معارض موريتاني بارز يتهم أول رئيس للدولة بالعمالة لفرنسا: حلقات في برنامج «الصفحة الأخيرة» بالتلفزيون الرسمي تثير جدلاً كبيراً

حجم الخط
2

نواكشوط ـ «القدس العربي» من : أثارت اتهامات وجهها المعارض الموريتاني البارز محمد المصطفى ولد بدر الدين للرئيس الموريتاني الراحل مختار ولد داداه ووصفه فيها بالعمالة المكشوفة لفرنسا إبان الاستقلال، جدلا واسعا بين الموريتانيين الذين يقدس غالبهم الرئيس الأسبق ويعتبره الرئيس المؤسس الذي أقام دولة موريتانيا من لا شيء.
وجاء هذا الاتهام ضمن حلقات في برنامج «الصفحة الأخيرة» الذي يستضيف فيه التلفزيون الرسمي هذه الأيام محمد المصطفى ولد بدر الدين وهو أحد أبرز قادة اليسار الموريتاني وأحد أشرس معارضي الرئيس الأسبق مختار ولد داده الذي حكم موريتانيا من 1960 حتى 1978.
واتهم ولد بدر الدين الرئيس الأسبق مختار ولد داده بأنه «طبق المخطط الذي رسمته فرنسا لاستقلال موريتانيا والقائم على منح موريتانيا استقلالا صوريا لا يخرج البلد عن ربقة الاستعمار وعن سيطرة القوة الاستعمارية»، وهو مخطط أكد ولد بدر الدين «أن مختار ولد داداه طبقه بإخلاص وعلى حساب حصول موريتانيا على استقلال كامل مشرف وغير مشوب».
واستشهد في اتهاماته بالخطاب الذي ألقاه مختار ولد داده يوم الاستقلال والذي أكد فيه «أن استقلال موريتانيا تفضل من الجنرال ديغول وأنه قرار يؤكد حكمة الجنرال ديغول وبعد نظره».
وأكد ولد بدر الدين «أنه شعر بالمرارة الشديدة وهو يتابع خطاب ولد داداه يوم الاستقلال حيث لم يرد في هذا الخطاب الموجود حتى الآن بصوت الرئيس نفسه، أي ذكر للمقاومة الموريتانية ولم يترحم فيه الرئيس الجديد على أبطالها فيما امتلأ هذا الخطاب بتمجيد المستعمر الفرنسي».
وقال «لقد أكد ولد داداه في خطاب الاستقلال أن فرنسا تطالب الشعب الموريتاني بدين كبير لأنها تفضلت عليه بالاستقلال، بينما يرى ولد بدر الدين «أن الشعب الموريتاني هو الذي يطالب فرنسا بديون كبيرة لكونها نهبت خيراته على مدى عقود ولأنها غادرت البلد دون أن تترك فيه أي بنى تحتية ولا أي مقومات».
وأكد ولد بدر الدين «أن مراسيم استقلال موريتانيا يوم 28 نوفمبر 1960 كانت كلها فرنسية وخالية من الوجود الموريتاني، فالنشيد الوطني الذي عزف ذلك اليوم ، يضيف ولد بدر الدين، والذي لا زال يعزف لحد الآن، نشيد فرنسي التلحين والإيقاع، والفرقة العسكرية التي أنزلت العلم الفرنسي ورفعت العلم الموريتاني يوم الاستقلال كانت فرنسية أيضا».
وتساءل في شهادته على يوم الاستقلال قائلا «لما ذا لم يهيئ الرئيس الأسبق فرقة عسكرية موريتانية ولو رمزية لتتولى رفع العلم الوطني»؟؟.
لكن الأخطر في شهادة ولد بدر الدين الخاصة بنظام ما بعد الاستقلال هو تأكيده «أن الرئيس الأسبق مختار ولد داده مسؤول مسؤولية مباشرة عن مقتل ثمانية موريتانيين من عمال شركة «ميفرما» الفرنسية التي كانت تتولى استغلال مناجم الحديد في الشمال الموريتاني».
فقد أكد ولد بدر الدين «أن عمال شركة ميفرما أضربوا عن العمل يوم 29 مايو/ايار 1968 في مدينة الزورات المنجمية الواقعة شمال البلاد، للحصول على بعض من حقوقهم فأرسلت إليهم حكومة نواكشوط فرقة عسكرية أطلقت الرصاص الحي عليهم فمات منهم ثمانية على الفور وجرح العشرات».
وأكد «أن مسؤولية المختار ولد داداه عن مجزرة العمال في الزويرات ثابتة، ومعلومة لدى الجميع، وقد أقر بها الإعلام التابع للرئيس».
وأضاف «لقد سمعت بأذني الرئيس المختار ولد داداه وهو يقول «أعطيناهم الأوامر بإطلاق الرصاص وأطلقوه بالفعل.. حسنا فعلوا».
وقد أثارت هذه الشهادات في حق الرئيس الأسبق جدلا كبيرا على صفحات التواصل الاجتماعي بين فريقين يدافع أحدهما عن الرئيس الأسبق ويؤكد أنه كان مضطرا في تلك الحقبة الصعبة لمجاملة الفرنسيين حتى ينتزع منهم الاستقلال وأن الرئيس المؤسس معذور في سياساته ذلك التاريخ لكونه كان يؤسس دولة من العدم.
وضمن هذا الجدل دافع فريق كبير من المدونين عن شهادات ولد بدر الدين واعتبرها مؤسسة على وقائع ثابتة.
ووجه الكثيرون العتب للمعارض الموريتاني لكونه فتح ملفات خطيرة تتعلق برجل متوفى كان الأحسن تركها ما دام الرئيس قد لقي ربه.
وكان المدون البارزوالصحافي الباحث سيد أحمد ولد الأمير من أبرز المدونين الذين دافعوا عن الرئيس السابق حيث أكد في تدوينة «أن بعض المتحدثين هذه الأيام يسلق الرئيس المختار ولد داداه رحمه الله بألسنة حداد… يا جماعة الخير كان المختار بعيدا عن انطباعاتكم… جمال عبد الناصر وجد أمامه دولة عمرها آﻻف السنين والحبيب بورقيبة وجد أمامه دولة لها مؤسساتها وتشريعاتها وجواهر ﻻل نهر وجد الهند وهي حضارة قائمة… أما المختار فوجد قبائل ﻻ يجمعها نظام وﻻ تضبطها قاعدة وﻻ يؤلفها نسق يجمعهم البئر وتفرقهم مساقط الغيث فصبر رحمه الله ونظم واجتهد وبنى… شيئا من الإنصاف يا جماعة… اﻹنصاف من شأن اﻷشراف».
ودافع المدون مولاي محمد مولاي أحمد عن الرئيس السابق مبرزا «أن الرئيس المختار قدم كل ما اعتقد أنه صواب وخدم مصلحة بلده وهو كأي بشر يخطئ ويصيب لكن المشكل أن تاريخه سيس».
وكان المدون ألب ولد معلوم من المدافعين عن المعارض ولد بدر الدين حيث أكد أنه «قدم تاريخا مؤيدا بأدلة ناصعة ومع كل ذلك يبقى المرحوم المختار رجلا وطنيا عظيما له اجتهاداته الصائبة وقناعاته التي ينقصها شيء من الحكمة والرشد».

عبدالله مولود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أبا المحفوظ:

    1. أأيد تماما ماذهب إليه المعارض البارز محمد المصطفى ولد بدر الدين، لأنه يتحدث عن أحداث عايشها وقائع ولم يختلقها بتأثير توجهاته الأيديولجية. هو التاريخ الذي لا يمكن نكرانه، بعيدا عن تأليه الرئيس المختار ولد داداه، الذي يذهب البعض في تبجيله لدرجة ملتبسة.
    2. أضيف هنا، على جرائم المختار ولد داداه، والتي لم يتطرق لها هذا المقال، إعلان الحرب على الشعب الصحراوي، في تواذئ مخز مع النظام المغربي، وقد ضرب عرض الحائط روابط الأخوية والثقافية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين، وهو ما فتح جرحا في “مجتمع البيظان” لا زالت آثاره لم تندمل.
    قرار الحرب على الأشقاء وطعنهم في الظهر و الإارة عليهم غذرا وغيلة في بيوتهم الآمنة، في لقويرة، الداخلة، العرقوب وبير انزران ..وغيرها، تعد أكبر جريمة ارتكبها، ومن المؤسف أنه رغم اعترافه بأنها من أخطائه “السياسية” إلا أنه مات دون أن يكلف نفسه عناء الإعتذار لآلاف الضحايا من بني جلدته الصحرايين.
    كلما تذكرت الأمر، أتذكر محمد الأمين الشنكيطي الذي ذم في كتابه “الوسيط” صفة الحقد والحسد والكراهة “المتأصلة” في الرجل “الزّاوي” رغم تمكنه و تفوقه في العلوم الشرعية، مقارنة بالرجل “الحسّاني” الذي يتناسى أحقاده بسرعة. هل للأمر علاقة بتكوين ونشأة المختار “الزّاوية”؟؟؟
    الصحراويون تناسوا تلك الصفحة السوداء، أما هو فحسابه عند ربه.

  2. يقول الغيث امبيريك:

    لا يا ابا المحفوظ نحن شعب لاينسى ولكن نقمض اعيننا احيانا ، ارضاءا للبعض وليس خوفا منه ،
    كل ماذكر اسم المخطار ولد داداه الا وتذكرنا تلك الايام العجاف المؤلمة من تاريخ الشعبين الشقيقين الموريتاني والصحراوي ، غزو الصحؤاء الغربية نقطة سوداء في تاريخ الرجل ، الذي اراد بها ارضاء الرباط على حساب العيون وشعبها ، اراد من خلالها القطيعة مع رسم الحدود مع المغرب ، الذي كان وما زال يطالب بمورتانيا ، متجاهلا الشعب الصحراوي ، الشيء الذي انساه ان موريتانيا لاحدود لها مع المغرب .
    اما في ما يتعلق بما قاله الاستاذ محمد المصطفى ولد بدر الدين ، فاشاطره الراي في ما قاله عن المرحوم ، ليس استخفافا بموريتانيا لكنها الحقبقة ، التي لا مفر منها ، فالتاريخ لا يرحم

إشترك في قائمتنا البريدية