على الفقراء، مع أن «العُشر» و»العشار» هو البقرة الحامل، والذكور من كل الأجناس لا تحمل ولا تلد ولا تبيض، فالعجل له خوار، ولو كان مؤنثاً لقيل «لها»!
عزيزتي ليليان داود، هل يمكن أن تحدثينا باستفاضة عن الديكتاتور محمد مرسي. كلي أذان صاغية.. الميكروفون معكي!
صحافي من مصر
سليم عزوز
مقال بليغ ومفحم للبعض وبإسلوب سلس وشيق
استاذة داود
بانتظار ردكم الكريم
لقد عرفناك منذ سنين اتمنى منك الان كلمة الحق والموقف الحق
الامر استاذ عزوز ليس نكران الجميل لمن ردحو و شتمو و قذفو ا يام مرسي فهم على رأي السيسي …نور عينينا …النظام البائد يحاول قدر الامكان التخلي عن رموز الردح الاعلامي اوما يذكر بان كان هنالك رئيس منتخب و انقلب عليه …على فكره ليس هناك من متابع للاعلام الصري كلما شاهد عمرو اديب او احمد موسى و غيرهم الكثير الا عادت به الذاكره ان هنالك رئيس شرعي منتخب بالسجن فلا عجب اذا تم طرد اعلامي كعمرو اديب على سبيل المثال رغم خدماته الجليله بالردح و كلام ليليان سليم فحتى اخر ايام عملها كمقدمة برامج كانت تقدس و تمجد السيسي فلم يشفع لها في عملية تصفية و تنقيح رموز الذاكرة المشئومه
الصوت تضخيمه إنما يُزعج المسامع. حتى أنه من الأقوام من قضى عليهم خالقهم بصيحة. السامري لولا الصوت ما كان لليهود أن يتبعوه لما استنبط لهم خوار للعجل الذي صنعه لهم ليبعدوه. الرعد يرعب بشدته مع أن الصاعقة تكون على إثر انطلاق شحنة الكهرباء المنبعثة ممن السحاب. الأمريكان جعلوا من قنابل الصوت مصدرا ليرعبوا به في الحروب. المتنقلون بين الناس المحدثون بأخبارهم استغلت أصوات ضد الذين يعارضون. إلى أن اخترع مضخم الصوت البوق ثم المذياع إلى أن امتزجت الصورة بالصوت وسهل نقلها عبر الأتير وصولا الأقمار الصناعية التي سهلت استمرار كل مستبد. لذلك كان لا بد لكل ثورة على الظلم كان لها أن تطال أولا وبالذات الإعلام ثم تطويعه لصالح الثورة. على غرار الإنقلابات التي منطلقها يكون عبر الإعلام. خلطة ثورة تونس وثورة مصر أنهما أهملتا الإعلام المحلي الذي بالمقابل استغلته الثورة المضادة للنفخ في روح من قامت ضدهم الثورة
ممتاز كالعادة.بعد كل ثورة هناك ثورة مضادة.الفرق الوحيد بعد الربيع العريى الواعد هو” سخف و رذالة ” اللتى نشاهدها اليوم .المستقبل واعد وكل الشعوب العربية ستتحرر من العبودية باذن الله.
استاذ سليم عزوز لا فض فوك.ولكن
أسمعت ان ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى
تحية للكاتب المتألق عزوز
أجمل ما في القدس العربي هو الرأي والرأي الآخر
عندما تتابع موقف الكتاب المؤيدين للشرعية والتداول السلمي للحكم أمثال كاتبنا العزيز تلاحظ ثباتا في الموقف وازديادا في جرعة السخرية كلما ازداد خوار العجل ،
أما الكتاب المحترمون المؤيدون لحكم العسكر -هذا حقهم – أو الإنقلاب العسكري أو ما يسمونه الموجة الأعظم ل 30 يونيو فديدنهم التخبط والتيه فمرة يكتبون مقال بلغة أد الدنيا ومرة مقال بلغة مافيش معنديش مش أدر أديك
عندما تسألهم ما هو الشيء الذي يمشي كإنقلاب ويتصرف كإنقلاب ويفشل كإنقلاب
يجيب لسان حالهم إنه ثورة 30 يونيو
مقال جميل استاذ سليم عزوز كما عهدناك
مقال رائع به من الإنصاف ما به
لكن دعنى أقولها صريحة ليليان ومثلها وأمثالها يستحقون ما آلوا إليه .. ف مقارنة بين حالتى الرئيس مرسى وقائد الإنقلاب السيسى .. ف العين والأذن لا تخطىء أبدا ما عهدناه من حرية غير مسبوقة مع الرئيس مرسى وإعلام موجه داعى طبال طوال الوقت مع المنقلب والعسكر ..
كما تدين تدان