مطالبة رئيس الوزراء بممارسة سلطاته والتوقف عن ترديد عبارة «بناء على توجيهات الرئيس»

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» من حسنين كروم: أكثر الأخبار والموضوعات في صحف أمس الأربعاء 27 أغسطس/آب اجتذابا لاهتمامات الغالبية، كان نشر وزارة الداخلية صورة زعيم كتائب حلوان المسلحة مجدي فونيا، وتعمد إظهاره وآثار اللكمات على وجهه، ويداه مقيدتان للخلف، والقبض على مساعده عنتر. وكانت الوزارة من قبل قد نشرت صورا لبعض أعضاء المجموعة المقبوض عليهم وقد وضعت أقنعة على وجوههم وهم مقيدون.
كما نشرت «الوطن» صور وأسماء أعضاء خلية «داعش» الذين تم القبض عليهم، ونفي وجود جماعة بوكوحرام في قرية الجو الفرجي بمركز بني يوسف الصديق بمحافظة الفيوم. كما اهتمت أعداد كبيرة من المواطنين بخبر العثور على الهيكل العظمي لأحد جنود الجيش، الذي استشهد في حرب أكتوبر عام 1973، أثناء عملية حفر القناة الجديدة وبطاقته، وهو الشهيد المجند محمد عطوة من قرية طوخ الأقلام بالسنبلاوين بمحافظة الدقهلية، والإعلان عن دفن الرفات في جنازة عسكرية ضخمة وإطلاق اسمه على أحد الشوارع .
ومن الموضوعات المهمة جماهيريا، استمرار الشرطة في فرض القانون وسط القاهرة، ومنع أي عودة للباعة الجائلين إليها، وتحذير أصحاب المحلات من تخزين البضاعة لهم، وتم بالفعل غلق أحد المحلات التجارية في شارع عرابي قام صاحبه بمخالفة الإنذار.
كما أستقبل رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب عددا من الباعة أكدوا له قبولهم الانتقال الى مول الترجمان. ومن الاخبار المهمة الاخرى التي تجذب اهتمام المواطنين والتي نشرتها الصحف، خبر تواصل التحسن في الكهرباء والإعلان عن قرب وصول شحنات من السولار من روسيا وقرض من الإمارات بقيمة اثني عشر مليار دولار، بفائدة سنوية قدرها اثنان في المئة لمدة أربع سنوات، وسنة سماح لتمويل شراء البترول والغاز والسولار، كذلك إعلان وزارة الكهرباء إبعاد ألف من العاملين بها من الإخوان المسلمين من المناصب القيادية والمؤثرة الى غيرها داخل الوزارة، وتعمدها القول ان ذلك تم بناء على تقارير أمنية، وسيتم في الأيام القادمة إبعاد أربعمئة آخرين، وسوف تمتد العملية الى مؤسسة الطاقة الذرية لتتواصل في وزارة التربية والتعليم.
ولم تلق الأخبار والموضوعات الأخرى الاهتمام الشعبي نفسه، رغم أهميتها السياسية للبلاد وأمنها مثل، نفي وزير الخارجية سامح شكري أي تدخل عسكري مصري في ليبيا ضد أي طرف، واستقبال الرئيس السيسي رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح ووزير الخارجية محمد عبد العزيز ورئيس الأركان الجديد عبد الرازق الناظوري، والإعلان عن قيام مصر بمساعدة ليبيا في بناء الجيش والشرطة ودعوتها للحوار بين جميع القوى.
كما تم التوصل الى قبول الوفد الفلسطيني وإسرائيل الورقة المصرية بهدنة طويلة في غزة، والبدء في اتخاذ إجراءات عملية لرفع الحصار عن أشقائنا. وكذلك موجة التفاؤل في التوصل لاتفاق مع اثيوبيا بخصوص سد النهضة، وهذا كله يصب في اتجاه استعادة مصر مكانتها العربية بالتدريج، وزيادة قوة التحالف الجديد مع السعودية والإمارات ودول الجوار مع ليبيا.
ولوحظ أيضا أن الشركة المصرية للأقمار الصناعية قررت إغلاق بث القنوات الليبية على النايل سات، بناء على طلب الحكومة المؤقتة، واختيار زميلنا وصديقنا في الوفد وزير الإعلام الأسبق أسامة هيكل رئيسا لمدينة الإنتاج الإعلامي. والى شيء من أشياء عديدة لدينا.

الخوف على مصر
من غياب «لا» وشيوع «نعم»

ونبدأ بالمعارك والردود المتنوعة ويبدأها في تقرير اليوم زميلنا خفيف الظل الإخواني رئيس تحرير جريدة «أخبار اليوم» السابق سليمان قناوي بقوله يوم الاثنين في جريدة «الأخبار» مهاجما ما قال انه سيطرة الرأي الواحد على الصحف الآن وأضاف:»اننا نعيش الآن عصر الرأي الواحد والتوجه الواحد، وأي صاحب رأي مخالف هو عند كثيرين خائن وإرهابي. والغريب أن الهجوم على أصحاب الآراء المخالفة لم يعد يأتي من النظام أو حتى أنصاره، ولكن بكل أسف فإنه أصبح يأتينا من دعاة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان من أصحاب الأقلام. ويبدو أننا حسدنا أنفسنا واستنكرنا عليها الحرية التي كان سقفها السماء، والتي عشناها ومارسناها في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني المجيدة، فقد فتحت أبواب الحرية ليقول الجميع آراءهم من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، من دون قيد أو خوف. أخشى أن أقول ان كل ذلك قد انتهى الآن، لقد تم إسكات بلال فضل وعلاء الأسواني وباسم يوسف وغيرهم الكثير، ولم يشفع لهم الدور الذي لعبوه في إسقاط الإخوان وتأييد موجة 30 يونيو/حزيران في بدايتها، إلا أن وقفتهم ضد عودة القمع والاستبداد وكبت الحريات فتحت عليهم أبواب جهنم. ومما يحزن النفس أن الهجمة الشرسة التي تعرضوا لها جاءت من زملاء لهم وقفوا الى جوارهم يوما بيوم خلال الأيام الـ18 لإسقاط مبارك.
أخشى على وطني من غياب «لا» وشيوع «نعم» و»آمين» لأن سنة الله في الكون هي الاختلاف، ولو اراد ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين. لقد أدى الرأي الواحد الى هزيمة 1967، وقاد اعتقال كل رموز المعارضة في سبتمبر/ايلول 1980 الى حادث المنصة. وأدى قتل خالد سعيد وتزوير الانتخابات 2010 الى خلع مبارك. لا نريد لجمهورية الخوف أن تعود».

المراجعات الفكرية ستعيد للدين أمجاده

أما في «الأسبوع» في اليوم الاثنين ايضا، فقد هاجم الدكتور صلاح عبادة التيارات السياسية الإسلامية لعدم قيامها بمراجعة تجربتها وفشلها بقوله:
«حالات غامضة ومأساوية وغير عادلة لم تكن لتخطر على بال الجموع الثورية النقية الحالمة، وهي تنفجر بالثورات البيضاء النبيلة التي اندلعت موجاتها الهادرة مطالع عام 2011 في معظم الدول العربية، تنشد العدل والحرية والكرامة الإنسانية والعيش الكريم، بعد عقود طويلة من الظلم والغبن والتهميش. وقد ضرب اليأس والإحباط تلك الجماهير الثائرة في مصر وتونس وليبيا وغيرها، وهي ترى ثمار ثوراتها تسقط ناضجة في حجر تيار الإسلام السياسي، الذي ظل رابضا متربصا، يتحين الفرصة المواتية للانقضاض على السلطة منذ بداية ظهوره على الساحة السياسية في الثلث الأول من القرن العشرين. وها هو الإسلام السياسي الآن خريفه يعاني الانحسار والمطاردة إقليميا ودوليا، فالصعود السريع نحو قمة هرم السلطة، أعقبه سقوط أسرع. وبعد هذا الانهيار التراجيدي انفتح أفق التأملات والتساؤلات عن العوامل التي أدت الى هذا الانهيار، وهل هي من خارجه أم أن هذا التيار يحمل بداخله بذور فنائه وعوامل انهياره وفشله؟
وإذا ما أراد دعاة تيار الإسلام السياسي في مصر والوطن العربي وكثير من دول العالم أن يعيدوا للدين مجده الأول ووجهه المشرق وسموه وقداسته فليتحلوا بشيء من مراجعة الفكر ومساءلة الذات وامتلاك قدر من الشجاعة للاعتراف بالأخطاء وكبح جماح الشهوة العارمة الى السلطة وتطوير الخطاب وتركيز الاهتمام على الإنسان بمحاولة هدايته وإسعاده، فالإنسان هو خليفة الله في هذا الكون وكل ما في الكون مسخر من أجله وحده».

المصريون يقارنون أيام مبارك
ومرسي بأيامهم الصعبة الآن

والى معركة أخرى مختلفة تماما خاضها يوم الثلاثاء زميلنا في «الأهرام» مسعود الحناوي ضد الحكومة بقوله عنها وعن تصرفاتها التي لم تعجبه:
«هل كان ضروريا أن يعقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماع أزمة مع رئيس وزرائه ووزيري الكهرباء والبترول لمناقشة أبعاد مشكلة انقطاع التيار وتأثيرها على المواطنين؟ هل كان لازما أن يطالبهم بالعدالة بين المناطق وعدم التمييز بين الناس في تخفيف الأحمال، بما في ذلك منزله شخصيا؟ هل كان واجبا أن يأمرهم بوضع خطة زمنية لعلاج الأزمة وإدخال تعديلات لضمان التوازن في قطع التيار؟ ولماذا ظهرت كل الحلول والوعود وبدأ التحسن عمليا فجاء بعد اجتماع الرئيس؟ هل كان السادة الوزراء في حاجة الى من يخبرهم أن أخطر ما في مشكلة الكهرباء ليس مجرد انقطاعها؟ ولكن حالة التذمر والإحباط التي بدأت تنتشر بين الناس واللامبالاة التي أصابت المسؤولين وكم الشائعات الهائل الذي يسود البلاد. هل كانوا في حاجة لأن يعلموا أن الناس بدأوا يقارنون بين أيام المخلوع ومرسي الذي عزلوه لأسباب عديدة من بينها قطع الكهرباء، وبين الأيام الصعبة التي نعيشها الآن نتيجة انقطاع التيار وآثاره السلبية على أرزاق وحياة البشر. لقد منح دستورنا الجديد رئيس الوزراء سلطات واسعة وقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية، فلا يصح ولا ينبغي بعد ذلك وبعد ثورتين عظيمتين أن نظل نعيش في عباءة عبارة بناء على توجيهات الرئيس، لأنكم بذلك لا تخدمون الرئيس وإنما تأكلون كثيرا من رصيده الضخم الذي اكتسبه من حب الشعب».

مشكلة الكهرباء باقية أما الحل فمؤقت

أما زميلنا وصديقنا نقيب الصحافيين الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للصحافة جلال عارف فكان له رأي آخر في يوم الثلاثاء نفسه، عن عمق الأزمة. وكان على يمين الرئيس يوم الأحد أثناء اجتماعه مع الصحافيين فقال جلال عن أزمة الكهرباء في «التحرير» بصراحة كاملة شرح الرئيس السيسي حقيقة الإجراءات التي تم اتخاذها في مجال الكهرباء، وأدت الى بعض التحسن الجزئي، وربما منعت أن تصل معاناة المواطنين الى حدود غير معقولة مع موجة الحر شديدة الوطأة التي نعاني منها.
قال الرئيس ان الأمر ليس فيه معجزة، بل ان ما حدث هو نوع من المناورة كما يسمونها في لغة الإستراتيجية العسكرية، حيث تم توجيه كميات إضافية من الوقود لمحطات الكهرباء على حساب قطاعات أخرى لها أيضا أهميتها، وذلك بصورة مؤقتة، حتى يمكن تجاوز الأزمة وتخفيض معاناة المواطنين بعد أن وصلت الى ذروتها. والمعنى أن المشكلة باقية والحل مؤقت، حتى تزول الأسباب الكامنة وراءها، التي أصبحت معروفة للجميع، بدءا من تراجع الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي الى نقص الموارد اللازمة لتعويض ذلك بالاستيراد، الى تهالك عدد كبير من المحطات القديمة وتأخر دخول الجديد منها الى الخدمة».

الباعة الجائلون شوهوا صورة الوطن

ونغادر «التحرير» الى «أخبار» يوم الثلاثاء نفسه لنكون مع جلال آخر هو زميلنا وصديقنا جلال دويدار، رئيس تحريرها الأسبق، حيث أخذنا الى معركة أخرى بعيدة عن الكهرباء، وهي إخلاء وسط القاهرة من الباعة الجائلين وتعبيره عن سعادته بالقول في عموده اليومي ـ خواطر:»تخلص منطقة وسط القاهرة من سيطرة وهيمنة الباعة الجائلين يجعلنا نقول ان الدولة المصرية الآن بدأت تستعيد هيبتها التي فقدتها بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، لا جدال أن نقل هؤلاء الباعة الى ساحة موقف الترجمان، يمثل خطوة طال انتظارها لإعادة النظام الى شوارع هذه المنطقة، التي كانت مرتعا للفوضى والانفلات الأمني. لقد ساهم احتلال هذه الفئة للشوارع والأرصفة الى مزيد من التعقيد لأزمة المرور، بالإضافة الى تصاعد مظاهر البلطجة. اننا وبعد هذا الإنجاز الحضاري سيتحتم علينا مواصلة حملات الضبط والربط في الشوارع ورفع راية دولة القانون حتى لا يعاود داء الباعة الجائلين نشر الفوضى والإرهاب بشوارعنا، وتشويه صورة الوطن. هذا ولا يقتصر الأمر على وسط القاهرة وانما هناك شوارع ومناطق أخرى احتلها الباعة الجائلون، كما أن الحالة نفسها في كل المحافظات» .

ظاهرة الباعة الجائلين ليست وليدة اليوم

وتقتضي الأمانة القول ان هذه المشكلة لم تظهر عقب ثورة يناير وانهيار الأمن إنما هي قديمة منذ الأربعينيات من القرن الماضي، عندما احتل الباعة ميدان العتبة من ناحية مدخل شارع الموسكي وباب الشعرية، وامتدوا حتى وقفوا أما أبواب المحلات التجارية وأصبحت أخبار الحوادث والمعارك بين أصحاب المحلات والباعة تمتلئ بها الصحف، بالاضافة الى سقوط قتلى وجرحى. وبدأ الباعة العمل نفسه في شوارع وسط القاهرة، وكان من المشاهد المألوفة يوميا مطاردة شرطة المرافق لهم. ولما ازدادت أعدادهم أصبحوا يوظفون «ناضورجية» كل مهمتهم تحذيرهم عند رؤية الحملات، حتى يجمعوا بضائعهم ويجرون بها في الشوارع في الخلفية، ثم تطور الأمر الى أن أصبح لهم مرشدون بين الشرطة يخبرونهم بأنباء الحملات قبل خروجها. وازدادت المشكلة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك بتعاطف شرائح من المجتمع، بل من النظام معهم، على أساس أن عددا كبيرا من هؤلاء الباعة لم توفر الدولة لهم أعمالا وبدلا من أن يتحولوا الى مجرمين ويصبحون عبئا على الأمن، فإن الأفضل تركهم حتى إن كان وجودهم غير قانوني. ومع تفشي الفساد لم يعد للقانون وجود إلا في ما ندر فقام أصحاب محلات ومقاه ومطاعم بالاستيلاء على أرصفة الشوارع تحت حماية مسؤولين.

رجال الأعمال يرصدون مليار
جنيه لشراء مرشحي الانتخابات

والى تحركات الأحزاب والقوى السياسية وتشكيل التحالفات والتكتلات التي ستخوض بها الانتخابات، وازدياد المخاوف من سيطرة رجال الأعمال عليها، مما دفع زميلتنا الجميلة في «الجمهورية» سوزان زكي للقول يوم الاثنين:»يبدو أن نجاح رجال الأعمال في السيطرة على الإعلام المصري، من خلال امتلاكهم الفضائيات، أثار شهيتهم للسيطرة على مؤسسات الدولة وأخطرها على الإطلاق، هو البرلمان المصري ليرصدوا أكثر من مليار جنيه لشراء المرشحين لانتخابات مجلس النواب المقبل.
الآن صار المرشحون أنفسهم يتزاحمون على أبواب رجال الأعمال لبيع أنفسهم مقابل تمويل حملاتهم الانتخابية، حتى أن أغنى رجل أعمال في مصر افتتح مكتبا للتنسيق لقبول طلبات راغبي الترشح للانتخابات البرلمانية القادمة. الطريف أن رجل الأعمال الشهير خصص مجموعة من الخبراء لإجراء التحريات اللازمة عن المتقدمين لمكتب تنسيق قبول المرشحين، للتأكد من حسن سمعة المرشح واتجاهاته ومدى شعبيته في منطقته، بالإضافة الى قابليته للسمع والطاعة والالتزام بما يتم الاتفاق عليه.
بالتأكيد مجلس النواب المقبل يعد أخطر مجلس في تاريخ مصر المعاصر، لأنه طبقا للدستور الجديد فإن سلطاته تكاد تعادل وربما تفوق سلطات رئيس الجمهورية. هل سنرى مشرعي القوانين بمجلس النواب القادم يتلقون التعليمات من رجال الأعمال الذين كانوا سبب دخولهم المجلس قبل تقديمهم القوانين أو حتى التصويت عليها، وكذلك عند تشكيل الحكومة، بالطبع سوف تأتي القوانين والقرارات التنفيذية لمصلحة من دفع الثمن».

برلمان الثورة المضادة بامتياز

والهجوم نفسه على رجال الأعمال شنه في اليوم التالي الثلاثاء في «الأخبار» زميلنا وصديقنا عبد الحليم قنديل رئيس تحرير «صوت الأمة» ولكنه حدد الأسماء التي لم تذكرها سوزان بأن قال:»ربما لا يصح افتعال حالة تفاؤل بتشكيل البرلمان المقبل فهو برلمان الثورة المضادة بامتياز، وهو برلمان الفلول بالتعبير السياسي الشائع، فالتحالفات الثلاثة الكبرى التي يلح عليها الإعلام تحظى فلوليتها واعتمادها بالأساس على إنفاق سخي من المليارديرات والتوابع والذين يسعون جهارا نهارا لشراء مقاعد البرلمان ولصالح فلولية أصلية. ظاهرة التحالف في حزب الملياردير الهارب أحمد شفيق أو لصالح فلولية مراوغة في تحالف آخر من حول حزب الملياردير السيد البدوي، بينما يزيد الملياردير نجيب ساويرس ويعرض الأسعار الأعلى وبتكلفة مبدئية قد تصل الى المليار جنيه نقدا وعدا.
وتبدو المفارقة ظاهرة فهؤلاء المليارديرات المتلهفين المتسابقين المزايدين في عملية شراء البرلمان هم أنفسهم مع أمثالهم الذين لا يبدون تجاوبا يذكر مع مبادرة صندوق تحيا مصر، ولا مع دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لدفع مئة مليار جنيه بصورة فورية وفضلوا لعبة الحبل والتربص باختيارات الرئيس ورغبته في رد الاعتبار لدور الدولة والى حد التبجح والتمرد العلني والادعاء بأن أموالهم من حقهم وحدهم وأن لا يستطيع إجبارهم على الدفع. وهو ما دفع الرئيس السيسي لإشهار الكارت الأحمر في وجوههم وتوجيه إنذاره الشهير الأخير، حتدفعوا يعني حتدفعوا وهو الإنذار الذي ينتظر المصريون ساعة تنفيذه، ويتطلعون الى حسم الرئيس المدعوم بتأييد شعبي كاسح».

هدى بدران: أثق بأن البرلمان
القادم سيكون منصفا للمرأة

وما أشار إليه عبد الحليم بإنذار الرئيس بتحصيل مئة مليار جنيه من رجال الأعمال بدأت عملية وضع الخطوات القانونية لا لتحصيل المبلغ، إنما القفز به الى رقم ستمئة مليار، والبعض رفعه الى تريليون. فقد أكدت الحكومة أنها لن تتنازل عن تحصيل حقوقها من الذين استغلوا التسهيلات التي حصلوا عليها من سنين مضت لاستصلاح وزراعة مساحات كبيرة من الأراضي ثم حولوها منتجعات وقرى سياحية. وكذلك الذين قاموا من سنين طويلة بالبناء على الأراضي الزراعية مخالفة للقانون أو على أراض مملوكة للدولة أو مخالفة قواعد البناء، كل هؤلاء ومعهم من تهربوا من الضرائب لن يفلتوا من الدفع أو الإحالة للمحاكمة. المهم أن ما أكده سوزان وعبد الحليم من سيطرة رجال الأعمال على مجلس النواب القادم، أكدته يوم الثلاثاء الجميلة الدكتورة هدى بدران رئيسة الاتحاد العربي للنساء في حديث نشرته لها جريدة «اليوم السابع» وأجرته معها زميلتنا الجميلة ندى سليم وقالت فيه:»اعتقد ان البرلمان المقبل سيغلب عليه رجال الأعمال على غرار برلمان مبارك، ولكن بعد إجراء عدة تحالفات مع الأحزاب السياسية وأتوقع أن يكون برلمانا متوازنا يعبر عن فئات مختلفة، وقد يكون للنقابات العمالية ظهور مختلف، وأثق بأنه سيكون منصفا للمرأة وأن حملة نساء من أجل النساء تم تدشينها من أجل دعم مئة امرأة للترشح في مقاعد البرلمان من خلال الارتكاز على عدة نقاط. أبرزها تأهيل المرشحات لإدارة الحملات الانتخابية، بالإضافة الى تأهيل الناخبات وتشجيعهن لدعم المرشحات والتدريب الفني والعملي لمديري حملات المرشحات بالتنسيق مع خبراء في إدارة الحملات بإنكلترا، نظرا لأهمية الدور الدعائي في العملية الانتخابية. والحملة استطاعت أن تجمع ربع مليون جنيه حتى الآن فضلا عن تبرعات العديد من سيدات الأعمال، ولكن أكثر التبرعات جاءت من ربات البيوت وأصحاب المحال الصغيرة وكوافيرات تبرعن لي بمبالغ زهيدة. وبعض التبرعات من مساهمة الأطفال فطفلة عمرها لا يتجاوز العاشرة تبرعت بعشرة جنيهات».

الزواج بالقائمة أم بالفردي؟!

هذا بعض ما قالته الدكتور هدى عن نساء من أجل النساء، ولكن الأمر تجاوز ذلك الى الزواج وشروطه وعلاقته بنظام الانتخاب، وهو ما علمته من زميلنا الرسام الكبير خفيف الظل بمجلة «آخر ساعة» محمد عمر إذ قال ان عريسا تقدم لخطبة قريبة له وقال لوالدها:
– يا عمي أنت عايز بنتك بالقايمة لكن أنا عايزها بالفردي .

الفلسطينيون وحدهم يتحدون إسرائيل

في حين كانت صواريخ المقاومة الفلسطينية تستهدف مشارف تل أبيب ومطار بن غوريون في إسرائيل، فإن الطائرات الإماراتية كانت تستهدف مطار طرابلس وأهدافا أخرى في ليبيا. حدث ذلك في بداية الأسبوع الحالي، وفي حين أبهجنا جهد المقاومة ورفع معنوياتنا، فإن غارات الطائرات الإماراتية صدمتنا، وسربت إلينا شعورا امتزج فيه الإحباط بالدهشة والبؤس. هذا ما بدأ به الكاتب فهمي هويدي مقاله يوم امس الاربعاء في «الشروق» ويكمل حديثه:»تلك مفارقة أولى يستشفها المرء من الأخبار التي تسربت يوم الاثنين الماضي حول الغارة الإماراتية غير المسبوقة، التي نقلت الصراع العربي العربي إلى طور جديد تماما، استدعى إلى أذهاننا أحد أسوأ الكوابيس، وكنت قد ذكرت في مرة سابقة أن الفلسطينيين أصبحوا وحدهم في قلب معركة التحدي التاريخي الذي تخوضه الأمة العربية ضد إسرائيل. في حين ان كل المعارك الأخرى التي تستنزف الجهد العربى تتم على جبهات فرعية وتصوب السلاح العربي في غير وجهته الطبيعية، وأحيانا إلى الظهر أو الصدر العربي ذاته. وما خطر على بالي آنذاك ان تقدم الإمارات العربية الدليل على صحة هذه الرؤية، في إعلان صريح على أن خصومة بعض العرب لأشقائهم أصبحت أشد وأعمق من تخاصمهم مع أعدائهم.
القصف الإماراتي لليبيا بدا شائعات لم تتأكد، سربتها أطراف ليبية هذا الأسبوع، بل ان صحيفة «الحياة» اللندنية وصفتها بأنها غارات خفية مجهولة المصدر (عدد الأحد 24/8) إلا أن الشائعات ثبتت صحتها في تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في 25/8، ونقلت فيه على ألسنة أربعة من الجنرالات الأمريكيين قيام الطائرات الإماراتية بقصف بعض المواقع في طرابلس، خصوصا بعدما استولى ثوار مصراتة على مطار المدينة، الذي كان تحت سيطرة قبائل الزنتان الموالية للقذافي تاريخيا، وهي الآن مؤيدة للواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي أعلن تمرده في بنغازي خلال شهر مايو/ايار الماضي. إضافة إلى المعلومات التي نشرتها الصحيفة الأمريكية، فإن الطائرات الإماراتية ما كان لها ان تصل إلى أهدافها في ليبيا إلا إذا كانت قد توقفت في مصر. وهو ما لا يتعارض مع النفي الحذر الذي صدر عن الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي قال فيه إنه لا توجد لمصر قوات عسكرية في ليبيا، كما انها لم تقم بأي أعمال عسكرية هناك. وذلك كلام صحيح لأن الدور المصري تم خارج هاتين الدائرتين، الأمر الذي يعنى ان مصر لم تكن طرفا فاعلا في القصف الذي تم، ولا ينفي أنها كانت شريكا في التجهيزات التي سبقت الفعل الذي تم… الغارات الإماراتية ينبغي أن تقرأ من منظور مختلف تماما. فهي تمثل انتقالا من التدخل غير المباشر إلى التدخل العسكري المباشر، ثم انه لا يعد مساندة للدولة ولكنه محاولة لترجيح كفة طرف ضد آخر في ذات الدولة. إذ لم يتم إلا بعد ما خسر الزنتان سيطرتهم على المطار وبعد خسران اللواء حفتر لبعض مواقعه المهمة، وكان الهدف من الغارات تعويض تلك الخسائر وتقوية صف اللواء حفتر في مواجهة خصومه… ليبيا لاتزال تدفع ثمن الحقبة القذافية السوداء التي دمرت فيها الدولة حتى صارت مستودعا للفوضى ومغرية لكل طامع أو مغامر مهما صغر شأنه. أما الدور المصري فليته ظل مقصورا على حل الأزمة، بدل أن يصنف طرفا فيها».

مواجهة التطرف تكون بالحرية وإحياء السياسة

وننهي جولتنا الاخبارية الصحافية لهذا اليوم في عدد «الشروق» نفسه مع مقتطف من مقال الكاتب عمرو حمزاوي الذي عنونه بـ»مواجهة التطرف سؤال لمنظومة الحكم/السلطة في مصر» يقول:»… يرتب اعتماد منظومة الحكم/ السلطة الأحادي على الأدوات الأمنية لمواجهة ظواهر الإرهاب والعنف والتطرف، وكذلك تجاهلها لأزمة السلم الأهلي في مصر وإماتتها للسياسة كنشاط سلمي وتعددي وتنافسي، تصاعد توظيف وسائط كالإعلام المملوك للدولة والإعلام الخاص الذي تديره مصالح مالية واقتصادية متحالفة مع الحكم في فرض الرأي الواحد والصوت الواحد والترويج للخوف ولمقولات الخطر بين الناس. وفي التحليل الأخير، ينزع ذلك عن الإعلام سمات التعامل الموضوعي مع الأحداث والتداول العقلاني للأمور بالتعويل على المعلومات والحقائق، ويحول بينه وبين الترسيخ لقيم الديمقراطية كالحرية والتسامح وحكم القانون وغيرها. النتيجة إذا كانت منظومة الحكم/السلطة في مصر تريد مواجهة التطرف وتحفيز المجتمع بكافة قطاعاته والمواطن بطاقاته وملكاته على المشاركة فى هذه المواجهة، فإن واجبها هو أن تكف فورا عن فرض الرأي الواحد والصوت الواحد على الناس. واجبها هو أن تعترف بضرورة إعادة مصر إلى مسار تحول ديمقراطي حقيقي عبر وقف انتهاكات الحقوق والحريات، ورفع المظالم المتراكمة بسبب الاعتماد الأحادي على الأدوات الأمنية وغياب الالتزام بضمانات حكم القانون، وتجاوز أزمة السلم الأهلي بالابتعاد عن صناعة الخوف والترويج لمقولات الخطر ولقوائم لا تنتهي من الأعداء الداخليين والخارجيين، الذين يتعين القضاء عليهم ولأساطير المؤامرات. واجبها هو أن تعلن احترامها لتداول السلطة ولحكم القانون، وتسمح بإعادة إحياء السياسة كنشاط سلمي وتعددي وتنافسي يقبل في إطاره بمحاسبة كافة المتورطين في انتهاكات الحقوق والحريات وبخضوع المؤسسات العسكرية والأمنية لرقابة السلطات المدنية المنتخبة.
والسؤال الآن هو هل تقدر منظومة الحكم/السلطة في مصر على ذلك؟ وهل تسمح لها طبيعتها غير الديمقراطية وتحالفاتها الداخلية والإقليمية والدولية المعادية للفكرة الديمقراطية بالانفتاح الجاد على مواجهة التطرف بالحرية والسلم الأهلي وبإحياء السياسة؟»

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية