الناصرة – «القدس العربي» : صممت حكومة إسرائيل على إقرار مشروع قانون الإعدام الإسرائيلي غير الأخلاقي والعقيم والخطير، لكن الجدل حوله في تصاعد، ولا يستبعد مراقبون ومقربون من المؤسسة الحاكمة ألا يتم استكمال تشريعه.
ويسمح القانون العسكري الإسرائيلي حاليا بفرض عقوبة الإعدام على مدان بالقتل في إطار عملية يصفها الاحتلال بأنها «إرهابية»، شريطة أن يصدر قرار الحكم عن القضاة العسكريين بالإجماع.
بينما ينص مشروع القانون الحالي، الذي يطرحه حزب «يسرائيل بيتنا»، على أنه بالإمكان فرض عقوبة الإعدام بأغلبية عادية في هيئة القضاة. كذلك ينص مشروع القانون الحالي على أنه لن يكون بالإمكان تخفيف الحكم عمن صدر ضده حكم بالإعدام.
من جهة ثانية، فإن مشروع القانون لا يلزم النيابة العسكرية بالمطالبة بفرض عقوبة الإعدام. يشار الى أنه في 1954 ألغيت عقوبة الإعدام المرافقة لجريمة القتل، وبناء عليه ألغيت كل أحكام الإعدام التي صدرت منذ عام 1948 بتحويل الإدانة من قتل متعمد إلى قتل غير متعمد، وبالتالي تخفيف العقوبة إلى السجن المؤبد.
جاء ذلك في أعقاب إعدام ضابط إسرائيلي في عام النكبة (1948) بتهمة التخابر مع دولة أجنبية، وتبين لاحقًا أن الاتهام باطل وأن المحاكمة غير عادلة.
كما صدر حكم بالإعدام على فلسطيني من جنين، في أواخر التسعينيات، في أعقاب إدانته بالمشاركة في التخطيط وتنفيذ عمليات في الداخل تم إلغاؤها لاحقا، وتخفيفها إلى عقوبات بالسجن المؤبد. وفي 31 أيار/ مايو 1962، نفذ حكم الإعدام للمرة الأولى والأخيرة في إسرائيل وذلك بحق النازي أدولف أيخمان.
الدوافع غير المعلنة
ولكن ورغم تحفظات ومعارضة الأجهزة الأمنية له يبدو أن دوافعه مرتبطة بحسابات داخلية شعبوية وانتخابية، لاسيما أن رائحة الانتخابات العامة المبكرة تزكّم الأنوف في ظل اهتزاز عرش حكومة بنيامين نتنياهو نتيجة فضائح وتحقيقات الفساد. وزير الأمن أفيغدور ليبرمان صاحب مشروع قانون الإعدام المذكور قال قبل عامين بالصوت والصورة إن القانون غير مجد ولا مكان له وبعد شهور فقط شملته دعايته الانتخابية عام 2015 بل أضافه في اتفاق الائتلاف وأول من أمس طرحه للمصادقة عليه في الكنيست بالقراءة الأولى. فما الذي تغير؟… ولماذا الآن خاصة أن الفترة الحالية لا تشهد زخما خاصة في العمليات الفلسطينية المقاومة؟… وهل هي محاولة حكومية لصرف أنظار الإسرائيليين بموضوع مشحون جدا عن فضائح الفساد؟.
كبقية زملائه في اليمين يدرك ليبرمان الذي فقد حزبه (يسرائيل بيتنا ) في الانتخابات الأخيرة ثلثي قوته أن الشارع الإسرائيلي مصاب بالكراهية الهستيرية والعمى، راجيا أن يترجم الحالة المرضية هذه لأصوات وقوة انتخابية. هذا يذكر بما قاله وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر في سياق نقد نادر لإسرائيل أنها لا تملك سياسة خارجية بل منغمسة بحسابات وسياسات داخلية.
معارضة أجهزة الأمن
هذا القانون الذي سبقته منذ عودة اليمين للحكم بقيادة نتنياهو في 2009 عشرات القوانين العنصرية والفاشية المعدة للتنكيل بالفلسطينيين في طرفي الخط الأخضر، يعكس حالة النكران للاحتلال وبلادة الإحساس والغطرسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين وهو استمرار للإعدامات الميدانية في الشوارع بحق فلسطينيين بعضهم أطفال، كما شهد الواقع منذ هبة القدس في 2015.
يعي رؤساء أجهزة الأمن الإسرائيلية عقم قانون الإعدام ولذا فهم يعارضونه على أساس من يخرج لتنفيذ عملية لا يخشى عواقبها مثلما أن الخارج من البحر لن يخشى القطرات، وعلى أساس أن تنفيذ الحكم من شأنه لعمليات خطف وأسر ثأرية وغيرها.
وقبيل التباحث به كان جهاز المخابرات العامة الإسرائيلي (الشاباك) قد قدم تقديرات إلى الحكومة الإسرائيلية حول مشروع القانون، وقال فيها إن سنه سيؤدي إلى موجة عمليات اختطاف يهود في أنحاء العالم من أجل مبادلتهم بأسرى محكومين بالإعدام.
وأوضحت صحيفة «هآرتس» أن الشاباك أجرى مداولات حول مشروع القانون، خلال الأسابيع الأخيرة، وجرى استعراض موقف هذا الجهاز أمام المستوى السياسي الإسرائيلي، مؤكدا معارضته عقوبة الإعدام.
وكرر رئيس الشاباك، نداف أرغمان، هذا الموقف أمام أعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست أول من أمس. كما استذكرت «هآرتس» أن الشاباك عارض أصواتا تعالت داخل جيش الاحتلال، في عام 2011، وبينها قائد الجبهة الوسطى، الجنرال أفي مزراحي، الذي طالب بفرض عقوبة الإعدام على أمجد عواد، الذي نفذ عملية في مستوطنة «إيتمار» أسفرت عن مقتل خمسة مستوطنين.
وتجدد الجدل داخل إسرائيل حول القانون المذكور وحتى وزيرة القضاء شكيد التي صوتت لجانب مشروع القانون اعتبرت في تصريح لإذاعة الجيش أمس أنه لن يغير واقع الحال بالعلاقات مع الفلسطينيين، ملمحة أنها صوتت معه التزاما فقط بموقف الائتلاف الحاكم. في المقابل قالت شكيد إن القانون ملائم لبعض الحالات كما حصل حينما قتل ناشطون فلسطينيون عائلات كاملة من المستوطنين في الماضي.
وفي تصريحات للإذاعة العامة حمل على القانون نائب رئيس الموساد السابق ران بن باراك وقال إن القانون ليس سليما ولن يساعد في كبح جماح الفلسطينيين ولن يردعهم. معتبرا القانون «لا إنسانيا وغير يهودي» ومحاولة رخيصة لكسب نقاط في الشارع الإسرائيلي، منبها إلى أنه سيسيء لصورة إسرائيل ومن الممكن أن يستفز بابا الفاتيكان والرئيس الأمريكي وأوساط ليبرالية واسعة في العالم.
وتابع «في الولايات المتحدة هناك 38 ولاية تتبنى حكم الإعدام لكن نسبة الجريمة فيها لم تخف مقارنة مع بقية الولايات التي لا تعتمده». محذرا من أن تنفيذه من شأنه أن يؤدي لعمليات خطف يهود في البلاد والعالم وتحويل المعدومين لشهداء وقديسين يقتدى بهم فيعود كيدا مرتدا على إسرائيل».
تجربة الاستعمار البريطاني
هكذا كان حتى في فترة الاستعمار البريطاني لكن الاحتلال الإسرائيلي لا يتعلم من تجارب الماضي، فقد أعدم الإنكليز العشرات ودون رحمة خلال الثورة الفلسطينية الكبرى (1939-1936) بهدف إطفائها ضمن توصيات لجنة بيل عام 1937 التي دعت لاستخدام المزيد من القوة لحفظ الأمن والنظام». لكن السلطات البريطانية فشلت في إخماد الثورة الفلسطينية الكبرى، كما أكد الباحث محمد عقل في كتابه «سجل الإعدامات في فلسطين» الصادر قبل شهور. وحسب عقل بوشر في تنفيذ أحكام الإعدام للمرة الأولى من خلال محكمة عسكرية في إعدام الشيخ المجاهد فرحان السعدي، وهو نائب للشهيد عز الدين القسام.
ويتابع في كتابه «في اليوم التالي لاعتقال السعدي بدأت المحكمة العسكرية في حيفا النظر بتهمة حيازة السلاح مكتفية بشهادة ضابط إنكليزي فحكمت عليه بالإعدام شنقا دون سماع بقية الشهود. في 25.11.1937 صادق القائد العام للجيش في فلسطين وشرق الأردن على الحكم، وبعد يومين تم تنفيذ الحكم بالإعدام وهو صائم في سجن عكا ليكون أول شهيد يعدم وفقا لقانون الدفاع في حالات الطوارئ الانتدابية».
وكان الإعدام يتم في سجني عكا والقدس المركزي في المسكوبية فور تصديق القائد العام للجيش البريطاني في فلسطين وشرق الأردن على الحكم، وقد بلغ عدد من شنقوا خلال الثورة الكبرى ( 1939-1936) 148 شخصًا.
المشتركة : تصعيد فاشي
واعتبرت القائمة العربية المشتركة القانون تصعيدا خطيرا في القوانين والاجراءات الفاشية، التي يقودها نتنياهو وليبرمان وبينيت الذين يعبِّرون عن الدّرك السياسي والأخلاقي الذي وصلت إليه السياسة الاسرائيلية.
وتابعت في بيانها «الهدف هو التحريض الدّموي على أبناء شعبنا الفلسطيني وترخيص قانوني للقتل». وأكد رئيس «المشتركة» النائب أيمن عودة لـ «القدس العربي» أنّ المجرم الحقيقي هو الاحتلال وممارساته القمعيّة والإجراميّة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، جنود الاحتلال يقتلون الأطفال والرجال والنساء دون حسيب أو رقيب ويقومون بعمليات إعدام ميدانيّة هؤلاء هم من يجب أن يحاكموا وليس أبناء شعبنا المحتل المقهور الذي يمارس حقه برفض ومقاومة الاحتلال».
لافتا إلى أن هذا القانون جاء ليحاكم ويحاسب الضحية وتبرئة الاحتلال وسياسته ويتجاهل المشكلة الأساسية ألا وهي الاحتلال الإسرائيلي وحرمان شعب كامل من حقه بالحريّة والاستقلال، معتبرا أن التصويت على هذا القانون هو إثبات آخر على أن بوصلة ووجهة هذه الحكومة نحو الحرب ونحو ترسيخ وشرعنة الاحتلال والاستيطان.
وخلص عودة للقول سيبقى شعبنا أقوى من أي ممارسات قمعية ومن أي قانون تعسّفي فاشي وسوف ينتصر بإرادته وبإيمانه بعدالة قضيته على المحتل والجلاد ».
كما وجهت انتقادات عربية للنائبين عايدة توما وحنين زعبي لتغيبهما عن التصويت (لأسباب إنسانية كما قالتا) لاسيما أن الكل قد عرف أن موازين القوى بين المعارضة والائتلاف تتيح إمكانية إسقاط مشروع القانون بالقراءة الأولى.
وديع عواودة
نعم نحرص على وجود انتخابات اسرائلية لكن الم توقف اسرائيل فوضى التشريعات المستفذة فهدم المعبد وارد فوق رؤوس ساكنيه…منفذى الهجمات ضد الجنود الاسرائليين هم فى الاساس مقاوميين و لن نفرط فى حياة مقاوم مقابل حياة مقاوم اسير…على المقاومة التوسع فى عمليات الاسر فهى نجاة ليس فقط للأسرى الفلسطينيين و لكن نجاة من التشريع الاسرائلى الظالم…يتسع الامر ايضا لاختطاف دبلوماسيين اسرائليين.ليس فقط جنود