غزة ـ «القدس العربي»: يترقب الجانب الفلسطيني النتائج التي سيخرج بها البيان النهائي لـ «قمة باريس التمهيدية»، خاصة وأنه على ضوء نتائجها سيعقد جلسات تقييم، إحداها على الأرجح ستكون مع الدول العربية، لمعرفة التوجه الجديد، وذلك بعدما حصل على دعم المجلس الوزاري في جامعة الدول الغربية، للمبادرة الفرنسية، شرط أن تكون هذه المبادرة القرارات الدولية والمبادرة العربية دون أي تعديل، وخريطة الطريق والاتفاقات الموقعة السابقة.
في غضون ذلك رد رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو،على خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام مجلس الجامعة العربية، قائلا: «يشكّل خطاب الرئيس الفلسطيني تراجعاً عن السلام». وقال» بدلاً من الدخول بمفاوضات تؤدي إلى إنهاء الصراع، يفضّل عباس التحالف مع حماس وهي منظمة إرهابية تحتضن إيران»، حسب تعبيره.
واستباقا لأي قرارات قد تستند إليها «قمة باريس التمهيدية»، التي ستعقد في الثالث من يونيو/ حزيران المقبل التي ستؤسس للمبادرة الفرنسية التي ستطرح قبل نهاية العام الحالي، قد لا تكون تلبي مطالب الفلسطينيين، رفض الرئيس محمود عباس، بعد حصوله على دعم عربي خلال اجتماعات الجامعة العربية لخطواته السياسية، مطالبة من الفرنسيين، بإجراء أي تعديل للمبادرة العربية للسلام، كما تريد إسرائيل.
جاء ذلك في كلمة الرئيس عباس أمام وزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية السبت في القاهرة، حيث قال إن مرجعية مؤتمر باريس الدولي للسلام ستكون القرارات الدولية والمبادرة العربية للسلام وخطة خريطة الطريق والاتفاقات الموقعة سابقا بين الجانبين.
وأشار إلى وجوب أن يكون هدف المبادرة الفرنسية «تحقيق رؤية الدولتين على أساس حدود 1967، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين».
وطالب المؤتمر بأن يخرج في مفهوم أن المفاوضات لها سقف زمني والتطبيق له أيضا سقف زمني، وأن هنالك آلية لمتابعة المفاوضات والتنفيذ.
ودعا لحشد الإرادة العربية والدولية لينال الشعب الفلسطيني حريته، وأن يكون هنالك «حل عادل ومتفق عليه للاجئين، وإقامة دولة فلسطين مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 «.
وشدد على أن القدس الشرقية التي احتلت عام 1967 بكاملها هي «عاصمة دولة فلسطين»، ورفض مصطلح «الحدود المؤقتة» للدولة الفلسطينية، وقال «لن نسمح به».
وأضاف وهو يرد على مطالب إسرائيل باعتبارها «دولة يهودية»، بالقول «نحن اعترفنا سابقا بدولة إسرائيل لكن لن نقبل بمصطلح الدولة اليهودية ولن نعترف به».
وأشار إلى أن العديد من الدول الأوروبية اعترفت بدولة فلسطين، ونأمل من توسع الجهد العربي لمساعدتنا على الحصول على اعترافات أخرى، خاصة أن عشرات المجالس البرلمانية الأوروبية قدمت توصيات بأن تعترف حكوماتها بدولة فلسطين.
وعلمت «القدس العربي» من مصدر سياسي فلسطيني رفيع أن القيادة لا تزال تخشى أن تخرج مقررات «قمة باريس الاستثنائية» بقرارات لا تلبي مطالب الشعب الفلسطيني، وأن ذلك هو الذي دفع الرئيس عباس للتأكيد على ضرورة أن تلبي هذه المبادرة المطالب الفلسطينية العادلة. وأكد أن التحركات الأمريكية في هذا الوقت مريبة، خاصة في ظل الرفض الإسرائيلي للمبادرة الفرنسية، وهو ما جعل القيادة تخشى من أن يؤثر الضغط الأمريكي على المجتمعين في باريس في الثالث من الشهر المقبل، لمصلحة اتخاذ قرارات تصب في صالح إسرائيل، من أجل حملها على الموافقة على المبادرة الفرنسية.
وأشار المصدر إلى أن اجتماعات فلسطينية وعربية ستعقد عقب قمة باريس، خاصة وأن هناك أربع دول عربية مهمة ستحضر القمة، وستنقل المطالب الفلسطينية على أنها «مطالب عربية» كما اتفق في الاجتماع الوزاري العربي أول من أمس في القاهرة.
وكان وزراء الخارجية العرب قد أكدوا في ختام اجتماعهم على دعم المبادرة الفرنسية وكافة الجهود العربية والدولية لتوسيع المشاركة الدولية لحل القضية الفلسطينية، بدءا بعقد الاجتماع الوزاري الدولي في باريس في الثالث من الشهر المقبل والإسراع في عقد المؤتمر الدولي للسلام. وأكد الوزراء على ضرورة خلق آلية متعددة الأطراف بهدف العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967، وفق المرجعيات الدولية والقانونية بما فيها قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية لعام 2002، إضافة لوضع جدول زمني للمفاوضات ولتنفيذ ما يُتفق عليه ضمن إطار آلية متابعة دولية جديدة.
وشدد المجلس في قراره، الذي صدر تحت عنوان «التحركات الدبلوماسية المقبلة بشأن القضية الفلسطينية»، على عدم قبول الحلول الانتقالية ومشروع الدولة ذات الحدود المؤقتة والتأكيد على رفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ورفض تكريس نظام الفصل العنصري الإسرائيلي «الأبارتهايد» القائم حالياً.
ودعا المجتمع الدولي إلى إلزام إسرائيل، قوة الاحتلال، بقرارات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة وعدم انتهاك القوانين الدولية ورفع حصارها الظالم عن قطاع غزة وتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقيات الدولية والثنائية.
وجدد الوزراء دعمهم لقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الداعية إلى إعادة النظر في كل العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية الفلسطينية مع إسرائيل، وحملوها كـ»قوة الاحتلال»، المسؤولية الكاملة عن «تقويض عملية السلام وإفشال المفاوضات بسبب استمرارها بالاستيطان وممارساتها غير القانونية ورفضها الالتزام بمرجعيات عملية السلام».
وأكدوا على ضرورة مواصلة تكليف اللجنة الوزارية العربية، المعنية بإنهاء الاحتلال، بإجراء المشاورات والتحرك في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن لاستصدار قرار بوقف الاستيطان الإسرائيلي وإرهاب المستوطنين في أرض دولة فلسطين المحتلة، وإعادة التأكيد على بطلان وعدم قانونية وعدم شرعية الاستيطان. وطالبوا بمواصلة تكليف اللجنة الوزارية العربية بإجراء الاتصالات والمشاورات مع الأمين العام للأمم المتحدة لإعداد نظام حماية دولية للشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومقدساته.
وكانت مصر قد أعلنت عقب لقاء جمع الرئيسين محمود عباس وعبد الفتاح السيسي في القاهرة، دعمها للمبادرات والجهود الدولية ومن بينها الجهود الفرنسية الرامية إلى تسوية القضية الفلسطينية وإيجاد حل عادل، وسلام دائم وشامل يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. وأكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف في بيان له، أن القضية الفلسطينية ستظل تحتل الأولوية في أجندة السياسة الخارجية المصرية.
كذلك أعلنت السعودية دعمها للمبادرة الفرنسية، وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية في المملكة نزار مدني في كلمة خلال اجتماع الوزراء العرب «إن تجاربنا السابقة مع المبادرات المطروحة لإيجاد الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية الذي نتطلع إليه جميعا، كانت في معظمها مريرة ومخيبة للآمال وكان السبب الرئيسي وما زال هو تعنت إسرائيل ورفضها لتلك المبادرات أو تعطيلها». وأضاف «لما كانت هناك الآن مبادرة جديدة طرحتها فرنسا أمام مجلس الأمن تتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وحددت جدولا زمنيا للتوصل إلى تسوية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وعقد مؤتمر دولي للسلام كمظلة لتنفيذ المبادرة، فإننا في المملكة العربية السعودية نعلن دعمنا وتأييدنا لهذه المبادرة وخاصة بعد أن سمعنا تأييد الرئيس محمود عباس لها». وأكد أن بلاده تعطي اهتماما كبيرا لكافة القضايا العربية، وأنها تولي الاهتمام الأكبر والعناية القصوى للقضية الفلسطينية، بوصفها القضية الأساسية. وأعلن أنه دون إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية «لن يتسنى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».
أشرف الهور