الرباط – «القدس العربي»: تناقضت الاشارات الصادرة من المغرب والأمم المتحدة حول انفراج أو تصعيد في التوتر بين المغرب والامانة العامة للمنظمة الدولية على خلفية تصريحات أمينها العام بان كي مون وصف فيها الوجود المغربي بالصحراء الغربية بـ»الاحتلال» وهو ما أثار غضب المغرب واتخذ سلسلة إجراءات تتعلق بقوات الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسيو) وتعليق مشاركته بقوات الأمم المتحدة في مناطق النزاع.
واعلن بان كي مون تمسكه بتصريحاته وفيما قال مسؤولون مغاربة ان قرار سحب عشرات من قوات المينورسيو لا زال سارياً وسينفذ خلال الأيام الثلاثة المقبلة قال ان تعليق المشاركة في قوات حفظ السلام قد تم التراجع عنه بناءعلى طلب مجلس الامن الدولي وعدد من الدول.
وشن المغرب حملة دبلوماسية اعلامية واتصالات مكثفة لتوضيح وجهة نظره واسباب غضبته مؤكدا ان خلافه مع بان كي مون وليس مع الأمم المتحدة.
واعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه العميق إزاء ملف بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في منطقة الصحراء (مينورسو)، مؤكدًا أن أعضاء المجلس «يسعون لضمان استقرار الوضع بالنسبة للبعثة الأممية». وقال «إسماعيل أبروا جاسبار»، رئيس مجلس الأمن الدولي للدورة الحالية ومندوب أنغولا الدائم لدى الأمم المتحدة عقب جلسة مشاورات مغلقة عقدها مجلس الأمن واستمرت لأكثر من 3 ساعات، يوم الخميس، إن «أعضاء المجلس يشعرون بالقلق العميق إزاء ملف مينورسو، وأنهم اتفقوا على أن ينخرطوا (15 دولة) وبشكل ثنائي مع المغرب، لإعطاء دفعة إيجابية للملف نحو الأمام».
وقال رئيس مجلس الأمن الدولي «أعتقد أننا في حاجة إلى مزيد من العمل الدبلوماسي مع المغرب لمواجهة جميع المشاكل مثل التداعيات الخطيرة لقرارات السلطات المغربية فيما يتعلق ببعثة مينورسو».
وأكد وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، في ندوة صحافية الخميس في نيويورك، أن المغرب «على خلاف مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وليس مع منظمة الأمم المتحدة».
وشدد مزوار أنه «أمام الانزلاقات المتكررة لبان كي مون، خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، وتصرفاته التي لا تتلاءم مع مسؤولياته ومهمة الأمين العام، التي تفرض عليه التزام بالحياد والموضوعية، كان هناك رد منطقي وطبيعي من الحكومة المغربية التي تصدت بقوة لهذه الانزلاقات». وأضاف أن الأمين العام للأمم المتحدة «يبحث عن توجيه الرأي العام الدولي وأعضاء مجلس الأمن بناء على تأثره الشخصي»، ولا ينبغي له أن يعبر عن آرائه الشخصية بالنظر إلى طبيعة مهمته.
وأشهد مزوار المجموعة الدولية وأعضاء مجلس الأمن حول موضوع التصريحات الخطيرة والتصرفات غير المبررة لبان كي مون، وقال إن المغرب، وبعد أن عاين تعنت هذا الأخير في رفضه تقديم الاعتذار وسحب على الخصوص مصطلح «احتلال» الذي استعمله في وصف استرجاع المغرب لوحدته الترابية، رد المغرب عبر «قرارين حاسمين وفوريين، الأول تقليص ملموس، خلال الأيام المقبلة، لجزء كبير من المكون المدني وخاصة الشق السياسي من بعثة المينورسو» وأن لائحة في هذا الشأن قدمت، يوم الأربعاء، إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة. وأن القرار الثاني يتعلق بإلغاء المساهمة الإرادية التي تقدمها المملكة لسير عمل المينورسو، والتي تصل إلى حوالي 3 ملايين دولار.
وقال إن «سحب التجريدات المغربية المشاركة في عمليات حفظ السلام خضع للدراسة»، مشيراً إلى أنه «عقب تدخلات البلدان الأعضاء في مجلس الأمن والبلدان التي ترابط بها القوات المغربية، والتي أشادت بالإجماع بالتجريدات المغربية وبمهنيتها العالية، قرر المغرب التوقف، في هذه المرحلة، عن اتخاذ هذا القرار واحترام هذه الردود الفعل الإيجابية».
وأكد أن زيارة الأمين العام الأممي للمغرب لم تعد موضوعاً راهناً، «وذلك بعد البلاغ الذي نشر عقب لقاء الاثنين الماضي، حيث أن بان كي مون لم يتخذ أي مبادرة تتجه نحو التهدئة»، مشدداً أن الأمين العام يريد أن يقدم نفسه كضحية، بينما يظل هو المسؤول الوحيد عن تدهور الوضع الذي كان هادئاً بالمنطقة». واضاف أنه إثر هذه التطورات، «طلبت، تماشياً مع التعليمات الملكية السامية، إجراء مقابلة مع الأمين العام للأمم المتحدة، والذي التقيت به فعليا يوم الاثنين الماضي، بهدف إطلاعه على الإدانة الشديدة لحكومة المملكة المغربية لتصرفاته، وطلب توضيحات بشأن انزلاقاته وتصريحاته المشينة، التي جرحت وجدان كافة الشعب المغربي»، مضيفاً أنه «في هذا السياق، اتصلت بأغلب البلدان الأعضاء بمجلس الأمن لإطلاعهم على هذه الانزلاقات».
واتهم ناصر بوريطة الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بالتطاول على الملك محمد السادس عندما أراد أن يفرض أجندة لزيارته تخالف أجندة الملك وأن «الأمين العام تطاول على جلالة الملك، حين أكد على تاريخ يخالف أجندة جلالة الملك».
وأضاف «قال بشكل غريب أريد هذا الموعد لزيارة المغرب وليس لي موعد آخر، وإن لم يكن الملك فيمكنني أن ألتقي أي شخص وهذا فيه تطاول».
من جهتها هددت جبهة البوليساريو التي تناهض مغربية الصحراء بالعودة إلى حمل السلاح، وذلك إذا ما انسحب قوات المينورسيو من الصحراء وقال ممثل الجبهة في الأمم المتحدة، أحمد بخاري، إن «خروج المينورسو من مناطق الصحراء سيفتح الباب لاستئناف الحرب ضد المملكة المغربية»، منتقدا قرار المغرب القاضي بتقليص جزء كبير من المكون المدني، وخاصة منه الشق السياسي للمينورسو، وإلغاء المساهمات الإدارية التي تقدمها المملكة لسير عمل البعثة. وأضاف بخاري أن «مغادرة البعثة لأراضي الصحراء سيترك فراغاً، وهي دعوة مباشرة للحرب مجددا مع المغرب»، متابعاً أن «الإجراءات التي اتخذتها المملكة تريد إيصال رسالة مفادها أن الرباط تود إنهاء مهام المينورسو، وهي الخطوة التي سترد عليها البوليساريو عبر استئناف الحرب». وقال إن «إيجاد حل لقضية الصحراء يستلزم الانخراط في المسلسل السياسي الذي تشرف عليه منظمة الأمم المتحدة، عبر بعثة المينورسو، ومغادرتها للرقعة الجغرافية التي تمارس فيها مهامها، سيترك الصحراويين أمام اختيار واحد، ألا وهو العودة إلى القتال».
وقال بخاري أن «منظمة الأمم المتحدة اليوم أمام اختيارين اثنين، إما السلم أو الحرب بالمناطق الصحراوية، التي تعيش هذه الأيام لحظات جد حساسة، كما أن بعثة حفظ السلام لا تنتمي لأي طرف من أطراف النزاع، كونها تعمل بقرار من مجلس الأمن».

محمود معروف