مؤشرات متزايدة على قرب اشتباك كبير بين الجيش التركي والوحدات الكردية في شمالي سوريا

حجم الخط
0

إسطنبول ـ «القدس العربي»: يواصل الجيش التركي منذ أيام الدفع بتعزيزات عسكرية واسعة إلى الحدود وداخل مناطق سيطرته شمالي سوريا في ظل توقعات بوجود مخطط لعملية عسكرية تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية في مدينة عفرين ومحيطها بريف حلب والتي تحاول منذ أيام التقدم باتجاه مناطق سيطرة المعارضة السورية المدعومة من أنقرة في أعزاز ومارع والمناطق المجاورة لها.
والجمعة، قالت وسائل إعلام تركية إن الجيش قام بدفع قوات جديدة إلى محيط مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية وخاصة تل رفعت ورفع التدابير الأمنية إلى أعلى المستويات بعد تكرار حوادث إطلاق هذه الوحدات صواريخ غراد وقذائف هاون على مقربة من أماكن تواجد الجيش التركي.
وأوضحت أن 11 مدنياً على الأقل قتلوا في الهجمات الأخيرة للوحدات الكردية على مناطق درع الفرات ومناطق سيطرة الجيش السوري الحر خاصة في مارع، لافتةً إلى أن الجيش عزز قواته ورفع تأهبه وسوف يعمل على الرد بالمثل على أي هجمات مقبلة.
وقبل أيام، أعلنت رئاسة أركان الجيش التركي رسمياً أنها أرسلت تعزيزات عسكرية إلى وحدات الجيش التركي المتمركزة على الحدود مع سوريا في ولاية كليس جنوبي البلاد، وقالت إن القافلة تضمنت 11 عربة عسكرية، بينها 4 شاحنات محمّلة بالمدافع، ليتم استخدامها لتعزيز الوحدات العسكرية التركية المتمركزة على الحدود مع سوريا.
لكن مصادر إعلامية تركية وسورية قالت إن تعزيزات أكبر تواصلت إلى داخل الأراضي السورية وخاصة إلى منطقتي أعزاز ومارع الواقعتين على خط التماس مع مناطق تسيطر عليها الوحدات الكردية التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية وتقول إنها تشكل خطراً على أمنها القومي.
وخلال الأسابيع الأخيرة كثفت الوحدات الكردية هجماتها على مناطق سيطرة الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا في الريف الغربي لمحافظة حلب، وركزت هجماتها على بلدة مارع شمالي حلب وقريتي كفر كلبين وحوار النهر ضمن مخطط تقول تركيا إنه يهدف من خلال التنظيم إلى توسيع مناطق سيطرته وصولاً لوصل مناطقه في شرق وغرب نهر الفرات تمهيداً لإعلان كيان انفصالي شمالي سوريا.
وتسيطر وحدات حماية الشعب على مدينة الحسكة (شرق) ومناطق شمالي محافظة الرقة، ومدينتي منبج وشرق حلب، وعفرين غربها. وتبسط سيطرتها على نحو 39 ألفاً و500 كم مربع، أي قرابة 23٪ من مساحة سوريا، وتشكل مناطق سيطرته 65٪ من حدود سوريا مع تركيا.
والشهر الماضي، قالت وكالة الأناضول الرسمية إن القوات المسلحة التركية، استكملت استعدادها لأي عملية محتملة، ردا على هجمات محتملة من الوحدات الكردية في سوريا، وأوضحت أن قوات الجيش استكملت تحضيراتها لمختلف أنواع الرد، على أي هجوم ووضعت القوات الجوية خططها لعمليات جوية محتملة، وأنهت التحضيرات في القواعد التي ستنطلق منها المقاتلات، كما أعدت القوات البرية، سيناريوهات لعمليات محتملة خارج الحدود، حيث دفعت بمزيد من التعزيزات إلى الشريط الحدودي.
وخلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن تركيا ستطبق قواعد الاشتباك دون الرجوع إلى أحد، حال تعرضها لأي هجوم من الوحدات الكردية في سوريا.
لكن المعادلة العسكرية على الأرض تبدو معقدة بشكل أكبر، فالقوات الأمريكية والروسية تقدم حماية ودعما عسكريا للوحدات الكردية في مناطق تواجدها شمالي سوريا، وفي عفرين التي تسود الترجيحات باحتمال مهاجمتها من قبل الجيش التركي تتواجد قوات روسية، وترفع هذه الوحدات العديد من الأعلام الأمريكية والروسية على مواقعها في المدينة.
وفي وقت سابق، قالت مصادر تركية إن روسيا رفعت عدد النقاط التي تنتشر قواتها فيها بمدينة عفرين إلى سبع، بعد تمركزها في 4 نقاط جديدة مؤخرا، وذلك عقب استهداف تركيا مواقع التنظيم، كما عمل الجيش الروسي على تسيير دوريات على المنطقة الفاصلة بين عفرين، ومنطقة عمليات «درع الفرات».
لكن أنقرة تأمل أن تتمكن من إقناع واشنطن بتدخل محدود لقواتها ضد الوحدات الكردية في هذه المناطق من منطلق «قواعد الاشتباك» فيما يتوقع أن تسعى لاستغلال التوتر الحالي وضعف التنسيق بين موسكو وواشنطن في سوريا من أجل إقناع روسيا بتوفير غطاء لعملية محدودة ضد الوحدات الكردية المدعومة من واشنطن.
المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، جدد التحذير من احتمالية تشكيل «ب ي د/ي ب كـ« خطرا على تركيا، وشدد على أن بلاده سترد على أي خطر من هذا القبيل بشكل مباشر، ودون الحصول على إذن من أحد، وأن موقف تركيا في هذا الخصوص «واضح جداً».
وعن احتمال حصول تحرك عسكري تركي جديد، قال: «تركيا تكافح على حدودها تنظيمي «داعش» و«بي كا كا» معا، وتتخذ التدابير الأمنية اللازمة في هذا الخصوص حسب ما تقتضيه الحاجة»، لافتاً إلى أن بلاده عارضت منذ البداية تسلل « ب ي د» إلى مناطق عفرين وتل رفعت (شمالي سوريا) وأن القوات التركية قصفت في هذا الإطار التنظيم في بعض المناطق.
واعتبر قالن أن «غاية «ب ي د» هي بسط السيطرة على مناطق جديدة، وليس مكافحة تنظيم «الدولة» لأنه لا تهديد للأخير في الوقت الراهن بتلك المناطق»، وبيّن أن «ب ي د» يتعاون حسب ما تقتضيه مصلحته مع النظام السوري والروس والأمريكان، سعيا لتوسيع نطاق نفوذه، وأن التنظيم يضيق على قوات المعارضة التي تعمل معها تركيا ويجبرها على الاشتباك من حين لآخر.
وشدد على أن بلاده «قد تتخذ في أي لحظة الخطوات اللازمة بهذا الخصوص، في إطار ما تقتضيه مصالحها الوطنية والأعمال التي تقيمها مع المعارضة السورية» وهاجم السياسات الأمريكية المتعلقة بدعم التنظيم بقوة معتبراً أنها تنطوي على «مخاطر كبيرة» واعتبر التطمينات الأمريكية الأخيرة «غير كافية ولا تطمئن تركيا».
والجمعة أيضاً، اعتبر وزير الدفاع التركي فكري إشيق أن رسالة التعهد الأمريكية بسحب الأسلحة المقدمة إلى الوحدات الكردية عقب انتهاء عملية الرقة «مهمة ومتطورة لكن الأفعال هي الحكم» مذكراً بعدم إيفاء واشنطن تعهدها بسحب الوحدات الكردية من منبج عقب طرد تنظيم «الدولة».
وكان وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس قال الخميس في رسالة وجهها إلى نظيره التركي فكري إيشق إن الولايات المتحدة ستسحب الأسلحة التي أرسلتها إلى الوحدات الكردية، في الرقة، بعدما تتم هزيمة تنظيم «الدولة». ووفقاً لمصادر في وزارة الخارجية التركية، أرسل ماتيس الرسالة إلى إيشق وأعطاه فيها تفاصيل حول العتاد العسكري والتجهيزات التي منحتها الولايات المتحدة للوحدات من أجل محاربة تنظيم «الدولة» في الرقة.

مؤشرات متزايدة على قرب اشتباك كبير بين الجيش التركي والوحدات الكردية في شمالي سوريا
دفع بتعزيزات عسكرية كبيرة لخط الجبهة مع وحدات حماية الشعب
إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية