مطالبة القوة العربية المشتركة بشن الحرب على إسرائيل دفاعا عن حماس وأهلنا في غزة

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي» ـ استمرت الصحف الصادرة أمس الخميس 2 إبريل/نيسان في إزاحة الاهتمام بأخبار عمليات «عاصفة الحزم» في اليمن، لحساب الاهتمام المتزايد بالأوضاع الداخلية، رغم أن غالبية التعليقات والمقالات لا تزال مهتمة بهذه العملية، وما يمكن أن يترتب عليها من تدخل بري مصري، حيث يلوح أمامهم شبح تكرار تجربة التدخل عام 1962 لمساندة الثورة في اليمن، التي أطاحت بالإمامة مع اختلاف الظروف والأطراف المشاركة في العمليتين.
فعندما قامت ثورة اليمن في السادس والعشرين من سبتمبر/أيلول سنة 1962 ضد الإمام البدر، الذي تولى بعد وفاة والده الإمام أحمد، وأعلنت الجمهورية وأسقطت حكم الإمامة، بدأ أنصار البدر بمساعدة من السعودية والأردن وأمريكا وبريطانيا وشاه إيران، شن هجوم مضاد، خاصة بعد وصول قوات مصرية بطلب من الثورة، ووقتها كانت بريطانيا لا تزال تحتل عدن، وما كان يسمى المشيخات، التي شكلت في ما بعد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب، وكذلك كانت لا تزال تحتل البحرين وكل الإمارات التي شكلت عام 1971 دولة الإمارات العربية، ورغم عنف المعارك في اليمن وإرسال مصر المزيد من قواتها، فإن العلاقات مع السعودية والأردن لم يتم قطعها، بل أن الملك فيصل حضر مؤتمر القمة العربي، الذي دعا إليه خالد الذكر عام 1964، وعقد في الإسكندرية وزار السعودية عدة مرات، بالإضافة إلى أنه عقد اتفاقيات عديدة بين الملكيين والجمهوريين في حرص وغيرها، برعاية مصرية سعودية، أي أنه حتى الخصومة وقتها كان لها سقف وحدود.
المهم أن مصر أخرجت اليمن من حياة العصور الوسطى التي كان يعيشها، إلى العصر الحديث، وما قامت به كان تحت شعار العروبة، وهو ما يحفظه اليمنيون لها حتى الآن. ولكن ذكريات المصريين لا تزال تتخوف من الحرب البرية، لأنها تعني إرسال جنود وضباط، ثم يزداد عددهم وتتكرر التجربة، لكن حتى الآن لا يزال هناك ترحيب واسع جدا بالاشتراك بالقوات البحرية، وكذلك بالإعلان عن القوة العربية المشتركة ويختلط ذلك كله بالنجاح الذي تحقق في المؤتمر الاقتصادي الدولي والقمة العربية والسعادة باستعادة مصر دورها العربي.
ووصل الأمر إلى أن زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب جمعة فرحات كان يسير في أحد الشوارع فشاهد رجلا عجوزا يعاكس فتاة ويقول لها:
– صدقيني الدهن في العتاقي واديكي شايفة جامعة الدول العربية أول مرة تاخد قرارات صح وهي عندها سبعين سنة.
وأشارت الصحف إلى زيارة رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما لمصر، وبدء نقل المصريين الموجودين في ليبيا، وتقدم الأزهر بشكوى لهيئة الاستثمار ضد قناة «القاهرة والناس» بسبب برنامج إسلام بحيري، وقوله إنه يهدم ثوابت الدين، ولوحظ كثرة الأخبار عن عمليات إرهابية مثل، مقتل أمين شرطة بالأمن الوطني اسمه خالد الدسوقي علام أمام منزله في شبين الكوم، من قبل ثلاثة أشخاص كانوا يركبون دراجة بخارية، وإطلاق النار على قطار حربي في بني سويف وإصابة ثلاثة من الحراس وتفجــــير محولات كهربائية عديدة . وإلى بعض مما عندنا….

إيران بعد ثورتها بسنوات
ابتلعت ثلاث دول عربية

وإلى أبرز ما نشر عن مؤتمر القمة العربي في شرم الشيخ و«عاصفة الحزم»، والقوة العربية المشتركة التي تم الاتفاق على تشكيلها من الدول الأعضاء الراغبة في الاشتراك، بعكس اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي تضم كل الدول الأعضاء في الجامعة العربية، بحيث أصبح من الصعب تناول أي موضوع منفصل عن الآخر، خاصة وقد أضيفت إليها موضوعات أخرى مثل، صحوة روح القومية العربية وتحقيق الوحدة الاقتصادية، على الأقل في هذه المرحلة، ومحاربة النزاعات الطائفية بين السنة والشيعة . ونبدأ مع صديقنا الكاتب وعضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية ناجح إبراهيم وقوله يوم الثلاثاء في مقال له في جريدة «الوطن»: «لم يتأجج الصراع السني الشيعي في البلاد العربية إلا بعد قيام ثورة الإمام الخميني، في أواخر السبعينيات. استطاعت إيران بعد ثورتها بسنوات ابتلاع ثلاث دول عربية بطريقة شبه كاملة، وهي العراق وسوريا ولبنان، وكادت أن تبتلع اليمن كله لتصبح أكبر وأقوى إمبراطورية إقليمية في الشرق الأوسط. قبل أن تهضم إيران الدول العربية الثلاث التي التهمتها، إذا بها تتسرع وتبتلع اليمن الدولة الرابعة لتصاب بانسداد معوي حاد، ويتحالف العرب لأول مرة علانية ضدها. وفي مواجهتها لم يحسن العرب جميعا، حكاما وحكومات ومؤسسات دينية وأحزابا سياسية، جذب الشيعة العرب ناحيتهم، أو كسب مودتهم أو الوصول معهم إلى كلمة سواء تنفع بلاد العرب والإسلام والمسلمين، بل أن بعض حكام العرب مثل صدام، عاملهم أسوأ معاملة وساهم مع القذافي في قتل الإمام الصدر، وكذلك قام علي عبد الله صالح بقتل حسين الحوثي، ولم يستطع كسب الشيعة الزيدية التي تحب العرب والقريبة أصلا من السنة، ولم يستطع العرب كسب مدرسة النجف الشيعية العربية، فارتمى هؤلاء جميعا في الحضن الإيراني، الذي أراهم حنانه وعطفه العسكري وسخاءه المالي بلا حدود، وأتاح لهؤلاء جميعا السيطرة على بلادهم بهذا الدعم اللا محدود، فأصبح حزب الله أقوى من لبنان كلها، وأصبحت المليشيات الشيعية العراقية أقوى من الدولة العراقية، وأصبح الحوثيون يحتلون العاصمة ويسخرون من دولة اليمن ورئيسها وحكومتها. أغرب ما في المشهد الحوثي أن علي عبد الله صالح الذي قتل الحوثي الكبير، وكان عدوا لدودا للحوثيين، أصبح الصديق المقرب لهم وهو الذي أعطاهم قبلة الحياة للسيطرة على مقاليد الأمور في اليمن، فما أسوأ السياسة وما أقذرها وما أحط طلب السلطة والسعي نحو الدنيا».

لم يضطهد الشيعة أيام صدام حسين

وتشخيص ناجح لإصابة إيران بانسداد معوي حاد لأنه طبيب وهو أعلم منا بالحالة، والملاحظ هنا توجه إيجابي منه نحو العروبة والقومية، وهي أمور يستعيذ منها الإسلاميون ويعتبرونها شرا ومؤامرة، بالإضافة إلى الوطنية، لكن هناك أخطاء في بعض المعلومات، ففي العراق مثلا لم يكن هناك اضطهاد للشيعة أيام صدام حسين، ولم يكن لهذه المشكلة وجود لا أيام البعث ولا ما قبله من أنظمة، أيام عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف ثم أخيه عبد الرحمن عارف، ومن قبلهم أيام الحكم الملكي، قبل الإطاحة به عام 1958. والشيعة في العراق كانوا أول من أشعل الثورة ضد الاحتلال البريطاني عام 1920، وكان من أبرز قادتهم الشيخ الخالصي، وشاركهم فيها السنة، وكان أغلب أعضاء الحزب الشيوعي منهم وكذلك حزب البعث. وقد ذكر أياد علاوي وهو الذي انشق عن البعث وانضم إلى المعارضة، وتولى رئاسة الوزارة بعد الغزو الأمريكي ـ البريطاني للعراق، وهو شيعي، بأن عدد الأعضاء الشيعة في حزب البعث كان تسعمئة من بين مليون ومئتي ألف عضو، وصحيح أن الذي أشعل هذه المشكلة كان نظام الحكم في إيران بعد الثورة، خاصة أن الدستور الذي صدر بعدها نص على تصدير الثورة. أما أن نظام صدام كان ديكتاتوريا فهذا أمر لا شك فيه، وارتكب خطيئة لا تغتفر بغزوه الكويت، وهي بلد أغلبيته الساحقة سنة، كما أن من دخل مع أمريكا وبريطانيا في عملية الغزو سنة أساسا، بالتعاون مع أحزاب وقوى شيعية عراقية مدعومة من إيران. وعارض الغزو السوريون وحزب الله اللبناني الشيعي، أما معلومة أن صدام ساهم مع القذافي في قتل الإمام موسى الصدر مؤسس حركة أمل الشيعية، التي يتزعمها الآن رئيس مجلس النواب نبيه بري، وخرج منها حزب الله الذي يتزعمه السيد حسن نصر الله، فهي تقال للمرة الأولى في العالم، والمتهم الوحيد فيها هو القذافي. أما بالنسبة لعلي عبد الله صالح فإن ناجح ينسى أنه زيدي ولم يكن لهذه المشكلة وجود.

الحوثيون سبب نجاح القمة العربية!

مع ذلك فقد سارع زميلنا في «الجمهورية» محمد منازع في يوم الثلاثاء أيضا بتوجيه شكر خالص للحوثي بقوله: «كل الشكر والتقدير لجماعة الحوثي، لأنها كانت السبب المباشر في نجاح القمة العربية، وساهمت في الإجماع العربي على تشكيل قوة الدفاع المشترك وسرعة التنفيذ، لأنه لولا هذا الخطر الحوثي كان من الصعب الاقتناع بالفكرة من الأساس، وستكون أمرا شرحه يطول، لكن الحوثيين قدموا بيانا عمليا وواقعا فعليا لنموذج يهدد الأمة كلها. قبل القمة قامت «عاصفة الحزم» لوقف هذا الخطر، فكانت نموذجا للتعامل ولما ستكون عليه القوة العسكرية العربية المشتركة، وبهذا تم تفعيلها قبل أن يتم تشكيلها بشكل مختلف».

القوة العربية المشتركة
تفتقد معايير سياسية واضحة

وإلى محمد آخر في يوم الثلاثاء نفسه، وهو زميلنا في «الشروق» محمد عصمت وعلى طريقة لا شكر على واجب قال: «كان التدخل العسكري هو الخيار الوحيد المطروح أمام العرب لإيقاف الزحف الحوثي الإيراني على جميع الأراضي اليمنية، وكل الحسابات الإستراتيجية تؤكد بوضوح أن سقوط اليمن في دائرة النفوذ الإيراني سيعرض أمن الخليج للخطر، خاصة أن إثارة ثورات الأقليات الشيعية فيها ستكون الهدف الإيراني التالي، وهو أمر لن تستطيع الدول الخليجية تحمل تكاليفه، خاصة أنه قد يجر المنطقة بكاملها إلى حرب طائفية ومذهبية لا أحد يستطيع معرفة مداها ولا مـآلاتها المدمرة. المأخذ الوحيد على هذه القوة العربية المشتركة هو أنها تفتقد إلى معايير سياسية واضحة تحكم عملها، كما تفقد إلى قيم سياسية وفكرية محددة تدافع عنها، وهي أمور قد تفتح الباب أمام قوى التطرف والإرهاب الديني للمزايدة عليها، ومطالبة هذه القوة المشتركة بشن الحرب على إسرائيل دفاعا عن حماس وأهلنا في غزة، من دون أن يضعوا في حساباتهم موازين القوة بين العرب وإسرائيل، التي تقف وراءها كل الدول الغربية، ومن هنا فإنه بدون التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كل الدول العربية سيستمر نزيف الجراح العربية، وسيستمر أعداء التقدم يصطادون في المياه العكرة وهم جاثون على صدورنا».

لن يكون اليمن مستنقعا للقوات المصرية

ويوم الأربعاء قدم في مجلة «المصور» القومية رئيس تحريرها زميلنا غالي محمد تفسيرا جديدا لموقف الرئيس السيسي قال عنه: «عندما يقرر الرئيس السيسي مشاركة القوات المصرية في «عاصفة الحزم»، فإن المشاركة ركزت على القوات البحرية والقوات الجوية، لأن الرئيس السيسي يقرأ التاريخ جيدا ولا يريد أن يغامر بالمشاركة في حرب برية سوف تكون مكلفة للقوات المصرية، وبالتالي لا داعي لشماتة الإخوان الذين يعيدون نشر ما ذكره موقع جريدة «الواشنطن بوست» الأمريكية بأن ما حدث في الستينيات في زمن عبد الناصر قد يتكرر في عهد السيسي. والأمر المؤكد ووفقا لسير العمليات في «عاصفة الحزم» لن يكرر الرئيس السيسي ما حدث في الستينيات، ولن تدفع مصر الثمن باهظا، ولن يكون اليمن مستنقعا للقوات المصرية أو فيتنام أخرى لمصر. وإذا كانت التحذيرات تتوالى من دخول مصر الحرب البرية في اليمن فإن هذا أمر يخص مصر فقط ولا يخص غيرها، لأنه لن يستطيع أي من كان أن يجبر مصر والرئيس السيسي على المشاركة في حرب برية، ولو كان الأمر بهذه البساطة لشرع الرئيس السيسي في حرب برية ضد الإرهابيين في ليبيا، لكن الرئيس السيسي ثأر للمصريين الذين ذبحهم «داعش» من خلال ضربات جوية مؤثرة أعادت للمصريين كرامتهم، ومن ثم ليس من السهل أن يضحي الرئيس السيسي بظفر أي جندي مصري».

مخططات لتقسيم الدول العربية
لدويلات وكيانات صغيرة

وإلى «جمهورية» الأربعاء وزميلنا عصام عمران وقوله عن السيسي معجبا به لدرجة أن جعل عنوان مقاله «السيسي وحّد المصريين والعرب أيضا» قال فيه: «هناك الكثير من القوى والدول الكبيرة والصغيرة لن يروقها ما تحقق من نتائج وقرارات في قمة شرم الشيخ، وستسعي جاهدة لإفشال أي نتائج، ووقف أي مشروعات طالبت بها القمة، ومن هنا يأتي دور الإعلام العربي الوطني، وكذلك النخبة العربية، خاصة المثقفين والمبدعين والسياسيين وقادة الفكر والرأي، نحو توعية الشعوب العربية بهذه المخططات الدنيئة، التي تستهدف دويلات الوطن العربي عامة وتقسيم دوله الكبرى إلى دويلات ومقاطعات صغيرة. وفي الوقت نفسه يجب على القادة العرب أن يستثمروا هذه الروح الجديدة التي انطلقت مع قمة شرم الشيخ والانطلاق نحو وطن عربي موحد وقوي، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وعلميا. أنا شخصيا أتمنى أن تكون القوة العربية المشتركة التي أقرها القادة العرب في قمتهم الأخيرة بداية حقيقية للوحدة العربية وتحقيق الحلم العربي الذي طال. لتتظافر الجهود في تكوين كيان اقتصادي عربي أو سوق عربية مشتركة يتبعها توحيد العملة وإلغاء الجمارك والتأشيرات وغيرها من الأمور التي تفرق أكثر مما توحد».

لماذا تشارك باكستان في الشأن العربي؟

وإلى الوفد وزميلنا علاء عريبي وعموده اليومي «رؤى» واعتراضه على اشتراك باكستان في «عاصفة الحزم» وقوله: «الأخبار التي تتناقلها وكالات الأنباء والفضائيات، تشير إلى مشاركة دولة باكستان في «عاصفة الحزم»، وقيل إن بعض القوات البرية تتمركز على الحدود السعودية اليمنية، وإن مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة تجري حاليا على الحدود، وإن قوات برية باكستانية سوف تشارك في الإنزال البري لـ»عاصفة الحزم». السؤال هل هي حرب إسلامية شيعية، أم عربية في «عاصفة الحزم» العربية؟ لماذا توافق دول العاصفة على مشاركة غير العربي في الشأن العربي؟ هل لضعف الجيوش العربية؟ هل لعدم قدرتها على إنجاز مهمتها داخل اليمن؟ هل «عاصفة الحزم» إسلامية شيعية أم لقتال طائفة باغية حتى تفيء «سورة الحجرات: آية 9؟».

صورة مصر يجب ألا تتشوه
برذاذ دماء اليمنيين الأبرياء

وإذا كان علاء قد انزعج مما يتردد عن مشاركة قوات باكستانية وهي غير عربية في «عاصفة الحزم» فإن زميلنا فهمي هويدي في يوم الأربعاء ذاته انزعج في مقاله اليومي في «الشروق» لسبب آخر قال عنه: «أزعجني ما تردد خلال اليومين الماضيين ما نشر عن قيام البحرية المصرية المشاركة في «عاصفة الحزم» بقصف مواقع الحوثيين في عدن، إذ رغم أنني تفهمت الملابسات والحسابات السياسية التي دفعت مصر إلى الاشتراك في الحرب، إلا أنني توقعت أن يقتصر دورها على تأمين باب المندب، وذلك أمر مهم لا ريب، من دون أن تشارك في القتال بين الطرفين، ذلك لأنني تمنيت أن تظل الصورة المصرية في الذاكرة اليمنية محتفظة بنصاعتها التي تجلت في مساندة ثورة سبتمبر/أيلول على حكم الإمامة، وألا تشوه تلك الصورة برذاذ دماء اليمنيين الأبرياء الذين يسقطون في الحرب الراهنة، ناهيك عن أن اكتفاء مصر بتأمين الممر الدولي في باب المندب يمكنها أن تقوم بدور الوسيط الذي يستطيع أن يسهم في حل الأزمة وتجنب اليمن مزيدا من الدماء والضحايا».

لا قيمة للإنسان في الحرب الدائرة اليوم في اليمن

أما في «الشروق» عدد يوم أمس الخميس فنقرأ لعمرو حمزاوي مقالا قال فيه: «تتوالى البيانات الرسمية من دول عربية وشرق أوسطية وقوى خارجية. تتوالى المؤتمرات الصحافية للمتحدثين العسكريين في عواصم مختلفة. تتوالى أخبار الضربات الجوية والقصف البحري لدول «عاصفة الحزم» والتحركات البرية للحوثيين، وحلفائهم. وكذلك يتوالى صمت الأطراف المتحاربة، داخلية وعربية وشرق أوسطية، وصمت القوى الخارجية عن معاناة الشعب اليمني.
حتى حين أشارت ــ منذ أيام ــ تقارير بعض وكالات الأنباء العالمية إلى سقوط قتلى وجرحى مدنيين، بعد قصف طائرات «عاصفة الحزم» لمخيم للنازحين/ للاجئين تديره الأمم المتحدة، لم يتوقف لا كتبة البيانات الرسمية ولا المتحدثون العسكريون ولا الإعلام العربي أو الغربي طويلاً أمام الأمر، وكأن الطبيعي أن يسقط المدنيون.
لا قيمة للإنسان في الحرب الدائرة اليوم في اليمن، فهو غائب عن بياناتها ومؤتمراتها. والضحايا المدنيون، من قتلى وجرحى ونازحين ولاجئين، يختزلون في أرقام ستعلن «فيما بعد» تحت بند «الأضرار غير العمدية» والدمار الذي تلحقه الحرب باليمن لا يلتفت إليه أحد، وكأن لسان حال الأطراف المتحاربة في عبثية مطلقة هو «دمرت البلاد خلال السنوات الماضية، ولا جديد فيما نقوم به اليوم» ومستقبل اليمن وشعبها، بعد أن تضع الحرب أوزارها، ويتثبت الجميع من أن القوة العسكرية بمفردها غير كافية لحسم الصراعات والنزاعات، وأن الطائفية والمذهبية والقبلية هي نار تحرق من دون تمييز، يتحول أيضا إلى مسكوت عنه.
ليست حرب اليمن هي الحرب المعاصرة الأولى في بلاد العرب التي يجتمع بها شر الصمت عن معاناة الشعوب وشر إهدار قيمة الإنسان. فالحرب العراقية الإيرانية 1980ــ1988 وبها استخدمت الأسلحة الكيميائية وأسلحة محرمة أخرى، وغزو صدام حسين للكويت فى 1990 بجرائمه ضد الإنسانية، وحرب تحرير الكويت في 1991، التي حولتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى ضربات جوية وصاروخية ساحقة دمرت مقومات الحياة لشعب العراق، والغزو الأمريكي الإجرامي للعراق في 2003 بأكاذيبه وجرائمه وأسلحته المحرمة دوليا وانتهاكات الحقوق والحريات المروعة التي أعقبته، وحروب الكل ضد الكل العبثية في العراق وسوريا وليبيا بنظم حكم مجرمة ومجموعات في مواجهتها لا تقل إجراما، والإجرام الإسرائيلي الممتد ضد الشعب الفلسطيني استيطانا واحتلالا وتمييزا عنصريا وحصارا، وجرائم إسرائيل المتكررة ضد الشعب اللبناني خاصة في الجنوب؛ في كل هذه الحروب اجتمع شر الصمت عن معاناة الشعوب مع شر إهدار قيمة الإنسان. وليست حرب اليمن هي الحرب المعاصرة الأولى في بلاد العرب التي نتقاتل فيها، وتصوب فيها الأسلحة العربية إلى أجساد وشوارع ومرافق وقرى ومدن عربية، فالتاريخ الأليم لرفضنا تعلم درس الترابط العضوي بين السلم والعمل على إيجاد حلول تفاوضية للصراعات وللنزاعات، وبين التقدم والتنمية لم يبدأ بالأمس.
سأواصل المطالبة في كتاباتي بالاعتماد على التفاوض والحلول السلمية للصراعات والنزاعات كبديل للحروب والمواجهات العسكرية، سأكرر الدعوة إلى الابتعاد عن نار الطائفية والمذهبية والقبلية ولملمة أشلاء المجتمع والدولة في اليمن في إطار توافقي، سأعيد التشديد على أن التفاوض والتعاون وتقديم المصالح المشتركة أولوية للعرب مع إيران وكذلك مع تركيا. غير أنني لم أعد أرى اليوم في بلاد العرب وجوارها والقوى الخارجية الطامعة في مقدراتها إلا تعطيلا للضمائر وللعقول واستساغة لشرور الصمت عن معاناة الشعوب وإهدار قيمة الإنسان وتجاهل حقه المقدس في الحياة وتحويل كل ذلك إلى مسكوت عنه.
هذا العالم ليس لنا، أو هو اليوم بكل هذه المظالم والمفاسد لا يسمح لنا ولمبادئنا ولأفكارنا بالوجود الفعال. هذا العالم لم يعد يضمن لنا إلا حقا مطلقا وحيدا، الحق في الحزن».

حزب الوفد ولد
من رحم النضال والوطنية

وإلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون على شيء وبدأها يوم الأحد زميلنا في «الوفد» عضو مجلس الشعب السابق محمد عبد الحليم، مهاجما من دون أن يحدد الاسم، حزب «المصريين الأحرار» بسبب هجوم بعض قادته على حزب الوفد بقوله عن الوفد: «حزب ولد من رحم النضال والوطنية، وقاد ثورة اختلطت فيها دماء الشعب بتراب الوطن، أبدا لن يقارنه الشعب بأحزاب صنعت من مال مشبوه، لم تعرف للنضال طريقا، بل كان تاريخ سلب ونهب وشراء عبيد، لسرقة برلمان لا يمكن أبدا أن يقارن بحزب كان نوابه ممتاز نصار ومصطفى شردي وعلوي حافظ وعبد المنعم حسين وعلي سلامة وطلعت رسلان والشيخ عاشور ومصطفى الطويل وأحمد ناصر، بحزب يقيم مزادا لشراء نواب بأموال الضرائب المنهوبة والصفقات المحرمة حقا أن للوفد أمجادا وللعبيد مزادا».
وهو يقصد بأموال الضرائب المنهوبة المشكلة التي قامت بين مصلحة الضرائب وشركات سميح وأنس ساويرس شقيقي مؤسس حزب «الأحرار» خفيف الظل نجيب ساويرس، والثورة التي قادها «الوفد»، والتي أشار إليها عبد العليم هي الثورة الشعبية في مارس/آذار 1919 التي اندلعت ضد الاحتلال البريطاني بقيادة خالد الذكر سعد زغلول باشا.

شيوخ الإخوان لن يفرطوا بتاريخهم

وإلى معركة أخرى خاضها يوم الأحد أيضا المحامي منتصر الزيات، وأحد أعضاء هيئة الدفاع في الجماعة الإسلامية في حديث نشرته «المصريون» وأجراه معه زميلانا محمد منسي وأنس الطويل هاجم فيه عددا من الإخوان الذين تركوا الجماعة واجتمعوا مع الرئيس السيسي منذ أكثر من شهر قال: «توجد بالفعل ضغوط دولية على النظام الحاكم في مصر للمصالحة مع الإخوان، وأن الملك سلمان والولايات المتحدة الأمريكية يضغطان على السيسي من أجل المصالحة مع الإخوان، لأن الوضع في مصر أصبح مأساويا… أما أن تقوم جماعة الإخوان بطرح مبادرة للتصالح مع الدولة على غرار الجماعة الإسلامية، فلا أعتقد أن الإخوان قادرون على طرح مثل هذه المبادرة، لأن الأزمة عنيفة بينهم وبين السيسي. الشيوخ ليست لديهم الرغبة في التفريط بتاريخهم وهم يستبشرون بنهاية العمر، ولا بأس أن تكون نهايتهم في الشهادة شنقا، أو موتا في غياهب السجون، وشبابهم لن يقبل بأي مصالحات في ظل وجود المشير السيسي رئيسا. قد نرى صناعة لمطاريد الإخوان في شكل جماعة جديدة أو تسويق بعض هؤلاء المطاريد باعتبارهم الإخوان الحقيقيين لكنهم مثلما فشل غيرهم سيفشلون».

كمال الهلباوي:
يمكن أن تكون هناك مصالحة

ونشرت «المصريون» في العدد ذاته حديثا آخر مع الدكتور كمال الهلباوي وكان مسؤولا عن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في أوروبا، أجراه معه زميلنا مصطفى مراد قال فيه: «لا أعتقد أن الإخوان يسعون إلى تحقيق مصالحة، وإذا أرادوا ذلك لما اتجهوا إلى إنشاء قنوات فضائية لتهييج المجتمع الدولي على مصر، ولم يأخذوا عبرة مما حدث في العراق والصومال واليمن. كما أن الشعب ليس لديه دافع لتحقيق مصالحة إلا مع من لم يشترك منهم في العنف، أو يخرج في المظاهرات أو اعتصامات وإدانة هذه الأعمال.
لقاؤنا مع الرئيس السيسي تم الحديث فيه عن كل شيء يمكن أن يفيد مصر، لاسيما المستقبل، ويمكن أن تكون هناك مصالحة، وأي إرادة سياسية تسعى إلى أمن واستقرار الوطن، وهذا ما ظهر في جميع خطابات الرئيس السيسي، إلا إذا كانت تحركها يد أخرى. ومصر حتى الآن هي الدولة العربية الوحيدة التي لا توجد بها قواعد عسكرية، ومن له مشكلة مع النظام من الحكمة أن يؤجلها حتى يتم الانتهاء من الحرب على الإرهاب، فالنقد لابد أن يكون بناء ولابد أن يعلم الجميع أن تحرك القيادة السياسية بين الدول المختلفة هدفه الهيمنة الأمريكية أو الغربية، فرئاسة الجمهورية سعت إلى التواصل مع جميع الدول».

الجنسية الأمريكية العائق
بين محافظ الإسكندرية والمواطنين

وإلى معركة أخرى يوم الأحد أيضا خاضها زميلنا وصديقنا حمدي رزق في عموده اليومي في «المصري اليوم» (فصل الخطاب) وكانت ضد محافظ الإسكندرية بقوله عنه: «دخل هاني المسيري محافظ الإسكندرية التاريخ رغم أنفه باعتباره أول محافظ في تاريخ المحروسة تحرق صوره في مظاهرة، وإن كانت محدودة. واللافت أن حرق صور المحافظ في ميدان القائد إبراهيم كان على خلفية العلم الأمريكي، مع ترديد شعارات مكتوبة «الإسكندرية ليست ولاية أمريكية «، في إشارة لا تخفى إلى جنسية المسيري الأمريكية. بحرق الصور دخلت أزمة المحافظ الإسكندرية مدخلا ضيقا، أخشى أن الموج قد يشتد خلال الجمع المقبلة. راكبو الموجة سيركبون والصائدون في الماء العكر كثر، واخشى أن يكون حرق صور المحافظ مقدمة لحرق الحكومة.
يقينا جنسية المحافظ الأمريكية، تشكل مانعا وحاجزا نفساويا عن العلاقة الطبيعية بين المحافظ والمواطنين، وإذا كان هناك من يستغل جنسية المحافظ لإشعال الغضب الشعبي وطنيا فلابد من نزع الفتيل وتفكيك العبوة قبل تفجيرها».

أجور القطاع الحكومي
أفضل بكثير القطاع الخاص

أما آخر معارك اليوم فستكون لزميلنا في «الأهرام» الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارتها الأســــبق عبد الفتاح الجبالي وقوله يوم الأربعاء: «يبدو أن شعار «إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه»، الذي ظهر في ستينيات القرن الماضي ما زال هو الشعار الأساسي في سوق العمل المصري حتى الآن، على الرغم من الزيادة الكبيرة في الدور الاقتصادي للقطاع الخاص على مدي العقود الماضية، وهناك شكاوى عديدة ومتنوعة من جانب بعض أصحاب الأعمال من عدم وجود العمالة التي يبحثون عنها.
وعلى النقيض من ذلك حينما أعلنت وزارة التربية والتعليم عن مسابقة لتعيين ثلاثين ألف مدرس للعمل في الوزارة تقدم لها نحو مليوني فرد، طامعين في الحصول على وظيفة حكومية، حتى لو كانت بمرتبات ضئيلة، وهناك العشرات من الأمثلة الأخرى التي حدث فيها الموقف نفسه. والأسباب الجوهرية لعزوف الأفراد عن العمل لديه ترجع إلى ظروف العمل وعدم الشعور بالأمان المستقبلي، حيث أن العديد من المنشآت لا توفر للعامل البيئة المناسبة، التي تضمن له الاستقرار والتحول نحو المستقبل، ولعبت السياسات الحكومية المطبقة في هذه الفترة دورا أساسيا في تغذية هذه العملية.
فعلى سبيل المثال ما زالت سياسات الأجور لدى القطاع الحكومي والعام أفضل بكثير من السائــــدة لدى القطاع الخاص، وخير دليل على ذلك قيام الحكومة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، الذي وصل إلى ألف ومئتي جنيه شهريا، بينما لا زال القطـــاع الخاص لا يطبق هذه السياسة».
وعبد الفتاح يقصد أن التعيين في الحكومة والقطاع العام يبدأ بألف ومئتي جنيه شهريا، وأما قوله إن شعار إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه ظهر في الستينيات فإنه غير حقيقي لأن الشعار كان مرفوعا في العهد الملكي.

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول mohamed lakhdar:

    الا اسرائيل انها ساحة مقدسة عند محركي الدمى.

إشترك في قائمتنا البريدية