مصر: قانون «الكيانات الارهابية» يثير قلقا من اجراءات جديدة ضد الاخوان والمعارضة

حجم الخط
1

القاهرة – «القدس العربي»: اثار قانون «الكيانات الإرهابية» الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي جدالا واسعا حول دستوريته، ومدى حاجة البلاد إليه، وما اتسم به في رأي البعض من تعريف فضفاض لماهية العمل الارهابي والمنظمات الارهابية ما يفتح الباب لاساءة استخدامه في قمع الحريات، كما ان السيسي كان يمكن ان يترك اصداره للبرلمان الجديد الذي من المقرر ان يجتمع في شهر ايار- مايو المقبل. وأحدث القانون حالة من القلق داخل جماعة الإخوان وأنصارها من أن يقضى على المظاهرات التى تدعو لها الجماعة، وكذلك ابتعاد الحركات التى تشاركهم فى الفعاليات عن التنظيم خوفا من اعتبارها كيانا إرهابيا.

تعطيل للحقوق

وقال محمد زارع المحامي الحقوقي ورئيس المنظمة العربية للاصلاح الجنائي، لـ»القدس العربي»، «ان هذا القانون يُعطل الحقوق الدستورية للمواطنين، لان القوائم تعد بدون ان يكون هناك حكم قضائي بات، فمن المفترض ان نقوم بحماية الدستور المصري والحقوق الواردة فيه وهذا القانون يعطل حقوقا كثيرة مثل حق التنقل وحق التملك واتخاذ اجراءات ضد مواطنين بطريقة عشوائية ويتم وصفهم بالارهابيين دون ان يكون هناك حكم قضائي، ولكن اذ كان هذا القانون قد احتوى على احكام قانونية تنص على ان من تصدر ضده احكام قضائية نهائية باتة يوضع على قائمة ارهاب فليس هناك اى مشكلة، ولكن بهذه الطريقة فأنا ضد هذا القانون لانه فيه تعطيل للحقوق ولابد من الاحكام القضائية لان القضاء هو عنوان الحقيقة «. واضاف «ان هذا القانون يطبق على اى شخص او كيان تراه الحكومة من وجهة نظرها انه يمثل خطرا عليها».

مصطلحات فضفاضة

وهاجم الدكتور جمال حشمت، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، القانون، عبر صفحته على «فيس بوك» وقال «أن القانون يتضمن استخلاص أموال الكيانات التى تتظاهر ومواجهتها بقوة»، فيما قال محمد محسوب، نائب رئيس حزب الوسط عبر صفحته على «فيسبوك»، «إن الإضرار بالوحدة الوطنية أو الإخلال بالنظام العام مصطلحان فضفاضان لا يدرى لهما القانون تعريفا جامعا مانعا، ما يمكن من مصادرة أموال كل الجماعات التى تدعو للعنف على حد زعمه»، وقال سعد فياض، القيادى في تحالف دعم الإخوان، عبر صفحته على «فيس بوك»، « قانون الإرهاب الجديد يؤكد أن أى كيان قانونى أو غير قانونى وأى فرد ينتمى لكيان أو لا ينتمى يهدد الأمن العام ولو بالكلام فهو إرهابى، فيما أصدرت الجماعة الإسلامية بيانا لها، طالبت فيه بضرورة تقنين عملية مواجهة الإرهاب الحقيقى بشكل صحيح، وطالبت بتحديد المعنى الدقيق للإرهاب، وأن يكون الإدراج فى قائمة الأشخاص أو الكيانات الإرهابية بناء على حكم قضائى جنائى بات صادرا من محكمة مختصة وطبيعية، والتعامل مع المشكلة بشكل أعمق من خلال فتح آفاق العمل السياسى السلمى وإفساح المجال للحلول السياسية لأزمات الوطن.

ضرورة مُلحة

ومن جانبه، قال المستشار نجيب جبرائيل، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، لـ»القدس العربي»، «قانون الكيانات الارهابية هو ضرورة مُلحة جدا وتواكب ما تواجهه مصر في حربها ضد الارهاب، والقانون يحتوى على ضمانات بأن لا توجد اى مؤسسة او كيان يعتبر ارهابيا الا بعد صدور قرار من محكمة الجنايات او محكمة استئناف القاهرة تحديدا، وهذه هي الضمانة الكبرى لتحديد ما اذا كان الكيان ارهابيا من عدمه، كما نص القانون على الا ترفع دعوى الا بإذن النيابة العامة وبضمان كبير جدا، حتى لا يتخذ البعض من هذا القانون ذريعة لرفع دعاوى مغرضة ضد اناس آخرين، وهذا القانون له مثيل في الدول الاجنبية مثل فرنسا والمانيا، واصبح هذا القانون هام وضروري في هذا التوقيت الذي تعاني فيه مصر من الارهاب».
واضاف «هذا القانون ليس له اى تأثير على الحريات، لان به ضمانات تمنع هذا القانون من تكبيل الحريات، لانه نص بصورة واضحة على توصيف الجريمة الارهابية وعلى توصيف الكيان الارهابي، وقال ان كل خطر يهدد او يسبب رعب او ترويع للمواطنين، وبالتالي خرج عن نطاق تكبيل الحريات او على اى انشطة سياسية»، واكد ان القانون يطبق في جميع الحالات طالما يشكل تهديد للمواطنين او الامن القومي المصري فيجوز تطبيقه».

في الوقت المناسب

وقال الدكتور طارق فهمي، الخبير في الشئون السياسية بالمركز القومي لدراسات الشرق الاوسط وعضو شبكة مراكز الابحاث الاستراتيجية بواشنطن، لـ»القدس العربي»، « هذا القانون تأخر صدوره كثيرا ولكنه اصدر في الوقت المناسب، ولكني اعتقد ان القانون في حاجة الى اليات وادوات لتنفيذه وتفعيله، والا نتبع في التعامل معه خيارات توافقية، والحكومة مطالبة بهذا لان الحكومة التي تحدثنا عن التعامل مع جماعات ارهابية لا تزال هى تتعامل معها بالرغم من انها جماعات ارهابية، فكان من المفترض ان تصدر سلسلة لوائح مباشرة لتفعيل عمل انها جماعة ارهابية، ولكن القرار لا يزال قرارا سياسيا، وبالتالي كل ما اصدرته الحكومة يأتي في اطار الحلول الوسط وليس في هذا الاطار، وبالتالي فعلى الحكومة ان تفعل قانون الكيانات الارهابية، خصوصا وانه لم يقتصر على الاخوان فقط بل وانه سيشمل كل الجماعات القادمة التي يمكن ان تمارس العنف في المجتمع».
واضاف «ان هذا القانون سيمتد بالضرورة الى جميع الكيانات والاشخاص والشخصيات الاعتبارية وكل من يمارس عملا يدعو الى العنف او يحرض عليه بصورة او بأخرى، بالاضافة الى انه يجفف منابع التمويلات المشبوهة ورؤوس الاموال التي تدخل الى مصر في هذا التوقيت، فلابد ان يشمل القانون كل هذا لكي يكون جيد في هذا التوقيت».

متفق مع الدستور

وقال الدكتور فؤاد عبد النبي، الفقيه الدستوري، لـ»القدس العربي»، «هذا القانون يتفق مع نص الدستور، لان المادة 237 من الدستور تنص على انه لابد وان تلتزم الدولة بمكافحة الارهاب بكافة صوره واشكاله، وما كنا نتطلع اليه ان يصدر هذا القانون والذي على اساسه تتحدد الفئات الارهابية اسوة بما فعلته روسيا والسعودية ودول اخرى».
واكد « ان القائمين على امور الدولة المصرية عجزوا عن تقييد الاحزاب الدينية بدءا من المرسوم بقانون الذي اصدره المشير طنطاوي رقم 12 لسنة 2011 ثم جاء بعدها المستشار عدلي منصور بإصدار الاعلان الدستوري الذي جاء في المادة 10 فقرة 5 انه لا يجوز حل الاحزاب الدينية الا بحكم قضائي، وبالتالي فهناك ضوء اخضر من القائمين على حقوق البلاد، بوضع الاحزاب الدينية في نفس سياق الاحزاب المدنية».

مواقع التواصل الاجتماعي

كما اثار قانون «الكيانات الارهابية» حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»، وقال الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل «السيسي أصدر قانونًا مخيفًا.. ولا برلمان ولا بتنجان.. بنود في منتهي الخطورة تنتهك حقوق وحرية المصريين تحت دعوى مقاومة الإرهاب»، وأضاف «قانون مسخرة.. بنوده مطاطة فضفاضة.. تسع العالم كله.. بيحولك إرهابي وإنت ماشي في الشارع وعربيتك عطلت ووقفت الطريق».
وعلق الناشط السياسي أنس حسن قائلا «قانون الكيانات الإرهابية يطبق بحذافيره على الداخلية والجيش». ويرى هيثم محمدين،عضو حركة الاشتراكيين الثوريين «إنه بهذا القانون السيسي يتهم الشعب كله بتهمة الإرهاب، عمال، طلبة، حركات سياسية وثورية، فلاحين، عاطلين كل من لا يجيد الطبل والزمر ولا يحرق البخور لأولياء الأمر إرهابي، وكل مطالب بالحرية وكل من ينشد العدالة الاجتماعية إرهابي!.»، وتابع «الدولة بهذا القانون تفرض علينا الوقوف في خانة من اتنين.. إما أنك «مواطن شريف» مؤيد للسيسي أو «إرهابي» مصيره القتل أو الاعتقال» .
واعتبر المهندس حاتم عزام البرلماني السابق، أن قانون الكيانات الإرهابية دليل على وهن شديد في النظام الحالي وقال في تغريدة له على «تويتر»، «واهم من يظن أن السيسي سيستمر»،وتابع «السيسي ظهره إلى الحائط داخليًّا وخارجياً وفشل على الصعيدين»، وأضاف «قانون الكيانات الإرهابية دليل وهن شديد، سترون». وهاجم عمرو عزت، مسؤول حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قانون الكيانات الإرهابية، وقال في تدوينة له على «تويتر»: «وصف الكيانات الإرهابية في القانون الجديد ينفع يبقى البرنامج الانتخابي لعبد الفتاح السيسي».

نص القانون

اصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا بالقانون رقم 8 لسنة 2015 في شأن تنظيم الكيانات «الإرهابية» و»الإرهابيين» يتضمن تعريفا لـ«الكيان الإرهابي» و«الشخص الإرهابي» ومصادر الأموال، والتمويل، وتجميد أموال «الكيانات الإرهابية» و«الإرهابيين»،حيث تضمن القانون أنه تصنف الجمعيات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات أو الخلايا أو غيرها من التجمعات أيًّا كان شكلها القانوني أو الواقعي، ككيانات إرهابية في حالة أى من الآتي:
اولا،الدعوة بأي وسيلة داخل البلاد أو خارجها إلى إيذاء الأفراد وإلقاء الرعب بينهم، أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم أو أمنهم للخطر.
ثانيا،إلحاق الضرر بالبيئة أو بالمواد الطبيعية أو بالآثار أو بالاتصالات أو المواصلات البرية أو الجوية أو البحرية أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها.
ثالثا،منع أو عرقلة السلطات العامة أو الجهات أو الهيئات القضائية أو مصالح الحكومة، أو الوحدات المحلية أو دور العبادة أو المستشفيات أو مؤسسات ومعاهد العلم، أو غيرها من المرافق العامة، أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية، أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية فى مصر من القيام بعملها أو ممارستها لكل أو بعض أوجه نشاطها أو مقاومتها.
رابعا،تعطيل المواصلات العامة أو الخاصة أو منع أو عرقلة سيرها أو تعريضها للخطر بأي وسيلة كانت، أو كان الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمته للخطر أو تعطيل أحكام الدستور او القوانين.
خامسا، منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها. سادسا،الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو الأمن القومي.

منار عبد الفتاح:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أحمد - مصر:

    قانون قاراقوش !
    أتحسر وأندهش على من يعطى المثل على ما يوضع من قوانين فى فرنسا !
    هل الرئيس الفرنسى هو الذى يضع القوانين ؟ وهوالذى تسلم السلطة من الرئيس الخاسر..بإنتخابات شفافة ظهرت نتائجها فى الساعة الثامنة من نفس اليوم …..أما فى مصر فنعرف بقية القصة !

إشترك في قائمتنا البريدية