القاهرة ـ «القدس العربي» : يمكن القول إنه رغم سخونة أخبار وموضوعات الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 9 مارس/آذار، فإن أزمة الدولار والارتفاعات المتواصلة للأسعار هي التي تستحوذ على اهتمامات الأغلبية، وتثير عاصفة من الشكوى، لكن من دون أن يصاحبها أي استعداد للنزول في مظاهرات أو احتجاجات واسعة النطاق.
إن الأمن وما يراه الناس في العراق وسوريا وليبيا، يشكل مانعا ذاتيا من الإقدام على ذلك العمل، ورغم اطمئنان النظام لهذه الحالة، فإن هناك قلقا شديدا من الإقدام على الخطوة التي يلوح بها من وقت لآخر وزير النقل، من رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق في القاهرة، لتغطية العجز المتزايد بين المصروفات والإيرادات، لسهولة القيام بتظاهرات في المحطات، التي يتجمع فيها المئات والآلاف تلقائيا لركوب المترو، أي بدون إعداد أو تنظيم، واحتمال خروجهم منها في مظاهرات، وقد فوجئوا بارتفاع سعر التذكرة من جنيه إلى ثلاثة جنيهات، وهذا ما يقلق النظام. أما الارتفاعات الكبيرة الأخرى التي حدثت فعلا فلم تؤد إلى أي اضطرابات، المشكلة هنا في تجمع المئات والآلاف وهم في طريقهم لأعمالهم أو عودتهم باستخدام المترو، والسؤال هو هل ستتخلي الحكومة عن هذا الإجراء وتحاول تعويض الخسارة من أبواب أخرى، خاصة أنها قامت بزيادات هائلة في فواتير مياه الشرب مثلا. أما القضية الثانية الأكثر اجتذابا لاهتمامات الأغلبية، فكانت مشاكل نادي الزمالك ومباريات كرة القدم. فيما سرت موجة من الانتقادات بين الإعلاميين والصحافيين بسبب المداخلة الثانية التي خص بها الرئيس السيسي زميلنا مقدم البرامج عمرو أديب، واشتكى فيها من أن الإعلام يتجاهل تحقيق إنجازات اقتصادية هائلة على الأرض في سيناء وباقي المحافظات، ويركز على السلبيات. كما سيحضر الرئيس اليوم الخميس ختام مناورات رعد الشمال في السعودية والعرض العسكري. وأشارت الصحف المصرية إلى عقده اجتماعا مع الملك سلمان بن عبد العزيز، وهو رد مقصود وغير مباشر على ما نشر في الأيام الماضية عن أزمة بين البلدين بسبب سوريا واليمن، بينما لم تشر الصحف إلى احتمال عقد لقاء بين الرئيس وأمير قطر، رغم إشارتها إلى أنه سيحضر الاحتفال. وأبرزت الصحف استقبال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب رئيس الجمهورية العراقية الدكتور فؤاد معصوم، حيث جدد دعوته التي أطلقها من إندونيسيا منذ أيام، بحوار بين الأزهر وعلماء الشيعة، ولا أعرف ما الذي يمنعه من المبادرة لتوجيه الدعوات لعدد من قادة الشيعة العراقيين الذين طلبوا منه الحوار ورفض، مثل السيد مقتدي الصدر. وأصدرت لجنة التحقيق مع صديقنا العزيز كمال أحمد عضو مجلس النواب عن دائرة العطارين في الإسكندرية، قرارا بمنعه من حضور جلسات المجلس دورة كاملة بسبب مخالفته للائحة وضربه عضو المجلس توفيق عكاشة بالحذاء. وقالت اللجنة إنها راعت تاريخه في مجلس الشعب منذ عام 1976، حيث لم يرتكب مخالفة واحدة. كما أبرزت قرار محافظ البنك المركزي بإلغاء الحد الأقصى للإيداع والسحب للعملات الأجنبية والاحتفال بيوم الشهيد 9 مارس/آذار، وهي ذكرى استشهاد الفريق عبد المنعم رياض، رئيس هيئة أركان حرب الجيش في هذا اليوم عام 1969، أثناء حرب الاستنزاف مع إسرائيل. وإعلان عمرو إنشاء تأسيس مؤسسة حماية الدستور وتوالت الإعلانات عن هدايا عيد الأم. وإلى بعض مما عندنا…
من حق الشعب المصري
قبول أو رفض التعامل مع الإسرائيليين
ونبدأ بقضية توفيق عكاشة وإسرائيل والتطبيع معها، حيث لا يزال اهتمام الصحف بها مستمرا، رغم تحول الغالبية إلى الاهتمام بغيرها من القضايا، فقال زميلنا وصديقنا في «الأهرام» الدكتور أسامة الغزالي حرب يوم الثلاثاء في عموده اليومي في الأهرام «كلمات حرة»: «سألني بعض الأصدقاء لماذا تهتم بقضية التطبيع؟ ولماذا تعرض نفسك لمشاكل لست في حاجة لإثارتها ضدك؟ أم أنك تدافع عن نفسك باعتبارك من المطبعين؟ وكانت إجابتي واضحة، وهى أن المسألة ليست شخصية على الإطلاق، وتاريخي في التطبيع- كما يعلم البعض- يتلخص في واقعتين بالذات في عام 1997، أولاهما الزيارة الوحيدة التي قمت بها لإسرائيل، وكان ذلك في سياق موجة التفاؤل بالسلام الشامل بعد الاتفاق الفلسطيني- الإسرائيلي ثم الأردني- الإسرائيلي وأذكر أنني كنت في صحبة المرحومين د. أسامة الباز والأستاذ لطفي الخولي، وكذلك د. عبد المنعم سعيد وآخرين لا أتذكرهم للأسف. أما الواقعة الثانية فهي أنني كنت من بين الصحافيين والمثقفين الذين التقوا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي كان قد تولى منصبه حديثا في ذلك الحين، بنيامين نتنياهو وحضر إلى مصر لمقابلة الرئيس مبارك، الذي طلب من د. أسامة الباز أن يرتب له لقاء مع المثقفين المصريين، ليتعرف عن قرب على موقف الشعب المصري من إسرائيل، ورفضه لسياساتها العدوانية. وأذكر أن من بين من حضروا هذا اللقاء د. صبري الشبراوي والمرحوم الأستاذ عبد الستار الطويلة وزميليّ في «الأهرام» د. هالة مصطفى و د. طه عبد العليم وغيرهم. وعدا ذلك لا أتذكر بالضبط إن كنت قد قابلت أحد السفراء الإسرائيليين. من حق الشعب المصري والمواطن المصري أن يقبل أو أن يرفض التعامل مع الإسرائيليين، ولذلك فإنني أحترم رأي أولئك الذين يرفضون التطبيع، تماما مثلما أحترم رأي من يقبلونه، ولكنني أرفض إدانة أو مهاجمة من يقبل بالتطبيع بأي شكل، لأنه ينطوي ببساطة على اعتداء صارخ على حق المواطن- أي مواطن- في أن يتبنى الرأي أو الموقف السياسي الذي يقتنع به. بالمثل فإنه من السخف أن يدعي أي إنسان أو أي جهة أن الشعب المصري كله يرفض التطبيع، أو أنه يقبل التطبيع».
الدولة تتخلص من عبء عكاشة
وإلى «الشروق» في يوم الثلاثاء نفسه والكاتب والخبير الاقتصادي الدكتور زياد بهاء الدين وقوله في مقاله الأسبوعي: «لديّ ما يدعوني للتعاطف سياسيا أو إنسانيا مع السيد توفيق عكاشة، وقد أصابني منه ما أصاب الآخرين من تطاول واتهامات طالت كل من تجرأ وانتقد سياسات الدولة في السنوات الأخيرة. كما أنني أتفق مع اعتبار استقباله للسفير الإسرائيلي في منزله عملا مرفوضا من نائب برلماني وشخصية إعلامية لها جمهور واسع، ومع ذلك فإنني حتى هذه اللحظة لا أفهم السبب الحقيقي لإسقاط عضويته في البرلمان، إن كان لقاؤه بالسفير هو السبب، فإن هذه ليست جريمة يعاقب عليها القانون، مهما كان الموقف الشعبي الرافض للتطبيع. كما أن كثيرا ممن طالبوا بمعاقبته، داخل المجلس وخارجه، من أصحاب المواقف المعروفة ببث الكراهية ضد الشعب الفلسطيني والدعوة لحصاره وكسر صموده في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وإن كان، كما تردد إعلاميا، أنه «فقد ثقة الشعب» وفقا للائحة المجلس، فإن الأمر كان يقتضي أن يكون هناك تطبيق سليم لنص المادة ولشروط نفاذها، وليس مجرد الاستعانة بعباراتها الفضفاضة. أما إذا كان السبب هو أن تصرفاته تهدد الأمن القومي فكان يجب إسقاط الحصانة عنه والتحقيق معه من جهات مختصة. الواضح إذن أن إسقاط العضوية كان بسبب تجاوزه المساحة المقررة له، بما يجعل الدولة ترفع حمايتها عنه وتتخلص من عبئه الذي بات ثقيلا. على أي حال فما يشغلني ليس مصير السيد توفيق عكاشة، وإنما أن يقدم مجلس النواب بهذه السهولة على خطوة مخالفة للقانون واللائحة، وقد تستخدم مستقبلا ضد نواب آخرين لأسباب مختلفة. كما يقلقني أن يستمر سوء أداء مجلس النواب وانصياعه لضغوط الإعلام وأجهزة الدولة، وأن يصبح مثارا للسخرية والتندر فيفقد المزيد من المصداقية أمام الرأي العام».
أحمق يضع البلاد في حرج
ثم نعود ثانية إلى «الأهرام» لنكون مع زميلنا مسعود الحناوي وهو يقول: «تمنينا في هذا المكان الأسبوع الماضي إسقاط عضوية توفيق عكاشة من مجلس النواب، جزاء على تجاوزاته التي صاحبت لقاءه بسفير إسرائيل في القاهرة. وقلنا بالحرف الواحد نتمنى أن تحسم لجنة التحقيق أمر عكاشة خارج البرلمان، حتى لا تتواصل لقاءاته مع حاييم كورين، على الرغم من الحملات المعادية التي ننتظرها من إسرائيل، بسبب لقاء أحمق وضع بلادنا في حرج بلا داع، وضاعف من حالة الفرقة والارتباك في شارعنا السياسي، وأضاع وقتا وجهدا على برلماننا المتخم بالقضايا والأعباء. نحن لا نكترث كثيرا بردود أفعال الإسرائيليين الذين يعلمون جيدا حقيقة مشاعر شعبنا تجاههم، سواء قبل لقاء عكاشة بسفيرهم أو بعده، ويعلمون أيضا أن السبب هو تاريخهم الأسود الملوث بدماء شهدائنا وسياستهم العنصرية التي يمارسونها ضد أشقائنا، ومؤامرتهم الخبيثة التي يحيكونها ضدنا في الخفاء والعلن. ويكفينا أن إسقاط عضوية عكاشة قد ذكرهم بهذه المواقف الحقيقية، وأكد لنا ولهم انحياز مجلس نوابنا لقضايانا القومية، وأعاد إليه بعض الشعبية، ووضع حدوداً حمراء للتجاوزات البرلمانية لعكاشة وكل من هو على شاكلته».
تصرف كمال أحمد غير لائق بنائب عن الأمة
وقال زميله هاني عمارة في العدد ذاته من «الأهرام»: «يجب ألا يتوقف المسلسل عند حلقة إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة من البرلمان، بل لابد من فتح ملف النائب كمال أحمد، الذي رفع عليه الحذاء داخل المجلس أيضا. بكل المقاييس ما فعله عكاشة كان صدمة شعبية عندما استضاف سفير الكيان الصهيوني في منزله، خاصة أنه لم يلتق معه بصفته الشخصية، بل بوصفه نائبا عن الأمة. الرفض الشعبي لهذا الكيان، رغم اتفاقية السلام معه، يستند إلى تاريخ طويل بدأ منذ احتلال ارض فلسطين وحتى هذه اللحظة، مسيرة لم تتوقف من اغتصاب الحقوق وشن الحروب والتدمير والإبادة والقتل للأبرياء، الذي مازال مستمرا للأشقاء في فلسطين. قد تكون العلاقات على المستوى السياسي تحكمها الاتفاقيات الدولية، لكن على المستوى الشعبي لم يترك هذا الكيان سببا واحدا يثبت ولو مرة واحدة أنهم من دعاة السلام، ولكن رغم هذا التصرف المرفوض من جانب عكاشة، فقد تصرف النائب كمال أحمد تصرفا يجب ألا يمر مرور الكرام. إن كمال احمد يستحق أيضا إسقاط عضويته قياسا على سوابق برلمانية أسقطت فيها عضوية النائب الوفدي طلعت رسلان، عندما خلع حذاءه لوزير الداخلية الراحل زكي بدر خلال استجوابه بعد مشادة كلامية تحت قبة البرلمان».
الهواء الإعلامي ملوث
ومن «الأهرام» إلى «الأخبار» والإعلامي ورئيس نقابة الإعلاميين تحت التأسيس حمدي الكنيسي، الذي ربط بين ما حدث من عكاشة وبين أزمة الإعلام عموما، فقال مخاطبا الرئيس يوم الثلاثاء: «تصور يا سيدي أن ما فعله توفيق عكاشة، وما تم فعله فيه استحوذ على معظم البرامج، حتى جلس ملايين المشاهدين أمام الشاشات يتابعون القرار المنتظر لإسقاط عضويته، بعد أن شغلهم مقاس «الجزمة» التي ضربه بها كمال أحمد وسط تصفيق لنواب واستياء لنواب؟ تصور يا سيدي أن حكاية الفنانة التي قادت سيارتها وهي – لا مؤاخذة – سكرانة حظيت بالكثير من التغطية الإعلامية المثيرة، خاصة أنها كانت فرصة للمتربصين كي ينهالوا بالهجوم والسخرية من رجال الشرطة الذين أوقفوها وردوا على إهاناتها وصفعاتها لهم؟ تصور – يا سيدي – أن الممثلة التي أدارت مسكنها – لا مؤاخذة – للدعارة حظيت بما تبقى من أنشطة إعلامية؟ – تصور يا سيدي أن فكرة خطرت فجأة ببال الفنانة شيرين لكي تعتزل الغناء ربما لمجرد «الشو» اجتذبت الإعلام الهمام؟ لماذا يا فنانة تعتزلين؟ ومن أغضبك يا فنانة؟ وما سر عودتك للغناء؟ وما لون «الفستان» الذي تعودين به في الحفلات؟ تلك يا فخامة الرئيس بعض الأمثلة للوقائع الإعلامية المخزية المريبة التي تخللتها كالعادة ملاسنات وخناقات وشتائم متبادلة على الهواء الإعلامي الملوث، من دون ضابط أو رابط؟ فخامة الرئيس: دعني أحدثك بصراحة، فما جرى ويجرى للإعلام من تدن وفقدان للبوصلة الوطنية والمهنية تتحمل فخامتكم قدراً من المسؤولية عنه، حيث إنك لم تعالج الفجوة بين الإيقاع السريع لمؤسسة الرئاسة والإيقاع البطيء للأجهزة التنفيذية، وعلى رأسها الحكومة. ولقد علمت أنا شخصياً من اللواء عباس كامل، كيف تم تحويل مشروع نقابة الإعلاميين الذي قدمته بنفسي له إلى الحكومة في اليوم نفسه، لكن البطء التنفيذي القاتل جمد حركة المشروع».
من يحمى مرتضى منصور؟
وهكذا فتح حمدي الكنيسي الباب للمعارك والردود المتنوعة التي بدأتها يوم الثلاثاء زميلتنا الجميلة سحر جعارة بالهجوم في جريدة «الوطن» على عضو مجلس النواب ورئيس مجلس إدارة نادي الزمالك مرتضى منصور بقولها عنه: «أنا لا يهمني كثيراً أن مرتضى أيّد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، ثم لعنها، ولا أنه حلف يمين طلاق ليغيّر القسم في مجلس النواب، ولا أنه كان مع مبارك وضده في الوقت نفسه، ولا أن النفاق وصل به إلى درجة أنه بجّل المعزول مرسي، ثم قال عنه «عبيط وأهبل». كل ما يهمني أن يختفي هذا النموذج من حياة المصريين، خاصة بعد اتهامه بالتطبيع (بعدما تعامل مع وكيل لاعبين إسرائيلي في صفقة التعامل مع الزامبي إيمانويل مايوكا، لاعب فريق الزمالك حالياً. ألم يتعظ مرتضى من مقاطعة الصحف والقنوات الفضائية لبذاءاته وألفاظه النابية؟ لم يعد هناك جريمة أخلاقية لم يفعلها مرتضى، لكن اللغز أنه دائماً يفلت من العقاب. من يحمى مرتضى منصور؟ إنها «ثقافة الخوف» التي تسيطر على عقول «الحرافيش» نفسه. منهج «عتريس» في فيلم «شيء من الخوف» لكن بكل أسف مرتضى ليس «عتريس» إنه «رشدي» الذي ظل يهذي: «أنا عتريس أنا بلوة سودة أنا سفاح أنا شراني». وهكذا ظل يكررها «رشدي» ثملاً ضاحكاً من دون توقّف بينما نفرٌ من «الدهاشنة» يوسعونه ضرباً حتى الموت، هازئين ساخرين، وما بين مصير «عتريس» حين تخلى عنه رجاله وهستيريا «رشدي» يبقى مستقبل مرتضى منصور معلقاً بلحظة سقوط حاجز الخوف الذي بدأ بملف «الوطن» عن «الأفوكاتو الفتوة».
زوبعة في فنجان شيرين
ومن مرتضى إلى شيرين التي أشار إليها حمدي الكنيسي وقال عنها في يوم الثلاثاء نفسه زميلنا في «الجمهورية» محمد منازع بعد أن جفف دمعتين حزنا على أمنا مصر: «مصر بلد العلم والتعليم والأزهر، بلد الصناعة والتجارة والزراعة، أم الدنيا التي علمت الدنيا، خرج منها الزعماء والكبار والعلماء والأبطال في كل مجال على مر الزمان، تقهقر بها الحال لتصبح قضية اعتزال المغنية شيرين مسألة أمن قومي، وقضية كبرى، ينشغل بها الرأي العام وتفرد لها الجرائد صفحاتها، وتحتل مساحات كبيرة في برامج «التوك شو». الجميع يلطم الخدود ويشق الجيوب على فقدان هذه القيمة الكبيرة التي سيؤدي اختفاؤها من الوسط الفني إلى خسائر قد تصل إلى حد الكارثة على جميع المصريين، وبعد كل هذه الزوبعة التي حدثت في فنجان، وقامت الدنيا ولم تقعد، ولأن الدنيا سداح مداح وبعد أن اختفت شيرين وأغلقت هواتفها، واكتفت بعد التوسلات لها من كل خلق الله يرجونها ألا تعتزل، خرجت عليهم بتغريده بأنها اعتزلت من أجل ابنتيها، وبحثاً عن الاستقرار العائلي، وخرجت السيناريوهات والتوقعات تضرب أخماساً في أسداس، تركز كلها على احتمال عودتها لطليقها والد ابنتيها، ثم بعد أن زادت «التوسلات» للفنانة وحيدة عصرها وأوانها، تراجعت عن قرارها ونجت الأمة بفضلها من تلك الكارثة التي كانت ستدمرها، يا للعجب يا أمة ضحكت من جهلها الأمم».
لا حقيقة واضحة وراء اعتزال شيرين
أمه ضحكت من جهلها الأمم فقط؟ بل وأمم الجن والعفاريت، أو كما قال عن القضية نفسها في اليوم نفسه في «المصري اليوم» زميلنا الناقد الفني طارق الشناوي: «مهما قالوا عن اعتزال شيرين وأسبابه، فالحقيقة أنه لا توجد حقيقة في كل ما أعلنته، أو ما تم تداوله عبر «الميديا». المؤكد أن شيرين لا تستطيع أن تذكر سببا واحدا منطقيا دفعها لاتخاذ القرار، فلا هي حاجة ابنتيها إليها، وإلا وجدنا كل النساء العاملات تقدمن للجهات المسؤولة بمعاش مبكر ليتفرغن للبيت، ولا تعاطفها مع مطربها المفضل فضل شاكر الذي ألقى بالعود جانبا وحمل الكلاشنيكوف ضد بلده، بدعوى أنه سني مضطهد من الشيعة، وبعدها انضم للإرهابي أحمد الأسير، وقبلها سب زملاءه المطربين وطعن في شرفهم المهني والشخصي، ثم تاب وأناب وأراد العودة بدون أن يسدد الفاتورة. شيرين تتعاطف معه وتشعر بمأساته، البعض يحلو له عادة أن يبحث عن سبب شخصي وراء الاعتزال فلا بأس من قصة عاطفية على ألا يذكر اسم الطرف الآخر حتى تتسع الاحتمالات لتشمل كل من يقف على أطراف الدائرة».
محمد أبو الغار: من الصعب
أن يقوم المصري أو يجلس أو حتى ينام
وطبعا لم يكن ممكنا أن يخصص الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب «المصري الاجتماعي الديمقراطي» مقاله الأسبوعي في «المصري اليوم» لقضية شيرين إنما لما هو أهم وأبقى، لذلك قال: «علاقتنا مع الجميع انهارت حتى إيطاليا الصديقة فقدناها، والبلاد العربية لم تعد لنا قدرة ولا نفوذ عليها، ومياه النــــيل حياة مصر وهبته أصبحت في خطر كبير وحقيقي، وممنوع على الشعب أن يعرف الحقيقة وأبعادها. وهناك برلمان تمت هندسته بقانون مناسب لهذا العصر، وهو يؤدي الآن وظيفته المرسومة له بكفاءة منقطعة النظير، وحتى الرئيس الذي اعتبره الشعب في فترة المخلص والمنقذ يعمل وحده ويأخذ قرارات مصيرية مع من لا يعرفهم أحد وينفذ مشروعات ضخمة بدون دراسة اقتصادية، وأخيراً يلقي بخطاب محبط يعلن فيه رمزياً بيع نفسه! نحن في منحدر رهيب يراه بوضوح كل من يستطيع التفكير فعلاً، أنا يائس من عمل أي شيء لهذا البلد الجميل الذي أراه ينهار أمامي ولا أستطيع أن أفعل شيئاً، لن أختم مقالي بعبارة قوم يا مصري لأنه من الصعب أن يقوم المصري أو يجلس أو حتى ينام».
صناعتنا الوطنية تعاني من الإهمال
لا.. لا داعي لهذا التشاؤم والحزن على مستقبل مصر، لأن الصورة ليست كما تخيلها الدكتور أبو الغار إنما هي كما قال في اليوم نفسه زميلنا وصديقنا في «الأخبار» رئيس المجلس الأعلى للصحافة جلال عارف في عموده اليومي «في الصميم»: «أخيرا أعلن وزير الصناعة أن الدولة ستطلق قريبا حملة موسعة لدعم المنتج المصري، وتفضيله على مثيله الأجنبي المستورد، خطوة جيدة وضرورية، ولكن هل كان علينا أن ننتظر حتى نصل لهذا المأزق المالي لكي نقدم عليها؟ وهل كان لابد أن يصل العجز في الميزان التجاري لحد الخطر؟ وأن نواجه أزمة النقد الأجنبي لكي نتذكر أن لدينا صناعة وطنية تعاني من الإهمال ومن الاستيراد العشوائي، ومن التهريب وإغراق الأسواق على يد الوكلاء والسماسرة، الذين يملأون الدنيا صراخا؟ إذا قلنا: إمنعوا التهريب، أو إذا طالبنا بحماية الصناعة الوطنية من هذه الجريمة التي ترتكب في حقها، والتي رأينا مثالا لها في ما حدث لمصانع النسيج والملابس ولصناعة الأحذية وغيرها من الصناعات، التي كنا نتميز بها قبل طوفان الاستيراد الذي جاء لنا بزبالة البضائع الأجنبية، وأضاع النقد الأجنبي في استيراد كل شيء، بدءا من علبة الكبريت حتى شبشب زنوبة.هذه المرة ينبغي ألا يكون مصير الحملة التي يتحدث عنها وزير الصناعة المهندس طارق قابيل مثل حملات سبق الإعلان عنها، ثم لم نر شيئا، لأن نفوذ السماسرة كان أقوى. أستبشر خيرا فلأول مرة منذ سنوات أشعر بأن لدينا وزارة صناعة، ولأول مرة منذ سنوات أشعر بأن الطريق ممهد للانتهاء من عصر سيطرة السماسرة والوكلاء وعودة الحياة للصناعة الوطنية، وعودة الفخر بكل ما «صنع في مصر».
غالي محمد: لا نقبل أن يعايرنا أحد بفقرنا
طبعا ولكن يتم ذلك بشرط حدثنا عنه أمس الأربعاء زميلنا غالي محمد رئيس تحرير مجلة «المصور» بقوله للرئيس: «سيادة الرئيس إضرب بيد من حديد على المتلاعبين بالدولار، لأنهم يتآمرون على مصير الوطن، لأن موجات ارتفاع الأسعار الناتجة عن ذلك أفرغت مبادرة سيادتكم لخفض الأسعار من مضمونها، فأصبح لا يحيط بالمصريين في كل وقت سوى موجات عنيفة من ارتفاع الأسعار تحرق معها حياة المصريين وبالفعل بدأت أسعار الكثير من السلع والخدمات والأدوية ترتفع، ليس بسبب الدولار فقط ولكن بفعل الاحتكارات والسياسات الخاطئة لبعض وزراء هذه الحكومة. سيادة الرئيس لا نطلب دعما من الدولة الخليجية ولا نقبل أن يعايرنا أحد بفقرنا، فالدولار موجود على أرض الوطن ويمول واردات سنوية تزيد مئة مليار دولار، لكن المشكلة في عدم فاعلية السياسات الحكومية لمواجهة الأزمة الاقتصادية بصفة عامة».
الاقتصاد لا ينهض «بصبّح بجنيه على مصر يا عسل»
ونصل إلى فاصل خفيف عن معارك الظرفاء التي بدأها يوم الأحد كاتب «صوت الأمة» الساخر محمد الرفاعي بقوله مهاجما الرئيس: «- لا يوجد اقتصاد في العالم ينهض ويتقدم بتبرع يا أخي المؤمن، وشيلني شيل يا جدع على كتفي أشيل جبل، مع أن صحته يا دوب توصله ترب الغفير. وصبح على الوطن بجنيه يا عسل، خصوصا أن سيد درويش قالها من زمان طلع الصبح فتاح يا عليم والجيب ما فيهش ولا مليم، لكن الاقتصاد ينهض ويتقدم بصوت المكن الداير على رأي الفيلسوف عبد الحليم حافظ.
– بالمناسبة لماذا لا يصبّح السادة النواب على مصر البدلات والمكافآت اللي بياخدوها ولو شهر واحد؟ ولماذا لا يصبّح رجال الأعمال، اللهم لا قر ولا حسد على مصر بربح يوم واحد؟ ولا دول صباحهم وحش لا مؤاخذة وعينهم فيه وصباح الغلابة بس اللي فيه البركة؟ – اخترع السادات دولة العلم والإيمان على اعتبار الزبيبة اللي قد البطيخة اللي في دماغه واخترع مبارك دولة علي بابا والأربعين حرامي والسيسي دولة ياما في الحبس مظاليم. – أعلن توفيق عكاشة رائد تزغيط البط في المنطقة العربية بعد استضافته للسفير الإسرائيلي قاتل الأطفال أن 50 ٪ من الشعب الإسرائيلي يتابع برنامجي ويحزنون بشدة إذا تم وقفه هو أنت أسمك بالعبري أيه يا عكوش؟».
فيلم «السقوط في بئر التطبيع» بطولة عكاشة
وفي اليوم التالي الاثنين قال زميلنا في «الوفد» محمد زكي: «حالياً أقوى فيلم في الشارع السياسي «السقوط في بئر التطبيع» بطولة عُكاشة قلب العصفورة «كُل حُلفائك خانوك يا عُكشة» عدا «سفير النوايا الخبيثة»، وعلى رأى المثل: «أتلم الصهيوني على خاين التطبيع»! النائب الإسكندري كمال أحمد ضرب «نائب التطبيع» بالجزمة على طريقة «يا صاحب الفراعين إيه اللي فرعنك»! من التطور الأعرابي للغة الحوار البرلماني: فاعل مرفوع «بالجزمة» وعلامة الرفع «الضربة المكدرة»! دلوقتي تحت قُبة برلمان «فخفخينا» البلد: «نائب التطبيع» و«نائب التطبيل» و«نائب التحريض» و«نائب مشفش حاجة»! أسرع طريقة لردع «نائب التطبيع» توفيق بن عُكاشة التطبيعي دعوته على «كعب عال» أسعار الأحذية في محلات وسط البلد «بقت نار» اللهم يلعن الضرب بالجزم وسنينه، الجمع بين «كرسي البرلمان» وكرسي «التطبيع» باااااطل. دُعاء الأسبوع: اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وابعد عنا شر الخونة والتطبيعيين قولوا: آآآآآمين».
عليّ الطلاق أنت صح يا سيادة النائبة!
آمين.. أما زميله في «الأخبار» أحمد جلال فقال في يوم الاثنين نفسه في بروازه اليومي «صباح جديد»: «النائبة هبة هجرس عضو مجلس النواب قالت إن هناك نوابا يحلفون بالطلاق أثناء الكلام في الجلسات، وهو أمر يخل بالنظام والوقار، وطالبت بتنظيم قواعد التحدث في المجلس بما يتناسب مع هيبته. وبصراحة لا أعرف ما الذي يدفع أي نائب يتحدث في أمور خاصة بالتشريع أن يحلف بالطلاق! ثم أنه يحلف على من؟ وهل يقسم أحد بالطلاق على أن مواد القانون صح أو غلط؟ وربما كان هذا القسم لائقا على قهوة بلدي، لكن في مجلس النواب فهذا غير مقبول ولا يصح بأي حال من الأحوال عليّ الطلاق أنت صح يا سيادة النائبة».
«أمة نعيمة نعمين خللي السيسي يكلمني»
وأمس الأربعاء أخبرنا زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب عمرو سليم في «المصري اليوم»: «أنه كان يسير بجوار سور القصر الجمهوري فسمع طبلا وزمرا وصياحا فأسرع نحوه وشاهد مظاهرة من الإعلاميين في القنوات الفضائية الذين كانوا يحتجون على قيام الرئيس بمداخلة ثانية مع الإعلامي عمرو أديب، ورفع أحدهم يافطة مكتوبا عليها أشمعني أديب، وآخر يحمل طبلة والثالث يغني أمة نعيمة نعمين خللي السيسي يكلمني وهي تحريف لأغنية المطربة الشعبية ليلى نظمي أمة نعيمة خللي عليوة يكلمني».
كيف نقدِّم حلاً لتجاوز المحنة التي نحن فيها؟
ومن معارك الظرفاء إلى معارك الإسلاميين، التي بدأها يوم الجمعة الماضي الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس جمعية الدعوة السلفية التي خرج منها حزب النور وقوله في جريدة «الفتح» لسان حال الجمعية التي تصدر كل جمعة عن واجبات الإسلاميين في المرحلة الراهنة: «عندنا مشكلة اقتصادية على سبيل المثال: يزداد الفقراء فقرًا والأحوال تزداد أزمة وصعوبة، والكل يئن والكل يشتكي، لكن نقول نقدِّم حلاً نزيد مساحة التكافل الاجتماعي نذهب إلى الأغنياء نحثهم على مزيدٍ مِن النفقة ولو يسيرة، نحث الطبقة فوق المتوسطة والمتوسطة على العطاء ولو يسيرًا بطريقة مباشرة، تعالج فقر الفقراء وتزيد مِن المعونة لهم، ونبحث حالات الفقراء أيضا وننظر مَن يستحق فعلا ممن يدعي أنه منهم وليس منهم، فيأخذ حقـًّا ليس له هو لغيره، بل يضيق به على الآخرين، وهذا عمل لا يكاد يقوم به إلا آحاد، ولذا يحدث فيه خلل. نقدِّم حلاً لمشكلة الفساد بتقديم الأسوة الحسنة الصالحة أكثر مِن أن نهاجم الفاسدين والمفسدين، وإن كان هذا مطلوبًا لمن استطاع أن يقدمهم إلى العدالة، وأن يفضح فسادهم حتى يتوقف، وليس فقط أن يصف حالهم.
نقدِّم حلاً بالأسوة بأن يكون كل منا مثالاً للصلاح والإصلاح، وأن يكون معينًا على الإصلاح محاربًا للإفساد بالنصح والعمل والحركة في كل مجال، حتى تقل موجة الفساد العارمة في مجال الدعوة إلى الله – تعالى- نحسِن رصد القصور وأنواع الفتور لكن نريد أن نقدم حلاً ننزل إلى الناس نخترق الحواجز الوهمية التي هي مِن صنع الأعداء ومِن صنعنا أحيانًا كثيرة، نحارب أنواع الشر في المجتمع، المخدرات السرقة الجنس الرشوة الربا الغصب اغتصاب الناس أموالهم وأعراضهم، نحتاج إلى عمل دؤوب للوصول إلى الناس والناس – بحمد الله- يقبلون الخير وينتظرون مَن يأتي إليهم به. وهكذا انتشار الجهل عقبة كؤود أمام تقدُّم الدعوة والدولة والمجتمع، فليكن كل منا حريصًا على طلب العلم النافع في دينه ودنياه، وأن يكون أسوة صالحة للشباب في طلب العلم الذي هو فريضة على كل مسلم، وهكذا كل مشكلة تواجهك بدلاً مِن أن تنشغل برصد أنواع الفساد وأنواع النقد على «صفحات الفيسبوك» و«مجموعات الواتساب» فليكن همك : كيف أقدِّم حلاً؟ حتى نستطيع أن نتجاوز المحنة التي نحن فيها».
حسنين كروم
حزين علي بلدي … أن يحكمها عسكري لآ علآقه ولآ دراسة للإقتصاد ولآ سياسة ولآ شئ إلآ الضرب وإخراس من يتحدث … كل دول العالم لها جيوش لحمايتها فقط .. ولم نسمع أبدآ عن قائد جيش يدير بلد ولذلك نرجع للوراء ..