الامم المتحدة – «القدس العربي»: في استطلاع للرأي مؤخرا قامت به جامعة كوينيبياك شمل 1446 ناخبا وجد أن 33٪ من بينهم قالوا إن أوباما أسوأ رئيس تعرفه الولايات المتحدة من بين 12 رئيسا تداولوا الحكم منذ عام 1945، يليه الرئيس جورج بوش الإبن بنسبة 28 ٪. وحول سؤال هل ستكون أمريكا أفضل أم أسوأ لو إنتخب مت رامني بدل أوباما في انتخابات 2012 فقال 46 ٪ ستكون الأمور أفضل بينما قال 33٪ ستكون أسوأ. أما عن التعامل مع السياسة الخارجية فقد قال 55٪ من المستطلعين إنهم غير راضين عن الطريقة التي يدير فيها أوباما السياسة الخارجية مقابل 37٪ مؤيد.
ما السر في هذا الإنحدار في شعبية الرئيس باراك حسين أوباما والذي أنتخب بنسبة عالية من الأصوات خاصة في الدورة الأولى لم يشهدها إلا الرؤساء العظام مثل كيندي وريغان؟ سنحاول في هذا المقال أن نتبين مواقع فشل الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية التي تتربع منفردة على عرش الدولة الأعظم في التاريخ الإنساني.
المرشح الرئاسي والوعود التي أوصلته الى البيت الأبيض
حتى نعرف السر في فوز أوباما في الإنتخابات الرئاسية لعام 2008 لا بد أن نراجع الخلفية التي على أساسها إنتخب أول رئيس أمريكي من أصول أفريقية بالضبط بعد أربعين سنة فقط من أول إنتخابات شاملة أقرت بحق السود في الترشح والإنتخاب دون تمييز أو تقييد أو إقصاء بعد إقرار قانون المواطنة المتساوية من الكونغرس الأمريكي والتوقيع عليه من قبل الرئيس ليندون جونسون.
لقد حكم الولايات المتحدة للسنوات الثماني التي سبقت وصول أوباما الرئيس جورج دبليو بوش. وترك بلدا على وشك الإنهيار الاقتصادي تحارب على ثلاث جبهات: العراق وأفغانستان والإرهاب الذي لا يقف عند حدود ولا يعالج بالاحتلال أو قاذفات الـ 52.
كان الأمريكيون بشكل عام فقدوا الصبر على تحمل الإستنزاف البشري والمالي والنفسي الذي سببته الحرب على العراق خاصة بعدما تبين أن الانتصار الحاسم غير وارد وأن حجة أسلحة الدمار الشامل التي أكد عليها دعاة الحرب لكسب تأييد الشعب الأمريكي إنما هي كذبة واضحة. كان أوباما من بين الذين صوتوا ضد الحرب عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ مما أعطاه دفعة أخلاقية وحكمة إستشراقية إستخدمها بذكاء أثناء حملته الإنتخابية حيث تمكن أولا من هزيمة هيلاري كلينتون للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي ثم هزم مرشح الحزب الجمهوري العجوز جون ماكين ليصل للبيت الأبيض أول رئيس أسود يوم 20 كانون الثاني/يناير 2009.
بذكاء غير عادي صاغ أوباما حملته الإنتخابية البسيطة تحت شعار «نعم نستطيع» على أساس ثلاث نقاط:
1. إنهاء الحرب في العراق بأقصى سرعة لا تتجاوز نهاية 2011 وإنهاء الحرب في أفغانستان في أقرب فرصة ممكنة.
2. إنعاش الاقتصاد ووقف التدهور المالي وإحتواء الديون الفدرالية التي تسبب بها الجمهوريون.
3. المضي قدما في برنامج الرعاية الصحية الشاملة لكل مواطن أمريكي.
لقد تلقف الشعب الأمريكي هذا البرنامج بحماس والتفت حول الرئيس الشاب قطاعات الشباب والأقليات وخاصة السود والعرب والمسلمون والليبراليون والمثليون بالإضافة إلى أنصار الحزب الديمقراطي. فكان نجاحه أقرب إلى ثورة شاملة منها إلى مجرد إنتخاب رئيس. لقد ارتفع سقف التوقعات عاليا واتسعت الطموحات على المستويين الداخلي والخارجي وبدأ الكل ينتظر الإنجازات فماذا تحقق منها؟
هل نفذ أوباما وعوده؟
الجواب بإختصار: نعم ولكن. لقد حاول أوباما أن يكون صادقا ملتزما ببرنامجه الإنتخابي لكن جرت كثير من الرياح بعكس ما تشتهيه سفن أوباما ووجد أمامه العديد من العقبات التي حاول تذليل بعضها لكنه فشل في كثير منها وخاصة موضوع إسرائيل وفلسطين وحل الدولتين. وللعلم فإن اليمين المحافظ وصقور الجمهوريين وحزب الشاي والمحافظين الجدد وغلاة الصهاينة الذين لم يثقوا أصلا في أوباما بسبب علاقاته الحميمة مع البروفيسور الفلسطيني رشيد الخالدي أثناء عملهما أستاذين في جامعة شيكاغو، قد عقدوا العزم على إفشال أوباما منذ اليوم الأول لحكمه ولم يكن لهم هم إلا وضع العراقيل أمام حكمه واستثمار أي خطأ ولو كان صغيرا لتجريم الحقبة الرئاسية برمتها كما فعلوا في موضوع مقتل السفير الأمريكي في بنغازي بتاريخ 11 أيلول/سبتمبر 2012. ولنراجع بعض الإنجازات والإخفاقات في المواضيع الثلاثة: الاقتصاد، التأمين الصحي والسياسة الخارجية.
الاقتصاد
لقد بدأ أوباما دورته الأولى بإعتماد قرار «سلة المحفزات» للإنتعاش من الركود الإقتصادي والتي شملت إعفاءات ضرائبية، وإعانات طويلة للعاطلين عن العمل وخلق فرص عمل جديدة. وبدأت الأمور الاقتصادية تتحسن والأسعار تستقر. لقد أضيف إلى سوق العمالة ملايين الوظائف. فبعد وصول نسبة البطالة إلى 10٪ عام 2009 إنحدرت إلى نسبة 6.1 ٪ في حزيران/يونيو الماضي. ففي الشهور الخمسة الأخيرة أضيفت أكثر من مليون فرصة عمل جديدة بمعدل 230,000 وظيفة شهريا بينما أضيفت في شهر حزيران/يونيو الماضي 288,000 فرصة عمل جديدة. فنسبة البطالة الآن هي الأدنى منذ أيلول/سبتمبر 2006 مما أشعل البورصة لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2000 بعد أن بدأت قطاعات اقتصادية واسعة تسترد عافيتها مثل الإسكان والتجارة الخارجية والصناعات والقطاع الخاص. وكما ارتفعت نسبة التشغيل إرتفعت الأجور بنسبة 2٪ عن السنة الماضية.
في كانون الأول/ديمسبر 2013 دعا أوباما الكونغرس للعمل معه على تضييق الهوة بين المداخيل والتصدي لظاهرة إتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء. المعضلة الأكبر التي لم يستطع أوباما أن يتحكم فيها هي مسألة العجز في الميزانية التي تصل إلى 1.34 تريليون دولار والديون الفدرالية التي تأكل نحو 10٪ من مجموع ناتج الدخل القومي. وقد اتفق الحزبان على رفع سقف الدين إلى 17.1 ترليون دولار إبتداء من شباط/فبراير الماضي. واتفق الحزبان على تشكيل لجنة مشتركة للتخفيف من الديون بقيمة 1.5 ترليون دولار في السنوات العشر المقبلة.
التأمين الصحي
دعا الكونغرس لأن يشرع قانون إصلاح الرعاية الصحية. حيث طالب بتوسيع تغطية التأمين الصحي لتشمل كل من ليس لديه تأمين صحي بشرط أن يكون في متناول الجميع ويمكن الإحتفاظ به بعد التقاعد أو الانتقال إلى عمل آخر. وقدرت تكاليف المشروع بـ 900 مليار دولار للسنوات العشر المقبلة. وقد شمل المشروع فرض المزيد من الضرائب على شركات التأمين الصحي. لقي أوباما صعوبات عظيمة من الحزب الجمهوري لتمرير المشروع بعد تعديله عدة مرات. وبتاريخ 14 تموز/يوليو 2009 تقدم بمقترح شامل في 1,017 صفحة قدمه للكونغرس لإعادة إصلاح النظام الصحي وطلب من الكونغرس أن يوافق على المشروع مع نهاية 2009. لكن الكونغرس أثار العديد من الإعتراضات والتساؤلات مما اضطر أوباما لأن يلقي خطابا في جلسة مشتركة للمجلسين النواب والشيوخ بتاريخ 9 أيلول/سبتمير 2009 ليوضح مشروعه الصحي ويسوقه للرأي العام الأمريكي. وأخيرا تقدمت الإدارة بقانون يشمل «الخيار العمومي» للتأمين الصحي وقانون حماية المريض وتناسب التكاليف الصحية مع دخل العائلة. واعتمده مجلس النواب في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2009. وبدأ التصويت على جزئيات هذه الرزمة في مجلس الشيوخ إلى أن إعتمد نهائيا في شهر كانون الأول/ديسمبر 2010 ووقع عليه أوباما ليصبح قانونا بتاريخ 23 آذار/مارس 2011. وبهذا بر بوعده وأصبحت هناك إمكانية لكل من ليس لديه تأمين أن يختار ما يسمى في أمريكا «أوباماكير». صحيح أن هناك العديد من التحديات للبرنامج وخاصة من الجمهوريين الذين حاولوا تحدي القانون في المحاكم بما فيها المحكمة العليا إلا أن «أوباماكير» أصبح قانونيا.
السياسة الخارجية
من نافل القول إن التركة التي خلفها بوش كانت ثقيلة على الرئيس الشاب عديم الخبرة. وسرعان ما إكتشف أوباما أن إطفاء الحرائق أصعب بكثير من إشعالها وأن ترميم الخراب الذي تركه بوش قد يستغرق دهرا لا شهرا. لقد قامت سياسة أوباما الخارجية أصلا على إستثمار المزاج العام للشعب الأمريكي في الإبتعاد عن الحروب والمغامرات العسكرية. واعتماد الحوار أو الردع بدل التهديد بالقوة أو إستخدامها. ونقر أنه حاول قدر الإمكان أن يلتزم بوعوده أمام الأمريكيين. فقد سحب القوات من العراق كما وعد في نهاية 2011 ومن المقرر أن يسحب آخر الجنود الأمريكيين من أفغانستان مع نهاية العام الحالي 2014، وتحاشى إلى درجة كبيرة التورط في ليبيا وسوريا والعراق وإعتمد أسلوب الحوار والمفاوضات مع إيران.
لكن إخفاقات أوباما الكبرى كانت في السياسة الخارجية. وللعلم فإستطلاع الرأي الأخير الذي أشرنا إليه يشير إلى أن السياسة الخارجية بالنسبة للناخب الأمريكي لا تشكل أكثر من 6٪ من إهتماماته بينما الاقتصاد يشكل 35 ٪. إذن ونحن نتكلم عن الإخفاقات في سياسة أوباما الخارجية إلا أن المواطن الأمريكي العادي قد لا يشعر بها.
لقد نجح في تصيد أسامة بن لادن (2 أيار/مايو 2011) وبالتالي أشفى غليل الغالبية الساحقة من الشعب الأمريكي لكنه لم يستطع أن يفي بوعده بإغلاق معتقل غوانتانمو رغم المحاولات. إلا أن مواقع الفشل كانت كبيرة:
– لقد فشل أوباما مرتين بالنسبة للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي فقد بدأ ولايته الأولى بإرسال جورج ميتشيل وسيطا للعمل على تجسيد حل الدولتين بل ووعد في خطابه عام 2010 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الدولة الفلسطينية المستقلة سترى النور عام 2011 لكنه عاد وتراجع عن هذا الوعد ووجد أن العقبات التي أمامه أكبر من أن يتخطاها. ثم حاول مرة أخرى في دورته الثانية أن يحيي عملية السلام تحت رعاية وزير الخارجية جون كيري واعدا أن هناك إنجازات حقيقية خلال تسعة أشهر وفشل في تحقيق ذلك.
– لقد فشل في إستثمار الثمن الذي دفعته أمريكا في العراق فلم يعرف كيف يقصي النفوذ الإيراني المتزايد هناك منذ 2003 واكتشف متأخرا أن العراق تحول إلى مجال حيوي لإيران. ثم إكتشف أنه مخطئ عندما أيد نوري المالكي لتشكيل الحكومة عام 2010 علما بأن الذي فاز في الإنتخابات هو «القائمة العراقية» برئاسة إياد علاوي.
– وفشل في الإنتصار على حركة طالبان وهو الآن لا يمانع من الدخول في مفاوضات بين الحكومة الأفغانية والحركة من أجل إشراكها في الحكم.
– وكان فشل أوباما الذريع في سوريا حيث بقي يقلب المواقف من «المطالبة برحيل الأسد» وصولا أخيرا إلى المفاوضات معه، وبعد أن وعد المعارضة الوطنية بالسلاح عاد وتراجع عن ذلك خشية وقوعه في الأيدي الخاطئة مما سهل نمو الحركات المتطرفة.
– وفشل في التعامل مع التطورات في مصر. فبعد أن راهن على صمود نظام مبارك عاد وطالبه بالرحيل. ثم دعم الإنتخابات الحرة التي أوصلت مرسي إلى سدة الحكم كرئيس منتخب، ثم تعاملوا بحنو مع الإنقلاب وكانت إدانتهم لما حدث في رابعة وأدى إلى مقتل ما يزيد عن 1,400 باهتة لم ترق لمستوى الحدث.
– وكانت إخفاقة أوباما الكبرى في أزمة أوكرانيا حيث فوجئ بالتطورات هناك وبمشاهدة إقليم شبه جزيرة القرم ينسلخ بعد إستفتاء سريع نظمه الروس ليشرعنوا ضم الإقليم إلى روسيا.
– كما أن الاستخدام المفرط للدرونز (طائرات بدون طيار) قد أثار انتقادات واسعة على مستوى العالم حيث صم أوباما أذنيه عن شكاوى الضحايا من الأبرياء الذين يقتلون بسبب غارات الدرونز. وتعرض إلى انتقادات لاذعة من منظمات حقوق الإنسان بسبب ما يسميه «الضرر التلازمي» الذي يأخذ الأبرياء في أرجل المتهمين. لكن أوباما ما زال مستمرا في استخدام هذا الأسلوب.
– كما فشل في إحتواء الأزمة مع كوريا الشمالية والتي ما فتئت تتحدى جارتها الجنوبية والناتو والولايات المتحدة دون ردع أو إحتواء.
– كان أوباما يسعى إلى تصالح واسع مع العالم الإسلامي فإذا به بعد ست سنوات يجد نفسه من دون حلفاء حقيقيين في الشارعين العربي والإسلامي، وهو يعرف أن تحالفه مع أنظمة القمع والتعذيب وإنتهاك حقوق الإنسان يسيء اليه قبل أن يسيء لغيره.
– كما أنه فشل في الحرب على الإرهاب فقد كان تنظيم القاعدة محصورا في أفغانستان لكنه تمدد ليصل هو أو تنويعاته إلى مالي ونيجيريا وكينيا والعراق وسوريا واليمن والصومال ولبنان والمغرب العربي.
النتيجة
إن أي تقييم موضوعي لرئاسة أوباما الأولى ونصف الثانية لا بد أن تفيه حقه فيما أنجز وتسلط الضوء عليه فيما أخفق. فهو قد حاول أن يلتزم بوعوده جميعها لكنه لم يستطع. لقد أنجز الكثير في القضايا الداخلية كالاقتصاد والرعاية الصحية والطاقة وإصلاح قانون الهجرة وغيرها الكثير إلا أن فشله الأكبر كان وما زال في السياسة الخارجية رغم أن أهميتها للمواطن الأمريكي ثانوية. السياسة الخارجيــــة لدولة عظـــمى كالولايات المتحدة في غاية التعقيد وذلك لسببين أساسيين: طريقة صنع القرار وتشعب القوى المشاركة فيه (الكونغرس، المؤسسة العسكرية، الرأي العام، الصحافة ، اللوبيات إلخ..) وتعدد المصالح وتشابكها في بلد تلعب فيه السياسات الداخلية والتنافس بين الحزبين دورا كبيرا في تحديد مسارات السياسة الخارجية. نعتقد أن أوباما تعلم الـــدرس لكنه كما يقول المصطلح الأمريكي «تأخر كثيرا».
عبد الحميد صيام
قالت سارة بالين وهي كانت مرشحة الجمهوريين كنائبة للرئيس في مواجهة باراك أوباما
يجب عزل باراك أوباما واحالته الى المحاكمة لانه خان العزة الأمريكية
هذا الكلام قالته منذ عدة أيام وهو يعطي فكرة عن مشاعر بعض الأمريكيين
درجة نجاح وعود أوباما داخل أمريكا منخفضة بما يتعلق بالتأمين الصحي الذي لايزال متعثرا وبما يتعلق بانعاش الاقتصاد
أما عن السياسة الخارجية فقد افقد الولايات المتحدة هيبتها واحترام شعوب العالم لقيمها عن الحرية والعدالة
صحيح ان الولايات المتحدة لازالت أقوى دولة في العالم اقتصاديا وعلميا وعسكريا ولكن هذا بفضل نظامها الحر المبني على العمل الشاق والمنافسة وعلى شعور الأمريكي بان بلده تمنح الحرية والعدل للجميع فيها
شكراً للاستاذ صيام على المقال…
أعتقد أنك أستندت في مقالك على كتاب مهم عن أوباما صدر في 2012. ولمن يرغب التعمّق بالموضوع عليه قراءة كتاب:
HOPELESS : Barak Obama and the Politics of Illusion
By: Jeffrey St Clair & Joshua Frank
Published by AK Press