■ مضى عام كامل على الزلزال السياسي الذي ضرب مصر، واسفر عن عزل الرئيس محمد مرسي، واعادة رسم الخريطة السياسية للبلاد. وبعيدا عن المعالجات التي لا تذهب ابعد من «التوصيف» وتتبارى في الملاسنات واطلاق الالفاظ على المخالفين في الرأي على الجانبين، لتحقيق مكاسب ضيقة، يبدو مستحقـــا الان القاء نظرة متأنية على كنه الاحداث ومآلاتها، وكيفية التعامل مع الواقع الجديد الذي خلقته، سعيا للوصول الى انفراجة على الارض باتجاه التوافق، وهو ما تحتاجه كافة مكونات هذا المشهد المعقد، حتى ان اعلنوا خلاف ذلك.
ولا سبيل الى تحقيق هذه المعالجة السياسية بدون ان يتحمل الجميع ألم الاستماع الى ما يكرهون، بل قبول بعضه والتعايش معه، ان كانت هناك نية حقيقة للوصول الى تسوية، وهذه بعض ملامحها:
– ان الشارع المصري المشغول بهموم ومشاكل كبرى تجاوز منذ شهور هذه «المعركة الحنجورية» على التسميات التي يصر البعض على خوضها، ولم يعد يهمه ان يسمع البعض يقول هذا الطرف او ذاك ان ما حدث في 30 يونيو كان انقلابا او ثورة او ثورة مضادة، او غير ذلك. وهو قرر ان يتعامل مع الواقع الجديد، وهذا لا يعني بأي حال من الاحوال تأييد كل ما يحدث. وعلى اي حال فان هذا الواقع الجديد اصبح يحظى باعتراف دولي، حتى من البلاد التي كانت تتصدر معارضيه ثم قررت ان تحترم ارادة الشعب واختياراته. وهكذا صار من الاولى ان تتطور معارضة هذا النظام الجديد وفق رؤية سياسية شاملة، بدلا من الاصرار على السير في الطريق المسدود نفسه، الا ان المراقب لا يمكن ان يسمح لنفسه بكثير من التفاؤل وهو يرى البعض اختار «الردح السياسي» وسيلة للنضال، حتى وان تجمعت الشواهد على ان هذا الاسلوب اصبح يأتي بنتيجة عكسية، ايا كان انتماؤه.
– لا شك ان من المؤسف ان ما حدث في 30 يونيو يختلف تماما عن بعض ما ادى اليه من نتائج، وكشاهد على ذلك اليوم التاريخي، اجزم ان احدا لم يكن يتخيل ان يأتي اليوم الذي يزعم فيه بعض الفلول انهم من «زعماء ثورة 30 يونيو»، او ان يكون غطاء لقمع الرأي الاخر، بما في ذلك حبس صحافيين، او شن اعتقالات عشوائية، او اقصاء سياسي، او عودة الانتهاكات الحقوقية الى بعض ممارسات الشرطة. الا ان هذه النتائج مجتمعة لا يمكن ان تنفي الارادة الثورية الحقيقية للاعداد الغفيرة من المواطنين من كافة الفئات والطوائف، الذين نزلوا الى الشوارع مطالبين برحيل نظام الاخوان. ومن العجيب ان بعض «المحللين» يقرون بأن مرسي وقيادات الجماعة ارتكبوا اخطاء كبيرة اثناء وجودهم في الحكم، ثم يصرون على انكار المظاهرات او صدقية ارادة التغيير لدى من شاركوا فيها. وكأن المصريين الذين ثاروا ضد مبارك والمجلس العسكري من قبل لا يمكن ان يتظاهروا ضد مرسي والاخوان، وبدلا من ان يلوموا من ارتكب الاخطاء ويحملونه ولو بعضا من المسؤولية عن نتائجها، فانهم يسبون المواطنين الذين مارسوا حقهــــم الطبيعي في الشكوى والاحتجاج ضد نظـــام اعتبروه فاشلا، بل خطرا على وحدة البلاد وهويتها.
– ومن جهة الاخوان، يجب القول ان مواجهة النظام الجديد لا يمكن ان تكون بالاصرار على ارتكاب الاخطاء نفسها، وعنوانها العريض «انكار الواقع»، بل ان هذا يخدم النظام ويوفر له غطاء شعبيا لممارسة المزيد من القمع والاقصاء، وحتى الاخطاء التي تصل احيانا الى خطايا. ويبقى المعنى نفسه صحيحا بالنسبة للنظام، الذي يصر على معالجة امنية لقضية سياسية، بدون ان يدرك ان عدوه الحقيقي ليس جماعة الاخوان، ولكن طاقة الغضب الشعبي التي تولدها سياساته الخاطئة. وهكذا فانه من الانصاف القول ان ثمة «غيابا فادحا للرؤية السياسية» اصبح سقفا يجمع بين النظام والاخوان حاليا، وكأن هناك اتفاقا ضمنيا على ذلك. فالنظام يواصل صلفه وعناده، حتى بعد الضربة الامنية الخطيرة في رمزيتها التي تعرض لها مؤخرا بتفجير محيط قصر الاتحادية والتي اثبتت ان ثمة فجوة بين اداء وزارة الداخلية ولهجتها المتعالية، اذ لم نسمع اعترافا بتقصير او محاسبة لمسؤول عما حدث، خاصة ان الجماعة الارهابية التي نفذت الهجوم كانت اعلنت عن مواقع المتفجرات على الانترنت قبل حدوثه بايام. وفي الوقت نفسه ادت الحسابات الخاطئة للاخوان الى انهيار التنظيم واعتقال اغلب قياداته، وبعض المتعاطفين معهم. واكتفوا بردود الفعل الغاضبة على النظام بدلا من طرح مبادرة عملية تنأى بها عن اتهامات العنف والارهاب.
ان مرور عام على هذا الزلزال يستوجب من الجميع وقفة صادقة مع النفس، ومراجعة، بدون تكبر، للاخطاء والخطايا. وانطلاقا من الشعور بالمسؤولية الوطنية، فان النظام مطالب امام شعبه بتقديم رؤية سياسية لتحقيق التوافق الوطني، في موازاة الاجراءات الامنية الواجبة ضد الارهاب، اما في جماعة الاخوان، فانه يتوجب على الذين يقرون بارتكاب الاخطاء ان يبادروا بتقديم استقالاتهم واتاحة الفرصة امام شباب الجماعة الاكثر قدرة على المواجهة السياسية لهذا الواقع الجديد في تحدياته ومعطياته وادواته.
٭ كاتب مصري من اسرة «القدس العربي»
خالد الشامي
مقال رائع وشجاع في انتقاده لكل الأطراف ،
وأتمنى ان يستكمل الاستاذ خالد طرح هذه الآلية
الكفيلة بالتوصل الي حل.
بعد مرور شهر علي التنصيب مازالت مصر بلا برنامج سياسي او اقتصادي او اجتماعي معلن .. الفراغ يتمدّد في كل الاتجاهات إلا في الأمن. المستحوذ علي الاهتمام ..منسوب التحديات كبير جدا وضربات تحت الحزام في عودة سياسة التعذيب القديمة بلا رد مقنع .. قنابل توصف بانها بدائية لبث الرعب من القنابل الحديثه .. اختراق الجهاز الأمني يقابل باللا مبالاة .. هذا الفائض الأمني، يقابله انحسار في المنطلقات السياسية واحاديث النخب والنشطاء والخبراء ، وجفاف في متابعة ملفات اجتماعية وحياتية من عشوائيات وبطالة وارتفعار للاسعارضاغطة على كاهل معظم المصريين ، وأبرزها مشاكل الكهرباء والشحّ المائي. مخالفات البناء تخرج لسانها .. المصانع المعطلة تتحدي .. اسقاط مبادرة الرئيس بالتبرع لها مدلولها .. عودة سياسة الضغط علي الشعب بالمعالجة السعرية ورفع الاسعار دون معالجة اسباب الازمات نذير بأننا نواجه شبح ثورة جديدة فالناس تعيش الواقع ولاتعترف بالرغي التلفزيوني والمصيبة بعد انتهاء كأس العالم .. حتي الآن لاتبدو في الافق تباشير عفو خاص او عام .. سيضيف للرئيس مجانا .. السياسة لها ناسها .. يارب بصيص امل مع شهر الصيام والقرآن