القاهرة ـ «القدس العربي»: هيمنت على الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 1 يونيو/حزيران، حالة مشاعر متباينة، إذ انقسم الكتاب لفريقين، أحدهما متفائل يرى أفراده أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان، وآخر متشائم يعتبر أنصاره مصر في الطريق للهاوية.
بينما الرئيس يواصل المشوار بافتتاح مشاريع جديدة غير مهتم بتلك الأصوات التي تحذره من أن أول طرق التنمية لا بد أن يبدأ من شارع الحرية، مطالبين إياه بفتح السجون والعفو عن المعتقلين، وهو الأمر الذي يراه كتاب النظام سيفضي لكارثة.
المصريون لازالوا غاضبين بسبب ارتفاع أسعار السلع كافة، وهو الأمر الذي حول حياة الفقراء لجحيم يومي، لكن وللأمانة فإن المشاريع التنموية التي يفتتحها الرئيس تمنح «رشة أمل» في ظل صيف حار، إذ تجاوزت درجة الحرارة في العاصمة أمس الأربعين. ومن الأخبار التي نشرتها صحف أمس تلك التصريحات التي قالت فيها سحر طلعت مصطفى رئيسة لجنة السياحة والطيران المدني في البرلمان، أن مسؤولين في وزارة السياحة أبلغوها بأنه من المُنتظر الإعلان عن تسهيلات في تأشيرات الدخول من دول الخليج العربي لمصر، حتى نتمكن من استيعاب أكبر عدد من السائحين العرب، خلال الفترة المقبلة.. وبالطبع فإن حضور الخليجيين أمر نرحب به على مدار الساعة، فهم أشقاؤنا الذين يدعمون صناعة السياحة المنهارة، لكن مجرد الحديث عن مزيد من التسهيلات المتوفرة أصلا لكل جنسيات العالم، يبعث للتساؤل عن أولئك المعذبين أبد الدهر خلف أسوار معبر رفح.. متى ينالون رضا المقام السامي.. وإلى التفاصيل:
عبد الفتاح عبد المنعم:
التطرف يسري في دمائنا
نبدأ بالثناء على الرئيس بسبب تعاطفه مع السيدة القبطية في المنيا حيث يشيد عبد الفتاح عبد المنعم بحسن تعامله معها في «اليوم السابع»: «حسنا ما فعله الرئيس عبدالفتاح السيسي، عندما تناول قضية الاعتداء على السيدة المسنة في قرية الكرم في محافظة المنيا، التي تعرضت لعملية اغتصاب معنوي، عندما قام مجموعة من الهمج باقتحام منزلها وحرقه وإجبارها على خلع ملابسها، تحت زعم الانتقام من ابنها المتهم بأنه أقام علاقة غير شرعية مع إحدى سيدات القرية، وهو ما لم يتم التأكد منه حتى الآن. اعتذار الرئيس جاء ليؤكد خطورة الجريمة التي ارتكبها تنظيم الهمج، الذي لم يراع دينا أو أخلاقا أو عادات أو تقاليد، وتحول أعضاء هذا التنظيم إلى مجوعة من البربر ومصاصي دماء البشر، والنتيجة هي مزيد من الاحتقان بين المسلمين والأقباط، ومحاولة شياطين الفتن إشعال نار الفتنة الطائفية، في بلد لا تحتاج لمن يشعل أي فتنة، فهي موجودة في دماء كل مصرى مسلم أو مسيحي، ومن يتحدث عن التسامح والمحبة والشعب الواحد هو واهم، وربما يكون كذابا، والسبب أن التطرف يسري في دمائنا، وأن الهمجية للأسف أصبحت جزءا من مكونات الشخصية المصرية، التي تحولت بفعل فاعل إلى مجموعة من الهمج والخارجين عن القانون الذين أتساءل متى يتم القبض عليهم ومحاكمتهم بشكل عاجل؟».
ساديون
يجب محاكمتهم
ونبقى مع فتنة المنيا وممن اهتموا بها سعيد السني في «المصري اليوم»: «إن احتشاد نحو 300 شخص من «الذكور» أشباه الرجال في «الكرم» على هذا الفعل المُشين، يعني من الناحية النفسية، نوعاً من السادية الجماعية.. إذ السادية هي التلذذ والاستمتاع بتعذيب الآخرين، نفسياً أو بدنياً أو جنسياً، وهذا متوفر في الحالة الماثلة، فالهاجس الجنسي شاغل دوما للسلفيين، و«التعرية» فعل جنسي بالأساس، كما أن مضمون الإشاعة المفجرة للأحداث مرتبط بهذا السلوك، الذي اتخذ شكلاً هستيرياً، بانتقال السادية للحشد، كما تنتقل العدوى، ويمكننا اعتماداً على دراسات علماء الاتصال، بدءاً بالفرنسي غوستاف لوبان (1841- 1931)، مروراً بعالم الاجتماع الأمريكي هربرت بلومر (1900- 1987)، استنتاج أننا بصدد «حشد عدواني» جرت إثارته عاطفياً ودينياً بالشائعة إياها، وتغييب عقول المشاركين وأخلاقهم وضمائرهم، وتحريكهم لهذا لسلوك السادي الصادم لفرط بشاعته وشذوذه، وهي أمور كلها يجيدها السلفيون كما الإخوان.. رحم الله السادات وأخلاق القرية و«الدولة المدنية»، إن لم تتحرك الحكومة وتُشكِل فريقاً علميا معتبراً، يضع منهجاً سليماً للخروج من هذا المأزق المتكرر، الذي يمكن أن يوقع بالدولة في المهالك، وإذا كنا نتحدث ليل نهار عن المؤامرات الكونية، وإذا كان معظم النار من مستصغر الشرر.. فإن ترك الملف الطائفي مفتوحاً دون علاج حاسم يعني أننا نتآمر على أنفسنا
ليس وحده الكاذب
لازال اعتراف صحيفة «الغارديان» البريطانية بكذب مراسلها السابق في تقاريره عن مصر، يشد الانتباه، وهو الأمر الذي اهتم به مكرم محمد أحمد في «الأهرام»: «لا أظن أن الوضع مع صحيفة «الغارديان» التي ملكت شجاعة الاعتراف بخطأ مراسلها في القاهرة وسوء قصده وتعمده نشر أكاذيب ضللت قراء الصحيفة، يختلف عن أوضاع معظم مراسلي الصحف الأمريكية والغربية في مصر.. الذين أدمنوا كتابة تقارير غير صحيحة عن أحداث مصر منذ سقوط دولة جماعة الإخوان المسلمين، تروج لقصص كاذبة مفادها، أن مرسى هو أول رئيس منتخب في مصر! وأنه سقط بفعل انقلاب عسكري قامت به القوات المسلحة المصرية، وليس بفعل تظاهرات ضخمة بلغ حجمها 30 مليون نسمة، خرجت في كل مدن مصر تطالب بإنهاء حكم المرشد والجماعة، كما درجت هذه الصحف على نشر تقارير كاذبة عن مجمل الأوضاع في مصر، تتهم الحكم بالديكتاتورية وإساءة معاملة الصحافيين الوطنيين وسجنهم واعتقالهم، من دون أن تقدم أي أدلة على صدق هذه الاتهامات. وما من شك في أن تراجع «الغارديان» واعتذارها العلني سوف يضع مراسلي هذه الصحف في أزمة حقيقية، لأن ما كانت تنشره «الغارديان» يكاد يكون متطابقا في محتواه وعناوينه مع ما تنشره باقى الصحف الغربية عن مصر. ومع الأسف اتسع هذا التيار ليضم بعض مراكز الأبحاث السياسية والإستراتيجية، وبينها معهد «بروكنغز» الذي تورط بحسب مكرم في نشر تقارير كاذبة، زعمت أن يوم 25 أبريل/نيسان سوف يشهد مظاهرات مليونية ضخمة تطالب بإسقاط النظام».
لم يكذب
نبقى مع قضية «الغارديان»، حيث فاجأ فهمي هويدي الجميع في «الشروق» بمقال دافع فيه عن موقف المحرر البريطاني: «موقف بعض الصحف المصرية من فضح صحيفة «الغارديان» البريطانية للمراسل الذي أمدها بتقارير مزورة عن مصر يدعو إلى الدهشة. أتحدث عن المراسل الذي زودها في وقت سابق ببعض التقارير التي تضمنت معلومات غير حقيقية نسبت إلى مصادر لم تتحدث إليه، وحين تلقت الجريدة شكاوى أشخاص من بين تلك المصادر، فإنها بذلت جهدا كبيرا في تحري الأمر، واستأجرت محققا ليتولى المهمة. وحين تأكدت من صحة الشكاوى، فإنها أوقفت المراسل، ونشرت بيانا اعتذاريا لقرائها، روت فيه القصة كاملة في عدد 26 مايو/أيار. وما أن فعلتها حتى التقطت القصة الجهات المعنية في مصر، وانتهزتها فرصة لكي تضرب عدة عصافير بحجر واحد. من ناحية لكي تشكك في صدقية الصحف الغربية التي تنتقد مصر، ثم لكي تتهم المراسلين الأجانب بالكذب والاختلاق. وثالثا لكي تؤكد أن مصر تتعرض لمؤامرة تدبرها أيادٍ خفية أجنبية
يتابع هويدي ليس عندى دفاع عن المراسلين الأجانب، ولكنني أزعم أنه ليس من الإنصاف أن يعمم الاتهام على الجميع، بسبب خطأ فرد. كما أنه ليس من الأمانة أن يتم تسييس التقرير الذي نشرته «الغارديان»، على نحو يستخدم التغليط في إيصال الرسالة إلى القارئ المصري أو العربي عموما. فقد تبين مثلا أن التقارير التي كتبها الصحافي جوزيف مايتون عن مصر نشرت في عامي 2009 و2010 أثناء وجوده في القاهرة قبل انتقاله إلى الولايات المتحدة. وهو ما صرح به المتحدث الإعلامي باسم «الغارديان»، لموقع «صدى مصر»، حين تم التواصل معه لتحديد الفترة التي كتب فيها الرجل عن مصر. وكانت المفاجأة أن تقارير الرجل نشرت قبل ثورة 2011 ولا علاقة لها بالنظام المصري الحالي، ثم انه تحدث في مقالات عن أوضاع البيئة والفساد في أواخر عصر مبارك. من ثم فالادعاء بأن ما نشرته «الغارديان» كان جزءا من الحملة المزعومة لتشويه مصر واستهداف نظامها يصبح بغير أساس».
هل تتحول النقابة لقسم شرطة؟
أما صحيفة «التحرير» فأشارت إلى الدعوة الخطيرة والمثيرة للتساؤلات، التي تنطلق من أن المركز الصحافي التابع لهيئة الاستعلامات قد فشل فشلا ذريعا في عمله مع الصحافيين والمراسلين الأجانب أو العاملين في وسائل الإعلام الأجنبية. والمعروف أن المركز الصحافي التابع لهيئة الاستعلامات هو الجهة الوحيدة التي تمنح الاعتمادات وتعمل مع ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية في مصر. وقد حذَّرت لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة من مخاطر التقارير الإعلامية المشبوهة، ورأت اللجنة أن هناك وكالات ومكاتب صحف أجنبية دأبت على بث أكاذيب ومغالطات عن مصر، تتسبب في تشويه صورة الدولة المصرية في الخارج، ما يستوجب التصدي لها أصحاب هذه الدعوة، كما يشير أشرف الصباغ في «التحرير»، يرون أن ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية يبثون تقارير غير موضوعية، ويستقون معلوماتهم من جهات غير رسمية في الدولة المصرية. وبالتالي، يشوهون «صورة مصر» بالأكاذيب والادعاءات والمعلومات غير الدقيقة. وعندما يتم إسناد اعتماد ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية إلى نقابة الصحافيين، فسوف تراقبهم النقابة وتحاسبهم على تقاريرهم المهنية! ويتابع الصباغ قائلا، هذه الدعوة في غاية الخطورة، لأنها تحوِّل نقابة الصحافيين إلى جهة رقابة على الصحافيين والمراسلين الأجانب والعاملين في وسائل الإعلام الأجنبية، الذين لا يخضعون أصلا إلى ميثاق نقابة الصحافيين المصريين. كما تحوِّل النقابة إلى جهة محاسبة أيضا. وهو ما لا يتفق مع مواثيق العمل الإعلامي وحرية النشر والرأي. وبدلا من تقوية وتعزيز وسائل الإعلام المصرية، وتطويرها مهنيا، وتدريب كوادرها وفق مناهج وبرامج حديثة من أجل القيام بعملهم المهني كما ينبغي، واحتلال مساحات واسعة من الساحات والفضاءات الإعلامية في الداخل والخارج بشكل مهنى وحِرَفى، تجري الدعوة إلى الرقابة والمحاسبة لوسائل الإعلام الأجنبية ومراسليها في مصر عبر نقابة الصحافيين».
أدافع عن النقيب
أخيراً عثرنا على من يدافع عن نقيب الصحافيين في جريدة «الأهرام» التي اتخذت موقفاً داعم لوزارة الداخلية في أزمتها مع النقابة، صلاح منتصر يتولى المهمة: «اختلفت مع الزميل الأستاذ يحيى قلاش نقيب الصحافيين في موضوع الاثنين اللذين تم القبض عليهما داخل النقابة، ولكن لا يعني هذا أن أقر الطريقة التي تم التعامل بها أخيرا مع النقيب وزميلين من أعضاء مجلس النقابة، جرى التحقيق معهم ساعات طويلة وتحدد لمحاكمتهم السبت المقبل. الإجراءات القانونية تمت في إطار القانون، هذا صحيح، أما واقعيا فهناك طرف في قضية بدا وكأن القانون يستخدم شكلا لمعاقبته، وطرف آخر وهو وزارة الداخلية تحميه قوته. يتابع منتصر: كل من الطرفين أخطأ، وكان رأيي أن يعترف كل منهما بذلك وينتهي الخلاف، فالنقابة لا يمكن أن يكون خلافها حول «جريمة من احتميا بها» وإنما عن تصرف الأمن، لكن جاء الخطأ الأكبر من النقابة بالقرارات الجسيمة التي أطلقت عليها «قرارات حرب» وزجت فيها باسم رئيس الجمهورية بصورة لا تليق، وهو ما دفع مؤسسة «الأهرام» إلى التدخل والدعوة لاجتماع لإصلاح ما جرى من تجاوز. اليوم نحن أمام تطور جديد بتقديم طرف للحساب دون طرف آخر.. ومع إيمان الكاتب بجهة الحساب العادلة، إلا أنه يرى، أن ميزان العدالة يهضم حقي في معاملة نقيبي معاملة الطرف الآخر نفسها. نعم أعارض النقيب ولكن عندما يتغير الموقف فأنا معه وأدافع عنه».
سابقة لا مثيل لها في تاريخ الصحافة المصرية
ومن أبرز المدافعين عن نقيب الصحافيين في «الأهرام» أيضا أسامة الغزالي حرب: «قول واحد، وبلا أي رتوش ولا تحفظات ولا تزويق، احتجاز يحيى قلاش نقيب الصحافيين المصريين في قسم شرطة قصر النيل، ولو لساعات قليلة، هو مشهد مؤسف غير مسبوق، وهو خطأ سياسي بالغ، أسهمت في صنعه الدولة والنقابة معا، هو ــ باختصارــ فضيحة! نعم، قلاش ــ مثل أي مواطن مصري ــ ليس على رأسه ريشة، ومن البدهي أن يخضع للتحقيق والحبس في أي قضية عادية، ولكن يحيى قلاش احتجز بصفته نقيبا للصحافيين، أي الممثل الشرعي للصحافيين الذين هم العمود الفقري للصحافة المصرية. والصحافة في كل بلاد الدنيا على رأسها ريشة، فحريتها وازدهارها هما التعبير الأول عن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. وسوف أسلم بأنه أخطأ في إيوائه اثنين من الصحافيين، كان يفترض تسليمهما للنيابة (ولو أنه أوضح ملابسات ذلك الموقف كله). وأضيف أيضا أنني أختلف مع يحيى قلاش في التوجه السياسي، ولكن قضية حرية الصحافة تتجاوز الاختلافات الأيديولوجية، كما أنها تعلو على تفاصيل تهمة «إيواء أشخاص مطلوبين للعدالة».. أو غيرها. ولذلك كله، فإن احتجاز نقيب صحافيي مصر، ومعه اثنان من أعضاء مجلس النقابة (خالد البلشي وجمال عبد الرحيم) ولو لمدة 24 ساعة أو أقل، في قسم للشرطة، ولو بسبب عدم دفع قيمة الغرامة التي حكم عليهم بها، يسجل سابقة لا مثيل لها في تاريخ الصحافة المصرية، مثلما يسجل فضيحة عالمية مدوية».
لغز الكفالة مستمر
لازال لغز من دفع الكفالة عن نقيب الصحافيين ووكيل النقابة ورئيس لجنة الحريات مستمر، إذ رفض ثلاثتهم دفعها ما أشعل الأسئلة عن فاعل الخير هذا، وهو الأمر الذي سعت «الشروق» للتنقيب عنه: «قال المحامي طارق نجيدة، القيادي في التيار الشعبي، إنه يرفض الإفصاح عن هوية الأشخاص الذين فوضوه لدفع الكفالة الموقعة على نقيب الصحافيين يحيى قلاش، وعضوي مجلس النقابة، في قضية إيواء مطلوبين «بدافع الحفاظ على أسرار مهنته»، مضيفًا أن «دفع الكفالة سيدعم موقف نقابة الصحافيين في القضية الحالية». وتابع نجيدة لـ«الشروق»: «القدر هو من قادني لاتخاذ هذا الموقف، لأنني تربطنى علاقة شخصية تاريخية بنقيب الصحافيين تحتم عليّ التدخل الإنساني والأداء الوظيفي تجاهه». وقال إن نقيب الصحافيين لم يوجه له عتابًا على قرار دفع الكفالة، رغم تسجيله اعتراضه على دفع الكفالة من دون علمه. وأضاف: «لم أحزن من سيل الانتقادات التي تعرضت له على خلفية قراري هذا، وأؤكد لهم أن الأيام ستثبت صحة إجراء دفع الكفالة، لأنه سيصب في صالح قضية نقابة الصحافيين ضد وزير الداخلية»، مطالبا الصحافيين بالتكاتف خلف مجلس النقابة في معركته مع وزارة الداخلية».
كلنا خاسرون
مثل كل كارثة تحل بالبلاد يتم إلصاق التهمه بالإخوان وها هو عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق» يرى أنهم هم الرابحون من الأزمة بين الدولة والمجتمع: «أكبر خطأ تقع فيه بعض أجهزة الدولة أن تشعر بالانتصار لمجرد أنها حبست نقيب الصحافيين واثنين من أعضاء مجلس النقابة. وأكبر خطأ تقع فيه النقابة أن تدخل في معركة مع كل أجهزة الدولة، مضافا إليها قطاع كبير من الرأي العام تم حشده بطرق متنوعة معظمها ظالم ضد الصحافيين. هذه معركة الجميع فيها خاسر، والكاسب الوحيد هم جماعة الإخوان والإرهابيين والمتطرفين وكل من لا يريد خيرا لمصر. ربما تعتقد الحكومة أنها ربحت معركتها ضد الصحافيين، لكنها لسوء الحظ لا ترى الخسائر الإستراتيجية على المدى البعيد، ما قيمة أن تحقق مكسبا سريعا اليوم، لكنك تخسر كل أو أغلب من كان يؤيدك أمس واليوم؟ يضيف الكاتب لا تريد الحكومة وأجهزتها أن تصدق أن المعارضين لها في نقابة الصحافيين صاروا أكبر كثيرا منذ اقتحام النقابة وحصارها، والسماح لكائنات مشوهة بالهتاف بطريقة فجة ضد الصحافيين. تصرفات الحكومة الأخيرة تحول المعتدلين إلى خصوم، والخصوم إلى متطرفين، والمؤيدين إلى عاجزين عن الدفاع عنها. وفى المقابل على النقابة ألا تنجرف إلى معركة سياسية يريدها الإخوان والمتطرفون، بل تحصر الأمر في الشق المهني والقانوني، وألا تسمح بأن يقود الصقور المعركة، لأن ذلك هو ما يريده خصوم النقابة، حتى يحققوا هدفهم النهائي وهو ضرب المهنة والمهنيين».
الغدر كان متوقعاً
لقد كان واضحا منذ البداية نتيجة المعركة بين نقابة الصحافيين والداخلية، لأنها معركة بين المساير والغادر لحظة الاختلاف والفراق، كما يشير يحيى حسن عمر في «الشعب» : طبيعي أن تكون نتيجة المعركة للغادر لأن الشوط الذي قطعوه معا في اتجاهه، فلقد كانت الغالبية العظمى للصف الصحافي وقوته الدافعة بين مؤيد للظلم الواقع خلال الأعوام الثلاثة الماضية، أو ساكت عنه مساير له، أو رافض بقلبه لكنه سائر في الطريق مع القافلة، فقط عندما بدأ الظلم ـ بعضٌ قليلٌ من هذا الظلم ـ يطال الصف الصحافي قررت النقابة عدم المسايرة، هيهات، ولات حين مناص. وكيف تكون المعركة متكافئة إذا كان نصف جيشك فيها مع الخصم، فإذا تحدثنا عن وزارة الداخلية من الوزير وإلى آخر مشارك في إدارة هذه المعركة، فالكل على قلب رجل واحد في استخدام كل الوسائل المعتادة التي تستخدمها الوزارة، بداية من الكذب والافتراء وخرق القانون مدعم بتدبيج الورق، وانتهاء باستخدام البلطجية والرداحات يعتدون على الناس يدا ولسانا في حراسة ودعم جنود الشرطة، بينما نصف الصف الأول من القيادات الصحافية – بل أكثر – من الأمنجية أتباع الداخلية من قديم القديم، فآنى تنتصر النقابة. لذلك كان منتظرا تماما ما حدث، هذه الكتلة الأمنجية في الوسط الصحافي سايرت (هوجة النقابة) في الأيام الأولى ـ ولو بالصمت ـ حتى لا تنكشف أوراقها، ثم ما لبثت أن خرجت من الصف ـ منضمة للخصم في اللحظة الحاسمة، مثلما يفعل كل الغادرين والمنافقين في المعارك منذ (أحد) وحتى (مرج دابق) و(الريدانية)، فتكون نتيجة المعركة بذلك شبه محسومة».
العادلي في الميدان
ومن تقارير أمس اللافتة ما نشرته «الشعب» عن عودة وزير خارجية مبارك للأضواء: «لم يكتف النظام بتبرئة المخلوع ورجاله، بل إلقاء اللوم على الثوار الذين مازالوا يدفعون ذلك الثمن حتى الآن، لكنهم فتحوا المجال أمام العودة التي أطلق عليها بعض الإعلاميين أنها الكبرى، لأخطر رجال مبارك، والتي خرجت الثورة بسببه تقريبا عام 2011، وهو حبيب العادلي، الذي يستعد عن طريق زوجته الآن للعودة إلى الأضواء والشهرة، وعبر ميدان التحرير الذي أطاح به وتمت المطالبه فيه بإعدامه. لكنه أصر على خروج مؤسسته الإعلامية، التي سوف تضم صحيفة وفضائية، يكون هدفها الرئيسي، إعادة تلميعه مره أخرى وتصدره للمشهد.. وكشفت مصادر خاصة بالصحافيين، أن حبيب العادلي، وزير داخلية المخلوع مبارك، يجهز بالفعل الآن إلى مشروع إعلامي ضخم يضم قناة فضائية وموقعا إلكترونيا وصحيفة ورقية، تحت إشراف زوجته إلهام شرشر، التي ستتولى منصب رئيسة تحرير الصحيفة والموقع.. وأشارت المصادر إلى أن زوجة أكثر سفاحي داخلية مبارك، الذي برأه القضاء الموالي للعسكر، قد اجتمعت بالفعل مع العديد من كبار الصحافيين لمساعدتها في المشروع الجديد وإدارته، في الوقت الذي أكدت فيه تلك المصادر، أن الموقع والصحيفة سيحملان إسم «الزمان».
التكالب على منافذ «أهلا رمضان»
اهتمت صحيفة «المصريون» بتصريحات أبرز الإعلاميات المناصرات للرئيس السيسي حيث قالت الإعلامية لميس الحديدي بأن المؤتمر الاقتصادي الذي عُقد في شرم الشيخ، خيب الآمال، مضيفة أن: «المؤتمر الاقتصادي طلع بينا السما ونزلنا لسابع أرض». وأضافت الحديدي في برنامج «هنا العاصمة»، المذاع عبر شاشة CBC، أن معدلات النمو والإنتاج ضعيفة مقارنة بمعدلات الاستهلاك، مشيرة إلى أن تشجيع القطاع الخاص لضخ أمواله في الصناعات المصرية سيجعل عجلة الإنتاج تدور، وسيوفر فرص عمل للشباب. وطالبت لميس الدولة بضرورة التصالح مع رجال الأعمال، من خلال سهولة منح الأراضي والتراخيص، وإدخال الكهرباء، إضافة إلى شفافية القوانين. وأكدت أن هناك العديد من المشاهد حدثت في مصر خلال الأيام القليلة الماضية، تدعو للتساؤل والدهشة، ومن أبرز هذه المشاهد هو التكالب على منافذ «أهلا رمضان» ومنافذ البيع الأخرى التي طرحتها الدولة مؤخرا، فضلًا عن وجود المواطنين بأعداد كبيرة أمام أحد المشروعات السكانية التي تم طرحها من جانب إحدى الشركات. وأشارت إلى أن هناك حالة من التناقض بين المشهدين السابقين، حيث هناك مواطنون يعانون من الفقر، وآخرون يمتلكون أموالًا وترتفع عندهم نسبة الاستهلاك».
نحتاج لأهل الخبرة
بعض الكتاب يهتمون بدق ناقوس الخطر بسبب ما تعيشه مصر من أزمات من هؤلاء عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم»: «المتابع للأحداث في بر المحروسة، وردود الأفعال الرسمية في هذا الشأن، سوف يتوقف كثيراً أمام معظمها، إن لم يكن أمامها جميعاً، التصعيد ثم التصعيد ثم التصعيد، وكأن هناك داخل السلطة من لا يريد لهذا البلد أن يهدأ أو يستقر، البعض يتحدث علانية عن صراع أجهزة، البعض يتحدث عن غباء، البعض يتحدث عن مستشارين ليسوا على مستوى المرحلة، البعض يراها: سمك، لبن، تمر هندي، أي أنه لا توجد قواعد في اتخاذ القرار، كما لا توجد إدارة أو هيئة لإدارة الأزمات، بالتالي كان ما كان. يضيف سلامة ليستمر خبراء ومستشارو الثقة في مواقعهم، ليستمر الضعفاء في مناصبهم، مادامت هي استراتيجية النظام، إلا أن الأمر لم يعد يحتمل التعامل مع الأزمات بهذا الشكل الفوضوي، إلا إذا كانت هذه أيضا إستراتيجية النظام، من المهم الإسراع بتشكيل هيئة أو لجنة لإدارة الأزمات، تتكون من خبراء حقيقيين، تحديداً من أهل الخبرة، يحملون على عاتقهم التعامل مع المواقف الطارئة بأقصى سرعة ممكنة، بتعقل وحنكة، بمنأى عن صراع الأجهزة، وبمنأى عن الأهواء السياسية، وأيضاً بمنأى عن التوجيهات السيكوباثية، التي تعتمد منطق القوة طريقاً واحداً لمواجهة الأزمات».
الدبة التي تقتل صاحبها
ونتحول نحو هجوم على أنصار السيسي ويتولاه محمد على إبراهيم في «مصر العربية»: «فجأة وجدت مؤيدي الرئيس السيسي ينشرون صورا على الفيسبوك لطابور ضخم من مواطنين ازدحموا وتحلقوا حول مكان حجز شقق «ماونتن فيو»، الغرض من نشر الأخبار والصور هو إظهار أن مصر غنية وأهلها مليونيرات.. الفقراء يدفعون 700 ألف جنيه للشقة 100 متر والأثرياء يسددون من 3 إلى 4 ملايين جنيه للشقق الأكبر حجما والفيلات. ويؤكد الكاتب أن التبرير المستفز الذي تسوقه صفحات «الجيش المصري» والكتائب الإلكترونية المؤيدة للرئيس أن المصريين يملكون أموالا بالملايين.. «الخير كثير يا معارضين يا رمم ياللي مبتشوفوش من الغربال».. هكذا وصفوا كل من يشكو سوء الأحوال الاقتصادية والفقر الشديد وارتفاع الأسعار.. سأفترض جدلا أن هؤلاء المتدافعين للحصول على الشقق والفيلات المليونية هم مليون شخص أو حتى ثلاثة ملايين مصري.. ما علاقة هؤلاء بالـ90 مليون يا حضرات؟ ويؤكد الكاتب: الواضح أن مؤيدي الرئيس لا يجيدون تسويقه.. بل إنهم مثل الدبة التي تقتل صاحبها. يضيف ابراهيم ما علاقتي أنا والغلابة بهذه الشقق.. ناس تشتري بثلاثة أو أربعة ملايين.. ربنا يزيدهم، لكن ما علاقة هذا بالأرز أبو 10 جنيهات والدواء الذي زاد 30 ٪ للشريط وليس للعلبة، كما تقول الدولة وزجاجة الزيت التي اقتربت من 15 جنيها وكيلو الدجاج الذي تجاوز 30 جنيها.. هل وجود طابور وزحام واختناق أمام الشقق والفيلات المليونية يعني أن مصر حدثت فيها تنمية شاملة ورفاهية فجائية واختفت البطالة وظهر عفريت المصباح السحري الذي نقلنا من الظلمات للنور في غمضه عين؟ إذا كانت الكتائب الإلكترونية المؤيدة للرئيس ترى أنها بهذا أخرست شكاوى المواطنين، فقد زادتها اشتعالا..».
مصر مهددة
بالعطش
تداعيات سد النهضة ستضرب مصر بشدة، وهو الأمر الذي يشير إليه جمال صيام في «المصريون»: «هناك سيناريو متفائل (مائيا) يشير إلى نقص الناتج المحلي الزراعي بنسبة 8٪، ونقص الرفاهية بما قيمته 38 مليار جنيه، ونقص الاستهلاك الزراعي بنسبة 5٪، وزيادة التشغيل بنسبة 3.1٪. أما السيناريو المتشائم فسيؤدي إلى نقص الناتج المحلي الإجمالي الزراعي بنسبة النصف تقريبا (47٪ من مستواه المتوقع في عام 2060) ونقص الرفاهية بما قيمته 234 مليار جنيه، ونقص الاستهلاك الزراعي من قبل المستهلكين بنسبة 30٪ ونقص تشغيل القوة العاملة بنسبة 39.2٪. السيناريو الأكثر كارثية على الإطلاق هو ذلك الذي يجمع بين آثار سد النهضة (وغيره من السدود الإثيوبية المماثلة) وآثار التغيرات المناخية المتشائمة.
وينطوي هذا السيناريو على نقص كمية مياه النيل الواردة لمصر بنحو 30 مليار متر مكعب سنويا، أي بنسبة 54٪ من حصتها التاريخية في عام 2060. وذلك يعني أن الكمية الباقية وهي 25.5 مليار متر مكعب سنويا تكفي فقط لتغطية نصف الاحتياجات المائية من الاستخدامات المنزلية والصناعة، ويظل النصف الآخر من هذه الاحتياجات، فضلا عن احتياجات الري لقطاع الزراعة في احتياج لإيجاد مصادر أخرى، وهي في الأغلب ستنحصر في مياه الصــرف الصحي والصناعي المعالجة، فضلا عن تحلية مياه البحر، وكلاهما يتم بتكلفة مرتفعــــة، وغــــير اقتصادية بالنسبة لقطاع الزراعة. إلا إذا تحققت تطورات تكنولوجــــية تسفر عن خفض تكاليف تنقية مياه الصرف الصحي والصناعي وتحلية مياه البحر إلى مستويات اقتصادية. المجتمع بأكمله سيكون معرضا لأضرار كارثية».
«فينا حاجة غلط»
ونختتم الرحلة بنقد لأسوأ ما فينا يتولاه محمود الكردوسي في «الوطن»: «طول عمر «الوحاشة» منبوذة كالمرض الجلدي، لكن الشكل الحلو يخفي محتوى مقرفاً: البنت الجميلة فخ، والمحترمة معقدة، والمتفتحة صيد سهل! صاحب الفيلا حرامي، وسارقها مواطن شريف. الفلوس الكثيرة «فساد»، والقليلة «كنز لا يفنى». الحب قلة حَيَا (أو قلة حيلة)، والزواج صفقة خاسرة. ابتسامة الوجه جرح، والطيبة ورم في عضلة القلب. الصحف سلالم خدم، والفضائيات هواء ملوث، والإنترنت لعب عيال. الأفلام الواقعية إساءة، والرومانسية سذاجة، والكوميدية تفاهة، والأكشن تقليد أعمى. اللوحة شخبطة، والقصة شأن داخلي، والقصيدة قطة سوداء في غرفة مظلمة. الكرة سياسة، والسياسة «لعب عيال». الدين «عِدّة نصب»، والوطن «زَهْر طاولة» يتقاذفه تاجران في استراحة بين صفقتين.. فما الذي جرى؟».
حسام عبد البصير