الناصرة ـ «القدس العربي»: بخلاف الرواية الإسرائيلية الرسمية يعتبر باحثان إسرائيليان أن حركة حماس اضطرت لاطلاق النار من مناطق مأهولة خلال العدوان على غزة. ويحاول الباحثان يتسحاق بنبيجي والكسندر يعقوبسون في مقال مشترك نشرته صحيفة «هآرتس» امس الرد على تساؤلات حول ان كانت أساليب قتال حماس في صراعها مع اسرائيل، شرعية. ويقولان ان الكثير من الادعاءات الإسرائيلية ضد حماس تتم صياغتها بشكل جارف جدا، حتى في مسألة سلوك حماس في العمل والاختباء بين المدنيين وكذلك في مسألة التعرض للمدنيين الاسرائيليين.
ويضيفان: «لكل ارهابي او محارب في العصابات، لا يهم كيف نسميه، لا مفر الا العمل بين المدنيين، وبسبب ذلك يعرضونهم للمخاطر والاصابات. هكذا عملت كل العصابات السرية «الخيرة» و»الشريرة .. والأمر ينطوي على العصابات السرية اليهودية التي عملت في البلاد قبل قيام إسرائيل».
ويوضحان أن حماس في غزة لا تعتبر عصابة سرية، كونها هي السلطة الفعلية وتعمل في منطقة صغيرة ومكتظة البناء، ويصعب فيها ابعاد الاهداف العسكرية عن المدنيين. وينوهان الى أنه حتى في الدول التي تملك قدرات اكبر على الفصل بين القوات العسكرية والجبهة الداخلية المدنية، تقيم في مدنها منشآت تعتبر اهدافا مشروعة لمهاجمتها من قبل العدو، خاصة العصابات السرية، وبذلك فهي تعرض مواطنيها للخطر.
ويشير الباحثان الى أن مقر القيادة العسكرية الإسرائيلية، ايضا، يقوم في قلب مدينة تل أبيب، ناهيك عن ان العصابات التي تحارب دولة، تفضل مهاجمة المنشآت العسكرية داخل المدن، لأن قدرتها على النجاح بمهاجمة الوحدات العسكرية في معسكراتها، محدودة غالبا. ويعتبران أنه من الصحيح القول عن العصابات التي تحارب دولة، وكذلك عن الدولة التي تحارب رجال العصابات، انه عندما تقتل المدنيين الأبرياء ليس بالضرورة ان يكون ذلك جريمة حرب او عملا ارهابيا متوحشا. ويتابعان « ربما يكون ذلك مجرد «ضرر جانبي» غير ممنوع، خلال عملية عسكرية شرعية. ويسري على الدولة وعلى العصابات السرية واجب محاولة تقليص اصابة الأبرياء في الجانب الآخر ـ والاستعداد بسبب معايير انسانية – للتفكير في الغاء العمليات العسكرية المشروعة، وكذلك محاولة تقليص مخاطر التعرض للمدنيين كنتيجة للعمل بينهم».
لكنهما يدعوان للأخذ بالحسبان أن امكانية نجاح العصابة السرية بعمل ذلك محدودة بشكل اكبر. ويرى الباحثان أنه يمكن احيانا الجدل حول ماهية الأهداف المشروعة في الدولة التي تحارب عصابة سرية، عندما لا يكون الهدف منشأة عسكرية واضحة كمنشآت البنى التحتية الاستراتيجية او مؤسسات السلطة وقادتها وممثليها. ولكنهما يستثنيان مهاجمة حافلات الركاب والاسواق والأكشاك بهدف قتل اكبر عدد ممكن من الابرياء. ويعتبران ذلك جريمة حرب.
في المقابل ينبهان الى أن ذلك لا يحرر إسرائيل من واجب محاولة تقليص اصابة المدنيين خلال الحرب. ويرجح مصدر إسرائيلي ألا تشارك إسرائيل في المؤتمر الدولي للدول المانحة للسلطة الفلسطينية في القاهرة الأسبوع المقبل والمكرس لمناقشة ترميم قطاع غزة. وقال موقع «واللا» أن العديد من وزراء الخارجية في العالم، بما في ذلك الامريكي جون كيري، سيشاركون في المؤتمر، ولكن إسرائيل بالذات، «احدى الدول الهامة جدا في موضوع غزة»، لم تتلق حتى الآن دعوة للمشاركة.
وعلم موقع «واللا» ان المصريين ارسلوا الدعوات الى كل الدول التي يفترض مشاركتها في المؤتمر، ولكن إسرائيل لم تتسلم دعوة كهذه. ونقل عن دبلوماسيين اوروبيين انه تجري وراء الكواليس اتصالات لرؤية ما اذا كان يمكن دعوة اسرائيل للمشاركة في مؤتمر القاهرة، وان الدول الاوروبية اوضحت للقاهرة بأنها ترغب في رؤية مندوب اسرائيلي في المؤتمر، لأن مشاركته ستجعل المؤتمر اكثر نجاحاً.
إلى ذلك كشفت صحيفة «هآرتس» ان الجيش الإسرائيلي عين ضابطا برتبة كولونيل لرئاسة الطاقم العسكري المكلف بالاستعداد مع الطاقم السياسي لمواجهة أي تحقيق دولي ضد إسرائيل في التهم الموجهة اليها بعد حرب غزة الأخيرة. وسيتولى الكولونيل عوديد غور لافي، الجانب العسكري في الاستعدادات السياسية بعد عدوان «الجرف الصامد»، لمواجهة التهم التي يحتمل توجيهها الى إسرائيل بشأن ارتكاب جرائم حرب في غزة. ويتولى الطاقم الذي يضم ممثلين عن الوزارات الحكومية ذات الشأن، اعداد المواجهة القضائية الإسرائيلية، وسيتولى غور تقديم الرد القانوني والاعلامي للجيش في هذه المسألة. ويقوم الجيش بجمع وثائق وادلة تدعم ادعاءاته باستخدام حماس للمدنيين كدروع بشرية.
وفي المقابل تعمل لجنة مكلفة من القيادة العامة للجيش، بقيادة الجنرال نوعام تيفون، على دراسة 99 حادثا وقعت في غزة خلال الجرف الصامد. وقال الخبير الإسرائيلي البروفسور مردخاي كرمينتسر، لموقع «القناة السابعة» انه من مصلحة إسرائيل تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لكي تصد التحقيق الدولي.
واعتبر ان إسرائيل تفوت فرصة معالجة الشبهات ضدها بارتكاب اعمال غير لائقة وربما جرائم في تعرضها لمنشآت الأمم المتحدة. ويدعي كرمينتسر ان على إسرائيل مواجهة هذه الادعاءات من خلال تشكيل لجنة تحقيق محايدة.
كما اعتبر كرمينتسر ان تشكيل لجنة تحقيق إسرائيلية لن يلحق ضررا بالقادة العسكريين والسياسيين الذين قد يتهمون بارتكاب جرائم في غزة. متجاهلا حقيقة أن الجيش يحقق مع نفسه. وقال «ان الطريقة الوحيدة لمنع الجهات الدولية من عمل ذلك هي ان تعالج اسرائيل الموضوع بواسطة «القبة الحديدية القضائية».
وديع عواودة
انه لمن عبث الثعالب البشرية.