معارضون لـ«القدس العربي»: «سوتشي» نسخة سياسية لـ«أستانة» العسكرية… مؤتمر لتقاسم النفوذ الدولي وتوزيع الأرباح في سوريا

حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: يرى مراقبون للشأن السوري ان اجتماع «سوتشي» ما هو الا متابعة لالتفاف روسيا على مخرجات مؤتمر جنيف، بعد ان كانت قد حاولت سابقاً حرف مساره عبر استانة بما يخدم مصلحتها، بيد انها لم تكتف بذلك فاخترعت «سوتشي»، باسمه الجديد، سعياً منها لتآلف المختلفين الفاعلين في الملف السوري، روسيا وايران وتركيا.
ومن الطبيعي ان تكون مصلحة روسيا هي الاعلى كونها الاقوى دولياً وقادرة على حرف المسار، اما ايران فلها مصالحها بالتوازي مع المصالح الروسية، بينما تركيا تحاول ايجاد الحد الادنى من مصالحها بالرغم من تنافر الاهداف المختلفة، حيث تعتزم انقرة استغلال الاهواء الدولية الحالية، والاستفادة من الحالة السياسية الراهنة في تأمين مصالحها بتحرير عفرين والضرب على أيدي الاكراد في منطقة الجنوب التركي.
المحلل السياسي، عضو «مجموعة العمل من اجل سوريا»، درويش خليفة رأى في حديث مع «القدس العربي» ان موسكو الحليف القوي لبشار الأسد، تحاول عبر مؤتمر سوتشي خلق حلف إقليمي يدعم رؤيتها للحل في سوريا عبر دعوة ايران وتركيا اللتين لهما وجود عسكري في سوريا للتفاهم على القضايا العالقة والتي يختلفون في بعضها ويتفقون في بعضها الاخر.
فيما تسعى انقرة الى الضغط من ناحيتها على الروس في سبيل اخراج مقاتلي «بي واي دي» من عفرين وإخلائها من التطرّف الكردي، وبذلك تضمن حماية حدودها الجنوبية، بيد انها تصطدم دائما بمراوغة الروس في هذا الملف بهدف تحصيل بعض المكاسب من الأتراك، وتنازلت من الأمريكيين حليف الميليشيات الكردية.
وأشار المتحدث الى ان مؤتمر «سوتشي مثله مثل اي مؤتمر يخص السوريين لا تنعكس نتائجه الا بخطوات ملموسة كوقف شامل لإطلاق النار، وبحث الانتقال السياسي، والتي يراها الروس خطوة في اتجاه مؤتمر وطني تدعى له قوى المعارضة السورية للتباحث فيما بينها لإخراج البلد من الحالة الراهنة»، مشيراً الى ان الروس يريدون ان يجعلوا من «سوتشي» نسخة سياسية عن نسخة «استانة» العسكرية وبذلك يضعون جميع الأطراف تحت جناحيهم، اما بالنسبة لتحرك الدول الحاضرة للمؤتمر وضرب الـ «بي واي دي» في عفرين فأراه مستبعداً حالياً لأن الفصيل الكردي قراره بيد الأمريكان وبالتالي الاتفاق بالقضاء عليه سيكون بالتشاور مع «المارد الأشقر» دونالد ترامب.
المتابع للشأن السوري والمحلل السياسي «جلال سلمي» قال في اتصال مع «القدس العربي» انه بعد تمكن روسيا من تحويل الدول الإقليمية الفاعلة، لا سيما تركيا، إلى «شريك» أو كيل وبالتالي إحداث تمزق واضح المعالم في صفوف فصائل المعارضة، باتت توجه أنظارها صوب الخطوة الأخيرة من حل الأزمة، وهي خطوة تجميع الفصائل بشتى مشاربها حول مشروع وطني يَصْب في صالح رؤيتها الساعية إلى الإبقاء على هيمنتها على سوريا بعيداً عن اي نفوذ بارز، مباشر أو غير مباشر، للولايات المتحدة.
تحييد الأكراد برأي المتحدث جاء في إطار تمتع دولة بلقب الدولة الضامنة التي يمكنها أن تقلب الطاولة في حال تجاهل مطلبها، وهذا ما أدى إلى انصياع روسيا للرغبة التركية. لكن ذلك لا يعني تجاهل روسيا للأكراد بشكل كامل، بل يمكن لروسيا أن تسير معهم في سياق منفصل، للحيلولة دون ميلهم الكامل للولايات المتحدة. وقد تحاول تنويع الوفد الكردي عبر ضم المجلس الوطني له، حتى تقتنع تركيا بانه بات هناك طرف يمكن التعاون معه لموازنة الامور في المناطق الكردية السورية، مضيفاً ان الامور مازالت غير مبرمة ما بين الفرقاء الرئيسيين الأمريكان والروس، لذلك من الصعب في هذه المرحلة أن نقول ان تركيا حققت انتصارا واضحا، رغم أن المعطيات الأولية تُظهر نجاح تركيا بإبعاد الملف الكردي عن مؤتمر سوتشي.

تقاسم النفوذ

الخبير القانوني والمعارض السوري بسام طبلية قال ان الامور مبهمة ومازالت غير واضحة بعد، حول إمكانية نجاح مؤتمر سوتشي من عدمه، فكما روسيا تستخدم الفيتو الروسي من أجل عدم ملاحقة الأسد لانتهاكه قرارات مجلس الامن المتعلقة بتسليم الأسد لمخزوناته من الكيماوي وعدم استخدام الكيماوي، كذلك فإن أمريكا تعرقل سوتشي – وتصر بشكل ضمني – على الوصول لاتفاقات تتعلق بتوزيع النفوذ والملف الكردي.
وأضاف: روسيا تحاول اظهار سوتشي من أجل افشال جنيف، الذي يسعى لتطبيق قرارات مجلس الأمن ومنها القرارات 2254 وكذلك المتعلقة بالانتقال السياسي، أما المعارضة وهي الرافضة لسوتشي – ما لم تمارس ضغوط عليها من الدول الداعمة – وتصر على المضي قدماً في جنيف وخاصة تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة لا يكون للاسد أي دور في سوريا المستقبل.
وهذا أمر طبيعي برأي الخبير القانوني «طبلية» الذي قال انه لا يمكن لمتهم بجرائم حرب أو جرائم ضد الانسانية أن يكون لهم دور في تقلد أمور الحكم، والا سوف نسمح للارهابيين الدوليين بأن يقودوا العالم. ومن الممكن لأنقرة أن تبدأ معركتها في عفرين بصمت وموافقة روسية ضمنية وخاصة بعد أن استطاعت تركيا الحصول على التأييد الشعبي للدخول لشمال سوريا، وبالتالي تركيا حريصة أن لا تتورط في المستنقع السوري، والذي تحاول أمريكا وأوروبا توريطها فيه، وما دخولها ادلب دون معركة مع الفصائل العسكرية إلا دليل حكمة أفشلت به المخططات الأمريكية بمواجهة تركيا.

نتائج وتوقعات

يتوقع السوريون ان تكون لاجتماعات سوتشي جوانب ميدانية اكثر منها سياسية، فالأطراف الثلاثة هي دول فاعلة على الارض بنسب متفاوتة، كما انه من الممكن ان يسمى الاجتماع بمؤتمر «تقاسم النفوذ» في سوريا، اما من الجانب التركي فإن انقرة ستضع على طاولتها مسألة عفرين، ومن الممكن ان تحصل على تنازلات بهذا الخصوص، كما انها لن تتجاهل مسألة ضبط حدود نفوذها في مناطق سيطرة درع الفرات في حلب إضافة الى ادلب، التي تحرص تركيا على خفض التصعيد فيها وأخذ تعهدات من الجانبين الروسي والإيراني في هذا الملف.
كما ان هناك رغبة للدول الثلاث بأن تكون جبهة واحدة ضد العامل الأمريكي، فيما تحاول روسيا ان تقود عملية سياسية معتبرة بمشاركة كل من تركيا التي تمتلك تأثيراً على المعارضة السياسية، وايران التي تمتلك قوات على الارض السورية.
ورأى المحلل العسكري والسياسي واصف عيد ان التأثير الامريكي والغربي في سوريا سينحصر في مناطق سيطرة البي ي دي، يعني نقل المفاوضات إلى يد هذه الدول الثلاث التي تقود عملية سياسية عبر سوتشي واستانة، الامر الذي سيضرب النفوذ الامريكي المنحصر في مناطق سيطرة الميليشيات الكردية المتعبة والمفككة أصلاً.
فيما قال المحلل السياسي «سلمي» انه من المتوقع الخروج بوثيقة مشابهة لإعلان موسكو الذي حول تركيا وإيران الى دولتين ضامنتين، وثيقة تمهد الطريق لخطوات عملية في عملية التسوية، وفرز أوسع للفصائل الموافقة على رؤية روسيا والفصائل غير الموافقة.

معارضون لـ«القدس العربي»: «سوتشي» نسخة سياسية لـ«أستانة» العسكرية… مؤتمر لتقاسم النفوذ الدولي وتوزيع الأرباح في سوريا

هبة محمد:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية