الناصرة ـ «القدس العربي»: في ظل تصاعد الحديث عن الاستعدادات لتفكيك حكومة بنيامين نتنياهو والذهاب لانتخابات عامة مبكّرة كشف وزير خارجية إسرائيل رئيس حزب «يسرائيل بيتنا» لليهود الروس أفيغدور ليبرمان برنامجا سياسيا جديدا لـ «السلام» يطرح فيه تبادل الأرض والسكان مع السلطة الفلسطينية على مبدأ فلسطينيي الداخل مقابل المستوطنات، علاوة على «محفزات اقتصادية» لفلسطينيي حيفا ويافا وعكا، وبقية فلسطينيي الداخل الذين ستساعد عملية تهجيرهم لتسوية حالة «الانفصام بالشخصية» التي يكابدونها وفق مزاعمه.
وتشمل مبادرة ليبرمان القائمة على فكرة قديمة وردت في برنامج حزبه «يسرائيل بيتنا» منذ تأسيسه عام 1999، وتدلل على دنو موعد الانتخابات العامة المبكرة في إسرائيل. تشمل سلسلة أفكار وتصريحات معظمها عنصرية وردت على لسانه لكنه يبقي القسم السياسي ضبابيا فلا تتطرق مثلا للحدود الدائمة لإسرائيل، ومكانة ومستقبل القدس والبناء في المستوطنات. ويحظى القسم الخاص بفلسطينيي الداخل الذين يشكلون اليوم 17% من السكان في إسرائيل بتفصيلات أبرزها فكرة تبادل السكان. ويقول إن التسوية المقترحة تتيح لفلسطينيي الداخل الذين لا يتماثلون مع إسرائيل أن يكونوا جزءا من الدولة الفلسطينية، مشيرا إلى أنها تحل أولا «مشكلة» الفلسطينيين في منطقة المثلث في الداخل والمحاذية للضفة الغربية ويقيم فيها نحو 180 ألف نسمة ممن يتم نقلهم مع بلداتهم للسيادة الفلسطينية.
في المبادرة يقول ليبرمان القادم الجديد من روسيا الذي يعيش في مستوطنة نوكديم جنوب الضفة الغربية المحتلة إن سلامة الشعب أهم من سلامة البلاد، مبررا بذلك موافقته على تقاسم البلاد لجمهور اليمين الذين يستمد الدعم الانتخابي منه إضافة للمهاجرين من روسيا وبنفس الوقت يغازل الأوساط الوسطية في الشارع الإسرائيلي المؤمنة بضرورة فصل الشعبين في كيانين مختلفين.
ليبرمان الذي تتعرض شعبيته الانتخابية للتراجع وفق استطلاعات رأي في العام الأخير يستنشق رائحة الانتخابات العامة المبكرة ويشرع بهذه المبادرة لبلورة برنامج انتخابي ويشارك في المعركة على الأصوات.
وهذه مبادرة على غرار مبادرة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في رعاية قانون «دولة الشعب اليهودي» التي يسعى من خلالها لحصد مكاسب حزبية وشخصية علاوة على انعكاس رؤيته اليمينية المتطرفة المتأصلة في عقليته.
وتوضح مبادرة ليبرمان التي جاءت بعنوان «العوم ضد التيار- رؤية إسرائيل بيتنا» ملامح فكرة التسوية الإقليمية المزعومة التي تشمل «استعدادا للتنازل عن أراض» من أجل سلام مع كل العالم العربي.
الاتحاد الأوروبي
ومن المتوقع أن يعرض ليبرمان مبادرته هذه على وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بازل الذين يلتقون في مؤتمر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ومن ثم سيعرضها على الإدارة الأمريكية في نطاق مؤتمر «سبان» السنوي في واشنطن.
ويقول ليبرمان في مبادرته إنه يدرك ضرورة التوصل لتسوية معقولة تكفل توافق الإسرائيليين رغم أنه شبّ على فكرة «ضفتان للأردن» وأرض إسرائيل الكبرى. ويبرر اتجاهه غريب الأطوار بالإشارة إلى ضرورة تغيير الاتجاه بعد فشل مسيرة اتفاق أوسلو منذ 21عاما متهما من يعلق هذا الفشل على إسرائيل بالكذب. ويزعم في تبرير منطق المبادرة أن الصراع لا يدور فقط على الجغرافيا بل مع الدول العربية ومع فلسطينيي الداخل أيضا، داعيا إلى جعل كل الفلسطينيين جزءا من حل شامل للعرب ولتبادل أرض وسكان. وعن التوقيت يعتبر ليبرمان أن التغييرات في العالم العربي تتيح اليوم مفاوضات بعدما أدرك كثيرون أن القضية الفلسطينية ليست القضية المركزية المسببة لعدم الهدوء في الشرق الأوسط.
الربيع العربي
ويدلل على مزاعمه بالإشارة لأحداث الربيع العربي في مصر وسوريا وليبيا وغيرها، مدعيا أن الدول العربية المعتدلة تفهم اليوم أن الخطر الذي يتهددها ليس إسرائيل بل التنظيمات الإسلامية كداعش وجبهة النصرة والإخوان المسلمين وحماس وحزب الله. ويقول إن التسوية المقترحة تتيح لفلسطينيي الداخل الذين لا يتماثلون مع إسرائيل أن يكونوا جزءا من الدولة الفلسطينية، مشيرا إلى أنها تحل أولا «مشكلة».. الفلسطينيون في منطقة المثلث في الداخل والمحاذية للضفة الغربية ويقيم فيها نحو 180 ألف نسمة ممن يتم نقلهم مع بلداتهم للسيادة الفلسطينية. ويزعم ليبرمان أنه بذلك يطبق رؤية الزعيم الصهيوني قائد حركة الصهيونية التعديلية زئيف جابوتينسكي الذي يدعي حزب «الليكود» أيضا أنه يستلهم أفكاره. ويكرر ليبرمان شعاره غير الديمقراطي الذي اعتمده في انتخابات الكنيست الأخيرة – «بدون ولاء لا مواطنة»، زاعما أنه على الدولة أن تكون متساوية مع كل المواطنين. ويتابع «لكن هذا لا ينطبق على من يرفع راية سوداء في يوم الاستقلال ويحيي ذكرى النكبة ولابد أيضا من تغيير نظام الحكم السياسي وتعيين وزراء تكنوقراطيين».
لنعدْ لقرار التقسيم إذن
ويرفض فلسطينيو الداخل أفكار ليبرمان ويعتبرونها عنصرية ويدعوه قادتهم للرحيل لوطنه في روسيا على مبدأ من وصل للبلاد أخيرا يرحل أولا. ويوضح لـ «القدس العربي» عضو الكنيست عفو اغبارية من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة أن ليبرمان مهّد لخطته هذه بتصريحات خطيرة خلال الحرب على غزة دعا فيها لاشتراط أي تسوية مع الفلسطينيين بأن تأخذ بالحسبان فلسطينيي الداخل. ويرى إغبارية المقيم في مدينة أم الفحم المرشحة في مبادرة ليبرمان للترحيل، أن فكرة ليبرمان خطيرة لأنها تربط بين تسوية الصراع وبين فلسطينيي الداخل غير المعترف بهم كمواطنين في إسرائيل.
وردا على سؤال حول مدى قلقه من خطة ليبرمان يوضح إغبارية أنه قلق بشكل عام من الأوضاع السياسية الراهنة ولا يقلق على مواطنته في إسرائيل بل من مظاهر العنصرية الناجمة عن فقدان التسوية.
وردا على سؤال أن ليبرمان يقترح نقل فلسطينيي المثلث مع أراضيهم للدولة الفلسطينية فلماذا يعارضون؟ فقال إنه لا يعارض ذلك شريطة أن تستعاد كافة أراضي أهالي المثلث. وتابع «فليعيدوا لأم الفحم أراضيها المصادرة منذ النكبة والبالغة حدود حيفا ومرج بن عامر أولا وعندها ننتقل للسيادة الفلسطينية مع كامل ترابنا».
ودعا إغبارية للرد على خطة ليبرمان بالفصل بين الإسرائيليين وبين الفلسطينيين على مبدأ قرار التقسيم من 1947 الذي تصادف ذكراه اليوم السبت. وتابع «هذا هو الرد المطلوب والأفضل على ليبرمان الذي يريد مقايضة فلسطينيي الداخل أصحاب الوطن الأصليين مع مستوطنين غير شرعيين وهذا غير منطقي وليس نزيها».
وديع عواودة
مر الكثير من المستعمرين علي أرض فلسطين منذ عشرات الألاف من السنين , ليبرمان يعيش في الماضي ويتذاكي علي أصحاب الأرض , فلماذا لا يجرب حظة في سيبيريا ؟ .