معاني التدريبات الروسية الإسرائيلية فوق سوريا

حجم الخط
31

أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس أن طيارين من روسيا وإسرائيل بدأوا تدريبات لضمان «تحليق الطائرات بأمان فوق سوريا»، وأن موسكو أقامت «خطا مباشرا» لتبادل المعلومات حول تحركات الطيران بين مركز قيادة الطيران الروسي في قاعدة حميميم الجوية في سوريا ومركز قيادة سلاح الجو الإسرائيلي.
الإعلان تبعه تصريح لمسؤول أمريكي في واشنطن يقول إن بروتوكول اتفاق بين واشنطن وموسكو «لتجنب الاصطدام في أجواء سوريا يمكن أن يوقع ويطبق في الأيام المقبلة»، كما أكدت موسكو من جانبها أن الاتفاق «بات وشيكا».
تبعث سرعة التوصل إلى اتفاق بين موسكو وتل أبيب وتدريبات طياري البلدين معا، أسئلة حول معانيها السياسية، قبل العسكرية، فالمفترض أن روسيا تقود تحالفاً يزعم محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، ويضمّ أنظمة إيران والعراق وسوريا، بينما تقف إسرائيل، على المستويات العسكرية والسياسية، تحت مظلة الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها على خصومة شديدة مع إيران وحلفائها في المنطقة، وخصوصاً «حزب الله» اللبناني.
التنسيق الجوّي، يُفهم منه بالضرورة، أن على روسيا أن تعلم إسرائيل مسبقا عن الأهداف التي تقوم بقصفها، وخصوصاً في محافظات دمشق وريفها ودرعا والسويداء، وهي المحافظات القريبة من مراكز القيادة والسيطرة الجوية الإسرائيلية، وأن على تل أبيب أن تخبر موسكو بتحليق طائراتها لقصف أهداف قد تكون للجيش النظامي السوري أو لحزب الله اللبناني أو حتى قوات إيرانية!
سياسياً، يخلق هذا الوضع نوعاً من القاسم المشترك الأعظم بين المصلحتين الروسية والإسرائيلية يعني، فيما يعنيه، أن تل أبيب لن تكون معنية بمهاجمة روسيا لأي طرف عسكري معاد للنظام السوري، ولكنه يضمن بالمقابل «حق إسرائيل» في مهاجمة الجيش السوري أو أي فصائل تابعة له، أو حزب الله اللبناني، أو القوات الإيرانية، إذا قرّرت تل أبيب أن تحركاً لأحد هذه الأطراف يشكل خطراً عليها.
وتلخيص هذا أن كسر المصلحتين الروسية والإسرائيلية في سوريا يتعارض في الصورة ويلتقي في المخرج، وأن التحالفات الروسية المعلنة على الأرض ليست إلا تحريكاً لأدوات يمكن استخدامها واستهلاكها والتخلص منها على مذبح المصالح الاستراتيجية الكبرى، وأن التحالف الصلب الحقيقي هو تحالف روسيا مع نفسها فحسب!
في المقابل فإن الاتفاق الأمريكي الروسي المقبل سيكون اتفاق حدّ أدنى يمنع الاشتباك الجوّي بين طيّاري البلدين لكنه لن يوقف الصراع المحتدم على الأرض، والذي بدأ يتّسع اتساعاً مهولاً بعد اكتشاف واشنطن أن روسيا تريد استغلال انكفائها العالميّ لتفرض أجندتها بالقوة إلى حيث يمكن للمخيلة أن تصل، وليس صدفة أن نقرأ اليوم عن تنفيذ طائرات روسية مشروعا تدريبيا فوق المحيط الهادئ، وتقديم غطاء جوي لهجوم كبير للجيش السوري، بالتوازي مع تصريحات تصبّ في اتجاه استفاقة أمريكية متأخرة على وقع الدب الروسي، ومنها إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه سيبطئ وتيرة خطط سحب الجنود الأمريكيين من أفغانستان، والذي ردّت عليه روسيا بالتشكيك في أن قرار واشنطن سيخفف من حدة الوضع هناك، وتبعه إعلان روسي عن خطط لتنظيم دوريات على مناطق حدود طاجيكستان مع أفغانستان، كما رافقه تنديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ»الموقف غير البناء» للولايات المتحدة الأمريكية لرفضها زيارة وفد روسي لها، وهو موقف يتعلّق، بالضرورة، بانزعاج أمريكي من استخدام الكرملين دعوى محاربة «الدولة الإسلامية» للهجوم على المعارضة السورية المعادية لنظام بشار الأسد.
يكشف الوضع السوري مجموعة من الأوضاع المعلنة والسرّية المعقّدة، فالجميع متفقون ظاهراً على مكافحة «الدولة الإسلامية»، ولكنهم منخرطون في تحالفات غريبة، قد تتّفق في الجوّ، وتختلف على الأرض، أو تتبع تحالفاً ما وتغازل تحالفاً آخر، والكلّ يريد أن يفرض أجندته بغض النظر عن مصالح شعوب المنطقة.
أحد الأمثلة على ذلك (إضافة إلى المثال الإسرائيلي الروسي الفاقع)، هو «وحدات الحماية الشعبية» الكردية، وهي فرع لحزب العمال الكردستاني «الماركسي ـ اللينيني»، والتي تتلقى الأسلحة والذخائر من الولايات المتحدة الأمريكية (العدوّ المفضل لليسار العالمي)، وتتبادل الخدمات مع النظام السوري (ومنها مثلا تبرئته من الهجوم الكيميائي على الغوطة)، وتحضر اجتماعات المعارضة، وتطلب الانضمام للتحالف الروسي، فترحّب روسيا بها باعتبارها من «القوى البناءة» في سوريا!
… وفي خلفية كل ذلك تتابع تل أبيب ودمشق محرقتيهما ضد الشعبين الفلسطيني والسوري.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلام SALAM:

    من قال ان روسيا من دول المقاومة والممانعة ضد اسرائيل ..روسيا دولة اجنبية نصرانية لها علاقات طبيعية مع اسرائيل منذ تكوينها على ارض فلسطين ومن الطبيعي الان ان تقوم روسيا اليوم بما تقوم به بالتنسيق مع كل الدول المجاورة للساحة السورية ومنها طبعا اسرائيل وروسيا ليس عداء معها ولكن من مصلحتها ان تطمئن دول الجوار ..يجب ان لانتعصب دون وعي وحكمة مما يحصل وان نحرص على نهاية الفوضى السورية.الحل الوقوف مع النظام الشرعي للقضاء على كل التنظيمات المسلحة بكل تسمياتها وتبعياتها اما النظام نفسه لابد وان يزول لاحقا لانه سقط في نظر الكثيرين من السوريين ولايدوم الا وجه الله الكريم

  2. يقول ميشيل سيروب ـ بروكسل .:

    الكرملين… طوق النجاة الأخير
    هل يُصلح العطار ما أفسده النظام؟
    إن تحول روسيا من صديق إلى شريك ، هو تحول من العيار الثقيل نحو سعي روسيا لإيجاد حل”سياسي” للأزمة التي أنهكتها الحرب بأدوات عسكرية طالما فشلت الدبلوماسية ، إن دمشق ما زالت تحتفظ في جيبها ببعض الأوراق لتفاوض واشنطن وتبتزها إذا لزم الأمر، لكي تقبل بالتخلي عن شرط تنازل الأسد ودوره السياسي في مصير مستقبل سورية . إن مشاركة روسيا بالطلعات الجوية إلى جانب طيران التحالف ضد تنظيم الدولة الأسلامية والمعروفة إختصاراً( بداعش)، هي رسالة واضحة للحلفاء مفادها : طالما نحن مختلفون على الأرض لنتحالف في السماء ضد العدو المشترك والأخطر (الإرهاب). لكن السؤال الأبرز مطروح من الأطراف كافة : كيف ستتعامل قوات التحالف الدولي مع الطيران الروسي ؟ هل سنشهد نزاع في الجو بين طيران التحالف وطيران روسيا بعد أن يئست واشنطن من إقناع موسكو بالتخلي عن الأسد ؟

  3. يقول كريم الحلو:

    إنها لعبة قذرة والخاسر الوحيد هو شعبنا السوري وأرض الشام الجميلة ….بالأمس كان بشار الأسد يرسل الإرهابيين للعراق بحجة قتال المحتل
    والآن يدفع الثمن ولكن كل هذا برعاية أمريكية ولتضحك علينا بالآخر ويبقى هذا المجرم “الأسد”

  4. يقول كريم الحلو:

    أكثر اليهود المهاجرين إلى إسرائيل هم اليهود الروس !!

  5. يقول مزهر جبر الساعدي / العراق:

    الأتفاقات في الهواء لاتختلف عن التقاطعات على الارض . لأن التكتيكات بأدواتها المعروفه تخدم الاستراتيجيه الكونيه .سواء بالأتفاق الضمني أو المباشر أو الأيحائي.

  6. يقول مزهر جبر الساعدي / العراق:

    ……… لأن الرؤيه الأمريكيه مصممه لنظر الى نقاط غير مرئيه , خلف الأفق البعيد , تحرك الاحداث الداميه على حفر ومنحنيات وأوديه , صنعتها , لتستقر بعد حين من الدهر لايعلم مدتها ألاعلام الغيوب . عندها تاخذ الاوضاع مكانها المرسوم لها بأبعاده الجيوسيا سيه والاقتصاديه ……. الحريه حاجه أنسانيه , فقدانها يحول الانسان الى أله ليقل أحساسها بالحياة وعشق الوجود . المطالبه بها يجب الاعتماد على الذات ,لا, على الخارج مهما كان , بخلافه أرادت أم لم ترد , تصبح مقيده وبسلاسل من التمويل والاعلام وغيره

  7. يقول نمر ياسين حريري ــ فرنسا .:

    المقاومة والممانعة هو تعريف اختاره “فلاسفة ” الانظمة كتقليد لتراث الدكتاتور الاب لموجة الانقلابيات العسكرية جمال عبد الناصر لتطلي القمع والاضطهاد بمعسول اللسان كتبرير لسلوك تلك الدجكتاتوريات .حيث كانت تجد لنفسها ” فيلسوفها ” تقليدا للدكتاتورية الامة في مصر حيث اوجدت محمد حسنسن هيكل كسفسطائي بارع للوبة سلوكيات نظام عبد الناصر

  8. يقول بوحفص ميلس وهران الجزائر:

    أرى أن سيناريو اتفاقية سايكس بيكو قد تكرر بنفس الوضيات و المعطيات مع تغيير بسيط في التحول الأيدولوجي و تبدل الأشخاص فقط..

  9. يقول tarekitsme - Algeria:

    على الثوار السوريين التحالف و التتكتل فيما بينهم
    الان
    حان الوقت لبناء جيش سوري وطني يجمع الثوار و يحمي بلادهم من التكالب الخارجي و يسقط النظام الا لا لا شرعي

  10. يقول ابوطاهر الكوجر:

    جواب للسيد الكروي لا يوجد احد بين المسلمين يحب الموت
    ويكره الحياة لماذا لا تبادر وتترك النرويج وتتطوع لمقاتلة
    المتامرين على الاسلام في المنطقه

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية