الناصرة – «القدس العربي» : يؤكد المؤرخ والباحث اليهودي البروفيسور إيلان بابه أن نظام الفصل العنصري في إسرائيل بات مؤسساتيا وسافرا وأشد خطورة مما كان في جنوب أفريقيا. وأضاف «في جنوب أفريقيا لم يقولوا للبيض هذا ليس وطنكم بل طالبوا بتغيير النظام والحقوق المتساوية لكل السكان». وحذر من أن تسوية الدولتين تعني تجميد المشروع الاستعماري في الضفة وغزة.
بابه الذي حرر كتابا جديدا بعنوان « أوجه الشبه بين جنوب أفريقيا وإسرائيل»، دعا الفلسطينيين للتخلص من قاموسهم السياسي القديم وقراءة الصراع بحقيقة جوهره.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها حول كتابه الجديد في مدينة الناصرة داخل أراضي 48، وفيها شدد على أن ما يجري في فلسطين ليس احتلالا بل استعمار إحلالي، وأن تسوية الدولتين مجرد أوهام.
وفي مداخلة تاريخية سياسية شاملة استعرض بابه الصراع، موضحا أنه ما زال يدور بين حركة استيطانية استعمارية وبين حركة تحرر قومي، وليس صراعا بين حركتي تحرر قومي». وحول الوضع الذي وصل اليه الفلسطينيون اليوم قال «إنه يستحيل الفصل بين المجموعتين السكانيتين على أرض فلسطين الكاملة بسبب الاستيطان الاحتلالي فهو ليس احتلالا عاديا، وانما احتلال اقتلاعي استيطاني بذات الوقت خلق حالة ابرتهايد فريدة من نوعها في داخل إسرائيل وفي المناطق المحتلة عام 1967»»، لذا فإن الاستنتاج والحل الممكن الذي يجب طرحه وتبنيه، حسب الدكتور بابه، من قبل القوى التقدمية واليسارية هو حل الدولة الواحدة مع التأكيد على أن القيادة الصهيونية تسعى الى تكريس الحالة القائمة اليوم، لأن أي حل آخر سيقضي بالكامل على مشروعها الاستراتيجي الذي لم تنجح في تحقيقه بالكامل، رغم ما ارتكبته من جرائم إبادة مخطط لها قبل النكبة وخلالها وبعده. وهو المشروع القائم على مبدأ استيطاني اقتلاعي في كل فلسطين التاريخية الذي يفترض، حسب زعم اصحاب هذا المشروع، أنها ارض بلا شعب وأن الفلسطينيين فيها هم حالة سكانية طارئة وليسوا سكانا أصليين وهي، أي فلسطين التاريخية، أرض «ممنوحة» توراتيا للشعب اليهودي الذي لا أرض له» .
ويوضح بابه أن الديمقراطية غير ممكنة مع نظام الفصل العنصري في إسرائيل. وتابع «هناك في جنوب أفريقيا الأغلبية تستطيع بالصوت إسقاط حكم الأقلية العنصري. في إسرائيل الفصل العنصري أصعب لأن الضحايا أقلية ولا تستطيع تغيير الواقع بالانتخابات. كما دعا الفلسطينيين لتغيير التوجهات والمصطلحات والقاموس لفهم الصراع الحقيقي في البلاد ولفهم سبب فشل حل الدولتين. وأضاف» فكرة التقسيم رائجة ويؤيدها أشخاص مشهورون بالعالم لكنها في الواقع كذبة كبيرة ولا يمكن أن تطبق. لأن التقسيم يعطي الفلسطينيين أقل من 20% من البلاد و 80 % منها لإسرائيل. واسرائيل ماضية في جريمة التطهير العرقي والفلسطينيون هم ضحاياها لا ضحايا نكبة. هذه ليست مصيبة بل مشروع تطهير طبق في مواقع أخرى في العالم: استعمار استيطاني. ويرى أن الحل دولة ديمقراطية واحدة بعد عودة ضحايا التطهير العرقي/اللاجئين. وفيما يتعلق بفلسطينيي الداخل أكد بابه الذي غادر إسرائيل للإقامة في بريطانيا لعدم تحمل العنصرية فيها أنها ما زالت حتى 2016 ترى بهم قنبلة ديمغرافية وخطرا. وتساءل: هذا يقول كل شيء فهل يصنع السلام مع قنبلة؟ ويؤكد أن المشروع الصهيوني لم ينجح في تطهير البلاد من كل الفلسطينيين بسبب انشغالها بالجيوش العربية، معتبرا أن هناك أسبابا أخرى. بقاء الناصرة رغم تدمير شقيقاتها كاللد والرملة وصفد وبيسان ذكرها عادل مناع في كتابه الجديد. وشدد على ما جاء في كتابه السابق (التطهير العرقي في فلسطين) بقوله إن التطهير تم بموجب خطة مبيتة كما حصل في يوغسلافيا. واستذكر أن ابشع الجرائم الصهيونية وقعت في الجليل حيث الأغلبية الفلسطينية المطلقة في نهاية 48 لأن الصهاينة كانوا قد تعبوا من عمليات التدمير والتطهير المنهجي ولذا اقترفوا جرائم مهولة في محاولة لاستكمال التطهير بسرعة. وأضاف أن إسرائيل لم تتخل عن مشروع التطهير العرقي، مشيرا الى أنه لا فرق بين منطق بناء مدينة تل أبيب بجوار يافا داخل أراضي 48 وبين بناء مستوطنة أرئيل في الضفة الغربية. وخلص للقول «عندما نتوقف عن القول احتلال بل نقول استعمار ونتوقف عن قول تسوية بل عن تفكيك النظام الاستعماري عندها تكون هناك فرصة لوقف الصراع. في جنوب أفريقيا انتهى نظام الفصل العنصري وفي إسرائيل هو في عزه. وقدم للمحاضرة التي استضافها مقهى «الوان» الثقافي في البلدة القديمة في الناصرة الصحافي البريطاني المقيم في الناصرة، جوناثان كوك، الذي استعرض خلال مداخلته «أوجه الشبه والاختلاف بين الابرتهايد البائد في جنوب أفريقيا والابرتهايد الإسرائيلي، على الصعيد الممارس ضد الفلسطينيين في إسرائيل والممارس ضد أخوتهم في المناطق المحتلة في عام 1967، مؤكدا ان الحديث ليس عن تمييز بالمعنى البسيط للكلمة وإنما ابرتهايد عنصري منهجي متكامل، قائم على أساس بنيوي في مجمل العقليّة والممارسة الرسمية الإسرائيلية وعلى أساس ذلك يجب مواجهته محليا وفضحه على الساحة الدولية». واتفق مع بابه على نجاعة خطاب سياسي يفضح الابرتهايد الإسرائيلي في العالم داعيا الفلسطينيين والعر لتبنيه ونشره في الغرب.
وديع عواودة:
على الفلسطينيين أن يثوروا على قيادتهم المفروضة عليهم. يعيش الفلسطيني في الأراضي المحتلة تحت احتلالين. .. إسرائيلي وآخر من المقاولين الفلسطينيين على شاكلة روابط القرى…
الصراع طويل ومرير..
كل الاحترام للإنسان بابيه
السيد وديع ،شكرا،على العرض ،لكتاب مؤرخ ،منصف،عقلاني ،يحترم مهنته،ويستحق قراءته.
يقول المؤرخ “أن القيادة الصهيونية تسعى الى تكريس الحالة القائمة اليوم، لأن أي حل آخر سيقضي بالكامل على مشروعها الاستراتيجي الذي لم تنجح في تحقيقه بالكامل، رغم ما ارتكبته من جرائم إبادة” و اقول انها لن تنجح مهما كان ضعف الخصم لان المشروع الاستراتيجي نفسه مجنون و لا يستحق كل هذه التضحيات و لا يمكن ان يصل الى حالة استقرار لانه غير طبيعي و في محيط لا يمكن تجفيفه