القاهرة ـ «القدس العربي» : ظل الموضوع الرئيسي في الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 18 أبريل/نيسان عن سوريا وآثار العدوان الثلاثي عليها، مع ملاحظة أن الانتقادات للنظام أو رئيسه بشار الأسد اختفت، خلافا لما كان عليه الحال أول أمس وقبله. كما سادت موجة من الارتياح بعد ما تكشفت محدودية الهجوم وخروج النظام والشعب منه بسلام، وهذا الاهتمام الشعبي والرسمي بسوريا نتيجة ارتباط المصريين التاريخي والسياسي والعاطفي مع الشعب السوري، ومقولة إن أمن مصر وحدودها تبدأ من الشام،.
ومن الأخبار الأخرى التي تتردد بين المواطنين فهي حول زيادة أسعار الكهرباء والمياه والمواصلات وغيرها من الخدمات التي ستعلنها الحكومة في الموازنة العامة الجديدة للدولة في يوليو/تموزالمقبل أما الاهتمام الأكبر للمواطنين فمتجه نحو الامتحانات المقبلة للثانوية العامة والجامعات. وقرب حلول شهر رمضان وأسعار السلع والمواد الغذائية الواجب توفرها فيه، والمسلسلات التلفزيونية التي ستعرض خلال الشهر الكريم، والفقراء الذين سيتلقون هدايا وزارة الأوقاف والجيش والشرطة والجمعيات الخيرية، وشعار الجميع هو المثل الشعبي «أحييني النهاردة وموتني بكرة» وإلى ما عندنا من أخبار متنوعة تناولتها الصحف المصرية ومقالات الكتاب التي تناولت الأحداث بتفاصيلها.
العدوان الثلاثي على سوريا
ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على العدوان الثلاثي على سوريا وأوله كان لجمال سلطان في «المصريون» الذي قال: «أثار الروس زوبعة كبيرة قبل الضربة العسكرية الأمريكية لبعض مواقع بشار الأسد بدعوى أن تلك الهجمات قد تعطل عمل فريق التحقيق الدولي في قصف مدينة دوما في غوطة دمشق بالأسلحة الكيماوية، بدا بوتين كمن هو حريص على العدالة والتحقيقات النزيهة، فلما وصل فريق التحقيق الدولي إلى دمشق منعته القوات الروسية من التوجه إلى دوما، وعندما أعلنت هذه الأخبار في مختلف وكالات الأنباء العالمية وكانت محرجة للاحتلال الروسي في سوريا، نفتها الخارجية الروسية وقالت إنه لا أحد منع الفريق من الوصول إلى دوما، ثم بعد ذلك وفي اليوم نفسه، بعد أن أعلن فريق التحقيق الدولي بنفسه منعه من الوصول إلى دوما، قال الروس إنهم منعوا الفريق فعلا لأنه لا يحمل تصاريح من الأمم المتحدة، فكان أن أصدرت الأمم المتحدة بيانا في اليوم نفسه تكذّب الروس وتفضحهم، وتقول إنها منحت فريق التحقيق كافة التصاريح اللازمة، فلما وجد الاحتلال الروسي أن أكاذيبه مفضوحة أمام العالم كله، عاد وقال إنه سوف يسمح لفريق التحقيق بالدخول إلى دوما يوم الأربعاء، أي بعد ثلاثة أيام من وصوله بالفعل إلى دمشق. الصورة شديدة الوضوح، الروس وأجهزة بشار الأسد كانوا بحاجة إلى بعض الوقت لمحو آثار الكيماوي من دوما، بعد أن غادرتها قوات المعارضة وأصبحت تحت سيطرة وإدارة الروس وقوات بشار، ويبدو أن عملية إزالة آثار الجريمة استغرقت وقتا أطول مما تصوروا، فراحوا يراوغون لكسب الوقت، ثم في النهاية أعطوا موعدا لا معنى له لفريق التحقيق، بعد ثلاثة أيام من وصوله، بدون أي معنى أو تفسير، وبعد عدد من المواقف المراوغة والكاذبة ومحاولة تضليل العدالة الدولية والكذب أكثر من مرة في اليوم الواحد بدون أن يطرف لهم جفن. الفرنسيون قالوا في بيان رسمي إنه من الواضح أن هناك جهدا تم بذله لمحو آثار الجريمة في دوما، والأمر نفسه أكده الأمريكيون، والحقيقة أن الصورة واضحة، وسلوك الروس سلوك المجرم الذي يحاول التسويف وأخذ الوقت الكافي لإتمام عمل ما يقوم به قبل أن يسمح لفريق التحقيق بممارسة عمله. من جانبها رفضت أجهزة بشار الأسد دخول الفريق إلى دوما، وعرضوا عليهم الإقامة الفاخرة في فنادق العاصمة دمشق على أن يجلبوا لهم حوالي عشرين شاهدا من أهالي دوما لكي يقدموا شهاداتهم لفريق التحقيق، وهو أمر مضحك، ومعلوم من هؤلاء الشهود، ومعلوم ما هو مصير من يقول منهم كلاما غير الذي تم تحفيظه على يد الأجهزة الوحشية للقمع والسيطرة، بينما ـ في المقابل ـ تم الحصول على شهادات موثقة من مئات الضحايا الذين تم ترحيلهم بالفعل من دوما ووصولهم إلى شمال سوريا بعيدا عن سيطرة أجهزة النظام، وتم تحليل ملابسهم وأجسادهم ودمائهم لتثبت كلها الجريمة الوحشية».
الغرب الاستعماري
وإلى «الجمهورية» التي أشاد فيها ناجي قمحة بصمود الرئيس السوري وقال: «ليس عدلا توجيه اللوم للحكومة السورية على ما آلت إليه الأوضاع في الدولة العربية الشقيقة التي صمدت ببسالة في وجه مخطط استعماري متجدد، يستهدف تدمير أي قوة عربية قادرة على تحدي إسرائيل وتحرير الأرض العربية التي احتلتها بدعم مباشر من الدول الاستعمارية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. لم يكن ما جرى في سوريا منذ 7 سنوات ثورة شعبية هدفها إسقاط النظام ومؤسسات الدولة وتمزيق الجيش، ما بين مؤيد ومعارض بل كان مخططا لتحقيق هذه الأهداف استغل الصراعات والتناقضات الداخلية، سياسية واقتصادية واجتماعية، في تأجيج الشارع وتأجير المعارضين وتدبير الاشتباكات المسلحة، لتهيئة الميدان لاستقبال الجماعات الإرهابية وآلاف المرتزقة، التي تقاضت المليارات من الدولارات، وجرى تسليحها كما لو كانت جيوشا نظامية تقتحم المدن وتروع الشعب بالحرائق والأنقاض، وتدفع الملايين من السوريين لطلب الملاذ في الخارج، ليس هربا من جيشهم الباسل المدافع عن الأرض والشعب، بل من حجم النيران الهائلة التي أشعلها الإرهابيون بمساندة الغرب الاستعماري وعملائه من العرب، الواهمين بأن مساندتهم للمخططات الغربية ماديا ودعائيا سوف تنجيهم من توابعها، غير مدركين أن الاستعمار الغربي يريد إسرائيل دولة عظمى مهما كان الثمن، ولو على جثث من يساندون الآن حربه العدوانية على دول عربية شقيقة، كانت وستظل سندا لغيرها من الأشقاء».
«الأمريكيون قتلة»
كما أشار زميله السيد البابلي إلى أن العدوان الثلاثي أدى إلى زيادة شعبية الرئيس بشار فقد قال: «ماذا حدث بعد أن وجهت قوى العدوان الثلاثي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ضربات صاروخية إلى أهداف في سوريا؟ هل أضعف ذلك مركز وقوة الرئيس بشار الأسد؟ هل تواجه سوريا ثورة غضب داخلية؟ هل ستسقط هذه الضربات النظام؟ إن شيئا من ذلك لم يحدث، والأسد أصبح أقوى شعبية مما كان عليه قبل الضربة، ويتحول أيضا إلى مثال للصمود والتحدي، وفي العالم هناك غضب ومظاهرات ضد الضربة العسكرية لسوريا، وفي اليونان خرج الآلاف من اليونانيين تحت شعار «الأمريكيون قتلة» احتجاجا على ضرب سوريا وفي العالم العربي لم تخرج مظاهرة واحدة، لأن العالم العربي لم يكن له رأي موحد في هذه القضية، ولم يكن هناك إلا بيانات الشجب والاستنكار التي قابلتها بيانات للتأييد من دول عربية أخرى. أما الأغلبية فقد حاولت إمساك العصا من المنتصف، بمعنى بيان إدانة للضربات ومعه في الوقت نفسه إدانة مساوية للذين أوصلوا الأزمة إلى هذا المنحدر إلى جانب دعوة مطاطة للتوصل إلى الحل السياسي».
«حزب المندهشون العرب»
واذا توجهنا إلى «الشروق» سنجد رئيس تحريرها عماد الدين حسين يشرح أيضا الموقف المصري الرسمي من سوريا بقوله عنه: «من أعجب ما قرأت في الأيام الأخيرة، هو استغراب بعض المواطنين العرب من الموقف الرسمي لبعض الحكومات والأنظمة العربية من عدم اتخاذها مواقف رافضة ومعارضة للعدوان الأمريكي البريطاني الفرنسي، وقبله الإسرائيلي ضد سوريا بحجة أن النظام استخدم الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في مدينة دوما في الغوطة الشرقية لدمشق. على صفحات كثيرة في الفيسبوك، وتغريدات توتير، بل وحتى في مقالات مطبوعة، ومداخلات تلفزيونية نسمع استهجانا من قبل هؤلاء المستغربين لعدم وجود موقف عربي رسمي يعارض العدوان أو يمنع تدهور المأساة السورية إلى منزلقات جديدة. هؤلاء هم اعضاء ناشطون في «حزب المندهشون العرب». كأنهم يعيشون في كواكب زحل أو المريخ أو عطارد، ولا يدرون ماذا يحدث على أرض الواقع في سوريا منذ مارس/آذار 2011. الذين نسوا الواقع والوقائع نقول لهم أن جزءا كبيرا من الشعب السوري هب في مارس 2011، ضد حكومة وأجهزة أمنه، مطالبا بالحرية والكرامة مثله مثل غالبية الشعوب العربية. المظاهرات كانت سلمية وراقية، وتصدت لها بالطبع أجهزة الأمن بقسوة بالغة. عندها تدخلت «قوى شريرة» بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لإفساد هذا التظاهر السلمي، وتمكنت من عسكرة الانتفاضة، وتكوين ما يسمى بـ«الجيش السورى الحر». وكان ذلك هدية عظيمة تلقفها النظام، ليقوم بضرب الجميع من معارضة وطنية سلمية ومعتدلة جدا، إلى معارضات مسلحة ومدعومة من الخارج. أفلت الأمر من الجميع، ووجدنا على أرض سوريا كل أشرار الأرض. بعض الحكومات العربية خصوصا الخليجية، دعمت المنظمات المتطرفة مثل «داعش» و«النصرة» وقبلهما «الجيش الحر» لإسقاط بشار الأسد بكل الطرق، وحكومات أخرى التزمت الحياد مثل بلدان المغرب العربي، في حين أن حكومات مثل العراق دعمت الحكومة السورية ومعها حزب الله اللبناني. تركيا دخلت على الخط ودعمت المعارضة بكل أنواعها، وصارت أراضيها معبرا لكل المتطرفين في العالم إلى سوريا ومنها للعراق. وفي المقابل تدخلت إيران بكل قوتها لمساندة الأسد، وكونت ميليشيات شيعية من كل بقاع العالم بقيادة قاسم سليماني لدعم الأسد ونظامه. الموقف المصرى ظل محافظا على مسافة من كل الأطراف منذ اندلاع المظاهرات حتى وصول الإخوان للحكم. ونتذكر جميعا أن الإخوان ومحمد مرسي جمعوا بعض رموز التطرف في استاد القاهرة، لحشد وتعبئة المصريين للسفر إلى سوريا للقتال ضد الحكومة. وقام مرسى بقطع العلاقات مع سوريا قبل أيام من عزله. لكن بعد ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، عاد الموقف المصري أكثرا اتزانا، بل اقترب أكثر من الحكومة السورية، باعتبار أنها تحارب الخصوم نفسهم، أي المتطرفين. بلدان عربية خصوصا في الخليج ترى العدو هو إيران والأسد، وليس إسرائيل، وبلدان أخرى ما تزال ترى أن العدو هو إسرائيل. وبلدان أخرى لم يعد لديها موقف لأنها غارقة في همومها. سوريا وشعبها صارت على مائدة اللئام منذ سنوات. وبالتالي فلو أمعن المندهشون في تأمل المأساة السورية، فسوف يتوقفون عن الاندهاش، وربما وقتها سيدركون أن مواقف بعض الحكومات العربية كانت سببا في وصول الأزمة إلى ما وصلت إليه. الكل مجرمون.. من الأسد وإيران إلى موسكو وواشنطن مرورا بغالبية الحكومات العربية. وحدة الشعب السوري هي الضحية».
القمة العربية
أما أبرز ما نشر عن القمة العربية فكان أوله في جريدة صوت «الأزهر» التي تصدرها المشيخة كل أربعاء، إذ قال الكاتب محمد مصطفى أبو شامة ساخرا تحت عنوان «القدس في القمة وسوريا في القاع»: «لا شك في أن مبادرة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بتسمية قمة الظهران العربية القمة 29 في تاريخ القمم العربية باسم قمة القدس، كان بمثابة طوق نجاة أنقذ هذا الجمع العربي الغفير من أن يحضر ويجتمع، بدون أن يحقق نتائج ذات قيمة ترتقي إلى مستوى المجتمعين، قادة ورؤساء وملوكا، واذا استثنينا كلمة الرئيس السيسي التي جاءت قوية وصادقة، فإن توقيت وفعاليات القمة كادت أن تدفعها إلى القاع، لكن المبادرة السعودية انتشلتها بعد أن رفعت الحرج الذي يجب أن يكون قد استشعره بعض القادة الحضور. حقيقة أن المشهد السوري مربك لكل عربي مسلم، فانت لا تدري معه في أي طرق تقف، فالجميع أياديهم ملوثة بالدم السوري، سواء في الداخل من فصائل متناحرة أو في الخارج من دول متآمرة دول الجوار وثالوث الصهيونية إسرائيل وتركيا وإيران وخلفهم ثالوث العدوان الذكي».
التمدد الإيراني في المنطقة
ومن صوت «الأزهر» إلى «الأهرام» واهتمام عدد من كتابها بالقمة منهم الدكتور أحمد سيد أحمد وإشادته بها كما في قوله: «شكلت القمة العربية الأخيرة في السعودية تحولا مهما في مسار العمل العربي المشترك، واكتسبت أهمية كبيرة ليس فقط نتيجة لمستوى التمثيل غير المسبوق فيها، وإنما أيضا بالبيان الصادر عنها والذي عالج المشكلات والأزمات الحقيقية التي يواجهها العالم العربي، وسبل حلها. عقد القمة بشكل دورى يمثل إنجازا في ذاته ويعكس الحرص العربي على الحفاظ على الحد الأدنى من التماسك العربي. القمة العربية وضعت أيديها على نقاط الداء العربية، وتحتاج إلى خريطة طريق واضحة ورؤية شاملة واستراتيجية متكاملة للخروج من الوضع الراهن، وتتمثل في أولا: إعادة ترتيب أولويات التحرك في الفترة المقبلة، والتركيز على الأولويات الملحة المتمثلة في تفعيل الدور العربي في إطفاء النيران المشتعلة، ووقف نزيف الدم والدمار في بعض الدول العربية، والعمل على تسوية الأزمات في سوريا وليبيا واليمن، عبر حل سياسي شامل يستوعب الجميع ويكرس الديمقراطية الحقيقية. ثانيا: مواجهة الخطر الأساسي وهو التدخل الإيراني في المنطقة، الذي لا يقل عن خطر تنظيم «داعش» الإرهابي الذي تعرض للانحسار بشكل كبير بعد هزائمه في سوريا والعراق، حيث يكتسب الدور الإيراني بعدا طائفيا أدى إلى اشتعال الصراعات في المنطقة، ويمثل خطرا كبيرا على الأمن القومي العربي. ولا شك في أن تزايد الدور العربي في العراق وسوريا واليمن ولبنان يمثل حائط صد أمام التمدد الإيراني».
غياب العالم العربي عن قضاياه
وفي العدد نفسه من «الأهرام» قال فاروق جويدة مندهشا من أنظمة الدول العربية وشعوبها:
«حين دمرت القوات الأمريكية بغداد عاصمة الرشيد لم تتحرك عاصمة عربية واحدة وترفض الاحتلال الأمريكي للعراق، وكانت النتيجة أن ثروات العراق دخلت كاملة في موارد الاقتصاد الأمريكي، ولو أن العالم العربي ـ شعوبا وحكومات ـ انتفض يومها رافضا الاحتلال لكانت هناك حسابات أخرى. ومنذ سبع سنوات حين دارت الحرب الأهلية في سوريا لو أن العالم العربي اتخذ موقفا لمنع هذه الدماء ما تسللت القوات الروسية إلى دمشق وما أقيمت القواعد العسكرية الروسية في اللاذقية، وما هبطت القوات الأمريكية، وما اقتحمت قوات حزب الله والجيش الإيراني الحدود السورية، ولو أن العالم العربي رفض من البداية تسلل إيران إلى دول الخليج خاصة الحوثيين، ما انهارت الدولة اليمنية. إن غياب العالم العربي عن قضاياه الحقيقية كان سببا في كل ما لحق بالشعوب العربية من الهزائم والانكسارات».
الأحزاب السياسية
وإلى قضية الأحزاب السياسية وتنشيطها في المرحلة المقبلة ودور حزب «الوفد» في أحداث تغيير سياسي بعد انتخاب بهاء الدين أبو شقة رئيسا له، والآمال الواسعة على ذلك التي تعجب منها في «الأهرام» الدكتور عمرو عبد السميع وقال عنها: «لا شك في أن كل وطني مصري حتى لو لم يرتبط بحزب الوفد تنظيميا أو فكريا يشعر بسعادة غامرة وهو يرى هذا الحزب يحاول استعادة عافيته، وينتخب رئيسا جديدا هو المستشار بهاء الدين أبو شقة، وسكرتيرا عاما هو الدكتور هاني سري الدين، ويعمل على عودة الطيور المهاجرة إليه، سواء من الذين ابتعدوا من أعضاء وقيادات الحزب، أو أٌبعدوا فلقد اشتاقت مصر إلى حياة سياسية ملتزمة ومحتشمة تفتح الباب بمنطقية وارتباط بالثوابت الوطنية أمام حرية الرأى والتعبير، وإقرار التعدد السياسي كمبدأ يحكم الحالة الديمقراطية في البلد، ولكن الوفد الآن لا يأخذ الشكل أو الصيغة التاريخية له «وكيل شعبي عن الأمة» أو اعتباره حزبا واحدا، حتى لو ظهرت أحزاب صغيرة معارضة حوله، فهي تخرج من معطفه في نهاية المطاف هذا ليس الوضع الآن، إذ لا بد من أحزاب حقيقية تتقاطع وتختلف مع الوفد، وتقيم جدلا سياسيا مفيدا يمنح هذا البلد زخما نافعا، ولقد قال البعض إن الوفد سيكون هو الظهير الشعبي للرئيس، إلا أنني وآخرين نتحفظ على هذه المقولة، لأن الرئيس جاء إلى الحكم بفكر مختلف ـ كلية ـ عن الوفد، ونحن نطالبه بأن ينشئ حزبا يتبنى تنفيذ أفكاره وبرامجه الطموحة، ويكون هذا الحزب هو الذي يخوض المقارعة الديمقراطية مع الوفد، ويمنح الحياة السياسية في هذا البلد الحيوية السياسية التي ينشدها».
حكومة ووزراء
وإلى الحكومة ووزرائها وإشادة محمد الهواري في «الأخبار» بها وقوله عنها في قضية توفير الدواء: «اعتقد أن اهتمام مجلس الوزراء بقضية صناعة الدواء في مصر، تعيد الاهتمام مرة أخرى بتوفير الأدوية الضرورية من خلال الإنتاج المحلي، مثلما حدث في أدوية فيروس سي، التي نجحت بسببها مصر في القضاء على الفيروس لدى عشرات الآلاف من المصابين، وأصبحت مصر مركزا لعلاج فيروس سي للمرضى من خارج مصر. أعتقد أن الشيء نفسه سوف يحدث في توفير أدوية الأورام التي يتم إنشاء مصنع لإنتاجها ومع كافة الأدوية الضرورية ولو بالاشتراك مع كبرى الشركات العالمية المنتجة لهذه الأدوية، من خلال استغلال عشرات المصانع المتخصصة في الدواء المقامة في مصر حاليا، ويجب التوسع في إنتاج خامات الأدوية بدلا من استيرادها من الخارج وبعضها فاعليته ليست على المستوى المطلوب».
تطوير التعليم
أما زميله في «الأخبار» نقيب الصحافيين الأسبق جلال عارف فأشاد بخطة تطوير التعليم وقال عنها: «في انتظار التفاصيل نرجو أن نكون هذه المرة أمام تطوير حقيقي للتعليم في مصر، مشاركة البنك الدولي بخمسمائة مليون دولار، ولو على سبيل، القرض دليل على جدية مشروع التطوير الذي يتكلف ملياري دولار في هذه المرحلة، تتحملها الحكومة وهي تعطي للتعليم الأولوية الأولى التي يستحقها. الحلقة الأولى التمهيدية والخاصة بامتحانات المرحلة الثانوية ستكون مهمة، لأن نجاحها هو الذي سيجعل المجتمع كله يقف مناصرا للبرنامج الأساسي للتطوير، الذي يبدأ مع أطفال الحضانة ليعطي نتائجه الكاملة بعد 12 عاما».
مجلس عبد العال
ولكن في مقابل هذين الدفاعين تعرضت الحكومة إلى هجومين بسبب قرار زيادة مرتب الوزير إلى اثنين وأربعين ألف جنيه في الشهر، ما دفع محمد أمين لأن يقول في «المصري اليوم» عن القرار إنه استفزاز للناس: «السؤال: لماذا الآن والناس تغلي كالمراجل؟ ولماذا لم يحدث ذلك التعديل في إطار مشروع حكومي لإصلاح حال الرواتب والمعاشات «يا نعيش عيشة فل يا نموت إحنا الكل»، كما يقولون. كيف لا تراعي الحكومة أنّات المطحونين؟ وكيف استجاب برلمان مصر إلى ضغوط من هذا النوع؟ وما معنى أن تقفز الرواتب والمعاشات «قفزة هائلة» بينما هناك من يسفّون التراب، ومن الغريب أن يقول الدكتور عبدالعال إن القانون جاء لتقنين وضع قائم، فكيف حدث هذا أصلا في غيبة البرلمان؟ كيف استطاعت الحكومة أن تلتف على القانون والبرلمان. يعلم بذلك في حين لم نسمع عن طلب إحاطة أو استجواب؟ فكل الأدوات البرلمانية تعطلت في وجود مجلس عبدالعال، فليس هناك استجواب واحد للأسف وأصبح مجرد مجلس لتقنين الأوضاع الخاطئة، وأخيرا ليس هذا هو الاستحقاق الدستوري الوحيد المطلوب تفعيله هناك استحقاقات دستورية لا حصر لها وقالوا ليس مجالها الآن، وسكتنا باسم الوطنية كي تسير المراكب وليس هناك استجواب واحد فكيف أصبح البرلمان مجرد «محولجي» فقط؟ قرارات خطيرة تصدر ثم تذهب للبرلمان لتقنينها».
تصرفات حكومية مجحفة
والثاني في «الوفد» وجاء من علاء عريبي الذي قال مندهشا من تناقضات تصرفات الحكومة:
«المؤسف أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن القانون الذي صدر أول أمس من البرلمان سوف يطبق على جميع من سبق وحملوا حقائب وزارية، أو عملوا محافظين أو نواب وزراء ومساعدي محافظين، يعنى من خدم سنة أو ستة أشهر أو سنتين سوف يتقاضى معاشا قدره 33 ألفا و600 جنيه بجانب مرتب وظيفته، وبجانب مكافأة البرلمان. القانون أعفى مرتبات ومعاشات الوزراء من استقطاعات، يعني يصرف راتبه بدون أن يخصم منه: ضرائب تأمينات معاشات أو غيرها مما يستقطع من الكادحين. ومع هذا سيصرف 33 ألفا و600 جنيه بدون أن يخصم لصالح صندوق المعاشات جنيها واحدا من راتبه من الذي سيتحمل تسديد هذه المبالغ؟ بالطبع خزينة الدولة. منذ أيام معدودة حصل أصحاب المعاشات على حكم واجب النفاذ بضم 80٪ من قيمة آخر خمس علاوات صرفت للعاملين في الدولة، وتهربت الحكومة من الرد، وادعت بحث الحكم والنظر فيه، وبعد يومين فوجئ أصحاب المعاشات بحصول الحكومة على حكم من محكمة غير مختصة بوقف تنفيذ حكم الإدارية، وذلك لكي تتهرب من زيادة معاشات المواطنين. بعد أسبوع أو أسبوعين من صدور الحكم يقر البرلمان زيادة معاشات الوزراء. المواطن الذي خدم الوطن 30 أو 36 سنة ويصرف 1300 جنيه في الشهر مطالب بأن يسدد فواتير: الكهرباء والغاز والمياه وإيجار المسكن الطعام والمواصلات والعلاج ومصروفات المدارس والجامعات وكسوة الصيف والشتاء. والحكومة تطلب منه ليل نهار أن يحرم نفسه ويحرم أولاده، وأن يسف التراب ويتحمل من أجل الوطن، في الوقت الذي ينفق فيه النظام ببذخ وسفه على رجاله. رحم الله جدتي كانت لها مقولة مأثورة ترددها في المصائب هي ونسوان القرية وهي: صوتى ياللى مانتش غرمانة».
صائغ الدستور
وننتقل إلى مقال محمد سعد عبد الحفيظ في «البديل»: «يقدم نفسه دائما باعتباره أستاذ قانون دستوري، ويتعامل معه نواب الأغلبية في البرلمان بوصفه من رواد صناعة الدساتير في المنطقة. تضمنت سيرته الذاتية التي أرسلها إلى أعضاء قائمة «دعم مصر» قبل اختياره رئيسا لمجلس النواب أهم مؤلفاته منها «مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية»، رسالة دكتوراه باللغة الفرنسية عام 1984، و«القضاء الدستورى» عام 2014، و«الحريات العامة» عام 2014. ووفقا للسيرة الذاتية حصل الدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان على ليسانس حقوق جامعة عين شمس بتقدير جيد جدا، ودبلوم القانون العام من حقوق عين شمس بتقدير جيد جدا، ودبلوم القانون الجنائي من حقوق عين شمس بتقدير جيد، ودكتوراه الدولة في القانون من جامعة باريس 1 سوربون بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف. وقبل أن ينتقل عبد العال للعمل في الجامعة، عمل في السلك القضائي كوكيل للنائب العام عام 1973، وإلى جانب عمله كأستاذ في الجامعة عمل خبيرا دستوريا في مجلس الشعب عام 1992. سيرة الرجل الذاتية تعطي صورة ذهنية أن الخبير الدستوري وأستاذ القانون مؤمن بما استقر عليه عالميا بـ«استقلال السلطات»، ويعرف حدود واجبات السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية. يعلم عبد العال، عضو لجنة العشرة التي صاغت مسودة دستور 2014، أن السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقا للقانون، ويبين القانون صلاحياتها، وأن التدخل في شؤون العدالة أو القضايا، جريمة لا تسقط بالتقادم. وفق ما أقرته المادة 184 من الدستور الذي شارك في صياغته. ويعلم أيضا أن المادة 186 نصت على أن «القضاة مستقلون غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون»، وبالتالي لا يرأسهم أو يتدخل في شؤونهم أحد حتى ولو رئيس جمهورية. تعامل دستور 2014 كما تعاملت الدساتير السابقة ودساتير العالم مع المجالس التشريعية، باعتبارها سلطة مستقلة، فأعضاؤها منتخبون ليمارسوا دورهم التشريعي والرقابي بدون وصاية أو سلطان من أحد، ونص دستور 2014 في المادة 101 على أن «يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية»، أذن، دستورنا ودساتير العالم حافظت على استقلال السلطتين التشريعية والقضائية، ووضعت ضوابط حتى لا تجور السلطة التنفيذية بما تملكه من إمكانيات على صلاحيات وأدوار المشرع والقاضي، وهي قاعدة يعرفها أي تلميذ في كلية الحقوق. في جلسة البرلمان المنعقدة يوم الاثنين 16 أبريل/نيسان، المخصصة لمناقشة قانون تنظيم إجراءات التحفظ والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين، قال الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، إن رئيس الجمهورية في كل دساتير العالم، يرأس جميع السلطات في الدولة، ومن ثم في مصر فهو يرأس السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية. ولفت عبد العال، إلى أن جزئية رئيس الجمهورية وكونه رئيس السلطات الثلاث، دائما ما تثير مغالطات لدى خبراء القانون، الذين يظهرون في وسائل الإعلام، ويعتبرون رئيس الجمهورية ليس رئيسا للسلطات، وإنما وفق الدستور وكل دساتير العالم ما عدا دولة بعينها فهو رئيس السلطات في الدولة. لا أعلم إذا كان الدكتور عبد العال قد راجع مواد الدستور سالفة الذكر، التي شارك في صياغتها قبل أن يدلي بدلوه في هذه المسألة أم لا؟ ولا أعرف إذا كان للرجل تفسير آخر لمواد الدستور؟ وهل «صانع الدساتير» لم ينظر إلى ما يجري حولنا في دول العالم الحر أو حتى «النص نص»، قبل أن يجزم بأن كل دساتير العالم تنص على أن رئيس الدولة هو رئيس كل السلطات؟».
من الأحق؟
«حين يصرّح وزير شؤون البرلمان القاضي عمر مروان بأن معاش الوزير سيصبح 42 ألف جنيه بعد تعديل القانون، وفي المقابل تطعن الحكومة على حكم قضائي صدر لزيادة دخول أصحاب المعاشات، فالأمر يحتاج إلى وقفة لمحاولة الفهم كما يرى ذلك حازم منير «الوطن». موقف الحكومة من أصحاب المعاشات مثير للجدل وغير مفهوم، لأنهم من الفئات الأقل قدرة والأقل دخلا، وهم لا ينطبق عليهم الحد الأدنى للأجور، ودخولهم هي الأقل في جداول الأجور، مقابل أنهم الأكثر احتياجا للإنفاق على الدواء وغيره من متطلبات كبار السن. لم أفهم لماذا طعنت الحكومة على حكم القضاء الإداري في أحقية أصحاب المعاشات بالحصول على خمس علاوات ضمن استحقاقاتهم الشهرية، بل لم أفهم أصلا لماذا لجأت الحكومة إلى هذه الطريقة في الطعن؟ الحكومة طعنت على حكم القضاء الإداري وهى تعلم أنه ووفقا للدستور لا يجوز الطعن على الأحكام الإدارية أمام القضاء المستعجل، وأن الطعن هنا مقتصر على القضاء الإداري ذاته. لقد وضعت وزارة التضامن ممثلة للحكومة نفسها أمام مأزقين: الأول أنها خالفت الدستور بإجراء قضائي مثير للاندهاش، والمأزق الثاني أنها متهمة الآن بالامتناع عن تنفيذ حكم قضائي، وإذا تعلل محاموها بأن القضية منظورة أمام دائرة القضاء المستعجل، فإنهم بذلك يؤكدون مخالفتهم للدستور. الموظف المصرى غلبان يعمل أكثر من 30 عاما، ويسدد أقساط تأميناته ومعاشه، ليحصل في النهاية على بضع مئات من الجنيهات، بينما الوزير يقضي شهورا قليلة أو عاما أو اثنين ليحصل على 42 ألف جنيه شهريا، وهو ما يدفع للتساؤل عن قواعد تحديد المعاشات في مصر. أموال التأمينات في مصر هي السند للدولة في مرحلة السِّلم، سواء في خطط التنمية أو في تمويل العجز، بكثير من بنود الموازنة، وكانت كذلك في أوقات الحرب بدعم احتياجات تمويل قواتنا المسلحة بالسلاح والعتاد، فأموال التأمينات هي الظهير للدولة المصرية. لذلك لا يمكن أبدا تجاهل الدور الذي تقوم به أموال أقساط التأمينات والمعاشات التي يسددها الموظفون والعمال طوال فترة خدمتهم الوظيفية، ليحصلوا في المقابل على الفُتات وتحرمهم الدولة من حقوقهم المستحقة، وحين يحصلون على حكم قضائي يساندهم تطعن عليه. هل ستقف الحكومة إلى جانب أصحاب المعاشات من الموظفين كما وقفت إلى جانب نظرائهم الوزراء؟».
حسنين كروم
الحاكم المستبد المزور يصنع برلمان لتمرير بيع الأرض والعرض وببجاحه متناهيه .. كل العالم يعلم ذلك وهي فضيحة مدويه وبلطجة وفساد مستمر .. ليس لنا إلآ الدعآء علي الظالم .. اللهم عليك بالظالم .