الناصرة – «القدس العربي» : تصادف هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى للهبة الفلسطينية التي اندلعت وتركزت في القدس المحتلة والخليل، وتأمل إسرائيل بأن تهدأ. ولم تأخذ تل أبيب اندلاعها أصلا في حساباتها على المستويين الأمني أو السياسي. ولكن رغم «بدائية» الوسائل المستخدمة بالمقارنة مع انتفاضة القدس والأقصى، إلا أن هذه الهبة تركت آثارا وتداعيات واضحة على الإسرائيليين، وقدمت عدة مؤشرات على عدم وجود حيلة لمواجهتها لا سيما أنها عمليات فردية لا تحركها فصائل أو قيادة مركزية.
ويتنبه مركز القدس للدراسات الإسرائيلية والفلسطينية الذي يرصد أحداث هذه الهبة الفلسطينية الى أن المخابرات الإسرائيلية غير مطلقة القدرة، منوها لاعتراف مجمل القيادات الأمنية بذلك. كما يتنبه المركز لفقدان إسرائيل ما كانت تسميه وتشدد عليه وهو «قوة الردع» بدليل أن العمليات مستمرة رغم سياسة الضغط السريع على الزناد والقيام بعمليات إعدام ميدانية لمنفذي العمليات. ويدلل المركز على ذلك بالقول «لعلّ صورة الشاب الخليلي يحمل سكينا مطارداً جندياً مدججا بالسلاح خير دليل وكذلك اتخاذ وزير الأمن الداخلي قراراً يتيح للإسرائيليين حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم لهو دليل آخر على عجز جيشه، الذي ضاعف وجوده في بعض المناطق، زاجاً العديد من الوحدات القتالية إلى ساحة المواجهة، رغم الفارق المهول في الإمكانيات. كما يرى أنه ليس من السهل تمرير كل المشاريع الإسرائيلية، منبها الى أنه كان الاعتقاد الجازم لدى حكومة الاحتلال اليمينية بأنها ستستطيع التحكم بمستوى لهب الهبة من خلال منع زيارات السياسيين والقيادات الفلسطينية من دخول المسجد الأقصى.
ويستنتج مركز القدس خسران رهان الاحتلال على ضياع جيل فلسطيني صاعد لا يهتم كثيراً بهويته، يواكب الحداثة والتطور، يلبس لباساً غربياً،يعنى بتسريحات شعر عصرية، ليس له علاقة لا بدين ولا بوطنية، لتثبت هبة القدس أن هذا الجيل الأكثر اقداماً وشجاعة، بل سبق غيره بأنه لم يحتج قادة ميدانيين أو فصائليين أو قيادة مركزية ومساعدة أحد لتوجيهه، بل قاد وتحمل المسؤولية بنفسه. كما يرى المركز أنه ورغم أن الوسائل المستخدمة في هذه الهبة المتواصلة لم تصل إلى حد ما تخشاه إسرائيل من انتقال العمليات من دائرة السكين وإطلاق النار إلى تفجير الحافلات والمقاهي، فإن لهذه الانتفاضة تأثيرات على كافة القطاعات داخل إسرائيل من عدة نواح.
ويشير أولا لانتشار حالة هلع وخوف أدت في بعض الأحيان لإطلاق النار بالخطأ من قبل الجنود على بعضهم، أو على يهود آخرين ظناً بأنهم عرب، كما حدث في عملية بئر السبع الشهيرة. وأوضح مراقبون أمنيون بأن انتفاضة القدس لم تصل إلى ما حققته الانتفاضة الثانية من وسائل وإمكانات، إلا أنها توازت معها في مساحة ما نشرته من رعب ساهم وفق المعطيات الإسرائيلية إلى تراجع السياحة الداخلية بشكل كبير في مناطق القدس وتل ابيب خاصة بعد عملية سارونا.
على المستوى الاقتصادي ساهمت الهبة في ذروتها إلى نزول البورصة الإسرائيلية. واشارت إحصاءات إسرائيلية إلى تأجيل عدد من الشركات الاستثمارية الكبرى استثماراتها في إسرائيل لحين عودة الهدوء والاستقرار. ودون اكتراث بالمظاهرة الداعمة لإسرائيل ورئيسها السابق شمعون بيريز يعتقد المركز أن الهبة الفلسطينية كشفت عن بشاعة ما قامت به قوات الاحتلال بعيون العالم خصوصاً في ظل إطلاق النار على الأطفال والإعدامات الميدانية. ويدلل على ذلك بالقول إن الهبة الفلسطينية شجعت الاتحاد الاوروبي لاتخاذ قرار وسم منتجات المستوطنات علاوة على توتر علاقة دولة الاحتلال مع العديد من الدول الأوروبية، وإن كان لفترات وجيزة، كما كان الحال بعد تبادل الاتهامات بين إسرائيل والسويد. ويعتقد أيضا أن الهبة الفلسطينية زادت الفجوة الداخلية، حيث ساهمت الانتفاضة في زيادة الفجوة بين المشروعين، مشروع اليمين والوسط في دولة الاحتلال في ظل ارتفاع صوت أوساط غير قليلة تعتبر أن طريق القمع والمزيد من القوة ليست مجدية ولن تجلب الأمن.
انطلاقاً من هنا يظن مركز القدس أن استمرار الهبة الفلسطينية له تداعيات على مجمل القضية الفلسطينية ويحذر من أن توقفها كلياً أو لفترة طويلة نسبياً، سيفتح شهية الاحتلال على ابتلاع المزيد من الأراضي والسير في الخطط اليمينية التي يقودها «البيت اليهودي»، بفرض السيادة الإسرائيلية رسميا على المستوطنات في الضفة الغربية بما في ذلك العشوائية. من الجانب الآخر فإن استمرار الانتفاضة ولو بشكل متقطع سيكون له انعكاس إيجابي على القضية الفلسطينية من الناحية التكتيكية. وعلى المستوى القريب يرجح المركز أن تنتهج إسرائيل المزيد من الغطرسة وابتلاع الأراضي، لكن استراتيجيا فإن ذلك سيدفع إسرائيل إلى اتخاذ خطوات جادة للانفصال عن الفلسطينيين، وإعادة الحل الأحادي الجانب إلى طاولة النقاش.
ويخلص مركز القدس الى الزعم بأن اليمين الإسرائيلي هو الأقدر على الانسحاب من المناطق المحتلة، مشيرا لانسحاب مناحم بيغن من سيناء وارئيل شارون من غزة كدليل واضح على أمرين، الأول قدرة اليمين على اتخاذ القرارات المصيرية، والأمر الآخر أن اليمين بطبيعته لا يستجيب إلا والفأس في رأسه.
وديع عواودة
هذا موضوع شائك ومثير للجدل وباتلنسبة للهبة الفلسطينية فان اسرائيل تامل في وقفها او توقفها منذاليوم الاول … وفي حال توقفها يا ترى هل تعود حكومة نتنياهو ارلى المفاوضات على اساس الحد الادنى من المطالب الفلسطينية ؟ هل يوقف الاستيطان بناء مستوطنات جديدة وتوسيع تلك القائمة ؟ وهل يقبل بوضع جدول زمني لانها الاحتلال والانسحاب الاسرائيلي من الاراضي المحتلة منذ 1967 وقيام دولة فلسطينية منرابطة جغرايا وذات سيادة عليها ؟ وهل تتوقف الجرائم والممارسات اليومية لقواتها ضد الفلسطينيين وتتخلى عن عنصريتها ووعنجهيه القوة وغطرستها ؟ ام انها تريد وقف الهبة وتوفير اجواء آمنة لتقوم بكل ما ذكرته يوميا من غير ان يزعجها او يعكر مزاجها أحد اي أحد—-