دمشق ـ «القدس العربي»: أثار القرار الدولي بنشر قوات تركية وروسية في شمال سوريا في إطار اتفاق «تخفيف التوتر»، الذي توسطت موسكو سبل التوصل إليه، لرسم خريطة جديدة للمنطقة، العديد من التساؤلات لدى أطياف المعارضة السورية، التي رأت ان القرار جاء لمحاولة إعادة تعويم النظام السوري وعلى رأسه بشار الأسد.
وتساءل البعض عن انعدام الدور العربي الذي كان سبباً في القرارت الدولية، إضافة الى رغبة من أمريكا وروسيا والدول الأوربية بعدم تأمين مصالح تركيا بتركها منفردة شمال سوريا، مما دعاهم الى فرض الصديق اللدود روسيا، كي تحافظ على المصالح الغربية والأمريكية في المنطقة حفاظا على الأكراد وضمانا بعدم تغلل تركيا في سوريا.
وفي هذا الصدد، رأى المحلل السياسي جلال سلمي في تصريح خاص لـ«القدس العربي»، أن روسيا هي صاحبة السبق في تطبيق رؤيتها في سوريا ككل، رؤية طبقت في الشيشان سابقا وعرفت باسم الشيشنة، وتقوم هذه الرؤية على تحقيق التوافق مع أحد أطراف النزاع الاقوى على حساب الأطراف الاخرى، بشكل يجعل كفة الميزان ترجح لصالح روسيا في نهاية المطاف، بحيث يصبح هناك ما يعرف باسم «الوكلاء» أو « الشركاء» الذين يديرون المناطق المتنازع عليها تحت اللواء الأعلى لروسيا، مضيفا أن مآل ادلب سيكون شيشان أو داغستان جديدة، ورويدا رويدا قد تتجه نحو الهيمنة الروسية الكاملة.
وعن رفض الدول نشر قوات تركية فقط، رأى سلمي أن السبب في نجاعة القوى العظمى»روسيا» في استتباب الأمن مقارنة بالدول ما دون ذلك «تركيا» واستتباب الأمن وضمان الحل، إضافة الى الهيمنة الروسية العظيمة على مسار الحل السياسي لروسيا، وهو ما شكل اداة ضغط على الدول الاخرى لجعلها في الشمال إلى جانب تركيا، وتغير اجندة تركيا والدول الاخرى من إسقاط النظام إلى إرجاع الاستقرار في سوريا بأسرع وقت ممكن، ثم الحاجة إلى وجود حائل يكبح جماح أي تحرك لإيران وميليشياتها في سوريا، وروسيا الخيار الأمثل لذلك، بحسب رأيه.
ونفى أن تتحول ادلب الى محرقة للثوار، قائلاً ان هناك توافقا على مستوى دولي، أي انه توجد إمكانية لتصفية الشمل الفصائلي للثوار، واستيعابهم في إطار جيش يتم تاسيسه بالتوافق، ويبدو أن الصدام سيكون بين المعتدلين والجهاديين، وان تحقق هذا السيناريو تصبح روسيا الدولة التي حققت ما تريد من حل في سوريا.
وأضاف سلمي: لروسيا رؤية توسطية في الحل تهدف إلى كسب المواقف المتوافقة معها قدر الإمكان، وهذا ما جعل الدول توافق على وجودها في إدلب ودرعا، لتكون ضامنة قوية ضد الرؤية الإيرانية القائمة على الحل الصفري الذي يعني الاشتباك حتى القضاء على الطرف الآخر.
وقال الخبير العسكري فايز الأسمر في تصريح خاص لـ«القدس العربي»: إن امريكا إلى الآن ليست لديها رؤية واضحة تجاه الملف السوري، واصفاً خطواتها بـAمرحلة شد وجذب مع موسكو التي تحاول إعادة تعويم نظام الأسد». وقال: إن أمريكا إلى الآن المنتصر والفاعل في هذا الملف، أما الاردن فيريد تأمين حدوده الشمالية، وإبعاد ميليشيا ايران وحزب الله عنها، بغض النظر إن كان النظام أو المعارضة هو من سيؤمن هذه الحدود.
وأشار إلى أن تركيا تريد تأمين حدودها الجنوبية من «قسد» وإجهاض مشروع تواصل كانتوناتهم، فتارة تقترب من موسكو وأخرى من أمريكا لإعطائهم الكرت الاخضر لأعمالها في الأراضي السورية.
فيما ذهب الناشط السياسي درويش خلفية في اتصال هاتفي مع «القدس العربي» إلى أن هذا السيناريو الذي رسمه الروس يساهم في خفض التوتر حتى 50% وبذلك تصبح العملية السياسية قابلة للحياة، ولكن للآن لم نشاهد فعالية لوجود الشرطة العسكرية الروسية في حلب لحماية المدنيين من الشبيحة وإجرامهم، وكذلك لم نشهد ردعاً للفصائل المسيئة للمواطنين من قبل الجيش التركي في مناطق درع الفرات.
وتابع: بعد خسارة عدد من المناطق المحررة من قبل الجيش الحر لصالح النظام وحلفائه وكذلك لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، بدأنا نسمع تصريحات معاكسة لما أطلقت في بداية الثورة، من قبل رؤساء عدة دول غربية وعربية حول رحيل الأسد وعدم ثقتهم بالبديل إن وجد.
وآخر التصريحات لإبراهيم كالن المتحدث الرئاسة التركية، حيث قال توجد آلية جديدة لوجود قوات عدة دول دولية وإقليمية مع طرح روسيا دخول قوات قرغيزية وكازاخستانية، وتساءل المتحدث، هل هي قوات حفظ سلام أم قوات ردع أم ماذا؟ وهل تواجدها على الأراضي السورية سيسهم في الحد من إجرام الأسد وحلفائه؟ أسئلة تحتاج جواباً من الروس والأمريكان بالدرجة الأولى ومن الدول الإقليمية ثانياً، حيث لا دور للنظام والمعارضة على حد سواء في هذه الأطروحات.
هبة محمد