رام الله ـ غزة ـ «القدس العربي»: ما أن اختتم مؤتمر إعادة إعمار غزة اعماله الليلة قبل الماضية، في العاصمة المصرية القاهرة، حتى وصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية، في زيارة سريعة، زار خلالها مقر الرئاسة والتقى أمين عام الرئاسة، الطيب عبد الرحيم، فيما اجتمع مع رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، وتباحثا في مختلف القضايا، وعلى رأسها تنفيذ ما اتفق عليه في مؤتمر إعادة الإعمار، سواء من وصول الأموال، إلى العمل على عدم إعاقة إسرائيل للجهود الدولية لإعادة الإعمار، وضمان عدم تكرار ما جرى.
وفي مؤتمر صحافي مشترك، عقد في رام الله، قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله، إن برامج الاغاثة لقطاع غزة ستبقى عاجزة عن هدفها، ما لم يتم رفع الحصار عن قطاع غزة، كونه شرطا أساسيا من شروط إعادة البناء والإعمار.
وتطرق الحمد الله إلى المبلغ الذي وفره مؤتمر المانحين والذي بلغ 5.4 مليار دولار، نصفه سيكون من أجل إعادة الإعمار، والنصف الثاني سيوفر لتأمين احتياجات الشعب الفلسطيني، أي بمعنى دعم ميزانية السلطة الفلسطينية لثلاث سنوات قادمة بحسب مصادر «القدس العربي «.
وأكد الحمد الله أن اللقاء مع بان كي مون لم يقتصر فقط على قضية إعادة الإعمار، وإنما تم بحث قضايا عديدة، كان أبرزها حل الدولتين، وهو الحل الذي يوفر مستقبلاً آمناً للشعب الفلسطيني، كما بحث اعتداءات إسرائيل في أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة.
وذكّر الحمد الله بالاتفاق الذي تم التوصل إليه الاسبوع الماضي، ويقضي بإدخال مواد بناء لقطاع غزة، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن، مؤكداً أن هذه القضية هي على أجندة الاجتماعات مع المسؤولين الدوليين طوال الأيام القادمة، مرضحا أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بهذا الشأن، يشمل كل الأطراف، خصوصاً حركة حماس.
من جهته، أعلن بان كي مون، أنه جاء إلى الاراضي الفلسطينية، حاملاً رسالة أمل باعادة الحياة الكريمة لمن يحتاجها، معتبراً أن حكومة الوفاق الوطني، ستكون اللاعب الأبرز في عملية إعادة إعمار قطاع غزة.
وتطرق مون هو الآخر لقضية إدخال البضائع ومواد البناء إلى قطاع غزة بالقول «إن الامم المتحدة عملت بكل جهد من أجل التوصل لآليات تسمح بإدخال مواد البناء التي تساعد في إعمار غزة، وإنه إذا تم تطبيق هذا الاتفاق، فإنه بكل تأكيد سيساهم في تدفق سلس للبضائع، ويسرع في عملية الإعمار».
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أن اتفاقاً ثلاثياً وقع بالفعل، من أجل الإشراف على دخول البضائع، كما أن الامم المتحدة، تحاول بدورها العمل على ضمان إدخال البضائع وتسليمها لمن يحتاجها، عبر جهات مختصة على علاقة بها.
وطالب مون الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بالانخراط من جديد في عملية سلام حقيقية، مبنية على أساس ضرورة معالجة الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى هذا الدمار، لأنه تكرر أكثر من مرة، وهو الأمر الذي يجب البحث فيه.
أما فيما يتعلق بالأفكار الفلسطينية الخاصة بالتوجه إلى المنظمات الدولية لمحاسبة إسرائيل، فقد حاول مون أن يكون ديبلوماسياً إلى حد بعيد، وقال «إن الدول التي انضمت إلى الأمم المتحدة، وإن كانت بصفة عصو مراقب، يحق لها الانضمام للمنظمات والمواثيق الدولية، لكن فلسطين لم توقع ميثاق روما حتى الآن، وهذا ما استطيع التعليق بخصوصه الآن».
وفي غزة أعلن وزير الأشغال العامة والإسكان الدكتور مفيد الحساينة أن الدول المانحة تعهدت في مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة بالعاصمة المصرية القاهرة، بأن تساهم بسرعة في إعادة بناء قطاع غزة، من خلال التوجه والضغط على اسرائيل والدول المعنية لتسهيل الأمر. وأكد الحساينة في تصريح صحافي أن مصر ستساهم في إعادة إعمار القطاع عبر السماح بإدخال مواد البناء، كما سيسمح الاحتلال الإسرائيلي بإدخالها إلى القطاع.
وعن عدم وجود مانحين جدد في حال تجدد العدوان الإسرائيلي، قال «الاحتلال لا يريد العودة للقتال، والوضع الحالي لا يدل على وجود قتال جديد، لذلك أعتقد أن مرحلة العودة للتفاوض السلمي هي التي ستؤدي إلى حلول سياسية».
ولفت إلى أن الدول تعهدت بتقديم كافة الدعم اللازم لإنجاح القضية الفلسطينية، والاعتراف بفلسطين خاصة من قبل الدول الأوروبية كما فعلت السويد، معربا عن أمله بأن تحذو دول أوروبا حذوها كون ذلك «سيدفع عملية السلام بشكل عادل».
وزار بان كي مون غزة وسط إجراءات أمنية مشددة، قادما من رام الله، بهدف الاطلاع على الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، والتحضيرات للبدء بإعادة الإعمار. وتفقد مون مشاريع الأمم المتحدة، وعقد اجتماعاً غير مسبوق مع وزراء حكومة الوفاق الوطني، حسب ما أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» التي رتبت للزيارة.
وعقد مون مؤتمرا صحافيا في مدرسة بنات جباليا الابتدائية. وقبيل وصوله لمكان المؤتمر الصحافي أغلقت أبواب المدرسة، ولم يسمح بدخول أي من وسائل الإعلام بعد ذلك الوقت. وأخلي محيط المدرسة من السيارات لأسباب أمنية.
وهي ليست الزيارة الأولى لمون لغزة، فقد سبق وأن زارها اكثر من مرة، أهمها حين دخل القطاع للمرة الأولى في ظل سيطرة حركة حماس، بعد انتهاء الحرب الأولى «الرصاص المصبوب» في كانون الثاني/ يناير 2009.
ورحب النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار بزيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقال إن هذه الزيارة كانت «فرصة مناسبة للاطلاع على الوضع المأسوي الذي يعيشه الفلسطينيون جراء سياسات إسرائيل من حصار وإغلاق وعدوان مستمر على قطاع غزة، والاستيطان والحواجز في الضفة الغربية والتهويد والملاحقة في القدس المحتلة والداخل الفلسطيني».
وأشار إلى أن الزيارة اكتسبت أهمية خاصة بعد عقد مؤتمر المانحين لإعمار غزة في القاهرة، مجددا المطالبة بضرورة الإسراع في إدخال مواد البناء للبدء في إعمار غزة خاصة في ظل ما يعيشه المواطنون في غزة من واقع إنساني مأسوي واستمرار معاناة آلاف النازحين والمهجرين.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أكد أن مؤتمر المانحين حقق نجاحا، وأن الفلسطينيين سعداء بما حققه من تبرعات، لكنهم ينتظرون معرفة آليات دفع هذا المبلغ. وأوضح أن هذه التبرعات ستتسلمها السلطة الفلسطينية عبر منظمات الأمم المتحدة وأنه «ليس لأي فصيل بعينه»، وقال إن الحكومة ستكون هي المسؤولة عن إعادة إعمار قطاع غزة. من ناحيته أكد المتحدث باسم حركة فتح أحمد عساف، أن مؤتمر القاهرة «حقق نجاحا هاماً، نتيجة لجهود الرئيس عباس المكثفة، والتعاون المصري منذ بدء التحضيرات للمؤتمر». وأشار إلى أن المؤتمر حقق الأهداف التي سعى الرئيس عباس والحكومة الفلسطينية لتحقيقها، والمتمثلة بتوفير التمويل اللازم لإعادة إعمار القطاع، وحشد الدعم السياسي لخطة الرئيس السياسية الهادفة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بسقف زمني محدد، وإنجاز الاستقلال الوطني لدولة فلسطين على خط الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأوضح أن غالبية الدول المشاركة في المؤتمر ركزت على ضرورة حل المشكلة من جذورها، عبر إنهاء الاحتلال، وقيام دولة فلسطين.
وأوضح أن الرئيس عقد عشرين اجتماعاً متواصلاً مع الوفود المشاركة بالمؤتمر ووزراء الخارجية، التي استمرت حتى ساعات متأخرة من الليل، في سعيه لتحقيق أهداف شعبنا الفلسطيني، والتخفيف عن معاناة أهلنا في قطاع غزة.
وقال إنه لا يوجد أي مبررات لعدم التزام الدول بتنفيذ وعودها، في ظل الحديث عن خطة إعادة إعمار مهنية سيخضع تنفيذها لرقابة دولية من قبل الأمم المتحدة، مشيراً إلى أنه بإمكان الدول المتبرعة نفسها أن تشارك في الإشراف على تنفيذ الخطة، معرباً عن أمله بأن يتم الإيفاء والالتزام بدفع ما تم إطلاق الوعود بشأنه.
وشدد البيان الختامي لمؤتمر المانحين على عدم إمكانية نجاح إعادة الإعمار في غزة، دون توافر رؤية دولية موحدة لإعادة الاستقرار ومواجهة التحديات طويلة المدى في غزة، وعلى أن إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 هو الضمان الوحيد لعدم تكرار أي تدمير. وأعرب المشاركون عن موافقتهم للخطة التي تقدمت بها حكومة فلسطين لإعادة إعمار غزة، مطالبين بأن يواكب تقديم المساعدة لإعادة الإعمار دعم لموازنة الحكومة الفلسطينية وللتنمية في الضفة الغربية. وشدد المشاركون في المؤتمر على انه لا يمكن إعادة إعمار غزة، إلا بفتح إسرائيل للمعابر وتسهيل التنمية الاجتماعية والإسراع في الانتعاش الاقتصادي.
ودعا البيان الحكومة الإسرائيلية إلى إزالة القيود بما يتيح للفلسطينيين التجارة بين غزة والضفة الغربية والدخول إلى أسواق العمل. ورحب المشاركون بإنشاء آلية قوية وفعالة للمراقبة في غزة، ترعاها الأمم المتحدة وتقبل بها إسرائيل وفلسطين ويمولها المانحون.
فادي أبو سعدى ومن أشرف الهور