غزة – «القدس العربي» : يؤكد مسؤولون يعملون في مؤسسات إغاثة دولية وأخرى عالمية، أن هناك خشية لديهم من لجوء السلطات الإسرائيلية إلى مزيد من التشديد على عملهم في قطاع غزة، وفرض رقابة قد تعيق وصولهم إلى الفئات المستهدفة الفقيرة، وذلك بعد اعتقال سلطات الاحتلال موظفا ثانيا يعمل في مؤسسة دولية، بتهمة وجود صلات له بحركة حماس.
وقال مسؤول دولي يعمل في إحدى المنظمات التي تقدم خدمات لقطاعات واسعة من سكان قطاع غزة المحاصر، إن هناك تخوفات حقيقية من إجراءات تشديد على عمل منظمته وجهات أخرى ناشطة في القطاع منذ سنوات. وأكد لـ «القدس العربي» أن أي تدخل إسرائيلي جديد بذريعة اعتقال موظفين لصلتهم بحركة حماس، سيؤثر كثيرا على طريقة عمل هذه المؤسسات، خاصة في ظل معاناتها في هذه الأوقات، وعدم قدرتها على تلبية احتياجات نحو مليوني مواطن في غزة، يعانون الفقر والبطالة.
وأعرب الموظف الدولي عن خشيته من أن تستغل إسرائيل مزاعم اعتقال اثنين من الموظفين العاملين في مؤسسات دولية، من أجل البدء بحملة دولية تستهدف هذه المؤسسات أمام المانحين، والعمل على الحد من عمليات التمويل المطلوبة، مؤكدا أن ذلك لو حدث سيؤثر كثيرا على الخدمات، خاصة في ظل المعاناة الحقيقية في هذه الأوقات من نقص التمويل.
وتفرض إسرائيل قيودا مشددة على قطاع غزة. وطالت القيود منذ فرض الحصار أعمال المنظمات الدولية التي تحتاج إلى إذن إسرائيلي مسبق قبل قيامها بتنفيذ أي مشروع في القطاع، بما في ذلك بناء المدارس أو العيادات الطبية.
وكثيرا ما تعاني وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» وهي أكبر المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة، حيث تقدم خدمات لثلثي السكان، من نقص حاد في الموازنة، وكثيرا ما توجه نداءات للمانحين بسرعة التبرع.
وفي آخر تقرير لها عن الحالة في غزة أكدت «الأونروا» أنها تواجه زيادة على طلب خدماتها. وقالت إن ذلك ناتج عن نمو وتزايد أعداد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين، ومن مدى ضعفهم ومن عمق فقرهم.
وذكرت أنه بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، صيف عام 2014، تم التعهد بمبلغ 257 مليون دولار لدعم برنامج «الأونروا» للإيواء الطارئ، وذلك من أصل 720 مليون دولار تحتاجها لذات البرنامج، مما يترك عجزاً مقداره 463 مليون دولار. وكانت الأمم المتحدة قد أعربت عن قلقها الشديد، بعد اتهام إسرائيل لأحد موظفيها بالعمل لصالح حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، وتعهدت بإجراء تحقيق داخلي.
وأكدت في بيان لها أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي «يعرب عن قلقه الشديد بسبب اتهامات السلطات الإسرائيلية، وقدمت وعدا بإجراء «تحقيق داخلي دقيق للعمليات والظروف المحيطة بالاتهام.» وقال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»UNDP» إنه رغم الاتهامات فإنه لا يزال واثقا بأنه وضع «إجراءات قوية لضمان استخدام الأنقاض بعد إزالتها وسحقها، في الغرض المخصص لها». وأكدت الوكالة أن الاتهامات التي وجهتها السلطات الإسرائيلية إلى حامد البرش تتعلق بـ 300 طن من أكثر من مليون طن من الأنقاض التي تمت إزالتها، أو ما يساوي حمولة سبع شاحنات من إجمالي حمولة نحو 26 ألف شاحنة.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد وجهت للمرة الثانية خلال أسبوع، اتهامات لموظف يعمل في إحدى الهيئات الدولية، بالعمل لصالح حركة حماس، وقالت إنها اعتقلت الموظفين خلال مرورهما من معبر بيت حانون «إيرز».
وكانت إسرائيل قد أعلنت أول من أمس عن اعتقال البرش الموظف في الـ « UNDP»، ووجهت له تهمة العمل لصالح حماس، وتحويل أموال للحركة، واستخدام أنقاض الدمار من مشاريع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لبناء مرسى لصالح الجناح العسكري لحركة حماس في القطاع.
وأعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» عن اعتقال البرش وهو من سكان جباليا، ويعمل موظفا في المنظمة الدولية منذ عام 2003 وفي إطار عمله كان مسؤولا عن إزالة ركام المنازل التي دمرت خلال الحرب.
وزعمت إسرائيل أنه اتضح خلال التحقيق بأن البرش أعطي تعليمات من قبل حماس عام 2014، للتركيز على عمله في الـ «UNDP» كي يزود الحركة بما ينفعها. وتزعم أيضا أن البرش خلال الاستجواب كشف أنه في عام 2014 تم تجنيده بواسطة مسؤول كبير في حماس، وطلب منه معرفة كيفية العمل مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لإنتاج أقصى قدر من الفائدة لصالح حماس.
وكانت إسرائيل قد زعمت أن مدير مؤسسة «وورلد فيجن» الأمريكية في غزة محمد الحلبي، التي أعلنت عن اعتقاله قبل أيام، بتهمة الانتماء لحماس ومساعدتها ماليا، جرى اختياره ودسه في هذه المنظمة المسيحية لأن والده يعمل في منظمة تابعة للأمم المتحدة ولأنه عمل سابقا في برنامج التطوير التابع للأمم المتحدة»UNDP», حيث ساعد حماس وقتها من خلال تشغيل مزارعين في المناطق المتاخمة للحدود الإسرائيلية لمراقبة تحركات جيش الاحتلال لصالح حماس.
ومن ضمن الاتهامات التي وجهت للحلبي أنه ناشط في حماس، وجناحها العسكري، بالإضافة لتحويله الأموال لصالح الحركة.
وزعم «الشاباك «الإسرائيلي أن الحلبي استغل موقعه في المؤسسة الدولية، من أجل تقديم المساعدات المالية لحماس لتعزيز ترسانتها العسكرية. وادعت إسرائيل أيضا أنه تلقى تدريبات تنظيمية وعسكرية لدى كتائب القسام. كما قالت إنه اعترف خلال التحقيق بأن مؤسسات الأمم المتحدة في قطاع غزة تخضع لسيطرة حماس.
وزعمت مصادر إسرائيلية أن الحلبي حول مبلغ 7.2 ملايين دولار، منحت إلى منظمة «وورلد فيجين» المسيحية الأمريكية الدولية التي توظف 40 ألف شخص في العالم، إلى حركة حماس، وذهب جزء منها إلى كتائب القسام، تحت ستار مشاريع زراعية وذلك لتمويل بناء قاعدة تدريب لكتائب القسام أو لبناء الأنفاق.
ونفت حركة حماس أي علاقة لها بالحلبي، كما نفت الاتهامات الإسرائيلية الجديدة جملة وتفصيلا. ووصف سامي أبو زهري الناطق باسم حركة حماس الاتهامات الإسرائيلية بهذا الشأن بأنها «ادعاءات باطلة ولا أساس لها من الصحة.» وأضاف «أنها تأتي في سياق مخطط إسرائيلي لتشديد الخنق والحصار على قطاع غزة عبر ملاحقة المؤسسات الإغاثية الدولية العاملة في القطاع والتضييق عليها.»
وحذر أبو زهري الاحتلال الإسرائيلي من الاستمرار في هذه السياسة، ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في مواجهة هذه الممارسات الإسرائيلية التي قال إنه ستكون لها «عواقب خطيرة» في حال استمرارها.
أشرف الهور