ماذا وراء اعتقالات الأمراء والمسؤولين في السعودية؟

حجم الخط
46

في خطوة درامية كبرى وغير مسبوقة في التاريخ السعودي قامت سلطات الرياض أمس الأحد باعتقال 11 أميراً من العائلة المالكة و38 وزيرا ونائبي وزير حاليين وسابقين، وبين الأمراء حضرت أسماء الوليد بن طلال (أحد أكبر الأغنياء في العالم بثروة تقدر بـ18 مليار دولار)، وبكر ملك السعودية الراحل عبد الله بن عبد العزيز، متعب بن عبد الله (وزير الحرس الوطني الذي أعفي من منصبه مساء السبت الماضي)، وشقيقه تركي أمير منطقة الرياض سابقا، وفهد بن عبد الله (نائب وزير الدفاع السابق)، وتركي بن ناصر (الرئيس السابق للأرصاد وحماية البيئة)، كما ضمّت القائمة قائدا سابقا للقوات البحرية، ورئيس ديوان ملكي، ورئيس مراسم ملكية، ورجال أعمال شهيرين، كصالح كامل، والوليد الإبراهيم (مالك مجموعة إم بي سي)، وبكر بن لادن (رئيس مجموعة بن لادن)، وغيرهم.
الاعتقالات تمت بأوامر من لجنة شكّلها الملك قبل يوم واحد فقط (السبت الماضي)، وترأسها وليّ العهد محمد بن سلمان، وأعلنت أن مهمتها «حصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام»، ويدخل في صلاحياتها «التحقيق، وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أيا كانت صفتها».
لا يمكن فصل اعتقالات كبار الأمراء والمسؤولين السعوديين عما سبقها من اعتقالات شملت رجال دين ودعاة ومثقفين وأكاديميين، وهذا السياق يضعها في إطار تشديد قبضة الأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد، على كل تفاصيل القوّة والسلطة والنفوذ في المملكة.
تشكيل «لجنة مكافحة الفساد»، بهذا المعنى، هو من لزوميات ما لا يلزم، لأن موضوع «مكافحة الفساد» ضمن أنظمة قانونية حقيقية، لا يحتاج تشكيل لجنة، أما وقد تنكّبت السلطات مهمة تشكيل لجنة مجهولة المعالم فإن مصداقية تلك السلطات، واللجنة، كانت تقتضي أن يسمّى أعضاؤها لتعرف حيثيّاتهم القانونية، وكان عليها، تشكيل لجان قانونية للتحقيق تجمع الأدلة والاثباتات قبل أن ترفع الاتهامات وتنفذ الاعتقالات، وهذا ينطبق على المواطنين العاديين كما ينطبق على الأمراء والمسؤولين الكبار.
صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية اعتبرت ما حصل تشديداً لقبضة ولي العهد السعودي الحديدية على العائلة الحاكمة لقمع موجة غضب متصاعدة داخلها نتيجة تركيز السلطات العسكرية والمالية والإعلامية في يد الأمير محمد بن سلمان بعد أن كانت موزعة ضمن العائلة، وكذلك لمنع كل المنافسين المحتملين، وهو ما يفسّر، على الصعيد المالي، اعتقال الوليد بن طلال وتجميد حساباته، ويفسّر، على الصعيد العسكري، إعفاء ثم اعتقال الأمير متعب، الذي كان خلال حكم والده عبد الله، مرشّحاً للدور الذي يلعبه وليّ العهد الحالي.
هيئة كبار العلماء في السعودية أعلنت مساندتها للإجراءات معتبرة «مكافحة الفساد» مثل «محاربة الإرهاب»، ومن المؤكد أن باقي المواطنين السعوديين كانوا سيسعدون أيضاً لو حصلت معجزة أسقطت وحاسبت «كل الفاسدين» في المملكة، وليس بعضهم فحسب، ولأن هذه المعجزة مستبعدة فهم، على الأغلب، لم يصدقوا، بأن «لا خلافات شخصية» بين ولي العهد والأمراء والمسؤولين الموقوفين، أو بأن القانون «سيطبق على الجميع لا أمير أو وزير»، كما قال عبد الرحمن الراشد، رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى السعودي مدافعا عن القرار أمس.
«مكافحة الفساد» بالطريقة التي تجري فيها الآن في السعودية لا يمكن أبداً أن تكافح الفساد لأنها صادرة عن سلطة مطلقة خارج المحاسبة، ورفعها يافطات مكافحة الجرائم والفساد والإرهاب، لا معنى له من دون آليات يمكن أن تحمي الأبرياء من تسلّطها عليهم، وتؤمن ضمانات للدفاع عن براءتهم وحقوقهم وأموالهم وكراماتهم.

ماذا وراء اعتقالات الأمراء والمسؤولين في السعودية؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد السوري:

    رأس الفساد يعض ذنبه

  2. يقول Passer-by:

    ما يحدث هو ببساطة إفشال محاولة إنقلابية رأس الحربة فيها أبناء عبد الله وقائد القوات البحرية والظاهر أن هذه المحاولة كانت مسنودة من هوامير الإقتصاد والإعلام. سوف ترون الكثير من المآثر للدب الداشر! ألا يشبه ما يحدث في السعودية مع ما حدث في تركيا؟!

  3. يقول Dinars:

    يظهر أن العرش لا يسع الإبن فقام الأب بكسر جميع الأغصان المتدلية على كرسي الحكم من شجرة العائلة.
    ثمن حكم الإبن كان باهظا بعد الإنفاق على ترامب وبوتين ويهود الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين حتى يقبل جميع أولئك نَضِرَ الحكم الجديد الغير جدير بالطبع فالتجأ الأب إلى حثو أموال من اتهموا بالفساد وقد نُفذ في الحكم قبل صدوره من الجهة القضائية.
    وأما الفساد فجميعهم وأولهم من أمر ومن وقع عليه أمر تهمة الفساد مدان حتى تبرأ الذمة.
    باختصار ذئب لن يصمد أمام ذئاب تترصد موقعه وإن نجا منهم فإن لإيران موقع قدم في كل قصر من قصور الحكم و

  4. يقول يوسف بن علي:

    كما يقال ( بين ليلة وضحاها ) .شكلت لجنة مكافحة الفساد ..التي هي بمثابة البلاغ رقم واحد .وتمت الاعتفالات بالجملة (والمفرق) .هذا الذي يتكلم عنه الاعلام .اما الذي لا يصلنا عنه انباء
    نحن لا نتكلم عنه. لكن ما المعنى ان الاغلببة من الذين تم اعتقالهم هم من المعارضين المعروفين لولى العهد .اريد ان ارجع الى المربع الاول .وان اهنىء قطر لاستطاعتها .الوقوف بوجه جبروت

  5. يقول جمال:

    أحد المعجبين قال بأن المغرب فعل نفس الشيء بإقالة أربعة وزراء
    المشكلة هؤلاء الوزراء اللواء لسوء تدبير حسب البلاغ
    هناك في المغرب مسؤولين حسب المستويآت يذهبون ليل نهار البحر والجو والأرض والإنسان ولا رادع
    الوزراء المقالين كانوا ضد المافيا وضد حزب الملك
    الحتمية عن المخططات لكل هذا
    قال تعإلى ويمكرون ويمكر الله
    والله خير الماكرين

  6. يقول حسنين عمر:

    ….اما بعد يا ابني .ففي أصحاب الانقلابات انواعا .منها من ارتدى الزي العسكري .ومنها من حمل مشعل الحرية ..ومنها من ارتدى ثوب الايمان والاحسان .وهذا اخطرهم .وعادة لا يكون في الحسبان

  7. يقول روبله عمر حسين:

    يقول المثل العربي : من أعان ظالما سُلِّط عليه .

  8. يقول الدمشقي:

    رسالة عاجلة الى المعارضة السورية (المعتدلة والمعدلة ).هل هؤلاء الناس كانوا قدوة لكم. ومعينكم في (الحرية والثورة ) .ان تستيقظ متاخرا .افضل من ان تبقى ناءما وربما في فندق ريتز كارلتون

  9. يقول محمد حاج:

    وهل الآن فقط انكشف فساد المتهمين ؟ أم كلمة حق يراد بها باطل ؟ و ألا يعتبر المليارات التي أغدقت على السيسي فسادا ؟ والمليارات التي جناها ترامب وزوجته ألا تعتبر دمارا ؟ .

  10. يقول محمد الامين:

    انها الضبابية الكاملة هذا عنوان المرحلة السياسية الحالية في السعودية .ربما الذي يحدث هومشاهدة راس جبل الجليد ..المستقبل القريب يعطينا الصورة الافضل .لنرى كم كان مفعول ( هزة ) القهوة .للسيدة ايفانكا .ورقص العم ترامب .اخشى ما أخشاه. ان تكون الامور ( صعبة) على العرب .لانني اذكر ان (هزة )الرءيس الأميركي كانت قوية .لنرى !!

1 2 3 4 5

إشترك في قائمتنا البريدية