مجلس النواب يواصل انتصاراته على المنتقدين داخله وخارجه ووصفه بـ«الكارتوني» يهز عرشه

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» رغم كثرة الموضوعات في الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 8 مارس/آذار إلا أن الغالبية اهتمت بعودة الدولار إلى الارتفاع فجأة، وسط تساؤلات ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى زيادة معدلات الارتفاع في أسعار السلع، التي لم تتوقف عندما كان منخفضا. وكذلك انفجار أزمة خطيرة هزت الحكومة وأثارت غضب ملايين المواطنين في عدد من المناطق في محافظات الإسكندرية وكفر الشيخ والمنيا، عندما توجه المواطنون إلى المخابز لصرف حصتهم من الخبز المدعم الذي يباع الرغيف بخمسة قروش، ففوجئوا بانخفاض العدد وأخبرهم أصحاب المخابز أن هذا قرار وزارة التموين، فاحتجوا وتظاهروا وعطلوا المواصلات وسارعت وزارة التموين إلى الإعلان بأنها لم تصدر أوامر بهذا الشكل لأصحاب المخابز، وأنها مستمرة في صرف المقررات كما هي. وخوفا من تحول التجمعات إلى مظاهرات سارعت وزارة الداخلية إلى الدفع بعربات تحمل كميات كبيرة من الأرغفة لبيعها للمواطنين المتجمهرين، ونزول محافظ الإسكندرية بنفسه ومعه مدير الأمن للشوارع، للإشراف على عملية التوزيع وتهدئة المحتجين. وتعرضت الحكومة إلى انتقادات وهجمات عديدة بسبب تخبط قرارتها وعدم تنبيه المستفيدين بخطتها في خفض عدد الأرغفة ترشيدا للدعم وتوفيرا للنفقات وأن هناك ملايين من غير المستحقين للدعم.
وأدت هذه الأزمة إلى أن يخبرنا أنور الرسام في «المصري اليوم» أمس إلى أنه كان يسير في أحد الشوارع فشاهد مسؤولا يشطب على كلمة عيش في إعلان على أحد الحيطان شطبت منه كلمتي حرية وعدالة وهذه الكلمات الثلاث كانت شعار ثورة يناير/كانون الثاني. وهذه الأزمة أدت إلى أن يعقد وزير التموين الدكتور على المصيلحي مؤتمرا صحافيا عاجلا أكد فيه أن القرار استهدف الحفاظ على أموال الدعم، التي تصل إلى عدم مليارات من الجنيهات والحرص على أن يذهب الدعم إلى مستحقيه، وسيتم إصلاح الخلل الذي حدث في ظرف يومين فقط وستقوم الوزارة بزيادة الرقابة على المخابز.
أيضا حدث اهتمام بالمفاجأة التي حدثت من الدائرة الأولى في محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد القباني بحبس رجل الأعمال البارز وأمين تنظيم الحزب الوطني السابق والذراع اليمني لجمال مبارك، وكذلك حبس عمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية الأسبق، على ذمة محاكمتهما بتهمة الاستيلاء على المال العام وإهداره في القضية المعروفة بتراخيص الحديد، وقدره ستمئة وستون مليون جنيه. وكان عز قد ذهب لحضور الجلسة وهو حر ففوجئ برئيس المحكمة يأمر بادخاله القفص لأنه لم يتصالح مع الحكومة، ما أدى إلى هبوط مفاجئ في البورصة، كما أفادت بعض الصحف، ولا نعلم إن كان هذا هو السبب الحقيقي أم لا؟ أم أنه فبركة من بعض انصار عز؟ الله أعلم.
كما تواصل اهتمام الغالبية بأزمة نادي الزمالك وإعلانه مقاطعته للدوري العام، بسبب عدم احتساب الحكم ضربة جزاء لصالحه في مباراته مع فريق المقاصة، ما أدى إلى خروجه مهزوما بهدف دون مقابل. وفي ما عدا ذلك فقد اهتمت كل فئة من فئات المجتمع بما يخصها، رجال الأعمال من أصحاب شركات السياحة وملايين العاملين فيها، اهتموا بما نشر عن قرب عودة الحركة السياحية إلى معدلاتها التي كانت عليها قبل ثورة يناير، حسبما أعلن وزير السياحة، لكن أنظارهم لا تزال تتركز على عودة السياحة الروسية. كما اهتم الصحافيون بانتخابات النقيب ونصف أعضاء المجلس، كذلك حفلت الصحف بالمقالات والتحقيقات عن اليوم العالمي للمرأة ودورها. أما الآلاف من أصحاب المحلات المخالفة، الذين اعتدوا على الأرصفة وأراضي الدولة فإنهم في حالة ذعر من مدة بسبب حملات الشرطة في جميع المحافظات لإزالتها. والبلطجية والهاربون من الأحكام القضائية الصادرة ضدهم سارعوا إلى الاختباء للهروب من الحملات التي تستهدف القبض عليهم. وهكذا نجد أن الاهتمام الجماهيري تركز على قضية الأسعار وكرة القدم . وإلى ما عندنا من أخبار..

مشاكل وانتقادات

وإلى المشاكل والانتقادات التي يبدأها اليوم في «الوطن» الدكتور خالد منتصر في عموده اليومي «خارج النص» عن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وأبدى عدم اقتناعه بأنها حصلت على حقوقها الكاملة في مصر، رغم المناصب التي تتقلدها في الوزارات وأخيرا في منصب المحافظ وقال: «قبل أن نفرح بتعيين امرأة في منصب محافظ لا بد أن نسأل أنفسنا: هل فعلاً مجتمعنا المحافظ فرحان بجد بهذا الاختيار؟ أم أن الفرح والاحتفاء يسكن مانشيتات الصحف ويقطن رطانات «التوك شو» فقط؟ مكتسبات المرأة التي تحدث بقرارات فوقية سرعان ما تخسرها المرأة. اليوم يتحين الرجعيون الفرصة للانقضاض على قانون الخلع والحضانة، بحجة ظلمه للرجل. المزاج السلفي الذي بدأ يسيطر ويتغلغل ما زال يحاول إقناعنا بأن المرأة القاضية أحكامها عاطفية لا تخضع للعقل والروية وحكمة الرجال، ما زال يحاول إقناعنا بأن عملها وخروجها حرام وعبث وأن دورها الأساسي ينحصر فقط في تربية الأطفال. ما يهمني تشخيصه في يوم المرأة العالمي ليس تعيين فلانة وزيرة أو علانة محافظة، هذا جميل ورسمي وخطوة على الطريق، ولكن تلك الخطوة لا تأثير لها في مجتمع غارق حتى أذنيه في تحقير تاء التأنيث، ورسم صورة ذهنية لها على أنها مجرد متاع وديكور ووعاء جنس، ومصدر نكد وأداة إغواء، ومغناطيس شيطان. ما يهمني ليس الرسمي ولكنه الشعبي، ما يزعجني ليس تعيينات البرلمانات أو المحافظات أو الوزارات، لكن ما يزعجني هو الحوار المجتمعي الذي حدث على سبيل المثال في قضيتَي الطلاق الشفوي وتعدد الزوجات، لم يحدث أي تقدم بل حدث مزيد من التقهقر».

«عصابة أم خديجة المغربية»

والمشكلة الثانية أثارها في الصفحة الرابعة من عدد «الوطن» نفسه، مستشار الجريدة الدكتور محمود خليل عن إلقاء القبض على عصابة من الرجال كانت تذيع إعلانات على إحدى القنوات الفضائية عن الشيخ المغربي حسن الكتاني وأم خديجة المغربية وقال: «أم خديجة طلعت «اختراع» أو قل «شبح» فبعد القبض على العصابة المعروفة بـ«عصابة أم خديجة المغربية» اكتشف المحققون أن «أم خديجة» شخصية وهمية لا وجود لها في الواقع، وأن العصابة التي «تسمّت باسمها» تتشكل من مجموعة من الرجال الذين استأجروا شقة في إحدى المناطق في القاهرة الجديدة واتخذوا منها وكراً لممارسة أعمال السحر والشعوذة. من المحتمل بنسبة كبيرة أن تكون «خبطت» في واحد من إعلانات «أم خديجة المغربية والشيخ حسن الكتاتني» على إحدى قنوات «بير السلم» واستمعت إلى ما يحكيه الإعلان بصوت واثق عن الكرامات والقدرات الخارقة التي يتمتع بها الشيخ والشيخة في «الجلب»: جلب الرزق وجلب الحبيب وجلب العريس، ورد المطلقة خلال 24 ساعة، وغير ذلك من ترهات. المضحك أن التحقيقات أثبتت أن المتهمين نجحوا في إقناع الضحايا بعدم قدرة «أم خديجة» على الكلام وطلبوا منهم سرد حكاياتهم وقصصهم لعرضها بمعرفتهم على الشيخة المزعومة، كي تقوم بحلها. «أم خديجة» ليست الوهم الوحيد الذي تتسكع إعلاناته على شاشات الفضائيات بهدف النصب على بعض المشاهدين. حقيقة الأمر فإن الجهات المسؤولة عن حماية المستهلك وحماية صحة المواطن، وكذا الجهات المنوط بها رفع مستوى وعي المواطن مطالبة بالتحرك ضد القنوات والجهات الأخرى التي تروج للدجل والخرافة، وتعبئ الوهم في زجاجات لتبيعه إلى المصريين. إعلان «أم خديجة» جعلنا أضحوكة أمام المجتمعات الأخرى التي كانت تشاهد هذا اللغو فتسخر من مستوى ثقافة هذا الشعب».

تحديث الصحافة

وفي «الأهرام» أثار رئيس مجلس إدارة جريدة «المصري اليوم» الدكتور عبد المنعم سعيد مشكلة الصحافة المصرية وأزمتها بمناسبة انتخابات النقيب ونصف أعضاء المجلس وقال:
«المهنة وما جرى فيها من متغيرات تصبح في قلب المعركة، وربما سوف يتوقف عليها اختيار النقيب وأعضاء مجلس النقابة أيضا، وكلاهما لن يستطيع تجاهل المتغيرات التي جرت، ففي عام 1990 أي منذ أكثر ـ وصدق أو لا تصدق إذا كنت من جيلي ـ من ربع قرن فإن توزيع الصحف المصرية كان يصل إلى ثلاثة ملايين ونصف مليون نسخة، الآن ولا داعي للشعور بالفجيعة فإن التوزيع لا يتعدى نصف مليون. حدث هذا بينما زاد عدد السكان من 50 مليونا إلى قرابة 93 مليونا. وزاد عدد الصحف اليومية من خمس صحف إلى 21 صحيفة. لا تغضب فإن عدد القراء لم يقل بالضرورة لأن قراء الصحف الإلكترونية زاد زيادة فلكية، بحكم وجود 45 مليون نسمة على الإنترنت، وأكثر من هذا العدد يدخل عليها من خلال الهاتف الجوال، فالأخبار والتحليلات والمباريات والمسابقات وحركة الطيران وأحوال الطقس متاحة على مدى الساعة، هي صحافة من نوع آخر وفيها صحف جديدة ومختلفة ومتنوعة بقدر تنوع البشر واختلاف أذواقهم وميولهم واهتماماتهم، والأهم من كل ذلك مصالحهم (السياسية والاقتصادية بالطبع) هل تغير الصحافة وتغير المنتج الصحافي يستوجب تغيرا مماثلا في البنية المؤسسية للإنتاج الصحافي؟ وهل سيترتب على هذا التغير إذا حدث نتائج مهنية ووظيفية؟ الإجابة بالقطع نعم، ولمثل هذا التغير وجدت النقابات التي يتجمع فيها أهل المهنة للبحث والاجتهاد في ما يخص التحديات الكبرى الوجودية لمصائرهم ودورهم في المجتمع. وفي مطلع العقد الراهن من القرن الواحد والعشرين، وبالتحديد في عام 2009 تنبه مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الغراء لهذه المتغيرات الكبرى، وفي مواجهتها وضعت استراتيجية كاملة للدخول إلى عالم «الصحافة» الخاصة بالقرن الجديد بكل ما يعنيه ذلك من تغييرات في تدريب الصحافيين على دنيا جديدة، بل وتغيرات أخرى في البنية المعمارية للمؤسسة، وما فيها من قطاعات فرعية. وعندما ذهبت إلى إدارة «المصرى اليوم» الغراء في 2013 وجدت أن فكرة تحديث للصحافة ذائعة، وأظن أن ذلك كان الحال في المؤسسات الصحافية الأخرى، ولكن المعضلة الكبرى التي كانت هنا وهناك كانت أن الأحداث الكبرى التي مر بها الوطن طبعـــت بطابعها مصير ومستقبل المهنة الصحافية. غلب النضال السياسا على الكفاح المهني وفاز الحزب على النقابة وانتصر الشعار على الحرفة. الآن لم يعد هناك بد من بناء المهنة وفق ما جرى من تغير في العصر، ولن تحل المعضلة صيحات الصائحين. الصحافة المطبوعة مستمرة مهما يكن فيها من علل، ومهما تنفصل عن التطورات الجارية في العالم، مناقشة ذلك في أصله وفصله ربما يشكل قصة أخرى وموعدا آخر».

أزمة بطاقات التموين الورقية

وإلى الحكومة ووزارة التموين التي تسببت في مشكلة خطيرة بسبب خفض عدد أرغفة الخبز المدعوم، حيث فوجئ المستفيدون منه عندما ذهبوا للمخابز بانخفاض عدد الأرغفة المقررة لكل فرد، حيث يباع الرغيف بخمسة قروش وأخبرهم أصحاب المخابز بأن هذا قرار الوزارة فتظاهروا في عدد من الأماكن في عدة محافظات، ما دفع دندراوي الهواري في «اليوم السابع» إلى أن يقول في مقاله في الصفحة العاشرة: «قرار الدكتور علي المصيلحي بإعادة النظر في الكروت الذهبية عن طريق تخفيض الحصة المقررة من 3 آلاف في المتوسط لكل مخبز إلى 500 رغيف فقط جاء تأسيسًا على مراجعة دقيقة لتقييم منظومة الخبز، التي كشفت عن أن أصحاب المخابز يتلاعبون بالكروت الذهبية عن طريق «ضرب عمليات» صرف وهمية للخبز، ثم يحصلون على تكلفة إنتاج الخبز من الدولة دون صرف «العيش» للمواطنين، لكن الحكومة وكالعادة في معظم قراراتها دائما ما تضع العربة أمام الحصان، لذلك اتخذت قرار تخفيض العيش قبل تحويل البطاقات الورقية إلى ذكية، فأحدثت «أزمة بدون لازمة». وخرج المواطنون في عدد من المحافظات محتجين وغاضبين، وبالطبع وجدت الجماعات والتنظيمات الكارهة لاستقرار الوطن ضالتها ووظفتها لمصلحتها، وأشاعت في منابرها الإعلامية أن هناك أزمة خبز في مصر على عكس الحقيقة. يا سادة رغيف العيش منطقة ملغمة بكل أنواع المتفجرات والاقتراب منها خطر داهم، ومن ثم فإن على الحكومة أن تحشد جهودها لحل أزمة بطاقات التموين الورقية وتحويلها إلى ذكية، وتوضيح حقيقة جشع أصحاب المخابز والضرب بيد من حديد على كل متلاعب ليكون عبرة.

معارك وردود

وإلى المعارك والردود وسيبدأها اليوم غالي محمد رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال ورئيس تحرير مجلة «المصور» حيث هاجم رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال لتقدمه ببلاغ للنيابة ضد إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة «المقال» اليومية وحبسه والإفراج عنه بكفالة وقال غالي: «الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب سار عكس اتجاه الرئيس، ومنذ أول يوم لتوليه مسؤولية رئاسة مجلس النواب وهو يترصد الصحافيين، والأمثلة كثيرة ولكنني سوف أتوقف عند البلاغ الذي تقدم به إلى النائب العام ضد إبراهيم عيسى بتهمة الإساءة للبرلمان، وأيده في ذلك البعض من أعضاء البرلمان غير مبالين بأثر ذلك على صورة حرية الصحافة، التي يقدمها الرئيس السيسي للشعب المصري وفي خارج مصر. ألا يعلم الدكتور علي عبد العال أن حرية انتقاد المسؤول في الصحافة المصرية، أفضل رسالة نقدمها للعالم بأنه لا يوجد أي قمع للرأي في مصر. لقد أخطأ الدكتور علي عبد العال في تقديم بلاغ للنائب العام ضد إبراهيم عيسى، وهي سابقة عالمية، حيث لم يحدث أن قدم أي برلمان في العالم بلاغا ضد كاتب صحافي، وكانت هناك وسائل كثيرة من الممكن أن يسلكها عبد العال، في وقت لا تتحمل فيه مصر أي معارك جانبية، غير الصمود أمام معركة الإرهاب. كنت أتمنى أن يسأل الدكتور علي عبد العال نفسه وماذا بعد التقدم ببلاغ ضد إبراهيم عيسى؟ هل سيتم حبسه بعد محاكمته؟ وهل سيتم إغلاق صحيفته بعد إغلاق برنامجه؟ وهل سيمنع ذلك أي انتقادات من بقية الكتاب؟ وأخيرا ما هو العائد من حبس إبراهيم عيسى أو أي صحافي؟ وأسأل الدكتور علي عبد العال وهل من المقبول أن يحدث هذا وندخل في معارك جانبية؟ وهل من المقبول أن تفعل ما يرفضه الرئيس السيسي الذي لم يتخذ أي اجراء ضد أي رأي، أيا كانت حدته؟ سيدي الدكتور عبد العال فلتعد إلى القواعد التي وضعها الرئيس السيسي بأنه لا مصادرة ولا قمع رأي. القضية ليست إبراهيم عيسى الذي لا نريد أن نصنع منه بطلا أو زعيما، بل هو كاتب فقط القضية هي مصر أولا وأخيرا».

معيب ومهين

وانضم فهمي هويدي إلى مهاجمي رئيس مجلس النواب بقوله في مقاله اليومي في «الشروق»:
«معيب أن يغضب البرلمان لأن صحافيا انتقده، وأن يقدم ضده بلاغا إلى النائب العام. معيب أيضا أن يؤخذ البلاغ على محمل الجد ويحال إلى النيابة العامة للتحقيق في القضية. معيب كذلك أن يحقق مع الكاتب «المتهم» طوال ست ساعات، ثم يطلق سراحه بعد دفع كفالة قيمتها عشرة آلاف جنيه. ذلك كله ليس معيبا فقط ولكنه مهين أيضا للمجلس والنيابة والصحافة، بما يشكل إساءة بالغة للنظام القائم في مصر. كل ذلك لأن صاحبنا إبراهيم عيسى وصف مجلس النواب بأنه «كارتوني» وهي الكلمة التي اهتز لها المجلس الموقر، وانفعل رئيسه الذي لم نره منفعلا لأن المجلس لم يعد له دور يذكر في الرقابة على السلطة التنفيذية التي هي إحدى وظائفه الأساسية، حتى أصبح ممثلا للسلطة وليس ممثلا للشعب. لقد اعتبر رئيس المجلس ومؤيدوه أن كلمة «كارتوني» إهانة لكرامة المجلس، في حين أن أحدا منهم لم يغضب لكرامة المجلس حين تم تجاهله في العديد من القضايا والملفات المهمة التي تخص الشأن الداخلي والعلاقات الخارجية والتفاصيل في هذا الصدد محزنة ومحبطة، ولمن يريد أن يستزيد فله أن يرجع إلى مقالة الدكتور زياد بهاء الدين في جريدة «الشروق» 7/3 التي كان عنوانها: هل حقا لدينا برلمان؟ حين غضب المجلس لأنه وصف إعلاميا بأنه «كارتوني» ــ وذلك وصف مهذب للغاية إذا قورن بأوصافه الأخرى المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أثبت أنه حين عطل وظيفته في مراقبة الحكومة فإنه أراد أن يكون رقيبا على الإعلام، وبدل أن يكون منبرا لحرية التعبير فإنه لم يكتف بمصادرة تلك الحرية ولكنه أراد أيضا إرهاب الإعلاميين وإسكاتهم، لكي لا يوجهوا أي نقد لأداء المجلس. وفي حين توقعنا أن يحفظ النائب العام البلاغ احتراما لحرية التعبير، فإنه أحال الكاتب للتحقيق. أما وكيل النيابة الذي لم يسمع بما فعله نظيره الذى برأ طه حسين في عشرينيات القرن الماضي وقرر الإفراج عن الكاتب بكفالة فإنه تبني الموقف نفسه. ذلك أن الكفالة في العرف القانوني هي إجراء تحفظي بديل عن الحبس الاحتياطي يتم اللجوء إليه حتى يحين موعد المحاكمة، ولكي يبقى سيفا مسلطا على رقبة المتهم يمكن به تحريك «القضية» في أي وقت. لا أستطيع أن أفصل ما جرى عن اتجاه الريح السياسية لدى بعض أطراف السلطة، التي ترى في كل نقد إهانة، وتعتبر أن ذلك النقد يصبح إيجابيا وبناء إذا انطلق من التأييد المطلق ومارس «حريته» في المديح والتصفيق».
سن الحكمة

ونبقى في «الشروق» وقال محمد موسى الذي عنونه بـ«مجلس النواب في سن الحكمة» يقول: «يواصل مجلس النواب الحالي انتصاراته على المعارضين والمنتقدين في قاعات البرلمان أو خارجها. من النواب تم إسقاط عضوية توفيق عكاشة وأنور السادات، ويبدو إلهامي عجينة في الطريق، وبتهمة واحدة هي إهانة المجلس. أما قائمة خصوم البرلمان في الخارج فهي طويلة، بدأت من أبلة فاهيتا، ولن تنتهى بالبلاغات ضد الصحافيين. إبراهيم عيسى الصحافي الموهوب والسياسي صاحب التقلبات، منح البرلمان في صحيفة «المقال» جائزة أوسكار للرسوم المتحركة، استنادا إلى الانتقادات التي تنهال من جميع الجهات الأصلية والفرعية، تعليقا على أداء المجلس، الذي يصدم نوابه أنفسهم في بعض الأحيان. النائب أحمد طنطاوي، مثلا، يرى أن المجلس ينتصر لنفسه وليس للمواطنين، الذين يعانون، وهيثم الحريري يرى العيب في أداء البرلمان وليس فيمن ينتقده. لجأ إبراهيم عيسى للنكتة، وهي وسيلة الاتصال رقم واحد لدى المصريين. حتى بين الحبايب تأتي أحيانا في صورة تحية، ورد المجلس التحية بأحسن منها، حين صرخ أحد النواب: الصحافي اللي مش بيحترم المجلس ياخد بالجزمة القديمة. انتفاضة البرلمان طالت جريدة «الأهرام»، وهي «صحيفة إحنا اللي بنصرف عليها»، وانتهت ببلاغ ضد رئيس تحرير «المقال». والتحقيقات مستمرة، والاحتمالات مفتوحة على كل شيء، من الجزمة القديمة إلى العفو، بشرط تعهد من إبراهيم «بألا يتمادى في توجيه الإساءات والتجريح والتشويه في حق المجلس ونوابه مرة أخرى»، كما قال أحد النواب. الإساءة للبرلمان تعبير فضفاض، وتهمة لا يعرفها قانون أو دستور، لذلك لجأ بلاغ البرلمان للصياغات العمومية، مثل أن «العدد يحتوي على تقليل وتحقير من شأن البرلمان لدى الشعب المصري، ويصفه بعبارات منها أنه فيلم كارتون، وأنه من إخراج جهاز الأمن الوطني». والتهمة الأخيرة سبق توثيقها في تحقيق نادر على موقع مدى مصر، بعنوان «هكذا انتخب السيسي برلمانه»، ولم يغضب أحد ساعتها. إبريل/نيسان الماضي شهد ثورة البرلمان على أبلة فاهيتا. النواب اعتبروا أن الدمية «مؤامرة ليفقد الشعب ثقته في نوابه، واستخدام خاطئ للحريات، لتشويه وهدم المؤسسات المنتخبة»، كما ورد وقتها في بيان المجلس. وأصبحت الأبلة فخورة، لأنها «الأرملة التي هزت عرش مصر» بأغنية تنتقد غياب النواب عن الجلسات. المجلس اهتز بسبب أغنية دمية، ومن عنوان في «جريدة مجهولة»، كما وصفها رئيس البرلمان، لكنه لم يتأثر بمعاناة الشعب من الأسعار، وبالتضخم القياسي وتزايد معدلات الفقر، ولا بالتضييق على الحريات. لم يشاهد تقارير برنامج مؤيد للنظام، هو «العاشرة مساء»، لأطفال يبحثون عن الطعام في أكوام الزبالة».

مبارك بعد البراءة

وإلى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وصدور حكم محكمة النقض البات والنهائي ببراءته من تهمة إصدار الأوامر بقتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير/كانون الثاني واعتياره حرا ورغبته التي أبداها للعمرة والحج وقال عنه أمس في الصفحة الاخيرة من «الأخبار» محمد بركات رئيس مجلس إدارتها الأسبق: «ما أن أصدرت المحكمة حكمها الذي هو بالنسبة للكافة عنوان الحقيقة، حتى خرج علينا بعض هؤلاء يحاولون بكافة السبل النيل من الرجل الذي برأته المحكمة، بل التشكيك في استحقاقه للبراءة، والتقليل من شأن هذه البراءة. والأكثرمن ذلك الادعاء تلميحا في أحيان وتصريحا في أحيان أخرى، أنه هو وحده المسؤول مسؤولية مباشرة عن كل ما جرى وما كان من استهداف وقتل وحرق وتدمير، في طول مصر وعرضها خلال أحداث يناير وما بعدها. وتجاهل هؤلاء بالقصد والعمد أن قضاء مصر العادل تناول بالفحص والبحث والتدقيق كل هذه الوقائع وكل هذه الاتهامات طوال خمس سنوات أو تزيد، ثم أصدر حكمه البات والنهائي بالبراءة بعد أن تثبت منه ووقر في يقينه».

مبارك يكفر عن ذنوبه

ونظل في «الأخبار» ولكن بعد أن ننتقل للصفحة الخامسة لنكون مع رئيس تحريرها الأسبق جلال دوديار وقوله دفاعا عن مبارك في عموده اليومي «خواطر» وكذلك تلقيه رسالة ردا عليه تهاجم مبارك قام بشجاعة بنشرها قال: «بعيداً عن السفالة اللفظية التي يمارسها البعض من متخذي وسائل الاتصال الاجتماعي الإلكتروني مسرحا لإبراز انحطاطهم الأخلاقي أقول، إن من حق أي إنسان أن ينتقد ما يقال وما يُكتب، ولكن الطبيعي أن يتم ذلك بموضوعية وفي حدود الأدب. غير ذلك وفي حالة الخروج عن هذه المبادئ في التعامل فإنه ليس هناك من وصف للتجاوز سوى «كل إناء ينضح بما فيه»‬. في هذا الاطار وتعليقا حول ما كُتب بشأن حكم القضاء المصري بتبرئة الرئيس الأسبق مبارك من اتهامه بقتل متظاهري ثورة 25 يناير/كانون الثاني فإننا لا نملك سوى إبداء الاحترام لهذا الحكم، الذي صدر عن قضاء مصر الشامخ، حصن العدالة لكل مصري مهما كانت انتماءاته. اسقاطا للإسفاف المزري الذي تضمنته رسالة وحيدة إلكترونية تلقيتها تعليقا وردا على تناولي لحكم النقض ببراءة مبارك فإنني وبداية لابد أن أُلفت النظر إلى أن ما كتبت تركز بشكل أساسي حول ما جاء في مضمون الحكم. في هذا الإطار طالعت أيضا بكل احترام رسالة اخري بعث بها الدكتور محمد سالم عن طريق حساب الاستاذ المتفرغ في جامعة الأزهر الدكتور محمد شيرين، التي انتقدت مضمون مقالي حول ما كتبته عن الحكم بتبرئة مبارك. لست ضد ما ذكره الدكتور سالم في رسالته عن سلبيات سنوات حكم الرئيس مبارك ومسؤوليته عن إفساد الحياة السياسية وإصابة الاقتصاد المصري بالجمود، وما ترتب عليه من تجميد فرص تنمية مصر اقتصاديا واجتماعيا، مثلما حدث في دول أخرى مثل ماليزيا والهند، أنه أيضا كان مسؤولا عن إيقاف الاستثمار في مجال الغزل والنسيج منذ عام 1994 والاعتماد على استيراد القطن من الخارج، بعد أن كانت مصر تحتل الريادة في زراعته وتصنيعه. انتقدني الدكتور سالم لأنني أشرت في المقال إلى براءة الرئيس الأسبق عن قتل المتظاهرين، دون الاشارة إلى أنه حكم عليه بثلاث سنوات سجن من محكمة النقض أيضا بتهمة إهدار وسرقة الأموال العامة في قضية القصور الرئاسية. بكل الود والشفافية أقول للدكتور سالم إنه ومع احترامي لوجهة نظره إلا أنني أحب أن يعلم أن تعليقي انصب بشكل أساسي على حكم البراءة في قضية اتهام مبارك بقتل المتظاهرين. إنني ما كنت أتورع عن الكتابة في أي حكم يصدر بالنسبة لإدانته في أي قضية أخرى، بما في ذلك ما يتعلق بالأموال العامة، هذا الأمر أشرت إليه ضمنيا في مقالي عندما قلت إن ما تعرض له مبارك على مدى ست سنوات من المحاكمات والمعاناة لابد أن يكون وراءه سبب – لا يعلمه إلا الله- كان عليه أن يُكفر عنه».

مبارك محبوس احتياطي على ذمة قضية القرن

ونشرت «الأخبار» في العدد نفسه في صفحتها الثالثة خبرا نصه: «كشفت مصادر قضائية أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك صدر بحقه قرار بالمنع من السفر وكذلك حكم قضائي بالتحفظ على أمواله وممتلكاته ومنعه وأسرته من التصرف فيها، وذلك من جهاز الكسب غير المشروع، بشأن التحقيقات التي يجريها الجهاز حول اتهام مبارك ونجليه بتضخم ثرواتهم واستغلال نفوذهم لتحقيق ثروات غير مشروعة. وأضاف أن الجهاز ينتظر تحريات الرقابة الإدارية بشأن ثروة مبارك وأسرته لمقارنتها بإقرارات الذمة المالية الخاصة بالرئيس الأسبق منذ توليه رئاسة الجمهورية، وحتى تخليه عن الحكم. وأكد فريد الديب أن الرئيس الأسبق محمد حسني ممنوع من السفر خارج البلاد، وهناك قرار صادر بالتحفظ على أمواله، على ذمة التحقيقات التي يجريها جهاز الكسب غير المشروع حول ذلك الشأن، وأضاف أن نيابة شرق القاهرة لم ترد أو تفصل في الطلب الذي تقدم به لإخلاء سبيل الرئيس الأسبق بعد حصوله على حكم البراءة في قضية قتل المتظاهرين باعتبار أنه أمضى كافة مدة العقوبة الصادرة ضده في قضية قصور الرئاسة وهو محبوس احتياطي على ذمة قضية القرن».

لا مبالاة بحكم البراءة

وإلى «الأهرام» وشريف عابدين وإشارته في عموده «في المواجهة» إلى ظاهرة عدم الاهتمام الشعبي بموضوع مبارك وقوله: «تردت سلوكيات المصريين ولم تعد تقتصر على الجنوح نحو ديكتاتورية الرأي والتشدد في التعاملات، وتصدرت مشاعر الكراهية العلاقات في ما بينهم في غياب ما عرف عنهم من قيم التسامح والعفو. ويبدو أن قسوة الإصـــــــلاحات الاقتصادية جعلت من هذا الشعب الموعود بالعذاب والمعاناة تربة خصبة لغزو الأمراض النفسية حتى بات الأمر يستدعى دراسات سيكولوجية للشخصية المصـــــرية، فخلال فترة التقاضى منذ الثورة كان من المستحيل أن يجاهر أحد ببراءة الرجل رغم ضعف الأدلة، لأن الحالة الثورية كانت في أوجها، صحيح أن إدانة مبارك «قضائيا» كانت في قضية القصور و«سياسيا» عند اشتعال الثورة، لكن اللامبالاة بالبراءة الأخيرة لا تنفصل عن اعتراف الكثيرين من خصومه قبل مؤيديه بأن ظروف الحياة في عهده كانت أفضل».

مجلس النواب يواصل انتصاراته على المنتقدين داخله وخارجه ووصفه بـ«الكارتوني» يهز عرشه

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية