ما الذي يجري مع «إخوان الأردن»؟ يطالبون بمحاورة «الدولة العميقة» ويتساهلون مع اتفاقية «الغاز» ومتحمسون لمؤسسة «ولاية العهد»

عمان ـ «القدس العربي»: لا أحد يسمع في الأردن اليوم من أو عن الانشقاق المرخص بزعامة الشيخ عبد المجيد الذنيبات الذي حاول وراثة تنظيم الإخوان المسلمين الأم على مدار عامين قبل صعود سهم التنظيم الأصلي في الانتخابات الأخيرة .
ولا أحد يسمع ايضاً عن تيار زمزم الاجتماعي الذي ولد من رحم الجماعة الإخوانية قبل تحوله لحزب سياسي «ذاب» تماماً خلال الانتخابات الأخيرة حتى ان مؤسسه ومنظره الأبرز الدكتور نبيل الكوفحي أخفق في استعادة مقعد البرلمان الذي مثله والده القيادي البارز أحمد الكوفحي شمالي البلاد.
سياسي بارز استفسر أمام «القدس العربي»: أين ذهبت لجنة الحكماء؟
للعلم فقط تلك اللجنة كانت تضم شخصيات إخوانية عريقة قدمت استقالتها من حزب جبهة العمل الإسلامي مثل حمزة منصور وسالم الفلاحات وعبد اللطيف عربيات الاستقالة حفظت وجلس الحكماء في البيت على الأرجح فيما يتصدر المشهد في إطار التوجيه ورعاية ملف المشاركة في الانتخابات خصمهم المفترض الشيخ زكي بني إرشيد .
مشهد التيار الإسلامي في الأردن لا يقف عند هذه الحدود فحزب الوسط الإسلامي الذي تشكل اصلاً قبل أكثر من 10 سنوات وحظي برعاية رسمية عن بعد ايضاً غير موجود في برلمان 2016 . الانتخابات الأخيرة أعادت جماعة الإخوان المسلمين التي اعتبرت «غير مرخصة» في عهد حكومة الرئيس عبدالله النسور السابقة إلى «حضن المؤسسات واللعبة السياسية».
رغم أن غالبية وزراء النسور بقوا في مقاعدهم برفقة الرئيس هاني الملقي إلا ان الأخيرة فقدت ذاكرتها تماماً ولم تعد تتحدث عن «جماعة غير مرخصة « في الوقت الذي ذابت فيه بالساحة كل فعاليات خصوم الإخوان من إسلاميي «النكهات» الذين حظوا في الماضي برعاية «أمنية وبيروقراطية «.
عندما يتعلق الأمر مثلا بإتفاقية الغاز الإسرائيلي المسروق من فلسطين يمكن ببساطة ملاحظة ان سقف نقد الإتفاقية و»التنقير» عليها عند الرئيس النسور أعلى من سقف النقد والاعتراض عند الإخوان المسلمين .
الإنطباع متشكل مبكرا بأن الحركة الإخوانية وبعد عودتها لحضن العملية السياسية المحلية ونسيان الحكومة المفاجئ لقصة «الترخيص» تتساهل وتمرر بأقل جملة اعتراضية إتفاقية الغاز المثيرة للجدل ..يحصل ذلك لإن خطة العودة للبرلمان بخطاب «وطني» بدلا من «الديني» نجحت في إعادة تموضع حالة الحوار بين النظام ومؤسسات الإخوان المسلمين وبما يوحي بعدم الحاجة للصراخ في الشارع ضد الغاز الإسرائيلي.
السؤال المطروح في الحالة النخبوية الأردنية هذه الأيام كالتالي: كيف ستتجرأ اي حكومة مستقبلاً على التشكيك برخصة جماعة الإخوان المسلمين وهم يشكلون الكتلة البرامجية الأصلب والوحيدة التي ولدت صلبة في البرلمان الجديد. قوام كتلة الإصلاح الوطني البرلمانية عشرة نواب من التنظيم الإخواني الخالص المتهم بعدم الترخيص ومعهم خمسة نواب حلفاء ونائب مسيحي سادس قريب.
نتحدث هنا عن ما يزيد عن 12% من نسبة القرار التشريعي تصادف انها برامجية وصلبة ومنضبطة تماماً ولديها خبرات متراكمة في الرقابة والتشريع.
«القدس العربي» سمعت وزير التنمية السياسية موسى المعايطة يتهامس مع زميله وزير الاتصال محمد مومني.. حتى لو كان الإخوان يمثلون خمسة مقاعد فقط سيشكلون حالة لا يستهان بها». في وضع «رقمي» من هذا النوع سيكون من العبث عودة أي من أذرع ومؤسسات النظام لفكرة «الترخيص» فالشرعية الدستورية اليوم عبر الصناديق الانتخابية التي تعتبر عابرة لقرارات الحكام الإداريين والمستوى البيروقراطي.
لذلك لا يتحدث الملقي إطلاقاً عن رخصة الإخوان المسلمين خلافاً لسلفه النسور والسبب ببساطة ان حكومته هي التي ستخضع لرقابتهم وتحتاج للتهدئة معهم بدلاً من تشكل حالة «فصام بيروقراطي».
نجح الإخوان في إعادة إنتاج المشهد وقلب المعادلات تماما لصالحهم ورسائلهم في خطبة «ود النظام» تواصلت حتى بعض الانتخابات فالشيخ علي ابو السكر يستمر في الحديث عن «إعادة هيكلة» مؤسسات الحزب بما يتوافق مع ما يسميه «تطورات».
وعميد كتلة الإصلاح الدكتور عبدالله العكايلة اعلن عبر «القدس العربي» وبعبارة ناضجة تماماً: سنتحاور مع جميع الأطراف في مركز القرار ويضيف: لسنا خارج عباءة النظام .
وعليه يعتقد بأن كتلة الإصلاح «إخوانية النفوذ» ستناور وتبادر في الفضاء السياسي بل هي تفعل الأن لإن العكايلة يؤكد: سنترشح لرئاسة مجلس النواب وماضون في الأمر بدون تردد.
ولإن الشيخ بني إرشيد يتحول من «ناقد» إلى «ناصح» لرئيس الوزراء في مسألة المناهج ووزير التربية الدكتور محمد الذنيبات .
وثالثاً لأن بعض رموز كتلة الإصلاح طلبوا فعلياً وهاتفياً الأسبوع الماضي لقاء مسؤولين أساسيين خصوصاً في المستوى الأمني والدولة العميقة.
ورابعا وقد يكون الأهم فعلا لإن حلقات التنظيم الإخواني وبعد رفع شعار «هيكلة أنفسهم» اعادوا بذكاء ملموس تنشيط رسالتهم السابقة التي تلقتها قبل سنوات مرجعيات مهمة بعنوان الاستعداد للوقوف مع «مؤسسة ولاية العهد» باعتبارها عنوان المستقبل والاستقرار، الأمر الذي قد يفسر»ترحيب» الملكة رانيا العبدالله تحديداً العلني وعبر سي إن إن بمشاركة التيار الإخواني «المعتدل» في الانتخابات الأخيرة .

ما الذي يجري مع «إخوان الأردن»؟ يطالبون بمحاورة «الدولة العميقة» ويتساهلون مع اتفاقية «الغاز» ومتحمسون لمؤسسة «ولاية العهد»

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    صحيح أن الإخوان يمثلون عُشر مقاعد البرلمان ولكن هناك العشرات من المستقلين قد ينضمون بإئتلاف معهم لدعم قضاياهم
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول ابو الامير:

    الجواب معروف بان جماعة الاخوان في الاردن من عظام الرقبة يا استاذ بسام.

  3. يقول سامح // الاردن:

    * من الآخر ;-
    كلها ألعاب ( مخابراتية) ،،؟؟؟!
    * المواطن المطحون لا يهتم
    ولا يكترث للمناورات والمناكفات السياسية.
    * بدنا الدولة ممثلة بالحكومة والبرلمان
    محاربة ( الفساد والواسطة والمحسوبية)
    الآفات التي أخرتنا عقود عن التقدم
    والنهضة والازدهار.
    حمى الله الأردن الغالي من الأشرار
    والفاسدين.
    سلام

  4. يقول تيسير خرما:

    قبل 14 قرناً أقام سيدنا محمد (ص) أول دولة مدنية بالعالم بوثيقة المدينة تحترم المكونات وحقوق الإنسان والمرأة والطفل وتحمي النفس والمال والعرض ومساواة أمام العدالة وتعتمد مبايعة قائد جيد أمين وشورى القرار الدنيوي فدولة المسلمين دولة مدنية والأردن مثال حي فقد نشأ على شرعية مبايعة عشائر وقبائل وذوات من كل المنابت لقيادة هاشمية جيدة وأمينة على مبادىء ثورة عربية كبرى تستند لثقافة عربية إسلامية وانتماء لم ينقطع لعالم حر وقيم انسانية بنظام حكم ملكي نيابي ودين الدولة الإسلام وهذا هو عقد الأردن الاجتماعي.

  5. يقول حسام محمد:

    يبدو ان سجن زكي بن رشيد قد روض الاخوان مرة اخرى وها هم يبصمون بالعشرة للحكومة. عندنا في الاردن الكل يبحث عن مصلحته وكل الشعارات الوطنية والدينية والدنيوية لا تعني شيئا والحمدلله.

إشترك في قائمتنا البريدية