إسطنبول ـ «القدس العربي»: تبدو تركيا محاطة بما يشبه «مثلث رعب» يجعل من إمكانية تنفيذ تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» تفجيرات أوسع في البلاد أمراً ليس صعباً في ظل وجود آلاف «الدواعش الأتراك»، وأعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب على أراضيها وحدودها، بالإضافة إلى ارتباطها بحدود واسعة مع «الدولة الإسلامية» تُسهل عمليات التسلل ونقل الأسلحة والمتفجرات، على الرغم من الإجراءات الأمنية غير المسبوقة التي تتخذها السلطات التركية.
وخلال الأشهر الأخيرة نفذ التنظيم ثلاثة عمليات انتحارية ضخمة، فبعد تفجير استهدف نشطاء يساريين أكراد في مدينة سوروج جنوبي البلاد أدى إلى مقتل 33 شخص وإصابة 100، نفذ التنظيم عملية انتحارية مزدوجة في العاصمة أنقرة أدت إلى مقتل 103 أشخاص وإصابة العشرات، وآخرها كان الهجوم الانتحاري الذي استهدف، الثلاثاء، سياح أجانب في ساحة مسجد سلطان أحمد التاريخية في قلب إسطنبول وأدت إلى مقتل 10 سياح 9 منهم ألمان.
ويرى مراقبون أن التنظيم اتخذ قراراً بتنفيذ هجمات داخل الأراضي التركية منذ إعلان انضمام أنقرة للتحالف الدولي ضد التنظيم وفتح قاعدة إنجيرليك ومجالها الجوي أمام طائرات التحالف، وتنفيذها غارات على مواقعه بسوريا، ودعم القوات العراقية والكردية التي تحاربه، حيث صدرت في الآونة الأخيرة عدة فيديوهات للتنظيم تهدد بتنفيذ هجمات وفتح ما أسموه «القسطنطينية» في إشارة لمدينة إسطنبول.
وفي تقرير صدر العام الماضي، قدرت الاستخبارات التركية عدد المواطنين المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية بقرابة 3000 شخص داخل الأراضي التركية، موضحة أن جزء منهم «خلايا نائمة تفعل في أي وقت»، بينما رجحت مصادر أخرى التحاق 700 تركي للتنظيم داخل الأراضي السورية محذرة من أنهم سيتحولون إلى قنابل موقوتة حال عودتهم للبلاد.
وعقب تفجير اسطنبول، شنت قوات الأمن التركية، أمس الأربعاء، حملة أمنية واسعة شملت كلاً من ولاية أنقرة وازمير وأنطاليا وكيليس وأورفا ومرسين وأضنة، أوقفت خلالها 68 مشتبها بالانتماء إلى تنظيم «داعش»، ونقلت عن مصادر أمنية قولها إن فرقاً من فرع الاستخبارات التابع لمديرية أمن أنقرة، نفّذت عملية ضد التنظيم، وأوقفت خلالها 15 سورياً ومواطنًا تركيا واحدا، مشيرةً إلى أنهم «كانوا يقومون برصد مباني حكومية في مناطق حساسة في العاصمة».
ومن بين المعتقلين أتراك بتهم إيواء عناصر «داعش» وتقديم دعم لوجستي لهم، وآخرين قالت السلطات إنهم «كانوا على استعداد لتنفيذ عملية إرهابية في تركيا»، بينما أوقف فرق مكافحة الإرهاب وفي ولاية أنطاليا (جنوب)، ثلاثة مواطنين روس، قالت السلطات أنه «تبين أنهم على صلة مع تنظيم داعش الإرهابي، وأنهم يقدمون له دعمًا لوجستيا».
وفي نهاية الشهر الماضي أعلنت السلطات توقيف انتحاريين قبيل ساعات من تفجير نفسيهما في وسط العاصمة أنقرة أثناء الاحتفال برأس السنة الميلادية.
وزير الداخلية التركي «أفكان آلا» قال إن «السلطات التركية أوقفت 3318 شخصاً حتى اليوم، في إطار مكافحة التنظيمات الإرهابية المتطرفة وداعش، وصدر قرار اعتقال بحق 847 منهم، وعدد كبير منهم أجانب».
ويعتبر «المقاتلون الأجانب» المعضلة الأكبر التي تواجهها السلطات التركية في مكافحة التنظيم، فمنذ بدء الثورة السورية وصل الآلاف منهم من الدول العربية والأوروبية على شكل سياح قبل أن يتوجهوا إلى داخل الأراضي السورية للالتحاق بالتنظيم في سوريا والعراق.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها أجهزة الأمن التركية بالتعاون مع الشرطة الدولية وأجهزت الاستخبارات الأوروبية إلا أن أعداد أقل من «المقاتلين الأجانب» ما زالت تصل إلى البلاد مندسين بين أكثر من 40 مليون سائح يصلون تركيا سنوياً ويعتمد عليهم اقتصاد البلاد بشكل كبير.
وتتهم تركيا أجهزة الاستخبارات الغربية بالتقصير في عمليات التنسيق وتبادل المعلومات من أجل الحد من وصول المقاتلين الأجانب لأراضيها، معتبرة أن الاكتفاء بمطالبتها بتشديد الإجراءات الأمنية غير مجدي في ظل خروج هؤلاء المقاتلين من دولهم بشكل رسمي وبالتالي تكون استخبارات هذه الدول لديها معلومات أكبر عن ميولهم الجهادية.
وقبل يومين، أوضح وزير الداخلية التركي “أفكان آلا” أنهم حظروا دخول قرابة 36 ألف أجنبي من 124 دولة من دخول البلاد بشبهة اعتزامهم الانضمام إلى « داعش»، مؤكدا أن ذلك «تم بفعل التبادل الاستخباراتي الفاعل مع الدول المعنية».
وقال الوزير التركي: «أبلغنا المسؤولين في الوزارات الداخلية والخارجية للدول المعنية، خلال اتصالاتنا بهم، بأن تركيا دولة تستضيف قرابة 3 ملايين شخص، وتمر منها طرق الهجرة، وأوصيناهم بتنفيذ الإجراءات الضرورية المترتبة على هذا الأمر»، مضيفاً: «أقول وبكل وضوح أن تركيا تقوم بما يقع على عاتقها من المسؤوليات الإنسانية. فهل يقوم الاتحاد الأوروبي ودول الغرب بما يقع على عاتقهم؟، إنهم يتحدثون كثيرا ولا ينجزون إلا القليل».
وبجانب الجهاديين الأتراك والأجانب، تبقى الحدود المعضلة الأكبر للسلطات الأمنية حيث تمتد الحدود التركية مع سوريا والعراق على طول أكثر من 1250 كيلو متر، ويسيطر تنظيم «الدولة» على مساحات واسعة من البلدين، لا سيما على أجزاء مباشرة من الحدود التركية السورية.
ويعمل الجيش التركي على مدار الساعة في مسعى لضبط الحدود ومنع عمليات التسلل وتهريب الأسلحة والمتفجرات إلى داخل الأراضي التركية، وتعترف السلطات بصعوبة المهمة لطول الحدود وانتشار الأسلحة والمتفجرات بشكل كبير جداً داخل الأراضي السورية.
ومنذ أشهر بدأ الجيش ببناء جدار إسمنتي وخنادق في المناطق الحدودية خاصة التي يسيطر على الجانب السوري منها تنظيم «الدولة»، لكن مصدر أمني تركي قال إن بعض الذين نفذوا عمليات داخل الأراضي التركية عبروا الحدود مع اللاجئين من خلال وثائق سورية مزورة.
إسماعيل جمال
لو أرادت داعش تنفيذ هجمات في تركيا لفعلت ذلك يوميا فالاتراك استضافوا آلاف الدواعش ولكن التحالف والتنسيق الخفي بين الاستخبارات التركية وداعش يفسر عدم وقوع ضحايا أتراك في 4 عمليات ارهابية نفذتها
داعش في تركيا بل أكراد ويساريين علويين أتراك وألمان