القاهرة ـ «القدس العربي»: استيقظ المصريون أمس على قرار يزيد من حالة البؤس التي يحيونها منذ صعود معسكر 30 يونيو/حزيران لسدة المشهد، حيث أعلن البنك المركزي تحرير سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، على أن يتم شراء الدولار من العملاء في البنوك بسعر 13.1 جنيه وبيعه بسعر 13.50.
القرار يعني خفض قيمة الجنيه المصري بنحو 50٪، وتراجع القوة الشرائية للعملة المصرية، الأمر الذي يرشح البلاد للانفجار وينذر بموجة ارتفاع جديدة في الأسعار. جاء القرار في الوقت الذي تشير فيه الغرف التجارية إلى أن قراراتها الأخيرة بوقف الاستيراد للسلع غير الأساسية، سبب رئيس في انخفاض سعر الدولار، في ظل عدم إقبال المستوردين عليه، وبالتأكيد لا يحتاج المصريون من يذكرهم بصعوبة الأيام المقبلة، ويلقي عليهم الدروس والعبر عن ثواب الصبر، فحياتهم على أرض الواقع باتت لا تختلف كثيراً عن أوضاع أولئك الذين يحيون في أجواء الحروب أو الكوارث. وحسب تقارير شبه رسميه فإن الأسعار تتحرك لأعلى كل ساعتين، وهو ما يبدد تماماً أي مزاعم بفرج قريب، لذا تبدو تصريحات المسؤولين في هذا الشأن أشبه بنكتة في سرادق عزاء. وعلى هذا النحو لم يعد لصحف النظام بين جموع المواطنين أي مصداقية، والأرقام تكشف عن تردي توزيعها لمستوى غير مسبوق. وأمس الخميس 3 نوفمبر/تشرين الثاني سعى كتاب النظام لاستمرار الدفاع عن السلطة ومن يتولون مقاليد الأمور. أما أصوات المعارضة فكانت على أشدها في عدد من الصحف المستقلة بعد تواصل تردي الأوضاع. وازدهرت المعارك الصحافية بين السلطة ورجالها من جانب وكتاب المعارضة من جانب آخر وإلى التفاصيل:
في بيتنا ثلاجة
لازالت أزمة ثلاجة السيسي تتواصل وبدوره يشارك صلاح منتصر في الدفاع عنه في «الأهرام»: «يوم اشتريت ثلاجة إيديال عام 1963 ودفعت فيها 85 جنيها بالإضافة إلى جنيهين مصاريف نقل، كان حدثا عظيما في حياتنا الزوجية، التي كان عمرها شهوراً وقد تشاورت مع زوجتي، رحمها الله، حول المكان الذي نضعها فيه، كان هناك مكان مناسب للثلاجة في المطبخ فإننا استبعدنا ذلك على اعتبار أن الثلاجة كما كانت عادة البيوت في ذلك الوقت «قطعة موبيليا بيضاء» يفاخر بها البيت ويبرزها في مكان واضح. إلا أنه نظرا لظروف المساحة وجدنا لها ركنا في حجرة السفرة، خاصة أننا اكتشفنا أن إمكانياتنا المادية لم تكن تسمح «بتعمير» الثلاجة كما يجب، وأنه من المصلحة وضعها في مكان لا يسمح للغريب إذا طلب كوب ماء وفتحنا باب الثلاجة أن يكتشف خلوها .وهكذا فإننا لأكثر من سنة ظلت ثلاجتنا ديكورا أبيض لامعا كل ما فيه بقية طعام أكلناه ونحتفظ بالباقي لنأكله في اليوم التالي، أو قطعة جبن مع البطيخة التي كنا نأكلها على أيام، فلم يكن الدخل يسمح بأكثر من ذلك، رغم أن الأسعار في ذلك الوقت كانت بالقرش والمليم .ولم أكن صلاح وحده الذي أدخل إلى بيته ثلاجة ظلت خالية فترة طويلة، فمعظم جيله كما يشير كان مثله: يكافح بشرف، لهذا لم أعجب لما قاله الرئيس السيسي عن ثلاجته الخالية، فكثيرون غيره كانت ثلاجاتهم خالية لكن كانت نفوسهم عامرة بالعزة والرضا».
السيسي في سوريا
تصدر اهتمامات صحيفة «الشعب» تقرير مصدره الإعلام الإيراني، حيث نقلت عن وكالة تسنيم الإيرانية والمقربه من الحرس الثوري مفاجأة، حيث زعمت نقلاً عن مصادر تابعه لها، «أن قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي، قام بإيفاد قوات عسكرية إلى سوريا في إطار مكافحة الإرهاب والتعاون والتنسيق العسكري مع قوات حكومة الرئيس بشار الأسد». ونسبت الوكالة الإيرانية لتلك المصادر القول «إن مصر أصبحت حريصة على تقديم المساعدات العسكرية وإرسال القوات لسوريا للمشاركة في معارك الحكومة السورية ضد من وصفتهم بالإرهابيين، بعد أن ظهرت شروخ كبيرة بينها وبين المملكة العربية السعودية». وأضافت «تسنيم»، نقلا عن تلك المصادر أن «الحكومتين السورية والمصرية ستعلنان رسميا عن هذا التنسيق الذي سيكون قائما بينهما بهدف مكافحة الإرهاب، وذلك في مستقبل ليس ببعيد». وقالت الوكالة إن أي مصدر سوري في وزارة الخارجية «لم يؤكد أو ينفي» لها ما تناقلته المصادر الإعلامية، مضيفة «أنه في حال تأكيد الخبر سيصدر بيان رسمي من قبل وزارة الخارجية». ولمنح المزيد من المصداقية لخبرها ذكّرت وكالة «تسنيم» بزيارة اللواء علي المملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني السوري إلى مصر منذ نحو أسبوعين؛ في أول زيارة معلنة لمسؤول سوري بارز، مشيرة إلى أنه «من الممكن أن يكون الجانبان قد اتفقا خلال الزيارة على زيادة التعاون العسكري بينهما».
صحوة ضمير
«إن كنتَ كذوباً فكُن ذَكوراً» حكمة استعان بها حمدي رزق في «المصري اليوم» في خضم هجومه على محمد البرادعي مساعد رئيس الجمهورية السابق: «أنسيتَ يا دكتور الحوار الذي أجريته مع «دير شبيغل»؟ عجبا تتحدث في البيان الذي أصدرته مؤخراً عن مفاجأة احتجاز مرسي، لماذا إذن وافقت على احتجازه؟ ولماذا لم تنسحب من اجتماع 3 يوليو/تموز بعد هذه المفاجأة؟ ولماذا توسطت الصورة الشهيرة؟ ولماذا، ولماذا، ولماذا الآن، أصحوة ضمير مثلاً؟ وهل غاب الضمير عن هذه المقابلة مع «دير شبيغل»؟ مُسَوِّغات عزل مرسي التي دلَّلت عليها في حوارك بحماسة سياسية منقطعة النظير تجعل من بيانك الأخير «مسخة» سياسية منقطعة النظير، راجع نص عباراتك بين الأقواس وتوافقها مع عباراتك في البيان: «فبدون عزل مرسي من منصبه كنا في طريقنا لنصبح دولة فاشية، أو كانت ستنشب حرب أهلية. أتنعى إذن على قيادة الجيش عزل مرسي، وتتمسح في «إخوان الشيطان»، وأنت مَن سَوَّغ المُسَوِّغات بناء على المعطيات على الأرض؟ سيادتك تقول: «بدون عزله كنا في طريقنا لنصبح دولة فاشية»، ليس هذا فقط، بل وتهددتنا حرب أهلية، ولم يكن لدينا (قف ملياً أمام لم يكن لدينا خيار آخر) تتحدث بصيغة «نا» الدالة على الفاعلين، وليس (لديهم) لماذا إذن كذبت علينا وعليهم وعلى العالم كله في هذا الحوار، ولماذا الآن تُصدر هذا البيان؟ يتساءل رزق، بدون انحطاط أخلاقي، أيهما نصدق «برادعي دير شبيغل 2013» أم «برادعي تويتر 2016»؟ أم تحسبنا غُفلا وداقِّين عصافير خُضر بتطير، أليس هذا هو مرسي الذي وصفت انتخابه بـ«ربما» تم انتخابه بشكل ديمقراطي، أتعرف وزن (ربما) في السياق، مالك باللغة العربية الفصحى، هذه تهتهة سياسية منحطة».
مطوب القبض عليه
ومن أبرز المهاجمين للبرادعي محمود الكردوسي في «الوطن» الذي وصل به قطار الكراهية لحد غير مسبوق على الإطلاق: «أطالب السلطات المصرية بمخاطبة الإنتربول الدولي، للقبض على الخائن، الهارب، محمد البرادعي، ومحاكمته بتهمة التحريض ونشر بيانات كاذبة. أطالب جهات التحقيق باستدعاء شهود «3 يوليو/ تموز»، والاستعانة بشهادتي محمد عبدالعزيز والراحل محمد حسنين هيكل، لإثبات تهمة الكذب ضد هذا المخرّف المضلل. أطالب قطعان النخبة السياسية والإعلاميين ونحانيح الدولة المدنية والمرضى بفوبيا الحكم العسكري بأن يطهّروا أنفسهم وسمعتهم (إن كانت لديهم بقية من كرامة وشجاعة) من سوء تقديرهم لهذا الكذّاب، المتآمر، خرّاب الدول. أطالب المغفلين الذين «شاوروا» يوماً على هذا الثعبان الأقرع رئيساً لمصر، واحترموه، و«دكتروه»، وألبسوه قناع «جيفارا»، وسموه «رئيس جمهورية الضمير»، بالكشف على قواهم العقلية أطالب كل «بردعاوي» بإعلان توبته، والبحث عن صنم جديد للخيانة».
سيظل بطلاً
وعلى عكس حمدي رزق يدافع أسامة الغزالي حرب في «المصري اليوم» عن الفريسة التي يسعى أعوان النظام للإجهاز عليها خلال الوقت الراهن: «البرادعي هو في الحقيقة «الأب الروحي» للثورة المصرية، وأُذَكِّر هنا بالبيان التاريخي الذي أصدره البرادعى في فيينا، يوم 3 ديسمبر/كانون الأول 2009 (أي قبل الثورة بـ13 شهرا تقريبا) والذي أعلن فيه مطالبه الشهيرة للإصلاح السياسي ولتوفير الضمانات الأساسية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، أي إنهاء حالة الطوارئ، وتمكين القضاء من الرقابة الكاملة على الانتخابات، والسماح لمنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية بالإشراف عليها، والعدالة بين المرشحين في التغطية الإعلامية. ولم يكن من الغريب على الإطلاق أن تكونت حركتان كبيرتان للشباب حملتا اسم «الحملة الشعبية لدعم البرادعي ومطالب التغيير» انضوى فيهما عشرات الآلاف من الشباب، إلى جانب الحركات الاجتماعية الشبابية التي سبقتهما مثل حركات «6 إبريل» و»كفاية» و»كلنا خالد سعيد». ولكن ما يثير التساؤل والاستغراب كما يشير حرب هو موقف بعض العناصر من الشباب- الذين كان بعضهم من شباب الثورة- وكذلك بعض الرموز السياسية الأقرب للناصرية أو اليسارية من البرادعي، على نحو يبعث على الأسف والدهشة وهم يتحدثون عن علاقات البرادعي الأمريكية.. وغيرها من الحكايات الوهمية عن أدائه كمدير للوكالة الدولية للطاقة النووية. ولكن هذا كله لن ينال من الحقيقة التاريخية الناصعة والثابتة، أي الدور الأساسي والمشرف للبرادعي في ثورة 25 يناير/كانون الثاني، ثم أيضا في ثورة 30 يونيو/حزيران 2013».
شهادة للتاريخ
الكثيرون يتساءلون لماذا تكلم البرادعي الآن؟ جمال سلطان رئيس تحرير «المصريون» معلقاً: «توقيت البيان ربما كان أكثر إثارة للجدل من البيان نفسه وما ورد فيه، خاصة أن هناك قلقا أمنيا وسياسيا من دعوات مجهولة للتظاهر والاحتشاد يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني، وحاول البعض أن يربط بين البيان وتلك الدعوة، معتبرا أنها تحريض عليها وإثارة لمزيد من المتاعب، وهناك من اعتبرها مؤشرا على أن جهات دولية ترى أن الحال في مصر لم يعد قابلا للاستمرار بتلك الصيغة، على أساس أن البرادعي يمتلك صلات دولية تجعل لديه حاسة استشعار للأحداث السياسية في البلد. وكل تلك ظنون وتخرصات، في إطار البحث عن محاولة تفسير لتوقيت صدور البيان، وفي تقديري أنها غير صحيحة، لأن ما فعله البرادعي فعله الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة، عندما كان يتعمد أن يحكي جزءا مما حدث في 3 يوليو/تموز وما بعدها، وأنه كان حريصا على إشراك الإخوان ولكنهم أصروا على التحدي، وأنه لم يلجأ للعنف إلا بعد أن حاولوا شل البلد، ونحو ذلك. وبدون شك فإن عودة السيسي والبرادعي لتلك المرحلة لتبرئة موقفهما أمام التاريخ يكشف عن عمق حضور تلك اللحظة حتى الآن في المشهد، والإدراك المتزايد لدى كل من شارك فيها بأن كل المشاكل والانهيارات التي حدثت وتحدث في مصر حتى الآن متصلة بالخلل في إخراج مشهد ذلك اليوم وما بعده» .
خيبة كبيرة
ومن الدفاع عن البرادعي للهجوم على السيسي والحكومة بسبب فشلهما في التصدي لكوارث السيول، جاء ذلك الهجوم على يد محمد علي إبراهيم في «المصري اليوم»: «لا نعلم هل الرئيس يطلب من الحكومة الفشل في الأزمات ليحلها بنفسه؟ أم أن الحكومة بليدة ومتعثرة وتنافس السلحفاة في تحركها .المصريون يدفعون ثمناً باهظاً لسوء إدارة الاقتصاد.. مدخرات المصريين انخفضت بنسبة 60٪. انهيار قيمة الجنيه سرقة علنية لأموال المواطنين.. ليس طارق عامر أو شريف إسماعيل أو المجموعة الاقتصادية.. الهزيمة لها أب واحد.. والنصر له ألف أب.. وحتى الآن نحن لم نعرف أبانا الذي في الانتصارات.. من المسؤول عن هزيمة 67؟ لا أحد من الذي ورطنا في اليمن؟ لا أحد؟ من الذي ثبت سعر الدولار بعد 25 يناير/كانون الثاني بتصرف أرعن؟ لا أحد.. من الذي اتخذ قرار تبديد رصيد الاحتياطي «النقدي» وأكرر «النقدي» وليس منحا وودائع؟ لا أحد.. من الذي لا يقدم كشف حساب يوميا أو شهريا بالتدفقات الدولارية وأوجه استخدامها؟ لا أحد.. الفاعل مجهول في كوارثنا من 1952. الرئيس استطاع أن يستدعي كل حفارات العالم من أجل مشروعه القومي الأول «التفريعة» التي وعدونا بالخير الوفير منها ولم يحدث.. الرئيس يفخر بالعاصمة الإدارية الجديدة وما سيدخل إليها من قرى ذكية وتكنولوجيا عالمية وتكلفت مليارات من الدولارات. لم يتذكر سيادته أن 89٪ من قرى مصر (أربعة آلاف قرية) ليس فيها صرف صحي.. ثم اعترافه مؤخراً أنه لن يستطيع مدها جميعاً بالمجاري وسيقتصر على 50٪ منها. ألم يكن الأجدى الصرف على تطوير الصرف الصحي ومخرات السيول ووضع أسوأ الاحتمالات لما هو مقبل؟ ألم يفكر أحد الجهابذة الذين يديرون مصر الآن أن يطالبوا الرئيس بتأجيل مشروعاته القومية وتوجيهها لتطوير البنية التحتية؟».
وهم شرم
كيف ينظر من خرج من مؤتمر شرم الشيخ الأخير لكي يتحدث عن آفاق الحرية والحوار والتنوع التي فتحها هذا المؤتمر، لنفسه في المرآة وهو يقرأ خبر منع إذاعة مقابلة تلفزيونية مع شخص «مغضوب عليه» من السلطة؟ السؤال يؤرق اشرف البربري في «الشروق»: «قبل أن يجف مداد التوصيات التي تحدثت عن ضرورة استيعاب الشباب وفتح أبواب التعبير عن الرأى أمامهم والمشاركة في بناء سياسات البلاد باعتبارهم نصف الحاضر وكل المستقبل، كما كانوا يقولون لنا في عهد الحزب الوطني المنحل، خرجت علينا جامعة عين شمس لتعلن فصل طالبة لمدة عام لأنها شاركت في مظاهرة ضد تسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية منذ نحو عام.
وقبل أن يجف مداد التوصية الخاصة بتشكيل لجنة للنظر في ملف آلاف الشباب المحبوس بتهم مطاطة تبدأ بالدعوة إلى التظاهر وتنتهى بالسعي إلى قلب نظام الحكم، وكأن نظام الحكم لدينا «معدول»، انطلقت قوات الشرطة لتضيف إلى هؤلاء الشباب مئات جدد يتم القبض عليهم بتهمة الدعوة إلى التظاهر يوم 11/11 احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية. لقد تبارى المتحدثون الذين استضافهم المؤتمر في فنادق شرم الشيخ الفارهة في الكلام عن الحق في التعبير السلمي، وعندما تشكل الرئاسة لجنة لمراجعة ملفات الشباب المحبوس من أجل العفو عنهم، لا تجد الرئاسة غير صحيفة أعلنت صراحة رفضها لفكرة العفو عن المحبوسين، فنشرت في صحيفة «الوطن» يوم الأحد 27 سبتمبر/أيلول 2015 مقالا تحت عنوان «عفو الرئيس.. عفوا أيها العفو» تقول فيه «أيا كانت المبررات، سيدي الرئيس.. تعجبت من قرار العفو عن الناشطين ولم يقبله عقلي، وأبكاني قرار العفو عن الخائنين ورفضه ضميري».
فهل بعد ذلك يمكننا أن نتصدى لحديث «أهل الشر» و«الذين في قلبهم مرض» الذين يقولون إن مؤتمر شرم الشيخ للشباب لم يكن إلا كذبة كبيرة جديدة من أكاذيب السلطة وحلقة في مسلسلها الهابط لترويج الوهم؟»
يشوهون أنفسهم
شهد مؤتمر شرم الشيخ للشباب الذي انتهت فعالياته قبل أسبوع هجوما على الإعلام من قبل بعض الإعلاميين الموالين للسلطة، وهو الأمر الذي أغضب سيد علي في «الأهرام»: «لن يغفر لمن كانوا على المنصة الابتذال وسخريتهم والتقليل من إنجازات الإعلام وتحريضهم على بعض الزملاء ومارسوا قدرا كبيرا من «الشو» لأنفسهم وتناسوا أنهم في حضرة أركان الدولة المصرية ولولا مكرم محمد أحمد لترسخت الصورة المشوهة التي أرادها البعض وتمررها بعض الأجهزة عبر بعض صبيانها. ـ تعديل قانون التظاهر ليس في حاجة للجان ويكفي تقرير مفوضي الدستورية وحكم القضاء الإداري بإلغاء وتعديل المواد غير الدستورية، والامر نفسه للشباب المحبوسين دون أحكام فهناك عدة لجان قامت بالمهمة أكثر من مرة. ـ استنساخ تجربة منظمة الشباب لا تصلح لهذا الزمن وكيف نتوقع نتائج مختلفة لتجربة فاشلة. تلك رؤية نقدية في هذه اللحظة التي تحتاج للمصارحة حتى لا تصبح شرم الشيخ تجسيدا حيا للتناقض الفادح بين الشوارع وقاعات المؤتمرات وأخيرا رفقا بالشباب حتى لا نفسدهم بوضعهم فوق قدرهم فيضعون الجميع دون قدرهم».
يموت السمك ويحيا سعد
«شاءت المقادير أن تقع جريمة طحن محسن فكري يوم الجمعة 30/10 بعد يومين من إلقاء القبض على المطرب المغربي الشهير سعد لمجرد في باريس إثر اتهامه باغتصاب واحتجاز فتاة فرنسية. وهو الحادث الذي ترددت أصداؤه كما يشير فهمي هويدي في «الشروق» في الوسطين الفني والثقافي. وكان من أبرز تلك الأصداء أن ملك المغرب كلف محاميه الفرنسي بالدفاع عنه لتبرئة ساحته أمام القضاء، إلا أن ذلك أثار موجة من التعليقات التي أعربت عن الاستياء في أجواء التوتر السائد. من ذلك ما نشره موقع «بديل» المغربي في 31/10 للكاتب حميد مهدوي تحت عنوان «كلنا مغاربة يا ملك البلاد». إذ تساءل الكاتب مستنكرا، أي مصلحة للمؤسسة الملكية في تعمد تعميم نشر ذلك الخبر والبلد في حالة غليان واحتقان وغضب شعبي عارم وحداد غير مسبوق بسبب طحن مواطن مغربي داخل عربة نفايات؟ ثم هل سعد لمجرد مخصوص حتى يتكفل الملك بمصاريف دفاعه؟ وهل هذه المصاريف من المال الخاص للملك أم من المال العام؟ وهل سيتكفل الملك بمصاريف دفاع عائلة بائع السمك في الحسيمة مثلما فعل مع سعد لمجرد؟ هل يمكن للملك أن يتكفل بمصاريف دفاع المتهمين المغاربة متى تورطوا في جرائم خارج الوطن؟ وهل يمكن للملك أن يتكفل بمصاريف دفاع المغربيات المحتجزات في السعودية. مات محمد البوعزيزي وبعد 18 يوما من إحراق نفسه، انفجر الغضب في تونس وأفضى إلى ما نعرف، أما محسن فكري فقد طحن على الفور، وليس بوسعنا أن نعرف مصير الغضب الذي ستحدثه الفاجعة في المغرب».
العلاج ممكن
قلما تجد متفائلاً بين كتاب الصحف حول إمكانية تحسن الأوضاع الاقتصادية.. وحده كان وجدي زين الدين رئيس التحرير التنفيذي لـ«الوفد» مصراً على زرع بذور التفاؤل في أجواء مناخ لم يعد صالحاً سوى لازدهار أزهار اليأس: «القرارات المهمة التي أصدرها أول اجتماع للمجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، خطوة مهمة في بداية العلاج للأزمة الاقتصادية الحالية، هذه القرارات التي تعدت «17» قراراً بمثابة تسهيلات جديدة لجذب الاستثمار وتشجيع المستثمرين على القيام بأنشطتهم المختلفة، وليس الأمر فقط على صدور قرارات، وإنما يجب أن يتم تفعيل هذه القرارات على أرض الواقع. ويبقى السؤال هل الواقع الحالي بوجود الجهاز الإداري داخل الدولة على حالته مهيأ لذلك؟ أم أن الأمر يحتاج إلى أمور أخرى سريعة حتى نضمن بالفعل تنفيذ هذه القرارات؟ الحقيقة أن الجهاز الإداري في الدولة بطريقته الحالية طارد للاستثمار، لما يسيطر عليه من روتين وبيروقراطية تعرقل أي مشروع تعتزم الدولة تنفيذه. وبالتالي فإن قرارات الاستثمار الأخيرة ستواجه مشاكل وعراقيل كثيرة قد تفتك بها ولا تحقق الأهداف المرجوة منها. نزيد على ذلك أنه يجب إحداث ثورة تشريعية في كل القوانين المتعلقة بالاستثمار وتحريرها من القيود التي تعرقل تنفيذ هذه القرارات على أرض الواقع، لذلك يجب قيام الوزارات المعنية بالشؤون الاقتصادية بتقديم مشروعات قوانين جديدة تتواكب مع القرارات التي صدرت مؤخراً، بهدف ضمان تنفيذ هذه القرارات، ولذلك بات من المهم والضروري البحث عن وسائل سريعة للقضاء على الروتين والبيروقراطية وتقديم مشروعات قوانين سريعة تشجع على تعطيل القرارات الخاصة بالاستثمار.
مشروع الدولة المدنية الحديثة لا يمكن أن يتحقق بدون جذب الاستثمارات وتسهيل عمليات الاستثمار والحد من الاستيراد وتشجيع السياحة. والاستثمار تحديداً يزيد من المشروعات الإنتاجية التي هي العمود الفقري للتصدير، ولذلك لابد أن يتم النهوض بالاستثمارات التي تتيح فرص العمل وتزيد من الإنتاج».
أشكر ربنا
أما محمود الورواري فكتب في «التحرير الإخباري» قائلا: «كرر الرئيس عبد الفتاح السيسي كثيراً مطالبته للشعب المصري بالوقوف بجواره ومعه. تارة يقول «جاء الدور عليكوا لتقفوا جنبي»، و»من الأول خالص أنا قلت لوحدي مش هاقدر معاكوا هاقدر» و«آن الأوان لتقفوا جنبي»، والصياغات متعددة لكن المعنى واحد. والحقيقة أن الوضع معكوس تمامًا، سيذكر التاريخ يوميا أن الشعب المصري لم يقف بجوار حاكم أو سلطان كما وقف بجوار الرئيس السيسي. هذا الشعب وقف بجواره منذ أن طلب منه تفويضه في محاربة الإرهاب في يوليو/تموز 2013، وامتلأت الميادين في مصر امتلاءً لا يقل عن ثورة 30 يونيو/حزيران وهتف باسمه وحمل صوره. لم يتخل عنه هذ الشعب لحظة واحدة في جميع المراحل التي تلت الثورة داعمين له ولخريطة الطريق، غنوا له تسلم الأيادي، ودعت له الأمهات كما دعت له والدة النائب «مصطفى الجندي». احتشدوا في التصويت على الدستور أمام اللجان هاتفين باسمه، وفي الانتخابات الرئاسية كان الفارق بينه وبين منافسه دليلًا على وقوف هذا الشعب بجواره، رغم أنه لم يقدم برنامجا انتخابيا واضحا. ولما جلس على كرسي الحكم وأراد أن يبدأ بمشروع قناة السويس الثانية، طلب الدعم من الناس فخرج الجميع يقدمون تحويشة أعمارهم، ولا أنسى تلك المرأة التي تبرعت بمبلغ كان تدخره ثمنا لكفنها. الكل جاد بالموجود، والموجود قليل وأعطوه 64 مليار جنيه لينشئ مشروعا اكتشفنا بعد ذلك أنه ليس أوانه وأن دراسات الجدوى لم تكن دقيقة. لم يتخل عنه الشعب إطلاقًا، ارتفعت الأسعار وما زال الشعب يتحمل. ويقف بجوار الرئيس بكل ما يملكه، والمأمول أن يقف الرئيس بجوار الشعب».
رصيدها نفد
رصيد حكومة المهندس شريف إسماعيل قد نفد ومعه صبر الشعب. مجدى سرحان في «الوفد» لايختلف مع أصحاب هذا الرأي: «صحيح أن هذه الحكومة ـ بحكم طبيعة المرحلة ـ قد تحمَّل منها الناس مالا طاقة لهم به، من ضغوط معيشية وغلاء وشح، وضرائب وإفقار، وتقطير وتكدير، وأخذت من جيوبنا أكثر مما أعطت. لكن هل باستقالة الحكومة سيعتدل «الحال المائل» أو تستقيم الأمور؟ تلك هي المسألة
رئيس الوزراء قال أمام البرلمان إن حكومته بذلت كل جهودها في مواجهة «التحديات» وإنها على استعداد لبذل المزيد من الجهد إذا رأى النواب الإبقاء عليها، وإن سحب أو تجديد الثقة فيها هو حق دستوري للمجلس لا منازع له فيه. لكن من أين ستأتي يا باشمهندس بهذا «المزيد من الجهد»؟ إذا كنت أنت نفسك ترى أنكم بذلتم «كل» الجهد، أي أنكم لم يعد لديكم المزيد منه استنفدتموه بأكمله، وإن كنا نشك في ذلك، بدليل أن هناك وزراء في الحكومة لم يعطوا شيئا أصلا، ووزراء قدموا أداء هزيلا وضعيفا وآخرين أقسم بالله لا يعرفهم أحد.
قل لنا أنت ـ عزيزي القارئ ـ هل تعرف من هم: محمد حسام أحمد علي عبد الرحيم، ومحمد عبد العاطي سيد محمد خليل، وخالد أحمد العناني علي عز، ومحمد محمود أحمد سعفان، ومحمد يحيى محمد راشد؟ هؤلاء يا سيدي وزراء في حكومة شريف إسماعيل وابحث أنت بنفسك عن حقائبهم الوزارية. هل استقالة حكومة إسماعيل ستعيد إلى الجنيه المصري قوته التي خارت؟ هل هذه الاستقالة ستخفض أسعار السلع والسكر والكهرباء. والوقود؟ وهل ستقضي على الفوضى الأمنية في الشوارع؟ هل ستوفر للناس فرص العمل والعلاج؟».
ذكاء لبناني
ماذا يهم مصر من خبر انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في لبنان بعد أزمة فراغ رئاسي استحكمت أكثر من 3 سنوات؟ يتساءل عماد أديب في «الوطن»:
«ما هو الدرس المستفاد من تلك الأزمة الحادة التي قسمت لبنان رأسياً وأفقياً دون أن تسقط الدولة أو تقع الحكومة؟ كيف يمكن لدولة أن تعيش بلا رئيس وفي حالة انقسام سياسي حاد وتعطل برلماني طويل، ورغم ذلك ودائعها في البنوك في ازدياد وسعر العملة الوطنية تجاه الدولار ثابت وأسعار العقارات في صعود؟ كيف يمكن لبلد بلا سياحة عربية أن يضاعف عدد مطاعمه وملاهيه ويفتتح فنادق جديدة؟ لا بد أن هناك سراً في طبيعة تلك الشخصية اللبنانية «المحبة للحياة» و«الراغبة في النجاح» والمقاومة لفكرة الموت السياسي. وحسب الكاتب، الشعب اللبناني منذ عصر الفينيقيين شعب بحار وجوال يعمل بالتجارة، إذا ضاق عليه الرزق داخل وطنه خرج إلى أفريقيا السوداء أو أمريكا اللاتينية، أو دول الخليج العربي، وتقول الإحصاءات أن عدد سكان لبنان اليوم هو 4 ملايين نسمة وعدد المهاجرين والمغتربين يبلغ 14 مليوناً. هذا «المهنج التجاري» القائم على أن كل شيء قابل للبيع والشراء، وكل شيء قابل للتفاوض مقابل السعر المناسب هو الذي خلق المنهج البراغماتي النفعي لدى لبنان. من هنا أيضا ارتبط نشاط أي لبناني دائماً بمصدر غير لبناني خارج الأوطان لذلك يقال دائماً عن الحروب الأهلية أو السياسية في لبنان إنها حرب الغير على أرض لبنان».
أزمة وهمية
في بداية أزمة السكر، تردد كلام لم يصدقه سليمان جودة الكاتب في «المصري اليوم» حينها عن أن الأزمة في مجملها مصنوعة، وأن الهدف منها في النهاية هو رفع سعر هذه السلعة التي لا غنى في أي بيت عنها: «كنت أقول بيني وبين نفسي إننا نفترض في الدولة أنها بعد ثورتين قد نضجت، ولو قليلاً، ولم تعد في حاجة لمثل هذه الأساليب الرخيصة في التعامل مع مواطنيها، وأنها تستطيع مصارحتهم، دون اصطناع أب أزمة، بأنها سترفع سعر السكر أو غير السكر للأسباب كذا.. وكذا.. بشرط أن تكون جادة فيما تقوله، وأن تكون مقنعة، وأن تكون قبل الجدية والإقناع عادلة، ثم راغبة حقاً في أن توقف كل أشكال السفه والفساد المنتشرة في أنحاء البلاد.
وعندما أعلن وزير التموين مؤخراً، رفع سعر كيلو سكر البطاقات جنيهين ليتساوى سعره مع سعر السكر الحر، تأكد الكلام الذي قيل في بداية الأزمة، ولم يعد هناك شك فيه، ثم تأكد معه أن الدولة لاتزال تعامل رعاياها بخفة بالغة. ويرى سليمان أن الكلام الصادر عن الحكومة، أو عن أي من أعضائها، لابد أن يكون مقنعاً، حتى يكون الناس معه، وفي صف واحد إلى جواره، فإنني أقصدها تماماً، لأن البديل هو أن تكون الحكومة في وادٍ، والناس في وادٍ آخر، ليقعوا في نهاية المطاف فريسة سهلة لدعاة 11 نوفمبر/ تشرين الثاني، وغير 11 نوفمبر».
حسام عبد البصير