مصر تصدر ذخائر وقطع غيار للجيش العراقي… وسياسي قبطي يؤكد تحول الكنيسة إلى حزب سياسي

حجم الخط
2

القاهرة ـ «القدس العربي» أبرزت الصحف الصادرة أمس الخميس 18 ديسمبر/كانون الأول الكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي في حفل افتتاح الممر الجــــديد في مطار الغردقة، والتوسعات الأخرى، التي ستضاعف عدد الركاب ليصل سنويا إلى حوالي اثني عشر مليونا.
ولم يكن اللافت في كلامه تأكيده على أن وعده للشعب بظهور نتائج أعماله بعد سنتين، قائم لأنه يتحقق من خلال المشاريع الضخمة التي يتم العمل فيها، ولا الثقة في مستقبل البلاد، وإنما كان استمراره في توجيه الغمزات إلى نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، واتهامه بطريقة غير مباشرة بالفساد والسرقة، بأن قال إن الممر الجديد استغرق بناؤه عاما وتكلف أربعمئة وخمسين مليون جنيه، ده كثير قوي، وأنه كان يمكن أن ينفذ بمبلغ أقل وفي مدة أقل من ستة أشهر، وطالب بمراعاة التدقيق بعد ذلك في حقيقة التكاليف، وكان قد أشار من قبل إلى أن هناك من يستفيدون من ذلك، وقبلها أيضا قال صراحة إنه تمت سرقة البلد ولم يعد فيها ما يمكن سرقته. وقال أيضا وهو يضغط على كلامه «الناس اللي بتكسب كتير لازم تقلل مكاسبها الفترة دي». كما وجه تحذيرا غير مباشر لرجال نظام مبارك بقوله بالنص، «الشعب سوف يمنع من يحاول المساس بمقدرات الدولة وما وصلت إليه»، ردا على الاتهامات الموجهة إلى النظام بأنه يعيد رجال مبارك.
واهتمت الصحف أيضا بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية سامح شكري للعراق، ولوحظ أن أبرز ما فيها هو بيع مصر معدات وذخائر عسكرية للقوات العراقية، وتبادل المعلومات عن شبكات الإرهاب في العراق لمراقبة أي اتصالات بينهم وبين الإرهابيين في مصر، خاصة «داعش» ومحاولة مصر أن تستعيد قدرا من نفوذها السياسي وبناء شبكة علاقات مع الجميع لتضمن توسع شركاتها في الحصول على مشاريع في العراق. ومما ذكرته الصحافة اأضا بدء السفارة البريطانية عملها، بعد أن شددت الشرطة الإجراءات في الشوارع المحيطة بها، هذا وقد أخبرني أمس في «المصري اليوم» زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب عمرو سليم أنه توجه إلى حي غاردن سيتي لتفقد الأحوال فوجد أحد السكان على الحاجز الإسمنتي والجندي يقول له قبل السماح له بالذهاب إلى بيته:
– ورقك كله سليم والتحاليل اللي بعتناها المعمل الجنائي بتقول إنك مش مطلوب في قضايا، وكمان التفتيش الذاتي أثبت أن معاكش أي شيء يهدد السلم العام، حيث كده إتفضل تقدر تدخل شوارع غاردن سيتي.
أيضا اهتمت صحف أمس بزيارة الوفد الشعبي والبرلماني الإثيوبي واجتماعه مع شيخ الأزهر، والمعروف أن نسبة المسلمين في إثيوبيا تصل ما بين ثلاثين وأربعين في المئة من عدد السكان. وقيام جامعة الأزهر بإرسال أسماء واحد وسبعين طالبا فصلتهم نهائيا إدارة التجنيد لاستدعائهم للخدمة العسكرية. وإلى شيء من أشياء كثيرة عندنا….

هناك من يسعى إلى عودة الوجه القبيح للماضي

ونبدأ بالإشارة إلى أبرز ما نشر عن انتخابات مجلس النواب المقبلة التي دارت عجلتها فعليا بعد موافقة قسم التشريع في مجلس الدولة على مشروع قانون تقسيم الدوائر، بعد إجراء تعديلات بسيطة على بعضها، وبدأها من يوم الاثنين في «الأسبوع» رئيس تحريرها وعضو مجلس الشعب السابق والمتحدث باسم حزب «جبهة مصر بلدي» زميلنا وصديقنا مصطفى بكري بقوله: «هناك أصحاب المال السياسي وعمليات شراء واسعة تتم الآن في الشارع الانتخابي لعدد من العناصر المتوقع فوزها، سواء كانت منتمية إلى الحزب الوطني أو كانت مستقلة وبعيدة عن الأحزاب، وقد رصدت الأجهزة الرقابية العديد من هذه الحالات، الأمر الذي دفع رئيس أحد الأحزاب إلى القول إن هناك عملية اصطياد وقنص لعناصرنا في المحافظات لحساب أصحاب الأموال الذين لديهم أجندة إما سياسية مرتبطة بطموحهم السياسي، وإما حساب قوى خارجية لا ترغب في إنهاء التوتر وعودة الاستقرار إلى مصر. وهناك من يسعى إلى عودة الوجه القبيح للماضي بدفع الأموال، ويلتقي النواب السابقين ويحمل لهم شعارا واحدا ووحيدا.. أنا لا أريد شيئا فقط نريد دعم الرئيس السيسي، مع أنه لا يعرف تماما أن مجرد ظهوره هو أكبر إساءة للرئيس السيسي، الذي حذر من استغلال اسمه لتبييض صفحة البعض.
إن مجلس النواب المقبل هو صاحب القرار الفصل في تشكيل الحكومة أو سحب الثقة منها، أو تعطيل اختيارات الرئيس، وهو يستطيع سحب الثقة من رئيس الجمهورية ويستطيع أيضا إذا امتلك الآخرون الثلث المعطل أن لا تتم الموافقة على القوانين التي صدرت قبل تشكيل البرلمان، ومنها قانون الانتخابات الرئاسية، الذي لو حدث سيكون مجلس النواب مطالبا بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة».

الحياة السياسية مليئة بأحزاب لا وجود لها في الشارع

لكن زميلنا في «الأخبار» خفيف الظل عبد القادر محمد علي طمأن بكري في اليوم التالي الثلاثاء بقوله في بروازه اليومي «صباح النعناع»: «هل تصدق أن مصر فيها اثنان وتسعون حزبا سياسيا، من حقك طبعا ألا تصدق لأنك لا تسمع إلا عن حزب واحد أو اثنين أو ثلاثة على الأكثر، تأثيرها في الحياة السياسية لا يتجاوز شكة الدبوس، والباقي أحزاب على الورق فقط لا وجود لها في الشارع ولا في غيره. ولذلك أخاف من أن يكون هذا الفراغ السياسي المخيف سببا في سرقة البرلمان المقبل عن طريق حرامية الانتخابات، الذين سرقوا برلمان ثورة 25 يناير/كانون الثاني ويتأهبون لسرقة برلمان 30 يونيو/حزيران».

من الصعب التوقع بنتائج البرلمان المقبل

ويبدو والله أعلم أن المتحدث باسم حزب النور السلفي نادر بكار أعتقد أن عبد القادر يقصدهم بذلك فقال في حديث لمجلة «آخر ساعة» التي تصدر كل ثلاثاء عن دار أخبار اليوم أجراه معه زميلنا محمد نور: «لا يستطيع أحد أن يجزم بالنسبة التي سيحصل عليها النور ولا غيره، فمرحلة البرلمان المقبلة من الصعب التوقع بنتائجها. وأعترف لك بأن السنة التي قضاها الدكتور مرسي في الحكم سيكون لها تأثير سلبي على الحزب، ومن الصعب التكهن بالنسبة التي سيحصل عليها في الانتخابات.

كوتة الأقباط تستدعي التجربة اللبنانية الطائفية

ومن النور إلى الأقباط والكنيسة الأرثوذكسية وموقفها من الانتخابات التي قال عنها في يوم الثلاثاء ذاته في «اليوم السابع» صديقنا الكاتب القبطي جمال أسعد عبد الملاك «ناصري»، مشيرا إلى نسبة الأقباط المقررة في القوائم الأربع: «كوتة الأقباط تحديدا تؤسس للقسمة الطائفية وتستدعي التجربة اللبنانية الطائفية، فالفئات الأخرى مثل المرأة والشباب وغيرهما تضم مواطنين مسلمين ومسيحيين، ولكن كوتة الأقباط تعني الفصل الطائفي بين المسلمين والمسيحيين، كما أنها على أرض الواقع ستحول الكنيسة ليس إلى لعب دور سياسي مرفوض، ولكن ستتحول الكنيسة إلى حزب سياسي يدعي تمثيل الأقباط،لأن الكوتة ستكرس وتجزر العودة أو الهجرة السياسية إلى الكنيسة تمسحا في الدستور، حيث أن الكنيسة أعلنت أنها تجهز مرشحي الأقباط لطرحهم على الأحزاب.
كما أن الأحزاب الورقية الفاشلة ستزحف سائرة على ركبها إلى الكنيسة لتنال الرضى بترشيح الأقباط لتلك الأحزاب، حتى تضمن مساندة الكنيسة لقوائمها المرشح عليها هؤلاء الأقباط. كما أن الواقع يقول عند ذلك سيسعى الأقباط الذين سيترشحون ليس إلى الأحزاب وعلى أرضية سياسية، ولكن إلى حزب الكنيسة الذي سينعم عليهم بترشيحهم للأحزاب، إضافة إلى المعينين عن طريق رئيس الجمهورية من الأقباط».

نعيش في عالم كل شيء فيه مكشوف

ومن الانتخابات إلى قضية تسريب التسجيل الذي تم في مكتب وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي، بعد القبض على الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي، ونقله إلى القاعدة البحرية في أبو قير، وتنبيه اللواء ممدوح شاهين بضرورة مراعاة الشكل القانوني وهو أن يكون مكان الاحتجاز مكانا يتبع وزارة الداخلية. وقد أبدى أستاذنا الكبير محمد حسنين هيكل دهشة من حالة الارتباك الأولى التي انتابت الدولة والأجهزة، وقال في حديثه يوم الجمعة مع زميلتنا ومقدمة البرامج الجميلة لميس الحديدي في قناة «سي. بي. سي» نقلا عن جريدة «التحرير» يوم السبت: «هناك خطأ لا أعرف أين، سواء في التركيب أم التسريب، أو حتى الجهة التي أرسلت. أنا أعرف أن كل شيء مكشوف ونحن نعيش في عالم كل شيء فيه مكشوف. من يسجل في حالة الفوضى الكل يسجل لم يكن لهذا داع كله ببساطة يقال نحن كنا في حالة طوارئ وهؤلاء لديهم ميليشيات مسلحة والجيش دخل لإنقاذ الشعب من مصيبة ولا تهمني الإجراءات ومستعد لشرحها للشعب».

«تليفونك بيسجل ويصـور»

ويوم السبت نشرت مجلة «الإذاعة والتلفزيون» في صفحتها الرابعة والثمانين قصيدة لزميلنا علاء عبد المنعم عنوانها « يا جماله» عن الموبايل، من اثنين وثلاثين بيتا اخترنا منها ستة أبيات تكفي للإشارة والدلالة هي :

تليفونك واصل بالأقمـار .
تليفونك كاشفك يا عريس .
وسعادته ملك الجواسيس .
يبعت ينــقـل كل شؤونـك .
تليفونك بيسجل ويصـور .
ويصبح هو دليل بيدينـك .
من الذي من مصلحته التجسس على مكتب السيسي؟

أما زميلنا وصديقنا مجدي سرحان رئيس تحرير «الوفد» فكتب يوم الأحد مقالا قال فيه: «نعلم أنه منذ جلس على المقعد الوزاري كان له هدف واحد واضح وهو إسقاط مرسي وإنقاذ الوطن من كارثة دولة الإخوان فكيف لهؤلاء الذين سجلوا لقاءات ومكالمات مدير مكتبه أن يتسللوا إلى مكتب قائد الثورة القادمة ويسجلوا له من دون أن يدري.
الإخوان لم يسجلوا شيئا ولا يستطيعون ذلك، بل أن هناك طرفا ثالثا قام بالتسجيل وهو الذي سرب هذه التسجيلات، إذا صحت، إلى ميليشيات الجماعة، ولم يسمح بتسريب أكثر من ذلك، من هو هذا الطرف؟ ولماذا التسريب الآن؟ تلك هي المسألة.
في يونيو/حزيران 2013 هزت العالم فضيحة تسريب ادوارد سنودن المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية معلومات حول قيام الوكالة بالتجسس على نحو خمسة وثلاثين من قادة العالم وعشرات الملايين من المكالمات الهاتفية في دول مختلفة، من بينها دول أوروبية. والآن أجب أنت عن السؤال السابق طرحه، من الذي من مصلحته التجسس على مكتب السيسي، ولماذا يسرب هذه التسجيلات بالذات دون غيرها إذا كان قد فعل ذلك بالفعل. وهل هذا سؤال صعب الإجابة عنه؟ السعودية أو الإمارات أو البحرين طبعا بعد اتفاق بينهم لمحاربة السيسي.. المهم أن هناك احتمالين الأول أن يكون التقاط المكالمة تم من موبايل غير مؤمن بدائرة خاصة، أو أن الحديث دار وكان هناك موبايل مفتوح نسي صاحبه غلقه، ومن لديه القدرة التكنولوجية على ذلك هي المخابرات الأمريكية. أما احتمال أن تكون هناك أجهزة تنصت مزروعة في مكتب وزير الدفاع فهذا احتمال مستحيل، لأن التفتيش يتم باستمرار، بالإضافة إلى أنه مكتب من كان مدير للمخابرات الحربية».

القاضي موظف عمله يحتمل الخطأ والصواب

وإلى استمرار المشاحنات حول حكم براءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي قال عنه يوم الثلاثاء في جريدة «التحرير» صديقنا الفقيه القانوني والأستاذ في جامعة عين شمس ووزير التعليم العالي الأسبق الدكتور حسام عيسي «ناصري»: «تعبير القدسية ليس له أي معنى في إطار القانون، فهو تعبير أيديولوجي يهدف ببساطة إلى إعطاء طابع ديني لأعمال القضاء، وطابع كهنوتي للقضاة أنفسهم، فالقاضي هو ابتداء وانتهاء موظف عام منوط به أعمال القانون، وعمله بداهة يحتمل الخطأ والصواب، لكن الأخطاء لا تمس منهجيته أو تبرر الامتناع عن تنفيذه، والقانون لا يعيش في عالم قانوني مغلق وقائم بذاته. فالظاهرة القانونية هي ظاهرة اجتماعية والنظام القانوني في بلد ما هو جزء من بنيته الاجتماعية بمكوناتها الاقتصادية والأيديولوجية، فهل من الممكن مثلا أن نفهم حكم المحكمة الدستورية العليا الشهير الذي أباح بيع القطاع العام رغم وجود نص بالغ الصراحة يقضي بأن الدفاع عن القطاع العام واجب وطني.
بمعزل عن الصراع الاجتماعي والسياسي الهائل الذي كان يدور في مصر آنذاك، ومن دون البحث في الاختيارات الأيديولوجية لرئيس المحكمة آنذاك والمعروف بعدائه للنظام الناصري وتأييده لسياسة الانفتاح الاقتصادي، حيث مكن لعصابة مبارك شراء القطاع العام المملوك للشعب باستخدام أموال الشعب، من خلال قروض حصلوا عليها من بنوك القطاع العام، ومن دون البحث عن آثاره السياسية، حيث مكن لهذه العصابات السيطرة على مقاليد السلطة في مصر ليستخدموها في مضاعفة ثرواتهم.
وفي هذا الإطار الذي طرحناه يمكن تحليل الحكم الصادر مؤخرا في ما سمي بقضية القرن، بتبرئة مبارك ومعاونيه من رجال الشرطة في التهم الموجهة إليهم بقتل ثوار يناير/كانون الثاني 2011 وبالتربح أيضا، ذلك أنه من غير الممكن دراسة هذا الحكم بمعزل عن التطورات السياسية في مصر منذ عزل مبارك وحتى اليوم».

«مبارك وشلة الحرامية»

وإذا تركنا «التحرير» إلى «المصري اليوم» عدد يوم الثلاثاء ذاته، نجد عنوان مقال الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي هو «مبارك وشلة الحرامية» قال فيه: «مبارك كان الفاسد الأعظم والثابت أن بعض وزرائه المعروفين بالاسم كانوا فاسدين، والغريب أن شلة الوزراء الحرامية كان شعارا متداولا في كل مكان ومعروف أن أنجال الرئيس وأقارب حرمه كانوا يعملون في «البزنس» الكبير جدا ومافيا الأراضي، وبدون أدنى شك فإن وضعهم العائلي كان السبب الرئيسي في صعودهم كالصاروخ في هذا العالم. وهذا هو الفساد بعينه، على الرغم من أن مبارك كان قد وصل إلى مرحلة من التبلد في الفكر والاستهتار بالشعب كله، فإنه كان يعلم بكل دقة من اشترى ومن تربح من عائلته وأصدقائه من أراضي مصر المنهوبة ووافق عليها وتدخل لصالح صديقه حسين سالم عدة مرات.
أما عن بيع الغاز المصري بتراب الفلوس فهو صاحب القرار النهائي في أمر استراتيجي مهم، مبارك قام بتزوير الانتخابات والاستفتاءات وتغيير الدستور لتوريث ابنه، ملخص الأمر أنه كان رأس الفساد، كما أعلن القاضي الذي حكم عليه بالبراءة في مقدمة الحكم فأين العدل إذن؟ والشعب له حق في الغضب».
إلحاد وملحدون

وإلى المعارك التي انفجرت بقوة بعد أن أخذت تتسلل بنعومة وتدريجيا إلى الفيسبوك وبعض الفضائيات عن وجود ملاحدة «والعياذ بالله»، وتزايد أعدادهم التي قالت دار الإفتاء بأنهم تخطوا الثمانمئة كافر، ثم وصلت القضية إلى ذروتها بقيام حي عابدين بالقاهرة بمداهمة مقهى في شارع الفلكي يتجمع فيه الشباب الملاحدة، ورغم ذلك فإن القضية لم تثر الاهتمام الشعبي، لدرجة أن زميلنا محمد الأبنودي في جريدة «عقيدتي» الدينية التي تصدر كل ثلاثاء عن مؤسسة دار التحرير التي تصدر عنها جريدتا «الجمهورية» و»المساء» قال: «لا أدري لماذا هذه الضجة المفتعلة التي تثيرها بعض قنوات الفتنة حول الملحدين الجدد في هذه الأيام؟ لماذا الإصرار على إجراء حوارات معهم على شاشات الفضائيات، والإتيان بأشباه العلماء لمحاورتهم وإثبات عجز وفشل العلماء في الرد على أباطيل هؤلاء الملحدين.
إن ما يحدث الآن هو حملة منظمة هدفها النيل من الإسلام ورسوله «صلى الله عليه وسلم» فنجد من يتطاول على الصحابة ورواة الأحاديث، ومنهم من يتطاول على رسول الله، وآخرون يتطاولون على الذات الإلهية، بل وينكرون وجود الله جملة وتفصيلا.
وأمثال هؤلاء لم تقو شوكتهم ويعلو صوتهم إلا بمعاونة قنوات الفتنة التي تهدف من وراء ذلك إلى ضرب الإسلام وإظهار مصر بلد الأزهر بأنها مليئة بأمثال هؤلاء الملاحدة لدرجة أن بعض الأصوات تعالت قائلة بأن في مصر ملايين الملحدين من كل الفئات العمرية».

قمع الفكر ومحاربة الرأي لن تقضي على ظاهرة الإلحاد

وفجأة نشرت الصحف أن رئاسة حي عابدين بالقاهرة توصلت إلى وكر يتجمع فيه الملاحدة من الجنسين، عبارة عن مقهى تمت مداهمته وغلقه ونشرت مجلة «آخر ساعة» يوم الثلاثاء تحقيقا أعدته زميلتنا الجميلة ندى البدوي جاء فيه: «يشير رمضان سلامة حارس العقار المقابل للمقهى في شارع الفلكي، وهو يصف لي سعادته بإغلاق المكان الذي كان يؤوي الشيطان، كما يصفهم سلامة، يسرد لي مشاهداته عن المقهى الذي يعرف خباياه بحكم عمله، كل يوم كانت تتجمع في المقهى مجموعة كبيرة من الشباب والفتيات أشكالهم مريبة ويرتدون ملابس فاضحة، كما أنهم يقومون بممارسات غير لائقة على مرآى ومسمع من الجميع، ويشربون كميات كبيرة من المخدرات والحشيش، عدا البيرة والخمور التي تجمع زجاجاتها من الشارع كل صباح لننظفه من أثارهم، كما أننا نسمع عن علاقات غير مشروعة تجري بينهم في غرف داخل الطابق الأول الذي يحتله المقهى. لم أحاول الاحتكاك بهم لأن القائمين على المقهى مجموعة من البلطجية. بينما يصف أحمد البحيري احد سكان العقار الكائن فيه المقهى معاناة السكان من وجود هذه المجموعات الشبابية يتابع، للأسف هؤلاء الشباب لديهم فهم خاطئ لفكرة الحرية، فلا يكفي أنهم يعتنقون أفكارا إلحادية ولكن يحاولون استفزازنا بنشر هذه الأفكار والتجريح في مقدساتنا الدينية، ويكفي أن تمر بمحاذاتهم حتى تسمع كم السباب والشتائم التي تنال من ديننا، غير الممارسات التي تجري داخل المقهى التي دفعتنا إلى تقديم شكاوى إلى محافظ القاهرة بعد أن فشلت محاولاتنا لإقناعهم بترك المكان.
ويؤكد المهندس جمال محيي الدين رئيس حي عابدين أن مسؤولي الحي قاموا بإغلاق مقهى الملحدين بالتعاون مع شرطة المرافق، بعدما وردت عدة شكاوى تفيد بتجمع أعداد كبيرة من الشباب والفتيات بعد منتصف الليل وممارساتهم لرقصات شيطانية على وقع موسيقى صاخبة سببت الأذى للسكان، كما وردت إلينا معلومات تفيد بأن هؤلاء الشباب يسعون إلى نشر أفكار الإلحاد، ما استلزم ضرورة مواجهة الأمر. وتبين بفحص المكان أنه عبارة عن مكتب استيراد وتصدير حوله صاحبه إلى مقهى، من دون الحصول على ترخيص بذلك ما ترتب عليه إخلاؤنا للمكان وتشميعه وضبط صاحبه . وتتعجب الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع في جامعة حلوان من الأسلوب الذي تتبعه الجهات الرسمية في التعامل مع ظاهرة الإلحاد، فمواجهة مسألة كهذه لا يجب أن تتم عبر المصادرة وقمع الفكر ومحاربة الرأي والقضاء على تجمعات الشباب الذين يعتنقون أفكارا مغايرة».

الإنهيار الاقتصادي والفقر يولد ظواهر اجتماعية شاذة

لكن زميلنا في «اليوم السابع» عادل السنهوري «ناصري» لم يعجبه الأسلوب الذي اتبعه رئيس حي عابدين فقال عنه يوم الثلاثاء أيضا: «للأسف هذه هي النوعية من المسؤولين التي تسيء إلى سمعة الدولة، وتنسف كل الجهود لإرساء دعائم الدولة المدنية، وكأنها انتهت من حل كل المشاكل من زحام مروري ومياه وشرب وصرف صحي وقمامة الشوارع وتفرغت لمحاربة الكفار والملحدين، خوفا على دولة الإسلام من الانهيار.
نرجوكم يا سادة أرحمونا من هذا العبث وابحثوا عن مهنة ومسؤولية أخرى لأمثال الآخر المجاهد رئيس حي عابدين. المهم أن هذه القضية دفعتني إلى العودة إلى كتاب «السلطان حسين كامل فترة مظلمة في تاريخ مصر 1914 – 1917» كتبه محمد سيد كيلاني وصدرت طبعته الأولى عام 1963 ويقع في ثلاثمئة وأربعين صفحة وسعر النسخة عشرون قرشا وخصص الباب الرابع منه للحالة الفكرية التي كانت عليها مصر أثناء فترة الحرب العالمية الأولى. وجاء فيه أن صاحب مجلة «المنار» الإسلامية الشيخ محمد رشيد رضا كان معجبا بآراء شبلي شميل المؤيدة لنظرية داروين في أصل الأنواع وحضر حفل تأبينه عام 1917، وقال الشيخ رشيد بأنه لا تعارض بين نظرية التطور وأصل الأنواع وبين ما جاء في القرآن مثال ما جاء في أول سورة النساء وهو «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجين»، حيث صرح بأن الله ذكر هذه النفس الواحدة ولم يعينها، فلكل أمة أن تفهم ما تعتقده وأنه لم يوجد في القرآن نص أصولي قاطع على أن ادم أب لجميع البشر وأن اتفاق المسلمين على القول بذلك منشؤه تقليد اليهود. وقد انبري للرد عليه محمد عبد الباقي سرور من رجال الأزهر فقال أن رشيد ارتكب شططا في تأويل الآية لتتآخي مع نظرية التطور وأصل الأنواع .
وهذا ما جاء بالنص في صفحتي 194 ـ 195. المهم أن الشيخ رشيد رد عليه ورفع دعوى ضده وانتهى الأمر بالصلح. والمهم أن ذلك توافق مع كتابات في عدد من الصحف والمجلات لعدد من الملاحدة أنكروا وجود الله والأديان والرسل ورد عليهم في الوفد القدر ومصر والأفكار والأهرام والوطن القبطية، وهاجم الشيخ رشيد رضا هؤلاء الملاحدة. والعجيب أن الدكتور محمد حسين هيكل هاجم الشيخ رشيد ودافع عن الملاحدة. والدكتور هيكل من الكتاب والمفكرين والسياسيين المرموقين وقتها ورأس حزب الأحرار الدستوريين، وهو من أحزاب الأقليات العميلة للقصر الملكي، ألف واحدا من أهم كتبه عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم «. المهم أن ظاهرة الإلحاد والملاحدة مثلما ظهرت أثناء الحرب العالمية الأولى وصاحبت الانهيار الاقتصادي وتفشي الدعارة والفقر انتهت بسرعة ولم تترك أثرا.

وزير الأوقاف يتحدث عن الأمن
والمخابرات أكثر مما يتحدث في الدين

وننتقل إلى جريدة «المصريون» عدد أمس الخميس ومقال رئيس مجلس إدارتها ورئيس تحريرها جمال سلطان عن الحملة المشبوهة ضد الأزهر ومما جاء فيه: «هناك حملة واضحة الآن ضد الأزهر وشيخه الدكتور أحمد الطيب، وعدد من قياداته، مثل الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر والدكتور محمد عمارة عضو هيئة كبار العلماء ورئيس تحرير مجلة «الأزهر» وغيرهم، وهذه الحملة ـ بدون أي شك ـ تحمل بصمة «رسمية»، وتدار بتوجيه «مايسترو» واحد، سواء في صحف أو فضائيات أو كتاب أو إعلاميين معروفين بولائهم الكامل لأجهزة رسمية وتنسيقهم التام معها، وهذا ما يفتح الشهية ـ بدون شك ـ للتساؤل عن مغزى تلك الحملة، خاصة أن الشيخ الطيب كان أحد رموز المشهد الجديد والنظام الجديد، ورغم الثناء العظيم الذي تلقاه من مصر ومن العواصم العربية المؤيدة للنظام الجديد، فما الذي جعل بعض الجهات «الرسمية» تنقلب على المؤسسة العريقة وشيخها، ولماذا «يلاعبونه» ببعض الأقلام والأصوات والقنوات المعروفة بالبلطجة الإعلامية وسوء الخلق، ولصالح من هذه الحرب التي تم فتحها على الأزهر، رغم أن النظام ما زال يواجه معركة مصيرية، وصفها السيسي بأنها معركة وجود، مع أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي ومع قوى ثورة يناير/كانون الثاني وشبابها. من الذي يملك أن يوقف نشر كلمة لشيخ الأزهر في الصحافة الرسمية وفي التلفزيون الرسمي للدولة، رغم أنها في مناسبة دينية رفيعة وسنوية وكبرى وينتظرها الرأي العام باهتمام، من الذي يروج الآن بأن الأزهر وأفكاره تروج للإرهاب والتطرف، وإذا كان الأزهر يروج لذلك فما هي المرجعية الرسمية التي تواجهون بها جماعات التطرف والإرهاب، فضيلة العلامة الشيخ جابر عصفور؟ أم حجة الإسلام الشيخ أحمد عبد المعطي حجازي؟ وهل من يرتكب خطيئة التشهير بالأزهر على هذا النحو يخدم الوطن والدين والاعتدال، أم يخدم التطرف والإرهاب والانفلات والفوضى، من الذي يقنن الآن مؤسسات ونشاطات موازية لعمل الأزهر ويبرز من خلالها شخصيات دينية مقربة من أجهزة أمنية وسيادية، رغم تمردها على الأزهر وشططها الذي رآه الكافة وضجروا منه وتبرأ منه الأزهر، من الذي يوجه الآن لتلميع شخصية الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الذي يتحدث عن شؤون الأمن والمخابرات والسياسة الخارجية أكثر مما يتحدث عن شؤون الدين والأوقاف، ومن الذي روج لخطاب «يا ليت لنا شيخ للأزهر مثل مختار جمعة»، رغم أنه بلا تاريخ علمي معروف ولا خبرات تذكر سوى علاقاته «الطيبة» مع المؤسسة الأمنية، من الذي يحاصر الأزهر وإصداراته بما فيها مجلة «الأزهر» التاريخية، ويجبر المؤسسة على استبعاد خمسة عشر كاتبا من كتاب المجلة دفعة واحدة، بقصد إضعافها ودفن حضورها الثقافي والديني. الحرب على الأزهر، باختصار، تدعم النظريات التي يستخدمها مؤيدو مرسي بأن ما يحدث في مصر هو حرب على الإسلام وليس على الإخوان… ارفعوا أيديكم عن الأزهر، وبلغة السيسي الشهيرة، لا تلعبوا به ولا معه، لأن ذلك لعب بالنار وعواقبه شديدة الخطورة، والأزهر هو الحصن الأخير في مصر الدولة، في وجه تيارات الغلو والتطرف والفوضى والاضطراب، والأزهر ـ شئنا أم أبينا ـ أصبح جزءا حيويا من هوية مصر ورمزية وجودها….».

مصر كانت يوما
قبلة الطب والعلاج للعرب

أما زميله طه خليفة فكتب في العدد نفسه مقاله عن الإهمال المدمر ومما جاء فيه: «هناك سياحة اسمها السياحة الطبية مرتبطة بالسمعة وبالتطور الطبي، وبجودة المراكز والمستشفيات، وبارتفاع مستوى الأطباء وبنجاحاتهم، وبتميز خدمة التمريض، والرعاية والعناية بعد دخول المستشفى وإجراء ما يلزم من فحوصات وجراحات وخلافه. ومصر هي أم الطب والعلاج في المنطقة، فلديها أساتذة رواد وأطباء كبار، وصروح تاريخية مثل قصر العيني، ولديها مستشفيات قديمة لا تجد مثلها في بلدان أوروبية، وهناك مثلا مستشفى للصدر تابع لمحافظة القاهرة يرجع تاريخه إلى عام 1934 من القرن الماضي، ومبني على مساحة 37 فدانا، وهو متخصص في علاج أمراض الصدر فقط، وهناك الكثير من هذه المرافق النادرة لمن أراد البحث والمعرفة، ولكن من المؤسف أن هذه الصروح تسقط في بحور من الإهمال غير المسبوق حتى لا تكاد تصدق نفسك لو قادتك الظروف لدخول إحداها، وهي ثروة حقيقية في المباني والأراضي والموارد البشرية، لكن لا تجد فيها خدمة تليق بالإنسان، تجد العبثية والعشوائية والتردي الشديد، وكأن هناك مؤامرة لتدمير القطاع الصحي التابع للدولة، لصالح القطاع الخاص بمراكزه ومستشفياته وعياداته. من عجب أن تجد مصر خارج السياحة الطبية، وأن تجد دولا مثل تايلاند صارت مقصدا للكثيرين اليوم من بلدان الخليج لإجراء الفحوصات والعلاجات، ومصر كانت يوما هي قبلة الطب والعلاج للعرب. ماذا حدث لمصر طوال عهد مبارك، ولماذا يستمر هذا الوضع حتى اليوم، ومتى يتحرك النظام الجديد لإصلاح ما أفسده السابقون؟ تحتاج مصر إلى ما يمكن وصفه بالطوارئ في مجال الخدمات بالاستنفار من أجل إصلاح أوضاع الخدمات من صحة وتعليم وطرق ووسائل نقل ومياه شرب وصرف صحي وغيره، وكل تلك الخدمات تتوفر لها بنية أساسية كبيرة وضخمة، وكل ما تتطلبه هو إرادة الإنقاذ والتطوير، والإدارة الحازمة الحاسمة، فلن ننشئ خدمات من الصفر، إنما سيتم إصلاح القائم ليساهم في علاج الكثير من الأزمات، وهذا يتيح الوقت لبناء الجديد. متى تهزم مصر هذا الإهمال المدمر اللعين؟».

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Abdo Shihata- EGYPT:

    نعم من حق أحمد عز أن يترشح
    ومن حقه أن ينجح لو أراده الشعب .
    لكن من حق أى إخوانى أيضاٌ أن يترشح ومن حقه أن ينجح لو أراده الناس .
    ومن حقنا أن نعود من أول السطر …..غير كده نبقى فى دولة سكسونيا
    مش كده ولا إيه ؟؟؟

  2. يقول ماجد الشامي:

    أضحكني تعليق Abdo Shihata و هو يتساءل أن من حق أي إخواني أن يترشح ؟؟ و هل بقي أحد من الإخوان في مصر بعد أن أباد معظمهم السيسي الانقلابي و هو في طريقه لإبادة البقية الباقية منهم؟؟ مصر للأسف أصبحت دولة دكتاتورية بامتياز و لا سبيل لعودة الحرية و تطبيق الديمقراطية إلا بثورة شعبية ضد الانقلابيين الذين سرقوا الحكم من الدكتور محمد مرسي الرئيس الشرعي الذي إختاره الشعب المصري بكل نزاهة و شفافية.

إشترك في قائمتنا البريدية