مخيم جنين بعيون إسرائيلية… «قلعة المقاومة»

حجم الخط
0

الناصرة ـ «القدس العربي»: إثنا عشر عاما مرت على  تصديه البطولي لاجتياح «السور الواقي» وما زال مخيم جنين شمال الضفة الغربية يقلق الإسرائيليين حاضرا ومستقبلا ويعتبرونه « قلعة المقاومة «.
مراسل موقع «واللا» العبري ،شبتاي بنديت، رافق جيش الاحتلال في احدى عمليات الاجتياح الليلي لمخيم جنين للاجئين الفلسطينيين تحت ستار اعتقال مطلوبين والبحث عن وسائل قتالية. ويصف الكاتب المخيم بأنه قلعة المقاومة الصلبة في الضفة الغربية، بعدما انتزع هذه المكانة من مخيم بلاطة. ويوضح ان عمليات الاجتياح الليلي تشكل جزءا من النشاط الاعتيادي في الضفة الغربية المحتلة، مشيرا إلى أن الجيش يطلق على هذه العمليات الواسعة «حملة جز العشب»، بهدف «اعتقال المطلوبين الذين ينوون تنفيذ عمليات ضد الاحتلال.
ويقول بنديت انه سبقت خروج الجنود تحضيرات كثيرة، بدأت منذ ساعات المساء المبكر، حيث تم اطلاع القوات في «معسكر جلبوع» على الأهداف واماكن وجودها في مخيم اللاجئين الذي «يعتبر احدى القلاع الرئيسية لانتاج « الارهاب « في الضفة الغربية. وقام قائد لواء المنطقة، الكولونيل اورن زيني بتقديم الارشادات إلى قادة الكتائب قبل الانطلاق لتنفيذ العملية.
واستعدت القوات للبحث عن 25 هدفا، بينها اعتقال 18 مطلوبا على الأقل، والعثور على وسائل حربية تم تفعيلها او خطط لتفعيلها ضد قوات الأمن والمواطنين الاسرائيليين.
وقامت كتائب «دوفدوفان (المستعربين)» و»جبعاتي» ووحدة الكلاب ورجال الشاباك بإجراء الاستعدادات الأخيرة قبل الانطلاق لتنفيذ العملية المعقدة. وقال الضابط زيني، المسؤول عن العمليات في جنين وطولكرم، ان «مخيم جنين للاجئين هو اكثر المخيمات المعقدة واكثرها نشاطا في الضفة خاصة في كل ما يتعلق بإطلاق النار على قوات الأمن والقاء العبوات.
 يشار إلى أن قوات الاحتلال قتلت في العام الأخير ثمانية  مقاومين في المخيم. وكانت الحرب في المخيم هي الأشد قسوة خلال حملة «السور الواقي» عام 2002 حيث قتل خلالها 23 جنديا. وخلال العقود الثلاثة الأخيرة انطلقت الكثير من العمليات التفجيرية من جنين وطولكرم، ومن بينها كانت العمليات التي استهدفت فندق بارك في نتانيا، ومطعم مكسيم في حيفا، وعملية طعن عيدن اتياس في العفولة. وللمقارنة، يقول زيني، فقد «خرج من غزة مخربا واحدا باتجاه الاراضي الاسرائيلية».
ويقول إن هذا الأمر يحتم على الجيش العمل الواسع والخلاق، ونحن نعمل اولا من اجل الحصول على معلومات جيدة، وفي اعقاب ذلك ننفذ العمليات العسكرية الجيدة بهدف احباط الارهاب».
ويكشف المراسل ان كل وحدة تريد مراكمة التجربة في هذه المهام و»تسعى إلى الاحتكاك» تصل إلى جنين. وينقل عن قائد كتيبة عمل في المكان ان العمليات في المنطقة ساعدته مع جنوده كثيرا خلال حملة الجرف الصامد في غزة.
في الماضي اعتبر المخيم قلعة للجهاد الاسلامي، ولكنه يضم اليوم تمثيلا لكل التنظيمات الفلسطينية التي يجمعها الهدف المشترك، وهو الاثبات بأنه «تقوم هنا قلعة المقاومة الأخيرة المناهضة لإسرائيل في الضفة». ومن الأمثلة على ذلك ما حدث خلال عملية لاعتقال مطلوب في المخيم قبل عدة أشهر. ويقول زيني: «خلال محاولة اعتقال حمزة ابو الهيجاء في جنين استعدت القوات لاعتقاله لكنه بدأ بإطلاق النار وقرر كما يبدو أن يصبح شهيدا.

مخيم بلاطة

ويقول بنديت ان مخيم جنين انتزع لقب مركز المقاومة الصعبة من مخيم بلاطة  وحسب اقوال زيني، فقد تم بين سنوات 2002 و2010 القيام بعمل مكثف في مخيم بلاطة « قاد إلى تهدئته». ويوضح أنه حينما تسود المدينة اجواء هادئة  يتمسك سكان المخيم بمواقف المقاومة الصلبة ويعملون وفقها. ويفسر ذلك بالقول انهم لاجئون يعيشون في ظل اوضاع اقتصادية واجتماعية تختلف في جوهرها عن سكان المدينة.
وحسب ما قاله ضابط آخر، فانه باستثناء مخيم جنين لا يوجد أي مخيم لاجئين آخر تواجه فيه قوات الجيش كلما دخلت اليه إطلاق النار والعبوات. وينوه ان لدى سكان المخيم طريقة انذار منظمة وناجعة ويقول انه بعد فترة وجيزة من دخول قوات الجيش يسمع الصفير وخلال ثواني معدودة يخرج عشرات السكان إلى الشوارع ويقومون برشق الحجارة باتجاه القوات. ويوضح أنه من المصاعب الأخرى التي تواجه الجيش في المخيم، مبناه الجغرافي لكونه ممتدا على سهل وجبل معا. ويتابع « عندما نربط بين هذه الأمور إلى جانب الروح الحية للنشطاء وتاريخ المقاومة الذي يسبق قيام الدولة، يشكل الأمر تحديا غير بسيط».
يذكر أنه خلال اقتحام المخيم تعرض الجنود لالقاء عبوتين باتجاه الجنود فقام زيني بادارة العملية من داخل بيت احد المطلوبين، الذي هرب قبل فترة طويلة. وبعد ساعة ونصف من العمل صدرت الأوامر بالانسحاب الحذر. ويضيف» يدرسون تحركاتنا وهم اذكياء. هؤلاء اناس لا ينامون في الليل ويستبدلون مخابئهم طوال الوقت. وهذا التحدي ليس بسيطا للجانبين، وسنواصل العمل بحرية في هذا المكان لإحباط الارهاب» وطالما شكلوا تهديدا، فإننا سنتواجد هنا لمنعه».
وينقل عن الجيش تقديره وجود كمية كبيرة من الوسائل القتالية في المخيم تشمل رشاشات وصواريخ مضادة للدبابات، وهي مخبأة داخل البيوت وفي الساحات، وداخل جدران مزدوجة وفي الخزائن.
ويقول إنه حسب التجربة الطويلة في الضفة فان اعتقال «المخربين» يولّد نشطاء جدد لا يقلون تطرفا عن السابقين، والكثير ممن يتم اعتقالهم يعودون إلى نشاطهم بعد اطلاق سراحهم.
ورغم ذلك يدعي زيني انه لا يوجد حل آخر للعمل ضد الارهاب. ويقول: «وظيفتنا تفعيل الضغط الاستباقي  عليهم. احيانا ينجحون بتحدينا، ولكن عملياتنا تساهم كثيرا في القبض عليهم ومنع العمليات».

وديع عواودة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية