لندن ـ «القدس العربي»: كشف بعض المسؤولين الأمريكيين أن قائمة الخلافات بين الرئيس دونالد ترامب، ووزير دفاعه، جيمس ماتيس، أصبحت طويلة للغاية، حيث تضم معارضة الأخير لسياسات ترامب الأساسية منها الانسحاب من الاتفاق النووي، وتعيين جون بولتون لمنصب مستشار الأمن القومي، والتوافق مع كوريا الشمالية، وإيقاف المناورات العسكرية مع كوريا الجنوبية، وإقامة الجدار العازل على الحدود مع المكسيك، وسحب القوات الأمريكية من سوريا وكوريا الجنوبية، ما أدى إلى إخراج ترامب البنتاغون من الحلقة الرئيسية لصناعة القرارات المتعلقة بالأمن القومي فعلياً، بعد سأمه من أداء ماتيس بشكل كبير.
وأفادت قناة «أن بي سي نيوز» الأمريكية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين مطلعين في البيت الأبيض والبنتاغون، أن جيمس ماتيس كان قد أعلم بخبر اتخاذ ترامب قراره النهائي للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في شهر كانون الأول/ مايو الماضي من قبل أحد زملائه، وأن ماتيس حاول التواصل مع ترامب من خلال الهاتف للتحدث معه لمنعه من إلغاء الاتفاق النووي قبل الإعلان الرسمي للقرار.
ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي يفاجئ فيها ترامب ماتيس والبنتاغون بقراره، وخلال شهر شباط/ فبراير الماضي، تم إبلاغ ماتيس بأن ترامب أمر بوقف التدريبات العسكرية الأمريكية مع كوريا الجنوبية دون أن يشاوره، وبعد أن وعد الرئيس الأمريكي بالفعل بتقديم تنازلات للزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون.
وكانت أحدث مفاجأة خلال الأسبوع الماضي، حينما تجاوز ترامب مرة أخرى وزير دفاعه، وأعطى توجيهات إلى البنتاجون مباشرة لإنشاء فرع عسكري سادس يشرف على العمليات في الفضاء، دون أن يعلم ترامب ماتيس بالموضوع.
ولفت المسؤولون الأمريكيون المطلعون على الملف النظر إلى أن «الطريقة التي أُتخذت بها القرارات الرئاسية الأخيرة بشأن قضايا الأمن القومي الرئيسية، تؤكد حدوث تغييراً هاماً في دور ماتيس خلال الأشهر الأخيرة، ويعتمد ترامب بدرجة أقل على نصيحة أحد أهم أعضاء حكومته»، بالإشارة إلى محاولات ترامب لتهيئة الأجواء والظروف لإقالة ماتيس.
وقالوا إن ترامب قد سئم مما يعتبره تجاهل ماتيس لقراراته وسياساته وتلكئه في تنفيذها.
وذكر مسؤول سابق في البيت الأبيض يراقب علاقة ترامب وماتيس عن كثب، أن «الرجلين لم يتلقيا وجهاً لوجه»، ما أكده ثاني أكبر مسؤول في البيت الأبيض حالياً بأن ماتيس لا يقضي الكثير من الوقت مع الرئيس، وأنه في الحقيقة فقط معه في الاجتماعات الرسمية.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن ماتيس لا يأخذ بأوامر ترامب على محمل الجد، وأنه لا يبدى حماساً في تنفيذ توجيهاته، وإن ترامب يعتمد على جون بولتون ومايك بومبيو فقط.
وتفاقمت أزمة العلاقات بين الرجلين بعد معارضة ماتيس لتعيين ترامب في آذار/ مارس الماضي جون بولتون كمستشار للأمن القومي.
وكان ماتيس قد استطاع أن يمنع ترامب من الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني لفترة سنة كاملة، فضلاً على أنه أقنع ترامب بإبقاء القوات الأمريكية في أفغانستان وسوريا.
في شهر أيار/ مايو الماضي وقبل إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، علم ماتيس أن ترامب وبولتون اتفقا على إلغاء الصفقة النووية خارج إطار اجتماعات مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، فاتصل وزير الدفاع بالسكرتيرة الشخصية لترامب، مادلين فسترهوت، قائلاً إنه بحاجة إلى التحدث مع الرئيس قبل إعلانه الرسمي للانسحاب.
كان ماتيس ضد ترامب في نشر الحرس الوطني على الحدود، ووضع ترامب وزير دفاعه على الهامش في أهم مبادرة تتعلق بالأمن القومي الأمريكي ألا وهي قمته مع زعيم كويا الشمالية.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع إنه قبل قمة سنغافورة تحدث ترامب وماتيس عن مجموعة من المواضيع، لكن إلغاء المناورات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية لم يك من بينها، مضيفاً «لم يك ماتيس يتوقع إعلان ترامب في 12 حزيران/ يونيو بأنه سيتم إلغاء المناورات المشتركة مع كوريا الشمالية».
وأعطى ترامب في 18 حزيران/ يونيو البنتاغون توجيهات بإنشاء فرع «القوة الفضائية» في الجيش الأمريكي دون إعلام ماتيس. ويتناقض ذلك بشكل مباشر مع نصيحة وزير دفاعه، حيث كتب ماتيس في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، رسالة إلى السيناتور جون ماكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، قائلاً «أعارض إنشاء وحدة عسكرية إضافية، في الوقت الذي نركز فيه على تقليل النفقات العامة ودمج جهود المجهود الحربي».
وبعد إعلان ترامب عن إنشاء «القوة الفضائية»، أشار ماتيس في رسالة بعثها البنتاغون إلى الجهات المعنية، بوضوح إلى أن إنشاء مثل هذه القوة «له آثار غير محسوبة على العمليات الاستخباراتية للقوات الجوية والجيش ومشاة البحرية والبحرية».
وتصاعد الخلافات أكثر في كانون الثاني/ يناير عندما أمر ترامب ماتيس بإنهاء السماح لأفراد عائلات القوات الأمريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية بمرافقتهم خلال عمليات النشر. لكن ماتيس وبمساعدة رئيس هيئة الأركان الأمريكي جون كيلي، أوقف تنفيذ هذا التوجيه، ما أدى إلى غضب ترامب.
وكان ترامب قد قال مراراً وتكراراً إنه يريد التوقيع على أمر بإلغاء مرافقة أفراد أسر الجنود الأمريكيين إلى كوريا الجنوبية.
وعندما سئلت «أن بي سي نيوز» المتحدثة باسم البنتاغون، دانا وايت، عن تعليقها على تصاعد الخلافات بين ترامب وماتيس، قالت «هذه سذاجة خالصة».
وبالنيابة عن البيت الأبيض، علق المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، غاريت ماركيز، على التقرير قائلاً إن ذلك هو أمر سخيف.